منذ 4 سنوات أدركت أن الوعي الذاتي كان أهم جانب من جوانب السعادة

كانت السَّاعة 6 مساءً أو ما يقرُبُ من ذلك.

الوعي الذاتي كان أهم جانب من جوانب السعادة

من الصَّعب تذكُّر التفاصِيل، إنَّه شُعُور أتذكَّره أكثَرَ من أيِّ شيء آخر.

كان يومًا مملًا، مثل أي يوم آخر. لقد ذهبت للعمل بنفسِ الكيفية، في نفسِ السيارة، لمقابلة نفس الأشخاص، استغرق الأمر نفس الوقت. عدت إلى المنزل على نفس الطرق المملة التي كنت أفعلها دائمًا. كانت حياتي مجرد ضبابية في ذلك الوقت.

لكن عندما دخلت الباب، تغيَّر شيءٌ ما. لقد وصلتُ إلى غرفة المعيشة.

كنت أعملُ بجد، كنت أقوم ببناء شبكة، كنت أدير الناس، كنت أفعل كل الأشياء التي يجب أن يفعلها الخريج الجيد. كانت هناك مشكلة واحدة صغيرة.

كنتُ بائسًا.

في تلك اللَّحظة، كان من الواضح أنه لا يُمكنك بناء السعادة إذا كنت تفتقِرُ إلى الوعي الذاتي العميق. 

الأوزانُ التي تقُوم بتطبيقِها بمُرُور الوقت تكسر ظهرك.

نضع ثقلًا على ظهورنا كلَّ يوم دون أن ندري.

عندما نكون صغارًا نكون أذكياء. تكُون حقيبة الظهر هذه فارغة، وهي جاهزة لمَلئِها بما نريد. معظم الأشياء التي تدخل فيها عندما نكون صغارًا هي أشياء جيدة.

أحلام. مرح. ألعاب.

نضيف إلى حقيبة الظهر كلَّ الأشياء التي نريدُ القيام بها، والأماكن التي نريد زيارَتها، والأشياء التي نعرف أننا سنفعلها.

استمتع في الملعب، واستمتع بالرياضيات، وفكر في هذا الواجب المنزلي. انه سهل.

لكنَّنا نُواصل إضافة المَزيد من الأوزان..

مع تقدمنا ​​في السنّ، نصبحُ أغبياء. نضيف إلى حَقَائب الظهر 5 كلغ من الطُّموح والمقارنة والأحلام. كل يوم نضيف المزيد من الوزن.

بالأمس تريدُ أن تصبح كاتبًا على الإنترنت. اليوم تريد أن تكون كاتبًا على الإنترنت يمكنه الركض لمسافة 5 كيلومترات. غدا ستريد أن تكون كاتبًا وسبّاحًا ماهرًا ورجل أعمال.

نحن نرغبُ بالمزيد.

اكثر اكثر اكثر.

أتذكر كتابة أهدافي قبل 4 سنوات وكانت القائِمة طويلة بشكلٍ مثير للاشمئزاز. كان الكثير لديّ للتفكير فيه. لقد طَغَت عليَّ تمَاما.

لا تكن مثلي ، احذر مما تضعه في حقيبة ظهرك.

ستغمُرُك التوقُّعات.

سوف تستهلكُك. ستقضي المزيد من الوقت في التفكير في حقيقة أنه يجب أن تكون هذا أو ذاك أو الآخر بدلاً من أن تكون هذه الأشياء في الواقع. لن يكون لديكَ وقت.

ستمر حياتك وستدرك أنَّك قضيت وقتًا طويلاً في القلقِ ولم يكن لديك وقتٌ كافٍ تقريبًا لفعل ما تحبّ.

لا تقلق رغم ذلك، يمكنك مُعالجَة الأمر.

كان أحد أفضَل القَرَارات التي اتَّخذتها على الإطلاقِ هو حذفُ "انستغرام".

ما زلت أتذكر حتَّى يومِنا هذا القيام بذلك. لقد فكَّرت في الأمر طويلاً، لكن القشَّة التي قصمت ظهرَ البعير -كما يُقال- كانت هي إدراك أنَّ الوقت الذي أمضيته أمَام الشَّاشة قد تضاعف وأن سعادتي قد تناقَصَت. كان ذلك كافيًا لتحفيزي على أخذ زِمَام المُبادَرة.

أفكر الآنَ في الأمر نفسِه معَ "فيسبوك".

كما ترى، في معظم الأوقات، يجعلني فيسبوك أشعُرُ بالحماقة. أقوم بتسجيل الدخول وشاهدت عددًا لا بأس به من الكثيرِ من الأشخَاصِ الأكثر ذكاءً مني، ثمَّ أشعُرُ بالحزن. أعلم أنه غباءٌ لكنه حقيقي.

ثم أقضي فترة ما بعد الظهيرة في حزن لأنّي لم أنجز الكثيرَ بعد.

ثم يؤثر ذلك على حافزي لفعلِ الكثير.

- انسَ الأشخاص الآخرين. جزء من الوعي الذاتي هو معرفة ما يجعلك سعيدًا.

قلِل من إنتاجيتك

لستَ بحاجة إلى أن تكون متواجدًا على كلِّ منصَّة. 

إذا كنت ترغبُ في تقليل إنتاجيتك إلى الحدِّ الأدنى، أو ربما يكون التًَّخصيُص كلمَةً أفضل، فأنتَ بحاجةٍ إلى أن تكون مُدركًا لذاتك بعمق. لا يمكنك التخلص من الأنشطة إذا كنت لا تعرف نفسك جيدًا.

ومع ذلك، هناك شيء متحرّر للغاية في اختيار بعض الأشياء ومنحها كل انتباهِك. نعم، إنه أمر مخيف ولكنه محرِّر، خاصَّة إذا كان لديك ثقة في معرفة نفسك.

الوعي الذاتي العميق هو الاستماع إلى نفسك

امش على الطَّريق واستمِع إلى هذا الصَّوت في رَأْسِك. استمِع لما يقُول.

هل يخبرك أنَّك تسير في الاتجاه الصَّحيح؟ أم أنه يُخبرُك أنَّك تفعل شيئًا يتعارَضُ بشدة مع هويتك؟ إليك كيف ستعرف:

- سوف تشعر بالإحباط.

- ستشعر أنّك في غير المكان الذي عليك أن تتواجدَ فيه.

- ستشعر بالسوء حيالَ الخُطوات التي اتَّخذتها.

بالمختصر

هناك فن لمعرفة نفسك.

هناك مهارة حقيقية لقول "هذا ما أنا عليه وهذا ما لست عليه". لقد تعلمت بالطريقة الصعبة أن هذه مهارة عليك إتقانُها إذا كنت تريد أن تجدَ السعادة.

هذه هي الطريقة التي تجد بها السعادة الحقيقية ولا تقضي ساعاتٍ طويلة في أن تكون شخصًا آخر.

مصدر

لمتابعة الكاتب والتواصل معه:

تقي الدين مدور | Facebook