ما لا تعرفه عن الكشافة الإسلامية الجزائرية !

انضممتُ إلى الكشَّافة الاسلامية قبل حوالي عامين، وهناك سببانِ رئيسيَان  لانضمامِي، أولا والسبب المباشر هو الزوجة الكريمة -عضو القيادة العامة في الكشافة سابقا وعضو المجلس الوطني حاليا-.. والثاني، هو شغفي بالتجارب الجديدة خاصة في ما يصب في ميدان التربية.. ورغبةً مني في تجسيد تَجربتي المتوَاضِعة في تربية الأطفال الصغار- الأشبال-.

وأريد هنا ان أشارككم نظرتي حول الكشافة. بداية أطرح هذا السؤال؟ هل الكشافة الجزائرية هي غناء وشعارات وصيحات فقط؟ .. ربما هذا ما يراه الكثير من الناس!
وسأجيب عن السؤال بشكل غير مباشر:
بعد مشاركتي سابقا في الدورة التمهيدية، ومشاركتي في آخر دورة تدريبية قبل أيام في مدينة أريس - الدورة العملية للشارة الخشبية لمدة 5 أيام- أثار انتباهي فيها أن الكلمة المفتاحية والرئيسية في هذه الدورة وفي المنهاج الكشفي هي "التربية"، وما زاد من دهشتي ما قاله مدير الدورة في إحدى الورشات بأن الكشافة ليست صيحات وغناء، فهي دخيلة في السنوات الأخيرة وأن الأصل فيها هو تربية الفرد والفتى فكريا وجسديا واجتماعيا وروحيا ونفسياً.
وقال قائد آخر: نبحث عن تلك التربية التي تحدث فيه أثرا إيجابيا يغير سلوكه حتى يكون فردا صالحا لنفسه ولغير، همه طاعة ربه.
كما قال مسؤول التدريب الولائي بأن من يعمل لأجل مصالحه، ولا يعمل لوجه الله فإنه يضيع وقته.
بمعنى أن معظم القيادة العليا والمدربين الكبار يتبنون فكرة التربية وتنمية الفرد انطلاقا من ديننا الحنيف. فهناك معايير محددة يقيم الفرد من خلالها وتسمح له بالارتقاء.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن نظام الكشافة الذي يشبه نظام العسكر في الانضباط والالتزام بالأوامر والتشابه في كثير من صيحات الجيش، مثل شعار وطني وطني غالي الثمن.. وهنا لا أقصد بالنظام، النظام العام والهيكلة، وانما أقصد اصغر خلية وهي الطليعة، حيث تكون تحت قيادة فرد واحد، وكل الطلائع تحت أمر فرد واحد أيضا يسمى الدوري مهمته الحفاظ على الوقت والتنظيم، وهذا الدوي يتواصل مع قادة الطلائع فقط وقادة الطلائع  ينظمون أفرادهم، وهذا يسهل كثيرا سير البرنامج والتحكم في الأفراد سواء في الرحلات أو المخيمات. 
كما أن هذا النظام يبني الفرد ليكون مسؤولا وقائدا، وفي نفس الوقت، قابلا لأن يكون مرؤوسا وتابعا، وهذا ما يفسر الاحترام الكبير عموما للقيادة من طرف أفراد الكشافة.
نقطة أخرى وهي إشارات السكوت والتحرك والاستعداد والاستراحات على نهج العسكر، فبمجرد إشارة واحدة -واحدة- يسود الصمت في قاعة ممتلئة بشكل عجيب.
نقطة أخرى وهي أعمال الريادة، والقدرة الهائلة لبعض أفرادهم على العيش في الخلاء والجبال بأدنى الوسائل، بل بصفر وسائل وابتكار وصنع طاولات وأدوات الاكل والصيد ووو..
كذلك الطُّرق التدريبية المتنوعة، لاحظتُ في الكشافة تنوع الوَسَائل التَّدريبية في الورشات بشكل عملي لا تجده في أكثر المؤسسات والحركات، فهم يخرجون من التلقين المباشر والمحاضرات والأساليب الكلاسيكية إلى أساليب جديدة تفاعلية، تجعل الفرد لا يفهم فقط، بل ويحفظ ما جاء في تلك الورشة!
وأخيرا، طبعا ما كتبته هنا لا يعني المثالية وخلوها من النقائص والعيوب والتحفظ على بعض الأمور، ولكن حسبي ما أراه أن الكشافة تساهم في احتواء الأفراد والفتيان وعدم تركهم للشارع وتربيتهم وتعليمهم المبادئ الإسلامية والقيم والانضباط وحب الوطن والمسؤولية والقيادة،
 فبالإضافة إلى المساجد وحلقات حفظ القرآن، فإن الكشافة تقوم بدور مهم جدا بإخراج الشباب من المستنقعات النتنة وتربي الاطفال من سن مبكرة جدا، وهذا يحدث أثرا راسخا مستقبلا يمنعه من الانحراف اذا بقي التواصل معهم، خاصة إذا كان قاپده ومربيه ربانيا محافظا على أوراده قوي التأثير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.