كيف يصنع الدماغ الذكريات التي لا تنسى ؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، مرحبا بكم رواد عالم تعلم ، في فيلم "توث فيري 2" التلفزيوني الأميركي عام 2012، تعقد جنية الأسنان اتفاقاً مع بطل الفيلم، لاري (لاري ذا كايبل غاي)، يقضي بإتمامه مهامه في جلب أسنان الأطفال التي يخبئونها تحت وساداتهم واستبدالها بالنقود، وإلاّ عاقبته بسلبه "أغلى ما يملك من ذكريات".

كيف يصنع الدماغ الذكريات


فمن المحاولات الأولى لكشف مصدر الذكريات، اقترح عالم الأحياء الألماني ريتشارد سيمون، عام 1904، أنّ الذاكرة التي أطلق عليها اسم "إنغرام"، عبارة عن سجلٍ متواصل مدفون في مكان محدّد من الدماغ سريع الاستجابة للمؤثرات

تذكرُ معلومة ما مباشرة بعد معرفتها قد يكون كل ما نحتاجه لتحويلها إلى ذكرى ثابتة، وذلك بناء على دراسة أجراها فريق بحث بجامعة ساسيكس University of Sussex (المملكة المتحدة) والتي تضمنت في ملخصها أن الدماغ البشري يقوم بتوظيف وتنشيط نفس المنطقة عند عملية تذكر أمرٍ ما، وعند تحويله وجعله ذكرى مستديمة بعيدة الأمد مقاومة للنسيان.

كيف يصنع الدماغ الذكريات

وللقيام بالبحث، قام الخبراء بالاستعانة بستة وعشرين متطوعًا، شاهدوا خلال التجربة عدة مقاطع فيديو قصيرة لا تتجاوز الأربعين ثانية، من الموقع الشهير يوتيوب. تلك المقاطع كانت تحتوي على عنصر قصصي يندرج من خلاله موضوع الفيديو (كمشهد جارَين يمزح أحدهما مع الآخر أو والد يداعب ابنه). كانت التجربة مبنية على أن يشاهد المتطوعون 20 مقطعا، وأن يُعطوا 40 ثانية بين كل مقطع وتاليه، لتذكر التفاصيل اللافتة للنظر، ومن ثم عُرضَت عليهم 6 مقاطع أخرى بنفس المدة، لكن بإزالة الثواني الأربعين بينها.

بعد أسبوعين من إجراء التجربة، كان بإمكان المتطوعين استرجاع عدد كبير جدا من تفاصيل المقاطع التي أُعطوا بينها مدة زمنية لتذكرها، بينما كان قد نُسيَ محتوى الستة مشاهد الأخرى بشكل شبه كامل.

أشارت تجارب الرنين المغناطيسي (MRI) خلال القيام بالدراسة أن منطقة التلفيف الحزامي (Cingulate gyrus) كانت الأكثر نشاطا في الدماغ ليس فقط خلال مشاهدة مقاطع الفيديو، بل حتى في عملية الحفظ. وكذلك، فقد تم الحصول على نفس هذه النتائج عندما طلب الباحثون من المتطوعين مرة أخرى تذكر أكبر قدر من تفاصيل المشاهد التي رأوها.

منطقة التلفيف الحزامي (Cingulate gyrus)


منطقة التلفيف الحزامي (Cingulate gyrus) كانت العامل المشترك بين الحالتين، حيث إنها لا تساعد الدماغ على تذكر تفاصيل أمرٍ ما وحسب، بل إنها تقوم أيضا بدمج الذكريات في إطار حقلنا المعرفيّ وعلى هذا الأساس ينبني الفهم والاستنباط البشري، مما يجعل الذكرياتِ مقاومةً للنسيان.

يشرح كريس بيرد المشرف العام على البحث فيقول: “نعلم يقينا أن هذه الذكريات قد تكون معرضة للنسيان في ما بعد، لكننا في هذا البحث استنتجنا أن الوقت الزمني للحفظ والممارسة والتدريب –وإن كان ضئيلا نسبيا– كفيل بأن يعطينا نتائج ضخمة في الاستطاعة والقدرة لاحقا على تذكر الحوادث مهما كانت معقدة في الأسبوع أو الأسبوعين التاليين”.

وبناء على ذلك، فإنه يُفضل أخذ نتائج كهذه بعين الاعتبار عند التعرض لوقائع مهمة، ككون شخص ما شاهدَ عيان على جريمة أو حادث أو ما شابه. وذلك على غرار ما نقلته مجلة The Journal of Neuroscience الأمريكية، علمًا أننا سنزداد معرفةً بما جرى بشكل لافت إذا ما تذكر شاهد العيان مجريات الأمور وترتيبها بأقرب وأسرع وقت ممكن بعد حصولها.

إذا أعجبك الموضوع لا تنسى مشاركته مع أصدقائك لتعم الفائدة