كذبوا عليك.. لا تقرأ 100 كتاب في عام واحد!

ونحن في بداية العام الجديد 2023،

لا تقرأ 100 كتاب في عام واحد

من المؤكد أن الكثير من الشباب سيضعون كالعادة أهدافا لقراءة أكبر عدد ممكن من الكتب، وطبعا فإن هذا شيء جميل حقا، ولكني أريد أن أشارككم أمرا في غاية الأهمية..

وهو القراءة المنهجية، كنت قبل سنوات مثل الكثير من الأفراد أحاول قراءة أكبر عدد ممكن، 

فقد تجاوزت عتبة 100 كتاب عدة مرات وكانت فيها كتب ثقيلة فكريا ودينيا، ما يعني أنها استنفذت مني جهدا، ولكني كنت أقرأ بعشوائية .. بمعنى أني كنت أقرأ أشهر الكتب وأكثرها مبيعا من هنا وهناك ..

وفجأة اكتشفت أن هذه الطريقة عبارة عن ترف فكري، لا تبني الفرد بناء متوازنا (في الحقيقة ليس فجأة، وإنما في العامين الأخيرين سجلت في الكثير من الدورات العلمية والشرعية، فاكتشفت الفرق)

اذا، هناك فرق بين العشوائية والمنهجية، فالقراءة المنهجية تجعلك تركز على موضوع معين حتى تتمكن من مبادئه وأساسياته ثم تنتقل إلى موضوع آخر وهكذا دواليك. .

تخيل أنك تسير في حقل متنوع الثمار والفواكه، وعليك أن تقطف من كل الثمار، ولكن الحقل غير منظم، والأشجار مغروسة بشكل عشوائي قرب بعضها البعض، ستتعب حتما في البحث عن كل نوع وتأخذ وقتا أطول بكثير..

بينما لو دخلت إلى حقل منظم، وكل ثمار مغروسة في فدان على حدة، ستصبح مهمتك أسهل بكثير..

لذلك القراءة المنهجية تساعدك على فهم وترسيخ الأفكار والمعارف، والشيء الرائع هنا هو سهولة استدعائها وقت الحاجة..

عكس القراءة العشوائية التي توهم صاحبها أنه مثقف ولكن وقت المحكات يجد نفسه لا يعرف شيئا حقيقة، بل مجرد جمل هنا وهناك!

وهناك قاعدة معروفة بfifty-fifty (50/50)

- بمعنى أن 50 بالمائة من قراءتك أو أكثر قليلا، اجعلها في ما يهمك لبناء عقلك ونفسك وتحقيق أهدافك بشل تراكمي، وسأضرب لك مثالا:

لنفترض أن شخصا يريد أن يكون له اطلاع في دينه: من علم الحديث، والمذاهب الفقية، وعلوم القرآن، والتزكية، والسيرة النبوية، والصراعات الفكرية، ...

أسوأ طريقة، أن يقوم كل مرة بقراءة كتاب هنا وهناك دون خطة واضحة، فيحصل له الحشو!

عليه أن يتخصص أولا، مثلا في علوم القرآن، ويقوم بقراءة أمهات الكتب وشروحها والكتب المشهورة والمنصوح بها، حتى يأخذ نظرة شاملة ويفهم أساسيات هذا العلم، فينتقل إلى علم آخر .. وهكذا حتى ترسخ المعلومات جيدا..

- وتبقى ال50 بالمائة الأخرى، اجعلها متفرقات، فلا بأس أن تجعل فيها بعض الكتب التاريخية والسياسية والروايات المفيدة، خارج إطار مستهدفك الرئيسي.

وحينما تطبق هذه المنهجية، تجعل تركيزك على الفهم والترسيخ ولا يهمك العدد، عوض أن تجعل هدفك العدد فيضيع الفهم والترسيخ!

- وهكذا نكون قد طبقنا القاعدة الشهيرة: "إعرف كل شيء عن شيء (50)، واعرف شيئا عن كل شيء.(50)"

كانت هذه تجربتي لكم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ☺️