السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، مرحبا بكم رواد عالم تعلم ، الحوار أسلوب حضاري ووسيلة من وسائل التعامل في الحياة، فهو المعبّر عن سمات الشخصية الإسلامية السوية، مستندة إلى مبادئ الدين الحنيف، وتعاليمه السمحة، والحوارهو الرجوع عن الشيء ، والى الشيء، يقال: حار إلى الشيء وعنه حورا ومحارا ومحاورة: رجع عنه وإليه، وفي الحديث: (من دعا رجلا بالكفر، وليس كذلك حار عليه ) أي رجع إليه ما نسب إليه. والمحاورة، مراجعة المنطق، والكلام في المخاطبة. قال تعالى: (قال له صاحبه وهو يحاوره ) (الكهف:37) أي وهو يراجعه الكلام ويجادله.
وهو بهذا المفهوم يقوم على قواعد أربع:
وهو بهذا المفهوم يقوم على قواعد أربع:
الإيمان بالله تعالى وبالفكرة
هذه القاعدة هي المنطلق الأول الذي يجب أن يتأسس عليه دافع المؤمن ورغبته في محاورة الآخرين، لأنه يسعى فيه إلى تحقيق منفعة ومصلحة للدين الذي ينتمي إليه ولأمته. والإيمان قوة وعزة يعبر عن ثقة المرء بربه: {وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: ٨]، فهو عزيز النفس قوي الجانب صلب الإرادة ثابت المواقف، ولا يركن إلى الباطل ولا إلى الهوان والانهزام، وبهذا المفهوم ينظر إلى الحوار بأنه: سلاح معنوي من أسلحة السجال الديني الثقافي، ينافح به عن المصالح العليا للإسلام، ويحقق من خلاله ما لا يستطيع أن يصل إليه بالعُدد المادية. وإذا رجعنا إلى فقرات السيرة النبوية فإننا سنجد أن المنطلق الأساس الذي انبنى عليه حوار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه، هو الإيمان وقوة العقيدة.
التأدب بأخلاق الإسلام قولاً وعملاً
وذلك من خلال التأسي بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم، وسيرة صحابته رضي الله عنهم، في الحوار ومخاطبة الناس: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّـمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: ١٢]. وإذا نظرنا إلى الحوار بأنه وسيلة من وسائل الإعلام عن الإسلام، ومن أساليبه الناجعة؛ فحري بأن يقترن بالحكمة والموعظة الحسنة والجدل بالتي هي أحسن، قال تعالى: "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن". وفي روح المعاني يقول الألوسي: الحكمة بالمقالة المحكمة، وهي الحجة القطعية المزيحة للشبه، والموعظة الحسنة هي الخطابات النافعة.
الحرية والاختلاف
فقد أكد القرآن الكريم هذه الحقيقة، ووجه نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أنه لا سبيل لحمل الناس بالقوة على وجهة واحدة في الهداية والإقناع واعتناق الدين، وإنما يجب أن يترك المخاطبين في حرية من أمرهم في تلقي الخطاب الإلهي، فقد قال الله تعالى: {إنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ لِلنَّاسِ بِالْـحَقِّ فَمَنِ اهْتَدَى فَلِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَإنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ} [الزمر: 41]، وهذا في مجال العقيدة، حيث التعلق بأصول الدين وأركانه التي لا يقوم إلا بها، أما الاختلاف في الفروع فإن الإسلام لا يبيحه فقط، وإنما يحبذه أحياناً لما فيه من السعة على الناس واختيار الأنسب له
طلب الحق والبحث عنه
من القواعد التواصلية في منظومة الحوار الإسلامي الهادف، طلب الحق والسعي للوصول إليه والتماس الصواب بمختلف الوسائل المتاحة والسبل المتيسّرة التي يمكن لها أن تحقق مصالح العباد وتؤمن مصالح الدين دون العدول والانحراف عن محجة الشرع الإسلامي الحنيف، ليبقى الحوار وسيلة وقناة يتم العبور بواسطتها نحو الحقيقة، وبشرف الغاية تشرف الوسيلة. وعليه؛ فلا ينبغي أن ننظر إلى الحوار كغاية ومقصد في ذاته؛ لما يؤدي إليه هذا النظر من المكابرة والجدال الخارج عن نطاق القيم والموضوعية، وإنما ينبغي أن ننظر إلى الحوار على أنه إحدى وسائل البلاغ عن الله تعالى وعن رسوله بعلم وأدب.
إذا أعجبك الموضوع شاركه مع أصدقائك لتعم الفائدة
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات