هل يمكن للصور أن تخدعنا ؟! .. إليك 4 أسرار لكيفية تلاعب الصور بنا عن الحقائق !

نحن نعيش في عالم يصعب فيه التمييز بين الصدق والكذب، والحقيقي والزائف، والأسطورة والحقيقة، لصالح عالم مصطنع تتلاشى فيه كل هذه الفروق، بحيث تصير كل فكرة ندافع عنها مشكوكًا في أمرها.

4 secrets of how to play images us facts

خاصة بعد أن عمدت التكنولوجيا إلى طمس الحقائق وتغييرها ومن أهم الوسائل المستخدمة في التلاعب بعقول ومشاعر الناس .. الصور .. فكيف يتم توظيفها في الأفلام والأخبار وغرها والتلاعب بها ..

1- الكاميرا تكذب أحيانًا !


يمكن أن تكون الصورة مصنعة بشكل كامل، والقصة مختلقة بالكلية، في عام 2003، قامت صحيفة لوس أنجلوس تايمز بفصل أحد أعضاء طاقم التصوير الخاص بها ويدعى برايان والسكي، بعد أن قام بنشر صورة مفبركة زعم أنه التقطها في العراق، وتظهر الصورة جنديًّا بريطانيًّا يقوم بحماية مجموعة من المدنيين العراقيين، الصورة الدرامية تم تجميعها من صورتين مختلفتين، وتم نشرها يوم 31 مارس من نفس العام على الصفحة الرئيسية للتايمز، وورلد تريبيون، وعدد آخر من الصحف العالمية.

وحتى لو لم تكن الصورة ملفقة ( بالمعنى المباشر للتلفيق)، فحقيقة أن الكاميرا لا تكذب أبدًا، وأن كل صورة تصلح كوثيقة لتوثيق حدث ما، بما ينبني على ذلك من مشاعر وأفكار وتصورات تتجاهل بشكل كبير أن الصورة في غالب الأمر هي عبارة عن اختيار، للزمان وللمكان وللحظة، وحتى لزاوية التصوير وما تشمله وما تخرجه (عن عمد) من كادر الصورة، الصورة لا تعكس القصة كاملة، بقدر ما تستخدم غالبًا في صناعة قصة جديدة مختلفًا كليًّا، تحمل مشاعر وأحكام وتحيزات مختلفة.

2- الانتقائية في إظهار التفاصيل

الانتقائية في إظهار التفاصيل

كم مرة ضبط أحد منا نفسه متلبسًا بالتعاطف مع قاتل محترف أثناء مشاهدته أحد أفلام السينما؟ كيف يجعلك الإعلام تتعاطف مع القاتل وتتغاضى عن كل جرائمه دون أن تستشعر أي حرج أخلاقي؟

الجواب ببساطة وفي جملة واحدة، الانتقائية في إظهار التفاصيل، حين يصير القاتل بطلًا للحكاية فإنك تعيش معه كل تفاصيل حياته، ظروفه الصعبة، الضغوط التي دفعته للقتل، تلك التفاصيل الحانية في حياته، واللمسات الدافئة مع زوجته، والأحضان والابتسامات الحانية مع أطفاله، في حين تظهر لك الضحايا مجرد عداد أرقام في خلفية حياة البطل، ببساطة فإن الصورة لا تعبأ لهم كثيرًا، ولا ينالون حظهم من تلك التفاصيل الدقيقة التي تصنع التعاطف.

بل إن العكس قد يكون صحيحًا، قد يظهر لك الإعلام قسوة الضحية مع زوجته أو مع زملائه، بحيث يفقدك أي تعاطف معه، مع أن أيًّا من هذه المبررات لا تصلح لتبرير القتل، إلا أن هذه العلاقات لا تصنع بشكل واعٍ، نحن نفاجأ بأنفسنا ونحن نشجع القاتل ... قم بإرجاع ذاكرتك إلى الوراء قليلاً وستجد أنك أيضا ًضحية في مشهد ما!!

3- التلاعب بالمشاعر !


لأن الصورة لا تحكي القصة من البداية فإنها سوف تكون قادرة دومًا على التلاعب بمشاعرنا.

على سبيل المثال، يمكنك صناعة قصة صحفية حول صورة لامرأة إسرائيلية تعيش في فزع هي وأطفالها بسبب الصواريخ التي يتم إطلاقها على المستوطنات، لكن الصورة ببساطة لا تحكي لك عن ما الذي دفع الطرف الآخر إلى إطلاق هذه الصواريخ، كما تتغافل من الأساس أن هذه المرأة تقطن وأطفالها على أنقاض عائلة تم قتلها أو تهجيرها تشمل نساءً وأطفالًا.

الصورة أيضًا لا تحكي الحكاية كاملة في أغلب الأحيان، لكنها تترك فراغات يتم ملؤها عبر التحليلات والتخمينات، إضافة إلى ذلك فإن للحكاية بداية دائمًا، الصورة حكاية مستقلة قد تكون متصلة مع الحكاية الرئيسية، وقد لا تكون، القتيل ليس دومًا ضحية تستحق التعاطف، أحكام الصورة تبسيطية ومجتزأة، وخلقت لتصنع سياقًا بعينه، قد يكون هدفه الأوحد أن يأخذ بعقلك بعيدًا عن الحكاية الأصلية.

4- التنميط (stereotyping)

stereotyping

كتعريف:  (الصورة النمطية) Stereotype هي مجموعة من التعميمات المتحيزة والمبالغ بها، يكوّنها الفرد عن خصائص جماعة معينة من الناس، تتخذ شكل فكرة ثابتة يصعب تعديلها، حتى إذا توافرت الأدلة على خطئها. وعلى الرغم من أن الصور النمطية يمكن أن تساعد الفرد في التعامل مع تعقيدات البيئة الاجتماعية، إلا أن معظم المنظـّرين في العلوم الاجتماعية يرون أن لها تأثيراً ضاراً على الشخص الذي يحملها وعلى المجتمع عامة، ذلك أن منظورها المتحيّـز يجعلها تحرّف الواقع الاجتماعي.

من منظور آخر هي عملية تنفذها ببراعة أجهزة الإعلام في الدول الفاشية للتحكم في عواطف الجماهير، يتم تقسيم الجماهير إلى أنماط أو فئات معينة، يرتبط بكل نمط عدد من الخصائص والأحكام، المطلقة وغير القابلة للتغيير سواء تصرفوا وفقًا لهذا النمط أم لا، في ألمانيا النازية كان هناك الجنس السامي، والأجناس الدنيا، هذه الأجناس مجردة من كل حقوقها برضا المجتمع، وهي مستحقة لأي عقوبة تقع عليها بما في ذلك القتل.

التنميط قد يستخدم كقالب إيجابي أو سلبي، إيجابي كمثل حالة (كل اليابانيين عباقرة)، ومنشؤه من تعميم صورة العبقري الياباني على كل اليابانيين، أو أن (جميع الأفارقة يجيدون كرة السلة)، مصدره من كون عدد من أمهر لاعبي كرة السلة هم من ذوي الأصول الأفريقية، قد يجعل مثل هذا النمط فرصة أفريقي قليل المهارة للاختبار بأحد فرق كرة السلة مرتفعة، فقط لأن النمط يعطيه حظوظًا أفضل.

على النقيض قد يكون النمط سلبيًّا مثل (كل الناس في أمريكا يكرهون الإسلام)، أو (كل الرجال البيض عنصريون)، ومنشؤه تعميم صور العنصرية على كل البيض، ومثله تماماً وصم الملتحين أو المسلمين بالإرهاب (أي تعميمهم )، عبر تعميم صورة اختزالية لشخص واحد عبر كل المسلمين، سواء أكانوا يتشاركون معه هذا النمط أو لا.