في امتحان الفيزياء بجامعة كوبنهاجن بالدانمارك ورد السؤال التالي: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام البارومتر ؟ "البارومتر جهاز لقياس الضغط الجوي".
الإجابة باتت معروفة اليوم وبديهية:
هي: قياس الفرق بين الضغط الجوي على الأرض وعلى ناطحة السحاب.
إلا أن إجابة أحد الطلبة استفزت أستاذ الفيزياء لدرجة أنه أعطاه صفرا دون إتمام قراءة بقية الأجوبة، وأوصى برسوبه لعدم قدرته المطلقة على النجاح ، وكانت إجابة الطالب كالتالي:
اربط البارومتر بحبل طويل وادليه من أعلى الناطحة حتى يمس الأرض ثم قس طول الخيط..!
تظلّم الطالب لإدارة الجامعة مؤكدا أن إجابته صحيحة مائة في المائة وتبعا لقانون الجامعة تم تعيين خبير للبت في القضية، وأفاد تقرير الخبير أن إجابة الطالب صحيحة لكنها لا تدل على معرفته بمادة الفيزياء ، وقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى وإعادة الامتحان شفاهيا وطرح عليه الحكم السؤال نفسه ، فكر الطالب قليلا ثم قال: لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع الناطحة ولاأدري أيها أختار، فقال له الحكم: هات كل ما عندك، فأجاب الطالب: يمكن إلقاء البارومتر من أعلى الناطحة ويقاس الوقت الذي يستغرقه حتى يصل إلى الأرض وبالتالي يمكن معرفة ارتفاع الناطح .
إذا كانت الشمس مشرقة ، يمكن قياس طول ظل البارومتر وطول ظل الناطحة فنعرف طول الناطحة من قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين.
أما إذا أردنا تعقيد الأمور فسنحسب ارتفاع الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وأعلى الناطحة باستخدام البارومتر..!
كان الحكم ينتظر الإجابة الأخيرة التي تدل على فهم الطالب لمادة الفيزياء، بينما الطالب يعتبرها الإجابة الأسوأ نظرا لصعوبتها وتعقيدها.
أما الطالب فسيصبح شهيرا لاحقا وهو( نيلز بور) وهولم ينجح فقط في مادة الفيزياء بل غدا في غضون سنوات أول دانماركي ينال جائزة نوبل للفيزياء العام 1922.
و قد صوًّر بور الذرة من الداخل كالمجموعة الشمسية، حيث النواة في المركز والإلكترونات تدور في مدرات حولها - مع الفرق ان مدارات الكواكب تتفاوت إتـِّسـاعاً على خلاف مدرات الإلكترونات الثابتة. حصل عام 1922 على جائزة نوبل في نموذجه للذرة. ويرجع إليه الفضل في التوفيق بين نظريتي رذرفورد وماكسويل عندما بين أن الذرة لا تشعّ في الحالة المستقرة.
الجدير بالذكر أنّ ماكسويل إعتمد على قوانين نيوتن الكلاسيكسة عند دراسته للذرة وقال انه "عند تحرك جسم مشحون بشحنة حول جسم مشحون بشحنة مخالفة فإنّ الجسم يشعّ باستمرار ويصغر نصف قطر مدار الجسيم إلى ان يصطدم بالجسم الآخر". بتطبيق المذكور على الذرّة نجد أنّها في حالة إشعاع مستمر وسيصطدم الإلكترون حتماً بالنواه وينتهي النظام الذري.
وكان للميكانيك الموجي الذي ابتدعه لوي دي بروي L.De Broglie، ولمبدأ الارتياب الذي وضعه هايزنبرگ W. Heisenberg والذي يقول إن ما نستكشفه من ظواهر في مضمار الذرة ليس مستقلاً عن وسائل رصده التجريبية، شأن كبير في توصل بور إلى إصدار «مبدأ التتامية» complémentarité القائل بأن الجسيم المتحرك والموجة التي تواكبه تمثلان، مظهرين متتامين لحقيقة واحدة، لا يمكن رصدهما في وقت معاً في عملية رصد واحدة. كان بور يرى في هذا المبدأ ناموساً أساسياً من نواميس الطبيعة لدرجة أن عممه فيما بعد على البيولوجية (علم الحياة). وبهذا الصدد كان يرى أن الإنسان مشاهد وممثل معاً في مسرح الحقيقة الواقعية؛ وإذا شاء أن يقتصر على المشاهدة فلا يمكنه الإسهام في العمل لأنه إن فعل شوش ما كان يريد أن يرصده.
ضرب بور بسهم وافر في الفيزياء النووية أيضاً. فقد اقترح عام 1933 نظرية في التفكك النووي (نموذج القطرة)، ثم طبق هذا النموذج على الانشطار النووي عام 1939، ففسر قابلية اليورانيوم 235 الكبيرة للانشطار وتنبأ بقابلية انشطار البلوتونيوم 239 قبل اكتشافها.
تطبيقات النظرية
أدت هذه النظرية إلى إلغاء جميع النظريات التي سبقتها، مما جعل ألبرت أينشتاين إلى الاعجاب بها واصفاً ايها بالتحفة الرياضية، ومن خلال هذه النظرية استطاع بور أن يصور ذرة الهيدروجين فقد كان معروفاً وقتها أن غاز الهيدروجين إذا ارتفعت درجة حرارته فإنه يضيء وهذا الضوء لا يشمل كل الألوان بل يتكون من لون له ذبذبات خاصة ومحددة. وبمنتهى الدقة استطاع بور ان يحدد طول الموجات لكل الألوان التي يطلقها غاز الهيدروجين، كما استطاع ان يفسر حجم الذرات لأول مرة.
جائزة نوبل
في كوبنهاجن عام 1920 افتتح معهد الفيزياء النظرية وعُيِّن بور مديراً له فانضم له عدد من العلماء وأصبح مركزاً للإبحاث الجديدة في الفيزياء. تم قبول هذه النظرية العبقرية من العلماء والتي استحق عليها جائزة نوبل في الفيزياء عام 1922
بور والقنبلة الذرية
استمر بور في دراسة تركيب نواة الذرة، في عام 1930 كان أول من اكتشف أن النظائر المشعة التي ظهرت في فلق النواة هي اليورانيوم 235، مما كان لهذا الاكتشاف اثره الهام بعد ذلك. عندما احتل الألمان الدنمارك في عام 1940 واجه الكثير من الصعوبات حيث أنه كان معاد للنازية كما أن أمه كانت يهودية فاضطر للهرب عام 1943 إلى السويد، وساعد عدداً كبيراً من اليهود على الهرب ثم سافر إلى إنجلترا ومنها إلى أمريكا وهناك ساعد في إنتاج القنبلة الذرية.
عند انتهاء الحرب عاد إلى كوبنهاجن ورأس معهد الفيزياء النظرية، وحاول جاهداً أن يسيطر على استخدام الطاقة النووية دون أن ينجح، حتى توفى 1962. استطاع أحد أولاده آگه بور أن يحصل على نوبل في الفيزياء عام 1975. سيبقى بور من أعظم العلماء رغم أن نظريته قد تجاوزتها الفيزياء الحديثة ولكن جانب منها صحيحاً حتى اليوم، كما أنها ساعدت على تطور الكثير من النظريات الأخرى.
ومن أقواله :
"لا وجود لعالم كمومي . هناك فقط وصف فيزيائي مجرد. من الخطأ أن نعتقد أن مهمة الفيزياء أن تكتشف كيف تكون الحقيقة . الفيزياء تهتم بما يمكننا أن نقوله عن الطبيعة "
أي جملة أطرحها ، لا يجب أن تفهم على أنها تقرير بل على أنها سؤال
كم هو رائع أن نتصادف مع معضلة (عصية على الحل) . الآن فقط نستطيع ان نأمل تحقيق بعض التطور .
عكس مقولة صحيحة هو مقولة خاطئة (حتما) ، لكن عكس حقيقة مثبتة يمكن ان يكون حقيقة مؤكدة أيضا
كم هو رائع أن نتصادف مع معضلة، فالآن فقط نستطيع أن نأمل في تحقيق بعض التطور.
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات