التاريخ البَشَري لا يعاني من نُقصٍ في العقول اللامعة: الكتّاب والموسيقيين والمُختَرِعين ورجال الأعمال وغيرهم. لا يَختَار الجميع مهنة إبداعية، ولكن يمكننا جميعًا استخدام قوة الإبداعِ لعيش حياةٍ أكثر إشراقًا وإشباعًا ونجاحًا، بدلاً من المرور بنفس الروتين يومًا بعد يوم.
هل يمكن للمرء أن يصبح أكثر إبداعا؟
من الصعب تقديم إجابة واحدة تناسب الجميع لأنَّ هناك أنواعًا مُختلفة من الإبداع. هل تريد معرفة النوع الأقل فائدة؟
1- النوع الأقل فائِدة من الإِبداع
إنه "إبداع التفكير" — هو الخروج بأفكارٍ جديدة.
متفاجئ؟
توجد تقنيات لإنتاج أفكار أكثر وأفضل: مجموعات الأفكار وألعاب العَصفِ الذّهني والتفكير بالمبادئ الأولى. هذه أدواتٌ إبداعية متخصِّصة يستخدمها الملحنون والروائيون ورجال الأعمال — ليس كثيرًا من قبل الـ 99٪ المتبقية من السكان.
هل ما زلت تريد هذه المعرفة الباطنية؟
كتب جوش ويتزكين، بطلُ الشطرنج الأمريكي للناشئين، ولاحقًا بطل العالم في فنون الدفاع عن النفس تاي تشي تشوان، سيرته الذاتية.
حدد جياني روداري، مؤلف كتب الأطفال الإيطالي الشهير بمغامراته شيبولينو، أسلوبه في تدريسِ الخيال في دليل فعلي حول هذا الموضوع.
كتبت Twyla Tharp، الراقصة ومصممة الرقصات الأمريكية الشهيرة، كتابًا يشرح عمليتها الإبداعية. سنعود إلى هذا الكتاب بعد قليل.
ما الذي يميز المبدعين (بخلاف أفكارهم)؟
يمكن لأي شخص أن يكون لديه أفكارٌ مثيرة للاهتمام - أليس من الجيد بناء سيارة طائرة، أو إنشاء مسرحية موسيقية عن قبائل أمريكا الجنوبية، أو إرسال بريد إلكتروني بارد إلى الرئيس الفرنسي، أو طلب تعيينه كرئيس وزراء قادم؟
مثلك تمامًا، يتأثر أيضًا المليارات من الأشخاص بغروب الشمس الجميل ويرغبون في مضاعفة دخلهم - لكن هذا لا يجعلهم جميعًا فنانين أو رواد أعمال.
فقط أولئك الذين تصرفوا بناءً على أفكارهم أو عواطفهم وأنتجوا نتائج ملموسة يمكن تصنيفهم على أنهم "مبدعون". اشتهر موتسارت وجين أوستن بسبب نتائجهما - السمفونيات والروايات التي أنتجاها على التوالي - وليس بسبب أفكارهما.
الإبداع لا يتطلب ما يسمى الإلهام
ومن المفاهيم الخاطئة ذات الصّلة أن التحف الفنية يتم إنشاؤها في لحظات "Eureka" (أي لقد وجدتها) - هي اندفاعات غير عادية من الإبداع والإلهام من عالمٍ آخر.
علامة التعجب "يوريكا!" يشير إلى قصة ملفقة عن عالم الرياضيات اليوناني القديم والمخترع أرخميدس الذي كان يستحم وتعثر على حلٍّ لمشكلة صعبة كان يفكر فيها.
لكن، ضَع في اعتبارك أنّ موتسارت ألَّف أكثر من 600 عمل موسيقي في حياته بما في ذلك 50 سيمفونية. كان سيحتاج إلى آلافٍ من لحظات "اليوريكا!" لإنتاج مثل هذا الكم الهائل من الموسيقى ذات المستوى العالمي، والتي تعني حسابيا، إنتاج حوالي واحدة في الأسبوع من حياتِه المِهنية القصِيرة. من الواضِح أنّ هذا أمرٌ سخيف - لحظات الإلهام غير العادية نادرة بحكم التعريف.
تعتقد مصممة الرقصات المشهورة تويلا ثارب أن كل هذا كان عملاً شاقاً، لا أحد يعمل بجد أكثر من موزارت. بحلول الوقت الذي كان فيه في الثامنة والعشرين من عمره، كانت يداه مشوهة بسبب كل الساعات التي أمضاها في التدرب على قلم الريشة وأدائه والإمساك به. . . . كما كتب موتسارت نفسه إلى صديق، "الناس يخطئون في الاعتقاد بأن فني يأتي إلي بسهولة. أؤكد لك، صديقي العزيز، أنه لم يكرس أحد الكثير من الوقت، والتفكير في التأليف مثلما فعلت أنا. ليس هناك سيد مشهور لم أدرس موسيقاه بجدّ مرات عديدة ".
لا يمكن أن يتجلى الإبداع إلا أثناء عملية إبداعية، سواء كانت تجربة طبقٍ جديد في المطبخ، أو تأليف سيمفونية جديدة، أو اكتشاف كيفية مساعدة طفلك على الالتحاق بكلية جيدة. إذا لم تكن قد عزفت على آلة موسيقية من قبل، فلن تقوم فجأة بإنتاج سيمفونية بعد القيام بتمرين إبداعي.
يقودنا هذا إلى أكثر أنواع الإبداع فائدة ولكن تم التقليل من شأنها:
2- "كايزن": البحث عن طرق لتحسين العملية
ما هو النهج غير الإبداعي لأيّ نشاط؟ سوف تفعل الشيء نفسَه كلّ يوم بنفس الطريقة.
لذلك، من شأن النّهج الإبداعي أن يغيِّر باستمرار ما تفعله والطَّريقة التي تقوم بها. في بعض الأحيان، يعني ذلك إضافة التعقيد، مثل تجربة طبخ أطباق متطوّرة لتناوُل العشاء لإبقاء عائلتك سعيدة.
في أوقات أخرى، فهذا يعني تقليل التعقيد. عندما كان الإنتاج الضخم في مهده، استخدم المهندسون في Ford Motor Company قدرًا كبيرًا من الإبداع لتسريع العملية:
في الماضي، كان العامل - وكان يجب أن يكون عامِلاً ماهرًا - يصنع مغناطيس دولاب الموازنة من البداية إلى النهاية. الموظّف الجيد يمكن أن يكون راتبه خمسة وثلاثين أو أربعين دولارا في اليوم. الآن، ومع ذلك، كان هناك خطٌّ تجميعٍ للمغناطيس. تمَّ تقسيمها إلى تسع وعشرين عملية مختلفة قام بها تسعة وعشرون رجلاً مختلفًا. في النظام القديم، استغرق الأمر عشرين دقيقة لصنع مغناطيس؛ الآن استغرق الأمر ثلاثة عشر.
ومن المُفارقات أنه بعد بضعةِ عقود، انتهى الأمر بمصنِّعي السيارات اليابانيين إلى التغلب على الشّركات الأمريكية الكبرى بما في ذلك شركة فورد موتور نفسها. النّهج الذي جعل ذلك ممكنًا غالبًا ما يُترجم على أنه "كايزن" أو التحسين التدريجي المستمر الذي لا ينتهي.
يتطلب نوع كايزن من الإبداع تحسينات مستمرَّة في عمليتك:
تبحث اليوم عن طبق جديد لتحضيره لتناول العشاء،
غدًا ستحاول في وقت أقل،
في اليوم التالي حاولت تنويع المكونات،
في اليوم التالي تناقش وصفتك مع الآخرين،
في اليوم التالي تقوم بالبحث عن الخصائِص الغذائية للمكونات.
هذه هي عقلية الطاهي العالمي الطموح وباعتمادها، ستصبح مبدعًا جدًا في المطبخ بالفعل!
3- نوع الإبداع التحولي: غيِّر حياتك
قد تجادل في أنه من الجيد أن يكون موزارت أو جين أوستن أو تويلا ثارب مبدعين لأنهم كانوا يشاركون في أنشطةٍ إبداعية بدوامٍ كامل.
كيف يُمكن للمرء أن يجدَ الإبداع في وظيفَة غير ملهمة؟ كيف يمكن للمرء أن يقضي وقت الفراغ بعد العمل بشكل إبداعي؟
من النصائح الشائعة: "العمل على أهدافك"، لكن معظمنا ليس لديه أهدافٌ واضحة، ناهيك عن خطة حياة محدَّدة تخبرنا بالضبط: كيفية توظيف الوقت المتاح لنا.
الإجابة العريقة هي، "إذا كنت لا تحب شيئًا ما في حياتك، فاكتشف كيفية تغييره." أهداف أم لا أهداف، هذه حياتك. تحمل المسؤولية عن ذلك لأن لا أحد آخر سيفعل ذلك.
الإبداع التحويلي لا يرمي بمكوِّنات عشوائية في وعاء على أملِ حدوث معجزة؛ إنها إقامة صداقة مع طاهٍ ذواق يمكنه أن يعلمك بعض سحر المطبخ الجاد. الإبداع التحويلي لا يجرب جميع نكهات الآيس كريم في صالون محلي؛ إنه يصنع نكهتك الخاصة، أو الأفضل من ذلك، فتح متجر الآيس كريم الخاص بك!
الإبداع التحويلي هو اتخاذ خطواتٍ ذكية نحو الحياة التي تريدها، وبعيدًا عن الحياة التي لا تريدها. إذا كان إبداع كايزن يُساعدك على المضي قدمًا والاستمرار في النمو، فإنَّ الإبداع التحويلي يُساعدك على تغيير المسار.
كيف يمكنك إطلاق العنان لإبداعك التحويلي؟
- العقبة الأولى هي عدمُ معرفة ما تريده في الحياة. الحلُّ هو تحديد الأهداف على أي حال.
يوصي خبير النجاح والمؤلف الأكثر مبيعًا براين تريسي بتحديد 10 أهداف للعام المقبل، ولكن يمكنك البدء من ثلاثة: هدف "مالي" واحد، هدف "علاقة" واحد، هدف "صحي" واحد:
قد تكون أهدافك غيرَ واقعية - على سبيل المثال، لمضاعفة دخلك، أو الذهاب في موعد مع أحد المشاهير، أو إكمال ماراثون، كل ذلك قبل نهاية العام. هذا جيد. في النهاية، ستتعلم كيفية تحديد أهدافٍ محفّزة ومناسبة لك، ولكن عليك أن تبدأ من مكان ما.
- العقبة الثانية هي عدم الرغبة في تحقيق أهدافك بشكلٍ سيئ.
قد تقرر كتابة رواية ولكن لا تشعر بالإبداع أو الالتزام لأنه لا يوجد عاطفة قوية وراء هذا القرار. هذا جيد. فقط استمر في الكتابة. عواطفك سوف تلحق بك في وقت لاحق.
بالطبع ، إذا كنت تستطيع زيادة مستوى تحفِيزك، بكلّ الوسائل، فافعل ذلك! أطلَقَ أحد رُواد الأعمال الطموحين العنان للإبداع وحقق في نهاية المطاف نجاحًا كبيرًا بعد الانتقال من شيكاغو الباردة والرطبة إلى فينيكس المشمسة، أريزونا.
تريد أن تعرف النوع الأخير من الإبداع؟ إنه خاص لأنه يقدم اختصارًا للنجاح. استخدمه موزارت أيضًا!
4- إبداع الدكتور واتسون
أشاد "شيرلوك هولمز" نفسه بصديقه وحليفه الدكتور واتسون لإظهاره هذا النوع من الإبداع:
قد لا تكون أنتَ نفسَك مضيئًا، لكنك موصلٌ للضوء. يتمتّع بعض الأشخاص الذين لا يمتلكون العبقرية بقدرةٍ رائعة على التحفيز. أعترف يا صديقي العزيز أنني مدين لك كثيرًا.
حتى لو لم تكن مبدعًا بشكل خاص، فقد تتمكّن من القيام بأشياء رائعة من خلالِ الشراكة مع شخص أكثر خبرة. في الوقت نفسه، يعدُّ الارتباط الوثيقُ بسيِّد بارع أحد أفضل الطرق المعروفة لتنمية إبداعك - بكل أنواعه.
الميزة الأكثر أهمية للدكتور واتسون هي أنه ينفذ أفكار شيرلوك هولمز، بل ويخاطِر بحياته في هذه العملية في بعض الأحيان.
الميزة الثانية التي لا تقل أهمية للدكتور واتسون هي أنه يقبل النّهج العام بالإضافة إلى طريقة العمل اليومية التي حددها هولمز ولا يشكّك فيها، إلا في الظروف القصوى.
القليل من التواضع وأخلاقيات العمل المثالية تقطع شوطًا طويلاً، لكنك لا تزال بحاجةٍ إلى طلبِ ما تريد. إذا وجدت مرشدًا محتملاً عبر الإنترنت وتمكّنت من التواصل معه، فكيف يمكنك صياغة طلبك؟
فيما يلي مقتطفات من الرسائل التي تم إرسالِها إلى معلم محتمل من قبل متدرّب طموح بالفعل:
- لن أحتاج إلى أي نقود. إن الارتباط بك هو حلم أتمنّى تحقيقه. هل من الممكن أن تضع لي بعض الإرشادات، والتي إذا اتبعتها، فسأعمل تحت إشارتك؟
- سأتبع جميع الإرشادات والتوجيهات التي تقدمها، إذا قمت بذلك. يمكنني أن أكون أول متدرب في [المدينة Y أو البلد Z].
- سأتبع كل التوجيهات والإرشادات الخاصة بك. أريد أن أكون تحت قيادتك، الرجاء قبول اقتراحي.
عليك أن تؤمن بنفسك. يروي نابليون هيل القصة المذهلة لإدوين بارنز الذي أراد أن يصبح شريكًا تجاريًا للمخترع العظيم توماس إديسون - وقد فعل ذلك في النهاية! لم يكن لديه مال أو تعليم. كانت ميزته الوحيدة هي رغبتُهُ الشديدة مع المثابرة.
يُعد كتاب Think and Grow Rich جوهرة مطلقة مستوحاة من المحادثات مع بعض رواد الأعمال الأكثر نجاحًا اليوم، بما في ذلك أندرو كارنيجي نفسه، مع دروس في الإبداع متناثرة في كل صفحة!
قوة الإبداع لتغيير حياتك للأفضل لا يمكنُ إنكارها.
اختر نوعًا واحدًا من الإبداع الذي ترغب في تطويره وناقشه مع صديق. وتذكر كلمات الفيلسوف الصيني لاو تزو:
رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة واحدة.
نحن نستكشف ونقدِّم مجموعة واسعة من المحتوى لتشجيع النمو الفردي وحلِّ المشاكل.
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات