كيف يتم تسويق الأفكار المتعصبة وترسيخها في أذهان المجتمع ؟

كيف يتم نشر وتسويق الأفكار المتعصبة والأحكام المسبقة عبر المجتمع..؟!


فقد وجدت إحدى الدراسات أن دماغ الإنسان يستجيب إلى المعلومات السلبية التي تلحق ببعض المجموعات، ما يُعزِّز الرأي بأن الصور السلبية التي تُلصق بالأقليات الدينية والعرقية في وسائل الإعلام قادرة على إشعال فتيل الانحياز العنصري في المجتمع.

و كمثال عندما ننظُر إلى الإسلام، على سبيل المثال، تنتشر القصص السلبية عنه أكثر من القصص الإيجابية، ما يراكِم الصور الذهنية عن الإسلام في عقول القراء بمرور الوقت".

حددت دراسات سابقة مناطق معينة في الدماغ مسؤولة عن إنتاج الصور النمطية عن الجنس والعرق، لكن الدراسة الحالية تعد أول محاولة لفهم الكيفية التي يتعلم بها الدماغ ربط صفات سيئة بمجموعات محددة، وكيف يتحول هذا إلى أحكام مسبقة بمرور الوقت.

تجرُبة

عرض على المشتركين البالغ عددهم 22 شخصاً معلومات عن مجموعات خيالية مثل "فرد في مجموعة كيتليز ضرب قطة شاردة" أو "فرد في مجموعة بليموز أهدى والدته ورداً". صنفت المجموعتان سراً بـ"السيئ" و"الجيد"، وخُصص ثلثا المعلومات لتعزيز الصورة النمطية لكل مجموعة، بينما خصص الثلث الآخر لدحض هذه التصورات".

التفسير العلمي

وأظهر مسح للدماغ، بينما كان المشتركون يكوِّنون صوراً ذهنية عن المجموعات، أن نشاط منطقة معينة في الدماغ تسمى "القطب الصدغي المؤقت" يتماشى مع اكتسابهم لأحكام مسبقة. ويقول سبايرز: "أصبح بالإمكان تعقب الأحكام المسبقة حسابياً لحظة بلحظة عن طريق قياس نشاط الدماغ لتحديد مستوى أو درجة انحياز الأشخاص".

وأظهر المسح أيضاً أن الدماغ لم يستجب بدرجة متساوية للمعلومات السيئة والجيدة. فبمجرد حصول المشاركين على معلومات كافية تطمئنهم بأن أفراد هذه المجموعة جيدون، يتباطأ نشاط الدماغ في منطقة القطب الصدغي المؤقت على نحو سريع. في المقابل، استمر نشاط الدماغ في التجاوب بشكل فعال مع المعلومات السيئة المعروضة عن سلوك المجموعة "السيئة". ويقول سايبرز: "إن التعامل مع المجموعة السلبية كان يتحول من سيئ إلى أسوأ".

وقال باستيان شيلر، عالم الأعصاب بجامعة فرايبورغ بألمانيا، الذي لم يشارك في البحث "تتحقق الدراسة من الطريقة التي يتم بها بناء الصور النمطية. كشفت دراسات سابقة عن وجود نشاط في مناطق مشابهة بالدماغ، لذا فإن نتائج الدراسة الحالية منطقية".

وأظهر المسح أيضاً وجود إشارات مميزة في قشرة الدماغ بمنطقة الفص الجبهي. فعندما يتعرض المشتركون لمعلومات تتناقض مع الصورة النمطية التي لديهم عن إحدى المجموعات يلاحظ نشاط هذه المنطقة بالدماغ. ويزداد نشاط منطقة الفص الجبهي بالدماغ عندما يقبل أحد أفراد المجموعة "السيئة" على فعل شيء جيد بدرجة أكبر من نشاط الدماغ في الحالة التي يقبل فيها أحد أفراد المجموعة "الجيدة" على فعل أمر سيئ.

يقول سبايرز: "الأمر أشبه بأن يقال لك إن هناك أشخاصاً طيبين في تنظيم داعش. لاحظنا نشاطاً قوياً في شبكة تضم مناطق متعددة بالدماغ، وخاصة الفص الجبهي بالقشرة الدماغية، وهو المسؤول عن اكتشاف الأشياء الغريبة أو الشاذة في العالم".

ولم توضح النتائج مدى صعوبة تغيير الصور الذهنية السلبية، لكن سايبرز يتوقع صعوبتها بناء على النتائج التي أظهرها نشاط الدماغ.

ويعتقد العلماء أن الصُّور النمطية وتصنيف الناس إلى مجموعات بناء على صفات متوقعة يساعدنا أكثر على اجتياز العقبات التي تواجهنا في العالم، دون أن نُكبِّد أنفسنا عناء تخزين كميات ضخمة من المعلومات.

ويتوقع العلماء إمكانية اكتشاف اختلافات في هياكل الدماغ، قادرة على تفسير تبني بعض الأفراد لآراء عرقية أو مناهضة لجنس ما. يقول سايبرز: "ربما يكون للأمر علاقة بتكوين بعض الأدمغة، يجعلها أكثر مرونة وأكثر قدرة على التخلي عن الأحكام المسبقة، مقارنة بأدمغة أخرى، وربما يكون للبيئة المحيطة تأثير، فإذا شبَّ شخص ما في أسرة عنصرية، ربما يكون دماغه أقل مرونة في تغيير أفكاره".

المصدر : theguardian