السلام عليك متابعي مدونة عالم تعلم ...الناس متفاوتون في مطالبهم و أهدافهم ..
فمن الناس من يطلب المعالي بلسانه وليس له همة في الوصول إليها ، فهذا متمن مغرور!.
وما نيل المطالب بالتمني و لكن تؤخذ الدنيا غلابا
ومن أعظم المغالبات مغالبة النفس لتصبح ذا همة عالية...
ومن الناس من لا يطلب إلا سفاسف الأمور و دناياها ، وهم فريقان :
* فريق ذو همة في تحصيل تلك الدنايا ، فتجده السباق إلى أماكن اللهو و مغاني الغواني ، و هذا إن اهتدى يكن سباقا إلى المعالي ، ذا همة عالية نفيسة :
" الناس معادن : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إن فقهوا "
* وفريق لا همة له ، فهو معدود من سقط المتاع ، و موته وحياته سواء ، لا يفتقد إذا غاب ، ولا يسأل إذا حضر.
إني رأيت من المكارم حسبكم أن تلبسوا خز الثياب و تشبعوا
فإذا تذوكرت المكـــــارم مرة في مجلس أنتم به فتقنعــــــــوا
- ومن الناس من تسمو مطالبه إلى ما يحبه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ، وله همة عظيمة في تحصيل مطالبه و أهدافه فهنيئا له.
قال ابن القيم رحمه لله تعالى :
" لذة كل أحد على حسب قدره و همته و شرف نفسه ، فأشرف الناس نفسا و أعلاهم همة و أرفعهم قدرا من لذتهم في معرفة الله و محبته ، والشوق إلى لقائه ، والتودد إليه بما يحبه و يرضاه "
وقال ابن القيم أيضا :
" ولله الهمم ما أعجب شأنها و أشد تفاوتها ! فهمة متعلقة بالعرش وهمة حائمة حول الأنتان و الحش "
وقال الشيخ عبد القادر الجيلاني لغلامه :
" يا غلام : لا يكن همك ما تأكل و ماتشرب ، وماتلبس وما تنكح ، وما تسكن و ما تجمع ، كل هذا هم النفس والطبع فاين هم القلب ، همك ما أهمك فليكن همك ربك عزوجل وما عنده "
وهذه - والله- من أعظم الوصايا للدعاة حتى لا تضعف همتهم أمام المغريات ،لاسيما و أن من أهم صفات الداعية والناجح مخالطته الناس و التأثير عليهم .
وترى اليوم من تفاوت الهمم أمرا عجبا ، فإذا اسثنى الناظر في أحوال الناس أمر العامة واسثناؤهم واجب لأنه قد ماتت هممهم ، وقعدت بهم عن تحصيل معالي الامور - واطلع على أحوال الخاصة وهم : الدعاة ، وطلاب العلم ، وباقي الملتزمين الحريصين على دينهم ، سيصاب بالدهشة لما يراه من فتور الهمة ، و أنها الشان الغالب على الخصوص الدين ذكرتهم :
فمنهم من إذا اطلع ساعة أو ساعتين في اليوم ظن أنه قد أتى بما لم يأت به الأوائل ، ومنهم من إذا خرج لزيارة فلان من الناس بقصد الدعوة يظن أنه قد قضى ما عليه من حق يومي ، ومنهم من تتغلب عليه زوجة و عيال فيقطع عامة وقته في مرضاتهم ، ومنهم من اقتصر في تحصيل العلم على سماع بعض الاشرطة وحضور محاضرة او اثنين في الاسبوع أو الشهر ، ومنهم من غلب عليه الركون إلى الدنيا و التمتع بمباحاتها تمتعا يفضى به إلى نسيان المعاني العلية ، ومنهم من يقضي عامة يومه متتبعا لسقطات إخوانه ، ومطلعا على مايزيد علمه رسوخا في هذا المجال..
فعلينا بالسعي ألا ننفق لمصالحنا و شؤوننا الشخصية إلا ما أقل ما يمكن من أوقاتنا وجهودنا ، فتكون معظمها منصرفة للغاية و الهدف المسطر في هذه الحياة
وفي الحقيقة أن الانسان إذا كان قلبه مربوطا بغايته ، و فكره متطلعا إليها ، فإنه لا يحتاج إلى تحريض أو دفع...
شارك الموضوع مع اصدقائك
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات