5 أسباب تشرح لماذا أنت تأخذ الأمور على محمل شخصي للغاية

إذا كنتَ تُعاني مِن أخذِ الأُمُور على مَحمل شخصي، فربما تكون قد سمعتَ بالنّصائح القياسية التّالية:

- فقط، توقف عن كونك قاسيًا على نفسك.

- أنا متأكد من أنه لم يَقصد أي شيء بكلامِه.

- كلّ ما تحتاجه هو أن تتعلَّمَ أن تَدَع الأمور تسير.

لماذا أنت تأخذ الأمور على محمل شخصي للغاية

وعلى الرَّغم من أنني لا أشكُّ في أنَّ الأشخاص الذين يقدِّمون مثل هذه النصائح لديهم نَوَايَا حسنة، إلاَّ أنّهم يُغفلُون النقطة الأكبر:

غالبًا ما تكون هناك أسباب نفسية قوية تجعلنا نأخُذُ الأمور على محملٍ شخصي.

1- استخدام الحَديث السّلبي عن النَّفس كدافع

يكبُرُ معظمنا وهو يتعلَّم أنَّ الطريقة الوحيدة للنجاح في الحياة هي أن نكُون قاسين مع أنفُسنا. وهذا يؤدِّي حتمًا إلى عادةٍ خفيَة ولكنَّها قوية للتحدّث الذاتي السلبي.

نعتقد أنَّه إذا كنَّا أقوياء بما فيهِ الكفاية مع أنفُسنا فَسوفَ يحفِّزنا ذلك على النَّجاح. لكن هناك مشكلةٌ بسِيطَة في هذا المَنطق ...

كونك قاسيًا وحكمًا على نفسك في الواقع يقلِّل من الأدَاء.

ولكن الأسوَأ من ذلك، أنه يمكن أن يؤدِّي إلى عادة التحدث السلبي مع النفس وجميع الآثار الجانبية التي تُصاحبها - من القلق وتدنِّي احترام الذات إلى ... ونعم، لقد خمَّنت ذلك: أخذ الأمُور على مَحمل شخصي للغاية.

عندما ينتقدُكَ شخصٌ ما أو يعطيك ملاحظاتٍ صَعبة، فإنَّ عادة قوية للتحدُّث الذاتي السلبي يمكن أن تستحوِذ على تفكيرك بسهولة. بدلاً من اعتبار الخطأ حادثًا منفردًا، ينتهي بك الأمر إلى تقديم تفسيراتٍ شديدة التطرُّف، وتشرحُها بالأبيض والأسود لنفسك.

إذا كنت ترغب في التوقف عن أخذ الأمور على محمل شخصي، فلا تعمِّم الخطأ في السُّلوك على عيبٍ في الشخصية.

تأتي الحريَّة الحقيقية من أخذ الأشياء على محملٍ شخصي من التخلُّص من عادة الحديث السِّلبي عن النفس تمامًا.

يمكن أن تساعدك تقنيات مثل إعادة الهيكلة المعرفية والتعاطُف مع الذات على إنهاءِ عادة الحديث السلبي عن النَّفس، ونتيجةً لذلك، توقَّف عن أخذ الأمور على محمل شخصي.

2- أنت تسعَى للكمال الاجتماعي

الكمالُ الاجتماعي هو عندما لا تستطيع تحمُّل فكرة رؤية الآخرين لعُيُوبِك أو أخطَائِك.

عندما تعتقد أنه يجب أن تكون مثاليًا في نَظَر الآخرين، فهذا يدفَعكَ إلى القلقِ باستمرار بشأنِ ما يعتقده الآخرون عنك. وعندما تكون معتادًا على القلق دائمًا بشأن ما يَعتقدُه الآخرون عنك، فإنَّ أخذ الأمور على مَحمَلٍ شخصي يصبحُ أمرًا لا مفَرَّ منه تقريبًا.

لكن ها هي الصفقة:

لا بأس في ارتكاب الأخطاء. والأهمُّ من ذلك، لا بأسَ أن تقلقَ بشأنِ ما يعتقدُهُ الآخرون عنك.

نحن مخلوقاتٌ اجتماعية، بعد كلِّ شيء. أكبر مِيزَةٍ لدينا كنَوعٍ هي حقيقة أنه يُمكنُنا التَّنسيق والعمل معًا مع بعضِنا البعض. ويعتمدُ هذا الأمرُ على قدرتنا على تخيُّل ما يفكِّر فيه الآخرون ويشعُرُون به ، بما في ذلك شعورثهم حولَنا. لذلك ليس من المُستَغرَب أنَّنا نميلُ إلى الاهتمام كثيرًا بما يعتقده الآخرون عنا!

نحن في الأساس مخلوقاتٌ اجتماعية. إنَّ الاهتمام بما يعتقدُهُ الآخَرُون هو جزء من كوننا بشراً.

المشكلة الحقيقية التي يواجهها الكماليون الاجتماعيون هي أنَّهم يُبالغُون للغاية في القلقِ بشأنِ ما يعتَقدُه الآخرون.

إذا كنت تريد أن تهتمَّ قليلاً بما يعتقده الآخرون وتتوقَّف عن أخذ الأشياء على مَحمَل شخصي، فإنَّ الحيلة هي التحقق من صحة مخاوفك بدلاً من إصدار الأحكام.

3- أنت تخشى أن تكون فخوراً بنفسك

آه، الفخر ... خطيئة الجميع المفضَّلة!

بعيدًا عن الكِبْر، وكيف طُرد لوسيفر من السماء لأجل ذلك..

إلاّ أنّه ببساطة، عليكَ الاعترافُ بنقاط قوتك وصلاحيتك وفَضَائلك ... لست متأكدًا من أنَّ هذا أمر سيء!

إذن ما علاقة هذا بأخذ الأشياء على محمل شخصي؟

غالبًا ما يعني أخذ الأمور على مَحمَل شَخصِي أنَّك تقدِّر آراءَ الآخرين كثيرًا وأنّ آرائك ليست محلّ تقدير.

فمثلا:

افترض أنَّ زَوجتك تقدِّم تعليقًا ساخرًا أو وقحًا عنك. إذا كنت معتادًا على إخبار نفسك دائمًا بأن الآخرين أذكياء وقادرون ولكنَّك غبي وضعيف، فإنَّ فرَصَك في تصديق تعليق زوجتك واستيعابها تزداد كثيرًا.

من ناحيةٍ أخرى، إذا كان لديكَ شُعُور صحّي بالفَخر - إذا كنت تذكِّر نفسَكَ بانتظام بنقاط قوتك وصفاتِكَ الإيجابية - فسيكون من الأسهل بكثير أن تقُول لنفسك انتظر لحظة، هذا ليس صَحيحًا على الإطلاق. أنا في الواقع أعمل بجد ولست كسولًا أبدًا. ونتيجةً لذلك، لا تأخذ ما قالته زوجتك على محمل الجد أو بشكلٍ شخصي.

إن الشعور الصِّحي بالفخر هو دفاع قوي ضد النقد الظالم وأخذ الأمور على محمل شخصي.

خصص بعض الوقت لتذكير نفسك بصفاتك الإيجابية والمثيرة للإعجابِ وستجد أنه من الأسهل كثيرًا أن تقاوم الانتقادات والنقد غير العادل بثِقَة.

4- أنت لا تعرف كيف تكون حازمًا

يتعلَّم معظمنا منذ الصِّغر أنه من المهمّ أن نكون لطيفين وأن نقدّمَ رَغبات واحتياجاتِ الآخرين على حسابِ رغباتنا واحتياجاتنا.

وبعد ذلك نتعزَّز بشدة لهذا الأمر لدَرجة أنَّنا في نهايةِ المَطَاف نأخُذُ الأمر إلى أقصَى الحدود حيث نَعتني بشكلٍ مزمن برغباتِ الآخرين ولكننا لا نعالج رغباتنا واحتياجاتنا.

هذا ليس مُستدامًا على المَدى الطويل. وأحد الأعراض العديدة لإنكار رغباتك واحتياجاتك باستمرار من خلال الإفراط في استيعاب الآخرين هو أنك تأخذ الأمور على محمل شخصي أكثر مما ينبغي.

فكر في الأمر:

إذا كنت تتجاهل رغباتك واحتياجاتك باستمرار وتهتمُّ بالآخرين، فما الذي تعلِّمُه لعقلك عن الأهمية النِّسبية لنفسك مقابل الآخرين؟

ولذا، لا ينبغي أن يكون مفاجئًا حقًا أنه عندما يتم انتقادك حولَ شيءٍ ما، فإنَّ افتراضك التلقائي هو أنَّه من المحتمل أن يكونوا على حقٍّ وأنَّ ما تعتقده / تشعر به ليس مهمًا حقًا. ولا يتطلب الأمر طبيباً نفسانياً ليرى كيف سيقودك هذا إلى أخذ الأمور على محمل شخصي.

الحل هو أن تتعلم كيف تكون حازمًا.

الحزم هو القدرة على طلب ما تريد وقول لا لما لا تريده بطريقةٍ صَادقة مع رَغباتك واحتياجاتك مع احترام الآخرين.

5- تقضي الكثير من الوقت مع الأشخاص الخطأ

منذُ ولادتِنا، ونحنث نتعَلَّم عن أنفُسنا من خلال الأشخاصِ من حَولنا:

عندما يسمع الطفل أحد الوالدين يخبره بأنه كسُول و"ليس جيدًا"، يبدأ ذلك الطِّفل في التفكير في نفسه على أنه كسولٌ وليس جيدًا.

نحن كائناتٌ اجتماعية في جوهرنا. لكن هذا لا ينطَبقُ فقط على الأطفال ...

كبالغين، فإنَّ الأشخاص الذين قضينا معظم الوقت حولهم يؤثِّرون علينا أكثر ممَّا نود الاعتراف به:

هذا الصديق شديد الانتقاد الذي كنت تعيش معه على مدار العامين الماضيين ... هل تعتقد حقًا أنَّ ثقتَك بنَفسك لم تتضرَّر نتيجة وجودك حولهُ لفترةٍ طويلة؟

كبشر، نحن حسَّاسون بشكلٍ لا يصدَّق لتأثير الآخرين في حياتنا، وخاصَّة أولئك الذين نقضي معظم الوقت حولنا.

اقض كلّ وقتك مع أشخاص لا يحترمونك وسينتهي بك الأمر إلى مَعامَلة نفسك بنفسِ الطريقة.

من أفضل الأشياء (ولكن في بعض الأحيان أصعبها) التي يمكنك القيام بها للتوقف عن أخذ الأشياء على محمل شخصي، هي إجراءُ تغيير كبيرٍ في نوع الأشخاصِ الذين تقضِي وقتًا معهم بانتظام.

إنَّ تكوين صداقات جديدة أو إنهاء علاقة غير صحيَّة أو وضع حُدُود لأفرادِ الأسرة السامين لن يكون سهلاً أبدًا. لكن هذا لا يعني أنّ الأمر ليسَ مهمًّا للغايَة.


لمتابعة الكاتب والتواصل معه:

تقي الدين مدور | Facebook