لماذا ننمو و ينمو معنا الإحباط و الأفكار السلبية منذ الصغر ؟ تعرف على النظرية النفسية الحتمية (نظرية الفيل المربوط)

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. مرحبا بكم رواد عالم تعلم .. في الهند يوجد تقليد معروف منذ عشرات السنين حيث تقوم مراكز تدريب الفيلة بربط الفيل منذ ولادته بحبل رقيق جدًا لا يتجاوز عرضه بضعة سنتيمترات، وبالطبع فإن الفيل الصغير في مثل هذا العمر حتى لو حاول عدة مرات الفرار من هذا الحبل فإن مصيره الفشل نظرًا لصغر حجمه وضعف قوته.ويقوم الفيل الصغير بمحاولات متكررة مستميتة لفك قيده دون جدوى، فالنتيجة واحدة. والملفت للنظر انه بعد مئات المحاولات يتوقف الفيل الصغير تمامًا عن المحاولة وإلى الأبد!
تعرف على العلاقة بين أطفالنا وتقليد الفيل المربوط

 يتحدث علماء النفس عن تجربة سلوكية في غاية الأهمية والخطورة أطلقوا عليها مسمى: العجز المكتسب Learned helplessness حيث أن الحيوان في هذه الحالة يتعّلم سلوكيًا بأنه عاجز وانه لا فائدة هناك لتكرار المحاولة.

تؤثر حالة العجز المكتسب السلوكية علينا حتى عندما يتغير الواقع من حولنا. اي بمعنى أن ذاك الفيل حتى حين يكبر في العمر ويكبر جسده وتزداد قدراته وقوته البدنية ويصبح قادرًا على سحب خيمة سيرك بأكملها (لو حاول فقط) لكنه ووفقًا لهذه النظرية النفسية الحتمية لن يحاول بالطبع لأنه تعّلم منذ الصغر بأنه عاجز!

 كم يا ترى من حبل “ ذهني “ تم ربطه في أعناق أطفالنا منذ صغرهم وأفكار سلبية محبطة جعلتهم أسرى للإحباط حتى بعد أن يكبروا وتكبر معهم قدراتهم دون أن يستثمروها؟ وكم يا ترى من حبل وأفكار سلبية غير واقعية جعلت منهم أسرى للخوف من الفشل والخوف ليس من تكرار المحاولة فحسب بل حتى من المحاولة ولو للمرة الأولى فضًلا عن تكرار المحاولة أكثر من مرة وفي فترات مختلفة للإستفادة من طاقاتهم التي لم تستثمر بعد؟

إنهض وحاول وجرب وإستثمر قدراتك التي أودعها الله فيك ولا تيأس. فأنت إنسان كرمك الله بنعمة العقل التي هي أعظم النعم لإستثمار كل ما تختزنه من مواهب وطاقات وإمكانيات.

وإحذر أن تقع فريسة لعجز في صغرك فما فشلت في تحقيقه وأنت صغير لا يعني أنك لا تستطيع إنجازه لو كررت المحاولة والشواهد والأمثلة على ذلك كثيرة لأشخاص حققوا إنجازات عظيمة في أعمار قد تبدو لغيرهم متأخرة جدًا.

كم نحن بحاجة إلى مراجعة ذواتنا من وقٍت لآخر ومناقشة حوارنا الداخلي الذي قد يثّبط أحيانًا من عزيمتنا لنستبدله بإذن الله بحوار أكثر إيجابية، فالمحاولات الفاشلة في الماضي ليست سوى وسيلة لتعّلم الجديد وإكتساب الخبرة لتكرارها بعد ذلك بنجاح أكبر.

 فكما أن العمر يتقدم بك فكذلك قدراتك قابلة للتحّسن والتطور وما عجزت عنه في الماضي لن يعجزك بإذن الله في الحاضر فالمهم هو أن تجِّرب وتحاول دون يأس أو ضجر فكل الإنجازات العظيمة بدأت بمحاولات غير مكتملة ومشوار الألف ميل يبدأ بخطوة.

د. محمد اليوسف
إستشاري الطب النفسي وإضطرابات المزاج والقلق
مهتم بالتنمية البشرية والعلوم الإنسانية .



إذا أعجبك الموضوع شاركه مع أصدقائك لتعم الفائدة