ماذا تنتظر؟ 10 قيود تخلص منها وانطلق في حياتك ( الجزء الثاني )

بعدما تطرقنا سابقا الى الجزء الأول من موضوع : " ماذا تنتظر ؟ 10 قيود تخلص منها  وانطلق في حياتك  ((  الجزء الأول  )) ،  وتعرفنا فيه على 5 قيود تقف عائقا أمام كل من أراد ان ينجح في حياته ، لكل من سيطر عليه اليأس والإحباط ، فها نحن اليوم نعود إليكم في الجزء الثاني من الموضوع لنتطرق الى 5 قيود أخرى فتابعونا : 

تحرر وانطلق

والأن نقدم لكم : 10 قيود تخلّص منها  وانطلق في حياتك (الجزء الثاني) : 

القيد السادس " أماني بلا تفاني ".

 قيود تخلص منها  وانطلق في حياتك

اذا كنا ذكرنا أن أحد القيود غياب الهدف فإن هذا القيد اسمه أمانٍ بلا تفاني ، ودعني أعطيك هذا الموقف : تخيل أن قطا هجم على ثلاث حمامات واحدة فكرت بالهرب واثنتان قررتا الهرب فكم أكل القط من حمامة ؟؟ واحدة ؟؟ اثنتان ؟؟ بل أكلها جميعا ،  فلا فرق بين من يقرر ان يفعل شيئا ومن يفكر أن يفعل ذلك الشئ لافرق بينهما .

ان العبرة بالعمل والتقدم والتقدم والفعل ، الكل يجيد صياغة الامنيات وصناعة الأحلام لكن القليل من يحول الأحلام إلى واقع ملموس ، نعم والله ! إن التعب يزول والنتيجة تبقى ومن آثر الراحة كما يقول ابن القيم فاتته الراحة والنعيم لايدرك بالنعيم .

إن لكل شئ ثمن ولكل سبب نتيجة وخلف كل نجاح عمل وتعب ، وفي الحديث " الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني " ، نعم والله ، إن العاجز كثير الأحلام قليل العمل محدود الأثر ، نعم فلن يدرك السيادة من لزم الوسادة، إن العاقل ليعجب من رجل أراد شيئا ولم يسعى له وتعجب ممن يريد النجاح بلا جهد ، سبحان الله ! هل يرتجى مطر بغير سحاب أم هل يرتجى حصاد بلا زرع .

دخل عمر على قوم جلوس في المسجد فقال "من أنتم ؟ " فقالوا " المتوكلون على الله " فقال عمر " أيجلس أحدكم في المسجد يقول اللهم ارزقني اللهم أعطني قوموا فان السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة "
هل أنت راضٍ عن وضعك المادي ؟
هل أنت راضٍ عن وضعك الديني مع الله عز وجل في عباداتك ؟
هل أنت راضٍ عن علاقاتك الاجتماعية ؟
هل أنت راضٍ عن وضعك الأسري ؟

اذا ماذا تنتظر ؟ تقدم ، اعمل ! ابذل السبب ! فقد جعل الله لكل شئ سببا،تقدم ولو خطوة  صغيرة ، تحرك ولو حركة بسيطة فالسيل اجتماع القطر !، جاء رجل إلى النهر فوجد صيادا يصيد السمك ، كلما صاد سمكة كبيرة اعادها للنهر ورماها وإذا اصطاد سمكة صغيرة أخذها ووضعها في سلته، استغرب الرجل وذهب يسأل الصياد ، سأله لماذا ترمي الكبيرة وتاخذ الصغيرة ؟ فقال له الصياد : " ابدا فإن القدر الذي أطبخ فيه صغير ولايحتمل السمك الكبير لذلك ارمي بالسمك الكبير وأأخذ مايتسعه القدر ".

إن هذا الصياد ليس لديه الرغبة في دفع ثمن هذا التغيير لذلك فهو يلقي بالفرص من أمامه ولايقبل أن يستفيد منها، والكثير من الناس مثله لايريد أن يدفع الثمن ، لايريد أن يغير عاداته ، لأنه كما يقول من غير عادته قلت سعادته ، تجده يرفض الترقية اذا كانت خارج مدينته ولايقبل بعثه لانه لايريد ان يتعب في تعلم اللغات، كثير من الناس لايريد دفع الثمن لايريد الخروج عن دائرة امانه وتجده يقول الله لايغير علينا، كلا والله ! الله يغير علينا اذا للافضل.

كم من انسان رفض التغيير وقاوم التطوير لأنه لايريد دفع الثمن فيضحي بالفرص الكبرى من أجل البحث عن راحته، فالهند لهم طريقة ظريفة في صيد القردة فهم يضعون الجوز لها في ثقب شجرة فيُدخل القرد يده ليُخرج الجوزة فتعلق يده بسبب تمسكه بالجوزة ولو ترك الجوز لاستطاع الهرب ولكنه فضل أن يمسك بها ولو على حساب حياته، كم من الناس من يتمسك بأشياء جميله فتفقده اشياء أجمل وفرص اكثر. إن المسألة مسألة عمل ، فالقرآن الذي أنزل على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسادوا به العالم هو القرآن نفسه الذي أنزل علينا فتذيلنا بدونه العالم .

إن المسأله مسألة تطبيق والفرق فرق في التقيُّد والتنفيذ..

 فماذا قررت ؟؟

القيد السابع " التشاؤم وفقد الأمل ".

التشاؤم وفقد الأمل

لا يوجد أمل ، حظي سيئ ، انا عمري ما أفلحت ! ، يقول الشاعر : فثوبي مثل شعري مثل حظي ،،، سواد في سواد في سواد ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم ( تفاءلوا بالخير تجدوه )، إن الدنيا فيها الجيد والرديء ، فيها الشر والخير ، فإذا تفاءلت بالخير وجدته واذا تشاءمت فلن تحصد سوى مازرعت ، يقول أحد علماء النفس " إن ماتراه أمامك يعتمد بالدرجة الأولى على ماتبحث عنه .

فابحث عن الخير وتفاءل بالخير وأحسن الظن بربك ، ولنراجع أنفسنا ! هل نحن نحسن الظن بالله ؟؟ هل نرضى بقضاءه ؟؟ هل نؤمن بقدره وهل نتوكل عليه حق التوكل ،إن إجابة هذه التساؤلات من أهم مقومات انبعاث الأمل ، فمن أيقن يقينا أن الله معه فمن سيخشى ، ومن أيقن يقينا أن الله أرحم به واعلم منه بما ينفعه ومايصلح له فإنه لن يفكر أبدا بالفشل ولن يتشاءم بالسؤ ولن يحزن أبدا على العواقب ولن يهاب المستقبل ، فلنراجع أنفسنا ولنحسن الظن بربنا، يقول أحد السلف " أن التشاؤم سوء ظن بالله والتفاؤل حسن ظن بالله ".

دخل النبي على رجلٍ أعرابي محموم فقال من باب التفاؤل * طهورا * فقال الأعرابي : طكور بل حمى تفور على شيخ كبير تثيره القبور ، فقال عليه الصلاة والسلام : نعم إذا 
إن حظي كدقيق ،، فوق شوك نثروه
ثم قالوا لحفاة ،، يوم ريح اجمعوه
صعّب الأمر عليهم ،، قال بعض اتركوه
ان من أشقاه ربي ،، كيف أن تسعدوه
فمات من ليلته
فرّ موسى ومن معه من فرعون وجنوده فاعترضهم البحر ولحقهم العدو من الخلف ، فقال أصحاب موسى " إنا لمدركون ! " قال موسى " كلا ! إن معي ربي سيهدين " ، إيمان ييزلزل صخور الشك وحسن ظن يمسح غبار اليأس ، إن الفاشل يتشاءم من كل شئ والناجح يستفيد من كل شئ ، الناجح لاتنضب أفكاره والفاشل أبدا لاتنتهي أعذاره ، 
الناجح يرى أن الحل صعب ولكنه ممكن والفاشل يرى أنه ممكن ولكن صعب، الناجح يرى في العمل أملا والفاشل يرى في العمل ألما ، وهذه الرؤيا منهما هي سبب الاختلاف بينهما .

فاعمل واجتهد وأحسن الظن بربك !

القيد الثامن " المقارنات ".

المقارنات

إن المقارنات تقضي على تقدم الإنسان ، فإذا مابدأت بمقارنة نفسك بفلان وفلان فإنك ستشعر بالدون والتقيئ ، فالإنسان عادة يقارن نقاط ضعفه بنقاط قوة غيره ، لو كان أصلعا مثلا سيقارن نفسه بمن حَسُن شعره ، ولو كانت هي بشرتها غير صافية ستقارن نفسها بمن صفت بشرتها وعندها تبدأ المعاناة، عندما نبدأ بمراقبة الناس ومقارنة أنفسنا بما عند الناس عندها فعلا ستنحذف من أمام أعيننا كل النعم التي أعطاها الله عز وجل لنا
فمن بحث عن المفقود فقد الموجود .

وكذلك لو أن طالبا دخل الحلقة مثلا مع صديقه وبعد شهر وجد أن زميله تفوق عليه كثيرا ، فقارن نفسه به فإن عزيمته سوف تقل وربما ترك الحلقة إمام مسجد يقارن نفسه بأحد الأئمة ثم يجد نفسه يخشى الإمامه ويهاب أن يتقدم ويتهم صوته أو حفظه ، آخر يدخل دورة في اللغة الانجليزية فيجد ان بعض الحضور أفضل منه فيتحطم ويبدأ بالانسحاب شيئا فشيئا .

إن المقارنات ظلم يرتكبه الإنسان في حق نفسه ، فلا مقارنه بين مختلفين ، كيف تقارن نفسك بآخر ؟ كيف تقارن بداياتك بنهايات الآخرين ؟ إن النتيجة التي وصل إليها غيرك جاءت بعد جهد وتعب وبذل وقت ومال فهل بذلت مابذلوا حتى تقارن نفسك بما وصلوا ؟
قارن نفسك بنفسك بما أنت عليه وبما تستطيع أن تكون عليه ! ، قارن نفسك أين كنت وأين أصبحت !

تخيل أنك واقف في صف من الناس في طابور فأنت أمام خيارين إما أن تنظر إلى الأمام وتقول " يالله كم باقي ، بعيد " أو تنظر إلى الخلف وتحمد الله عز وجل أنك في مكانك على الأقل ، قال صلى الله عليه وسلم (فرق بين من ينظر إلى نفسه أنه ناقص وقاصر وبين من ينظر إلى نفسه على أنه ينقصه أمر ما) ، فإن سبقتك أنا في السباق فأنا أفضل منك في الجري فقط وليس هذا دليل على نقصك أوضعفك ، كل إنسان لديه تميز وقصور فاستفد من تميزك وعالج قصورك .

وليكن شعارك في الحياة 

" سأبذل مابذلوا لأصل بإذن الله إلى ماوصلوا ! "

القيد التاسع " طلب الكمال ".

الكمال

ماأكثر من يقف قبل أن يبدأ وينطفئ قبل أن يشتعل لأنه رسم في ذهنه صورة مثالية ورفع معاييره طلبا للكمال، ماأكثر من جعل أهدافه أمثال الجبال بلا رؤية واقعية وبلا رغبة في تجزيئها ، إما أن أحفظ القرآن كامل وبإتقان وإلا فلا !، وإما أن أتزوج بالفتاة التي هذه مواصفاتها وإلا فلا !، وإما أن أحصل على درجة كاملة في الامتحان وإلا سأعتذر عن تقديمه ! هذه حال الذين يسعون إلى الكمال .

إن الوصول إلى حد الكمال في إتقان الأعمال ضرب من المستحيل ويبقى الإنسان طموحا لرفع مستوى أدائة ومعايير جودته بالحد الذي يدفعه لايمنعه ، إن الذي يريد أن يعمل بعد أن يكتمل كل شيء ويصفو كل شيء ويجهز كل شيء أخشى أن ينتظر طويلا  على رصيف الحرمان .

إن التحسس من البدايات البسيطة والخوف من ارتكاب الأخطاء قيد كبّل الكثير من الطاقات وعطل الكثير من القدرات ، فإذا ماأردت أن تعمل بلا أخطاء فإنك بلا شك ستفقد بشريتك لتتحول إلى آله تعمل بنسبة أخطاء شبه معدومه ، إن التميز في الآداء يجب أن يكون مطلبا نسعى له لا عائقا يقف أمام البدايات أو شماعة نعلق عليها الأمنيات أو سببا نسقط عليه قلة المبادرات ، فسياسة نكون أو لانكون وثقافة ياأبيض ياأسود وئدت الكثير من الأفكار وعطلت الكثير من المشاريع ، لست ضد التميز ولست ضد الإتقان ولككني ضد الكمال الذي يعملق الأعمال ويبعد الآمال ، وليكن شعارنا أن نبذل أقصى مانستطيع لتحقيق مانريد ثم بعد ذلك أسعى لتحسين نتائجي وتطويرها ورفع جودتها .

فاستعن بالله ابدأ عملك واخلص نيتك.
وتوكل على الله وخير الأعمال أدومها وإن قل

القيد العاشر " التسويف والمماطلة".

التسويف والمماطلة

يمضي على خير ، الشيء الذي لم أكمله اليوم أكمله غدا  ! هؤلاء تجدهم على قارعة الطريق ، إن قلت لهم إن الماء يتسرب من سقف بيتك قم فأصلحه ! قال إن المطر ينزل ولن أستطيع أن أصلحه الآن فإن قلت له أصلحه إن توقف المطر فسيقول عندما يتوقف المطر لن ينزل الماء ولست بحاجة لإصلاحه ! سبحان الله !

كم هي الأعمال التي تراكمت بالتسويف ؟ وكم هي الآمال التي تحطمت على شاطئ المماطلة ؟ ولنسأل أنفسنا مالذي منعني بالضبط عن عمل ماأريد ؟ قد لاأجد إجابة سوى الكسل والتأخير والمماطلة والتقصير ، ماأكثر من يقول الله لايغير علينا ! الأمور ماشية ! سأحاول سأفعل سأتغير سأفكر سأتحرك سأقفز لعلها تتيسر.

لما كل هذا التسويف ؟ هل تنتظر معجزة تحدث لتغير نفسك ! أم أنك تنتظر مصيبة تدفعك للتغيير ! أم أنك تنتظر جلطة حتى تهتم بصحتك ؟ ( أبعدنا الله وإياكم ) ، أم تنتظر وفاة صديقك الحميم حتى يحيى قلبك وتلزم أمر ربك !

أيها المدخن هل تنتظر سرطانا ( أبعدك الله عنه ) حتى تقلع عن التدخين ؟ بالله ماذا تنتظر ؟ هل تنتظر موت أحد والديك حتى تبر الآخر ؟ قد تحدث لك بعض المصائب التي ربما توقظك وتنبهك ولكن من يدري قد تكون أنت المصيبة التي يعتبر بها غيرك ! يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (بادروا بالأعمال سبعا هل تنتظرون إلا فقراً منسيا أو غناً مطغيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو موت مجهزا أو الدجال فشر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر).

أخي الفاضل ، ماسلك التسويف طريقا الا جاء وراءه الفقر والمرض ، قل لي ماذا تنتظر ؟ ومالذي بحق يمنعك ؟ اذا كان يؤذيك حر المصيف ويبس الخريف وبرد الشتاء ويلهيك حسن زمان الربيع ، فأخذك للعلم قل لي متى ؟ يقول عمر رضي الله عنه ( كل يوم يقال فيه مات فلان وفلان ولابد أن يأتي يوم يقال فيه مات عمر ) ، بهذه العقلية سنعيش كما يجب أن يعيش المسلم الناجح ،لاتتردد ! والا لاصبحت سجين الآن .

وتقدم لو خطوة حتى لاتُهزم وأنت عل رصيف الانتظار !


المصدر: محاضرة صوتية للأستاذ ياسر الحزيمي بعنوان صعود بلا قيود .