اتخذ قرارات اليوم ستبهر أصدقائك خلال 20 عامًا

بعد 20 عامًا من الآن، لن تكُونَ نفسَ الشَّخص. لن تهتمَّ بنفسِ الأشياء. السُّؤال هو: من ستكون بعد 20 سنة؟ وبماذا سوف تهتمُّ حينئذ؟

اتخذ قرارات اليوم ستبهر أصدقائك خلال 20 عامًا

من غيرِ المَألُوف أن يَقضِي الأشخاصُ الكثير من الوقت في تخيُّل مستقبلهم. بدلاً من ذلك، يفترض الناس أنَّ حالهم الآن هي ما سيكُونُون عليها دائمًا. هذا ليس فقط تفكيرٌ خاطئ. ولكنّه يؤدّي إلى اتخاذِ قرارٍ سيّء.

في كلّ مرحلةٍ من مراحِلِ حياتنا، نتَّخذ قراراتٍِ من شأنِها أن تؤثِّر بعمقٍ على كيف سنُصبحُ مُستقبلاً، وبعدَ ذلك عندما نُصبح هؤلاءِ الأشخاص، لا نشعُرُ دائمًا بالسَّعادة تجاه القراراتِ التي نتَّخذها.

لذلك يدفع المُراهقون أموالاً لا بأس بها للحُصول على وشمٍ جميل. 

والسّؤال الذي يُراودُني الآن: لماذا نتَّخذ قراراتٍ نندمُ عليهَا في المُستقبل؟

منَ الأفضَل أن تنظر إلى نفسِك في المُستقبل على أنّها شخصٌ مُختلف. لن تَرى نفسُك العالَمَ في المُستقبل بنفسِ الطّريقة التي تَراها اليوم. فكِّر في مَدَى اختلافِ العَالَم الآن عمّا كان عليه قبل 5 أو 10 أو 20 عامًا.

أسوأ شيءٍ يمكنُ أن تفعله هو أن تفتَرِضَ أن ما أنت عليه الآن هو ما ستكُون عليه بعد 20 عامًا.

السّؤال هو: من تريد أن تكون بعد 20 سنة؟ وما هي القَرَاراتُ التي تتّخذها الآن لضَمان أنّك ستُصبحُ ذلك الشَّخص؟

بنفس القدر من الأهمية: ما هي القراراتُ التي تتَّخذُها الآن، أو ما هي العاداتُ التي لديك حاليًا، والتي تتعارض بوضوحٍ مع ذاتِك المُستقبلِية المَنشُودة؟

هناك رؤية عميقة جديدة تنبثق من مجال علم النفس الإيجابي وهي: وجهة النَّظر التي لدينا عن مستقبلِنا هي أكبرُ عامل محدِّد حول من نحن وماذا نفعل اليوم. أو بطريقة أخرى: ما نفعله اليوم يعتمدُ على المُستَقبل الذي نراهُ لأنفُسِنا.

إذا رأيتَ نفسك تصبح ثريًا وناجحًا في المستقبل، فسيشكِّل ذلك ما تفعلُهُ اليوم.

إذا كنت ترى أنك تتمتَّع بصحة جيدة حينما تصبحُ في السبعينيات والثمانينيات أوالتسعينيات من العمر، فسيشكِّل ذلك ما تفعله اليوم.

تستند هويتك التي تملي قراراتك وسلوكياتك على المستقبل الذي تراه بنفسك.

هذا يثير مشكلة كبيرة: يفترضُ مُعظَم الناس أنَّ من هم اليوم، في الغالب، سيَبقَون كذلكَ بعد 20 عامًا من الآن. وهذا ما يعرَفُ في علم النّفس بالعقلية الثّابتة. أو ما قد سمّاه أينشتاين نقصًا مذهلاً في الخيال فمن وجهة نظره، "الخيال أهمُّ من المَعرفَة".

هل تريد أن تكون ناجحًا للغاية؟

إذا كان الأمر كذلك، فأنت بحاجة إلى اتخاذ قرارات اليوم من شأنها أن تُبهِر بها نفسَكَ في المستقبل بعد 20 عامًا من الآن. أنت بحاجةٍ إلى اتخاذِ قراراتٍ اليوم سيكون لها صدى في حياتِك بعد 20 عامًا من الآن.

إذا كنت تريد أن تكون شخصًا واعيًا وتعيشُ بشكلٍ متعمّد، فأنت بحاجةٍ إلى التفكير في المكانِ الذي تقُودُك إليه اختياراتُك.

كلّ قرارٍ تتَّخذه يؤثر على نفسك في المُستَقبل. 

إذن ما هو حجم مستقبلك؟

ما مدى قوة القرارات التي تتَّخذها؟

هل لديك دعم في الوقت الحالي يساعدك على اتخاذ قراراتٍ مُستنِيرة وواعية؟

كم من وقتك وجُهدك تنفق على أشياء لن تهتمّ بها نفسُك في المُستَقبَل؟


طوال العشرينات من عمري، كنت أقوم في الغالب بممارسة رياضة كمال الأجسام، والتي من الواضح أن لها العديد من الفوائد طويلة الأجل. ومع ذلك، عند التفكير في نفسي في المستقبل، قررت إجراء تحوُّل. لقد قرَّرت الآن تبنّي أنواع اللياقة التي تخدِمني على أفضل وجهٍ لفترةٍ طويلة في المُستَقبَل.

لقد غيَّر هذا أيضًا من طريقة تناولي للطعام. بدلاً من استهلاك الكثير من المنشِّطات والبروتينات المصنّعة كما فعلت في الماضي لإنجازِ الكثير، قمت بإزالة المنشِّطَات من حياتي. 

غالبًا ما تأتِي النَّتائج الضَّخمة من التغييرات الصَّغيرة. وهذا ما يُعرفُ بالتأثير المركّب، وذلك على مدار فترةٍ زَمَنية طويلة بما فيه الكفاية. إذا كنت تتَّخذ قراراتٍ قصِيرة الأجل بشأنِ صحتك وأموالك وعلاقاتك، فأنت بذلك تعدُّ نفسَكَ في المُستقبل لمُواجهة كارِثة.

ما هو القرارُ الوحيد الذي يمكنُك اتخاذه اليوم والذي سيحدِثُ فرقًا كبيرًا في حياتك المستقبلية؟

في غُضُون 20 عامًا من الآن، ما هي القراراتُ التي ستكون أكثر سَعَادة بالنِّسبة لك في المستقبل؟

ماذا عن أصدقاء نفسك في المستقبل؟ بمن ستكُون مُحاطًا بعد 20 عامًا من الآن؟ ما هي القراراتُ التي يُمكن أن تتَّخذها اليوم والتي سيكُون لها صدى مُستقبلاً؟

النجاح متوقّع للغاية

ليسَ من الصَّعب توقُّع النَّجاح. إذا كنت تتَّخذ قرارات ذكية الآن بناءً على المَكَان الذي تريد أن تكون فيه، وإذا كنت تتعلّم وتحسِّن نفسَكَ باستمرار، فستكُون ناجحًا.

الآن، هناك فكرةٌ خاطئة كبيرة تنتشِرُ هذه الأيام، وهي فكرة خاطئة مفادها أنَّ "الأهداف سيّئة". أو أنَّ وُجود أهداف يجعلك "غير سعيد" في الوقتِ الحاضر. هذا سَخيف.

يمكنك أن تكون سَعيدًا بشكل لا يصدَّق في الوقتِ الحاضر حتى أثناء السَّعي إلى مستقبل أكبر. أو بِالأَحْرَى، من المُستَحيل أن تكون سعيدًا في الحاضِر بدون مُستقبل تسعَى إليه. 

ما يحتاجُه الإنسان في الواقع ليس حالة خالية من التوتُّر، بل هو السَّعي والنّضال من أجلِ هدفٍ جديرٍ بالاهتمام، أو مهمَّة يتم اختيارها بحريَّة.

بدون مُستقبلٍ يثيرُك أو يُلهمك، يُصبحُ الحَاضِر بلا مَعنى وبدون هَدَف. بدون مُستَقبَل، يصبحُ الحاضر أيضًا بلا اتجاه، وهو أمرٌ محبطٌ ويؤدِّي إلى الإلهاء والضُّعف.

قِس نفسك ضدّ نفسك السابقة

لكن هناك خُدعَة. نعم، أنت تريد أن تكُون واضحًا جدًا بشأنِ المستقبل الذي تريدُ إنشاءَه. تريد اتخاذَ قراراتٍ بناءً على ذلك المُستقبل الآن. ومع ذلك، عندما يتعلَّق الأمرُ بقياس نفسِك، فأنت تريدُ القيام بذلك بشكلٍ عكسي. وكما قال الروائي الأمريكي إرنست همنغواي:

"لا شيء نبيل في أن تكون أفضل من أخيك؛ النبل الحقيقي هو التفوق على نفسك السابقة".

إذا كنت تقارنُ نفسَك باستمرار بِنفسِك المُستقبلية، فيُمكنك أن تَقعَ في "الفجوة". ومع ذلك، إذا قَارَنتَ نفسَك بما كنت عليه من قبل، فسترى "المكاسب".

ألقِ نظرة على حياتِك الخاصة: ما هو التقدم الذي أحْرَزتَه في الأشهر الـ 12 الماضية؟ ماذا عن السَّنوات الخمس الماضية؟

عندما تأخُذُ الوقت الكافِي لقياسِ تقدُّمك بانتظام، ستشعُرُ بإثارة وزَخَمٍ لا يصدَّقان. ستدرك أنَّك تُحرِز تقدمًا أكثر ممَّا تتصوَّر. هذا يعزِّز كلاًّ من الدافع لديك والثّقة بنفسِك.

تُظهر الأبحاث أنَّ الثِّقة تأتي من الأداءِ السَّابق الأخير. لذلك، فإنَّ قَضَاء بعض الوقت في التفكير في النّتائج التي حَصَلت عليها مؤخرًا يبني ثقتك بنفسك. ولكن أكثر من ذلك، تريد إنشاء النتائج الصَّحيحة التي تحرِّكك بوضوحٍ نحو نفسك في المستقبل. كل 30 يومًا ، يمكنك وينبغي عليك أن تنظر إلى الوراء وتفكر في التقدم الذي أحرزته.

ما هي المَكاسب الكبِيرة خلال الثلاثين يومًا الماضية؟

بأيّ طُرق أحرَزْت تقدمًا؟

كيف أصبَحت حياتك أفضل ممَّا كانت عليه مِن قبل؟

إذا كنت تريد حياةً رائعة، ابدأ في التفكير في نفسِك كيف تبدُو في المستقبل. 

كلما كُنتَ أكثر وضُوحًا بشأنِ مستقبلك، كلَّما كنت أكثَرَ تعمّدًا في الوقتِ الحاضر. كلما فكَّرت في قراراتك، زادت جَودةُ تلكَ القَرَارات.

لكن هذا لا يؤخِّر المتعة ... إنه يتعلق بعيش حياةٍ قوية. يتيحُ لك خلق مستقبلٍ أفضل أن تعيش حاضرًا أفضل. لا تنخدع بهذا.

ماذا عنك؟

هل هذه لَحظة مفصلية بالنِّسبة لك؟

هل ستقُوم بإجراء اليوم من شأنه أن يحسِّن من نفسِك في المُستَقبل إلى الأبد؟

هل ستعمل على ترقيةِ مَسَارك؟

اتَّخذ القرارات بناءً على ما ستهتمُّ به نفسك في المُستَقبل، وليسَ بالضَّرورة ما تهتمُّ به في الوقتِ الحَاضر.