هل سمعت من قبل بمتلازمة ستوكهولم ؟

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...ظهر مصطلح "متلازمة ستوكهولم" منذ أربعين عاما، وذلك مع انتهاء حصار استمر لمدة ستة أيام على أحد البنوك.
فما طبيعة تلك المتلازمة وما الذي يربطها دائما بقصص احتجاز الرهائن؟

متلازمة ستوكهولم

 يعرف الغالبية من الناس مصطلح "متلازمة ستوكهولم" نتيجة لاستماعهم إلى عدد من القصص الشهيرة عن حالات الاختطاف واحتجاز الرهائن، خاصة في الحالات التي كانت الرهينات والمختطفات فيها من النساء.

وغالبا ما يجري ربط هذا المصطلح بما حدث لباتي هيرست، وهي ابنة أحد الأثرياء من كاليفورنيا، والتي كان قد اختطفها بعض المسلحين الثوريين عام 1974، لتبدي تعاطفا مع مختطفيها وتشاركهم في إحدى عمليات السطو، قبل أن ينتهي بها الأمر لأن يتم إلقاء القبض عليها ويحكم عليها بالسجن.

إلا أن محامي الدفاع عن هيرست قال إنها قد خضعت لعملية غسيل دماغ، وأنها كانت تعاني مما يعرف بمتلازمة ستوكهولم، والتي اصطلح عليها مؤخرا لتفسير المشاعر غير المنطقية التي يشعر بها المختطَفون تجاه مختطِفيهم.

وكانت آخر تلك القصص التي وصفتها التقارير الإعلامية بنفس الوصف هي حالة ناتاشا كامبوش، والتي كانت قد اختطفت وهي في العاشرة من عمرها من قبل وولفغانغ بريكلوبيل واحتجزت داخل أحد الأقبية لمدة ثمانية سنوات. حيث نقل عنها أنها أجهشت بالبكاء عند سماعها خبر موت مختطِفها، وقامت بإشعال شمعة حيث يرقد جسده.

متلازمة ستوكهولم

وفي بيان لوسائل الاعلام المقروءة على لسان الطبيب النفسي المختص بحالتها، كانت كامبوش تحكي عن قضاء ثماني سنوات في خلية مؤمنة من قبل الخاطفين في الطابق السفلي من المنزل قائلةً : "كان شبابي مختلفاً كلي، ولكن فاتني أيضا الكثير من الأشياء – فأنا لم أبدأ التدخين أو الشرب ولم أقم بالتسكع مع أصدقائي مطلقاً ". يقول معظم الخبراء أن كامبوش في حالة صدمة ويبدو أنها تعاني من مرض نفسي يدعى "متلازمة ستوكهولم".

هؤلاء الأشخاص الذين يعانون من متلازمة ستوكهولم يكونون في حالة من اللاوعي ويقومون بتكوين آلية ذاتية للدفاع عن أنفسهم للحفاظ على حياتهم. ويحدث ذلك في المواقف الأشد وقعاً وإيلاماً في حياة المصاب كحالات احتجاز الرهائن أو الاختطاف، وآثاره عادة لا تنتهي بانتهاء الأزمة. وفي الحالات الأكثر كلاسيكية، تستمر الضحايا في الدفاع عن خاطفيهم والاهتمام لأمرهم حتى بعد تخلصهم من الأسر.

أيضاً يمكننا أن نتعرف على أعراض متلازمة ستوكهولم في العلاقة ما بين الرقيق والسيد، وفي حالات ضرب وتعذيب الزوج لزوجته وبعض المواقف المشابهة لتلك المذكورة.

أعراض متلازمة ستوكهولم !


يوجد لدى العديد من الناس فكرة جيدة عن ماهية منشأ مصطلح متلازمة استكهولم. في عام 1973، دخل رجلان بنك كريديتبانكن بستوكهولم، السويد، عازمين على سرقته. وسرعان ما حضرت الشرطة واقتحمت البنك، فقام اللصوص بإطلاق النار عليهم، وتلا ذلك احتجاز الرهائن.

لمدة ستة أيام، احتجز اللصوص أربعة أشخاص في قبو البنك تحت تهديد السلاح، وأحياناً يحيطونهم بالمتفجرات وأحياناً أخرى يجبرون على وضع المشانق حول أعناقهم. ولكن عندما حاولت الشرطة إنقاذ الرهائن, قام الرهائن بمواجهتهم والدفاع عن الخاطفين ملقين باللوم على الشرطة !

“الجدير بالذكر أن أحد هؤلاء الرهائن المفرج عنهم قام بعد ذلك بإنشاء صندوق لتغطية أتعاب الدفاع القانوني لمحتجزي الرهائن” !

وهكذا ولدت "متلازمة ستوكهولم" والذي تعرف بين الأخصائيين النفسيين باسم “ظاهرة الآسِر والسجين الكلاسيكية".

ولكي تحدث متلازمة ستوكهولم في المواقف المذكورة أو أي موقف آخر مشاب، لابد من توافر 3 عوامل على الأقل :

علاقة السلطة الغير سوية بين الآسِر الذي يملي على السجين ما يفعله ومالا يستطيع أن يفعله.
التهديد بالقتل أو الإصابة الجسدية للسجين على أيدي الآسِر.
غريزة الحفاظ على النفس بداخل السجين في ذلك الوقت.
وتشمل تلك العوامل أيضاَ اعتقادات السجين (سواء أكانت صحيحة أم غير صحيحة لا يهم) بأنه أو بأنها لا يمكنها الهروب، مما يعني أن البقاء على قيد الحياة يجب أن يحدث في إطار القواعد التي وضعتها الآسر بكل صرامة. وكذلك عزل السجين عن الأشخاص الذي لم يتم أسرهم من قبل الخاطفين، وبالتالي تتكون لدي السجين العديد من الاضطرابات النفسية التي تؤدي إلى متلازمة ستوكهولم.

بشكل مبسّط, يمكننا القول أن متلازمة ستوكهولم التي تحدث في حالات الاختطاف والأسر تتلخص في الخطوات التالية :

في موقف عصيب لا تحسد عليه، فتاة تجد نفسها أسيرة من قبل رجل يهدد بقتلها إن عصت له أمراً بأي شكل من الأشكال. ربما أنه قد يعتدى عليها جسدياً, جنسياً, لفظياً أو جميعهم – وبالتالي تجد صعوبة في التفكير المنطقي للخروج من الأسر حيث أنه وفقا للآسر فالهروب ليس خياراً لأنه غالباً ما سينتهي بقتلها أو ربما قتل عائلتها كذلك. فرصتها الوحيدة في البقاء على قيد الحياة هي طاعته ولا شئ غير ذلك.

مع مرور الوقت، تصبح الطاعة من قِبل الأسيرة شيئاً حتمياً – وفي الجانب الآخر يكون الآسر تحت العديد من الضغوط ، وتغيّر مِزاجه وحالته يمكن أن يأتي بعواقب وخيمة على السجين. ولذلك معرفة ما قد يزعج الآسر ويفجر غضبه لكي تستطيع تجنبه تصبح استراتيجية بقاء آخرى. وبهذه الطريقة تكون على معرفة شبه تامة بخاطفها.

بعد فترة وجيزة القليل من الإحسان من قِبل الآسر – والذي يمكن أن يتضمن ببساطة أنه لم يقتل الأسيرة بعد – ومواقف الآسر التي يبدو فيها كالمُنقذ بالنسبة للأسيرة، وفي ظل تلك الظروف العصيبة التي تهدد حياة الأسيرة، تجد أن أدنى تصرف عطوف – أو الغياب المفاجئ للعنف – يبدو كعلامة على الصداقة في ذلك العالم المرعب، وكل ذلك بدوره يتعلق بفكر الأسيرة لبقية حياتها.

يصبح الآسر شيئاً فشيئاً أقل تهديداً مما كان عليه – أقرب إلى كونه وسيلة من أجل البقاء والحماية في ذات الوقت. تخضع الأسيرة لما يسميه البعض "خداع الذات" : من أجل البقاء على قيد الحياة نفسياً وجسدياً – وكذلك للتخفيف من التوترات والضغوطات التي لا يمكن تصورها في ذلك الوضع – الأسيرة تصبح على قناعة تامة بأن الآسر هو صديقها، وأنه لن يقوم بقتلها، ليس هذا فقط ولكنهما يمكنهما أن يساعد بعضهما البعض للخروج من تلك الأزمة. الأشخاص في الخارج – والذين يحاولون إنقاذها – يبدون لها وكأنهم يريدون إيذاء هذا الشخص الذي هو بمثابة حماية لها من الأضرار. والحقيقة أن هذا الشخص هو مصدر الضرر الفعلي لها – في ذلك الوقت – والذي قد قامت بدفنه في مراحل عملية خداع الذات.

الأنظمة القمعية صورة مكبَّرة لمتلازمة ستوكهولم !

على المستوي المجتمعي، نجد أن الكثير من الشعوب – وخاصة العربية منها – تظهر عليها أعراض تلك المتلازمة الغريبة والتي ذكرناها سابقاً. وذلك في الدول القمعية والتي لا تملك السلطة الحاكمة فيها شرعيتها، وبالتالي تصبح وسيلة الحكم القمعية هي الوسيلة المتاحة لتلك السلطات، وتشمل بدورها الكثير من التوترات والضغوطات على أفراد ذلك المجتمع والتي تستمر لفترات طويلة الأجل، تحاول فيها الشعوب جاهدةً الخروج عن سيطرة تلك الأنظمة المستبدة ولكن ما يجدث في الحقيقة هو أنه يقوم بتطوير علاقة الخوف من النظام إلى أن يصبح المجتمع بأسره ضحية قمع النظام واستبداده.

يدرك النظام هذا مع مرور الوقت ويتفنن في ابتزاز المجتمع بكافة الطرق والأشكال وبالتالي تعتاد الشعوب على طريقة الحكم تلك من القمع والذل لدرجة تجعله يخشى من التغيير حتى ولو كان للأفضل، وفجأة يتحول للدفاع عن هذا النظام القمعي ويذكر محاسنه القليلة بغض النظر عن مظاهر القمع والفساد الكثيرة المنتشرة في المجتمع.

ولقد قامت العديد من الأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية الشهيرة بمناقشة هذا المرض النفسي الغريب كسلسلة أفلام "SAW" ، والمسلسل التلفزيوني الأقوى على الإطلاق "Game Of Thrones" وتحديداً في الموسم الثالث له عندما تم اختطاف “ثيون جريغوي” وأسره وتعذيبه حتى ظهرت عليه أعراض تلك المتلازمة وبصورة واضحة.

مصدر : أراجيك , bbc


إذا أعجبك الموضوع لا تنسى مشاركته مع أصدقائك