عندما يرغبُ الناس في اكتساب مهارةٍ جديدة أو تعلُّم موضوعٍ جديد، فإنَّهم يميلون إلى الغوصِ فيه مباشرة. نادرًا ما يستغرقون وقتًا لتعلم كيفية التعلم في المقام الأول، وهذا خطأ. إذا أخذوا الوقت الكافي لتحسينِ مهارات التعلم لديهم، فسيتحسَّنون في كلّ شيءٍ آخر.
كيف يمكننا تجنُّب هذا الخطأ ونصبحُ متعلّمين أفضل؟ فيما يلي 6 نصائح مدعومة علميًا لتعلُّم كيفية التعلم.
1- اربط ما تتعلَّمه بما تعرفه بالفعل
لنتخيَّل أنك لم ترَ فهدًا من قبل في حياتك. إذا كنت سأصفه لك، فيمكنني أن أبدأ بتسمية حقائق مختلفةً عنه، مثل الطول والوزن وعدد الأرجل وما إلى ذلك. وهذا سيجعل المعلومات مجرّدة للغاية. الخيار الآخر هو أن أخبرك أن تفكر في النمر كقط بري كبير الحجم، ثم أُشير إلى خصائِصه المميّزة، مثل معطفه المرقط وذيله الطويل.
المثال الثاني أسهلُ في الفهم لأنّني أطلب منك استخدام المعرفة التي لديك بالفعل ("مفهوم" القط) لتعلم واحدة جديدة ("مفهوم" النمر).
كل التعلّم يعمل بنفسِ الطريقة. يسهل علينا فهم المعارف والمهاراتِ الجديدة إذا ربطناها بما نعرفُه بالفعل. وهذا هو سببُ استخدام المعلّمين العظماء للمقارنات والتشبيهات. إنهم يعرفون أنّ أفضل طريق لجعلنا نتعلّم شيئًا جديدًا هو ربطه بما هو موجودٌ بالفعل في رؤوسنا.
2- صقلُ التعلم الخاص بك
التعلم يُبنَى على نفسِه: نبدأ بشكلٍ صغير ونضيف إليه مع تقدُّمنا. إنها فكرة تعلّم المشي قبل تعلّم الجري. وعلى الرغم من أنَّ هذا يبدو واضحًا، فإنَّنا غالبًا ما نريد المضي قدمًا دون تعلم الأساس للبناء عليه. فكّر في الأشخاص الذين يرغبُون في تعلم التداول متعدّد الخيارات دون أن يكون لديهم فهم أساسي للأدوات المالية وسوق الأسهم. أو الأشخاص الذين يرغبون في تعلم تمرينات الوقوف على اليدين قبل تعلم آليات الوقوفِ على اليدين.
ترتبطُ هذه النصيحة مع سابقتها. باتباع التقدم، فأنت تستخدم معرفتك السَّابقة كدعمٍ لإضافة المعرفةِ الجديدة. يجب أن يكون التعلُّم الفعّال دائمًا تقدميًا، حيث ينتقل من المفاهيم العامة إلى العملياتِ المحدَّدة والبسيطة إلى العمليات المعقدة، والمعلومات الملموسةِ إلى التجريد، والمبادئ إلى الاستراتيجيات.
3- استخدم وضع الإدخال الصحيح
يصنِّف علماء التعلم الطُّرق المختلفة التي نستخدمُها في المعلومات إلى أربع فئات: الملاحظة (رؤية شخص ما يفعل ما نريد أن نتعلمه)، والتقليد (المتابعة)، والشرح (الاستماع أو القراءة للتعليمات)، والتجريب (تجربة الأشياءِ بمفردنا) .
اعتمادًا على ما تحاول تعلمه، سيكون بعضها أكثر فعالية من البعضِ الآخر. إذا كنت تتعلم فنون الدّفاع عن النفس، فإنَّ الملاحظة والتقليد هما نهجانِ أفضل من التعلّم البحت من كتاب (شرح) أو التجريب بمفردك. في حالاتٍ أخرى، مثل تعلم التاريخ أو الفلسفة، يمكن أن يكون الفصل أو البودكاست أو الكتاب خيارًا جيدًا. من الناحية المثالية، يجبُ أن نحاول الجمع بين أوضاع الإدخال المُختلفة، بحيثُ يسهُلُ فهمُ المعرفة الجديدة ونحتفظ بها في ذاكرتنا بشكلٍ أفضل.
كيف تتعلم شيئا جديدا كل يوم وتبقى ذكيا
10 أسباب تشرح لماذا يجب عليك أن تطارد أحلامك
4- ممارسة الاسترجاع
استرجاع الممارسة هو الاسم التّقني للاختبار. نحن نعرف الاختبار في شكل اختبارات ومسابقات، ولكن يمكن أن يأتي أيضًا في شكل شرحِ ما نعرفه لشخصٍ آخر أو مراجعة المعلومات في أذهانِنا. الهدف من ممارسة الاسترجاع هو، كما يوحِي الاسم، أننا نسترجع المعلومات من الذاكرة.
ممارسةُ الاسترجاع هي واحدة من أفضلِ استراتيجيات التعلُّم المتوفرة. إنَّ استرجاع المعلوماتِ من الذاكرة يتحدى العقل، وهذا الجهد الإضافي الذي نبذله للتذكر يساعدنا على ترسيخ تعلمنا.
تساعدنا ممارسة الاسترجاع بطريقتين رئيسيتين. من ناحيةٍ، فإنَّ الجهد الذي نبذله في عملية الاستدعاء يعزِّز ما نعرفه. ومن ناحيةٍ أخرى، يوضِّح لنا اختبار معرفتنا ما نعرفه جيدًا وما يحتاج إلى مزيدٍ من الدراسة.
هناك شيءٌ يجب تذكّره حول ممارسة الاسترجاع هو أننا لا نختبرُ أنفسنا للحصول على درجة أو للحصول على الإجاباتِ الصحيحة طوال الوقت. نحن نفعل ذلك لتحسين تعلمنا. حتى عندما نخطئ في الإجابات، فإنَّ أذهاننا تهيئ نفسها لتعلُّم الإجاباتِ الصَّحيحة بعد ذلك.
كيف نمارسُ الاسترجاع؟ يمكننا إنشاء اختباراتنا الخاصة لما نتعلمه، أو استخدام البطاقات التعليمية، أو مراجعة المعلومات الموجودة في أذهاننا، أو تعليمها لشخص آخر (يجبرنا التدريس على استرجاع المعلومات من الذاكرة، لذلك يعمل كممارسة استرجاع).
5- اتبع التكرار المتباعد
التكرارُ المتباعد يتعلّق بإتاحةِ الوقت لأنفسنا بين جلساتِ الدراسة بدلاً من حشر كلّ شيء في فترةٍ زمنية قصيرة.
يتضح بحثُ التعلم في إعلانِ التكرار المتباعد استراتيجيةً أفضل من الحشر. هذا لأن التكرار المُتباعد يوفّر شيئًا لا يستطيع الحشر: التوازن.
يتطلب التعلُّم الفعال فترة من الدراسة المركزة، تليها فترة التوحيد. كما أنه يتطلب، بقدر ما قد يبدو مفاجئًا، النّسيان المُعتدل.
عندما نحشر المعلُومات، يبدو الأمر كما لو أنَّنا نتعلم بشكلٍ أسرع، لكن التقدم الذي نحقِّقه يتلاشى بأسرع ما حَصَلنا عليه. ونظرًا لأننا نقوم بتعبئة كمياتٍ كبيرة من المعلومات في فترة قصيرة ، فمن الصعب تحديد ما الذي سيطرت عليه أذهاننا وما الذي لم تسيطِر عليه.
من خلالِ التكرار المتباعد، نتيحُ الوقت بين جلسات الدراسة، لذلك عندما نعود لاختبار أو مراجعة ما نتعلمه، سنعرف المعلوماتِ التي تمَّ استيعابها وأيها لم يتم استيعابها - ونحتاج إلى مزيدٍ من الدراسة. أيضًا، يسمح الوقت بين جلسات الدراسة ببعضِ النسيان، ممَّا يجعل تذكُّر ما تعلمناه من قبل أكثَرَ صعوبة. يتعلَّق هذا بالصعوبة المرغُوبة التي ناقشناها في النصيحة السابقة. يساعدنا الجهد الذي نبذُلُه في استرجاعِ المعلومات على ترسيخِ معرفتنا.
6- ابحث عن مرشدين
لا يمكن المبالغة في قيمة الموجهين. إنهم يوجِّهوننا خلال عملية التعلم، ويساعدُوننا على تجنب المزالق الشائعة، ويقدمون لنا ثروة من الخبرة فيما يتعلق بما ينجح، وما لا ينجح، وأين نوجِّه جهودنا.
لقد كان نموذج المعلم - المتدرب ناجحًا عبر التاريخ في جميعِ المجالات. يتمُّ إقران المبتدئين بالمُرشدين والمعلمين المتقدِّمين لتوضيح الطريق لهم.
إنَّ مُحاولة القيام بالأشياء بمفردنا دون أيّ توجيه يجعلُ تعلمنا بطيئًا. إذا أردنا تحقيق أقصى استفادة من الوقت والطاقة اللذين نبذلهما في تعلّم أيّ مهارة في حرفتنا، فيجب أن نبحث عن مرشِدِين نتعلّم منهم. سوف يدفعوننا لتقديم أفضلِ ما لدينا ومساعدتنا على تسريع تقدمنا بطرقٍ لا يمكننا القيام بها بمفردنا.
خواطر ختامية
تعلم كيفية التعلم هو مهارة يجب أن تسبقَ كلّ مهارة أخرَى. عندما نتحسَّن في التعلم، فإننا نقصّر الوقت الذي يستغرقه تعلّم أي مهارةٍ أخرى. إنه استثمار يؤتي ثمارَه لبقية حياتنا.
ابدأ بالنّصائح التي ناقشناها في هذه المقالة: اربط ما تتعلمه بما تعرفه بالفعل، واستخدم وضع الإدخال الصَّحيح، وممارسةِ الاسترجاع، واتباع التكرار المتباعد، والبحث عن موجّهين. ستمنحك هذه أساسًا قويًا للتحسّن في تعلّم أي شيء تريده.
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات