ما هو الذكاء العاطفي ولماذا هو مهم؟

يعتقدُ العديد من الخُبراء الآن أنَّ حاصِل الذَّكاء العاطفي للشَّخص (EQ) قد يكون أكثر أهمية من معدَّل الذَّكاء الخاص به، وبالتأكيد مؤشِّرا أفضل للنَّجاح، وجودَة العلاقات، والسَّعادة الشَّاملة.

ما هو الذكاء العاطفي



من المُثير للاهتمام أيضاً مُلاحظة كيف تطوَّرَ مفهُوم الذَّكاء العاطِفي على مرِّ السِّنين، منذ نشأتِه على أنَّه شيءٌ يسمَّى "الذَّكاء الاجتماعي" في ثلاثينيات القرن العشرين، إلى "قوة عاطفية" في منتصف القرن العشرين، إلى المُصطلحات الحالية "الذَّكاء العاطفي".

الذَّكاء العاطفي هو، حسب المصطلحات للشَّخص العادِي، مستوى قدرتنا على:

 - التعرُّف على عواطفنا ورُدُود أفعالنا وفهمها (الوعي الذاتي)
 - إدارة ومراقبة وتكييف عواطفنا ومزاجنا وردود أفعالنا (الإدارة الذاتية)
 - تسخير عواطفنا لتحفيز أنفُسنا لاتخاذ الإجراءاتِ المناسبة، والالتزام، والمتابعة، والعمل نحو تحقيقِ أهدافنا (التحفيز)
 - تمييز مشاعِر الآخرين، وفهم عواطفِهم، واستخدام هذا الفهم للتواصُل مع الآخرين بشكلٍ أكثر فعالية (التعاطف)
 - بناء العلاقات، والارتباط بالآخرين في المواقف الاجتماعية، والقيادة، والتفاوُض على الصِّراع، والعمل كجزءٍ من فريق (المهارات الاجتماعية).

اقرأ أيضا:

هل تملك الذكاء العاطفي؟ .. إليك 7 سمات للأشخاص الأذكياء عاطفيا

الذَّكاء العاطفي ضرُوري لبناء حياةٍ متوازِنة.

إذا كنت تعتقد أنَّ الذَّكاء العاطفي مهمٌ فقط بالنِّسبة لأولئِك الذين يجبُ عليهم دائمًا التفاعل أو التواصُل مع الناس، فأعِد التفكير مرَّة أخرى. الذَّكاء العاطفي هو بوابة لحياةٍ مُتوازنة. وهو ضرُوريٌ في الأساس في كلِّ جانبٍ من جوانب الحياة.

 1- الصحَّة الجسدِية - إنَّ القدرة على العناية بأجسامنا وخاصةً في إدارة الإجهاد، والذي له تأثيرٌ كبير على عافيتنا بشكلٍ عام، يرتبطُ ارتباطًا وثيقًا بذكائِنا العاطفي. فقط من خلال إدراكنا لحالتِنا العاطفية وردودِ أفعالنا على الإجهاد في حياتنا، يُمكننا أن نأمُل في إدارة الإجهاد والحفاظ على صحَّة جيِّدة.

 2- الرَّفاه العقلي - الذَّكاء العاطفي يؤثِّر على مواقفنا ونظرتِنا للحياة. كما يمكن أن يُساعد في تخفيف القلق وتجنُّب الاكتئاب وتقلُّب المزاج. يرتبط مُستوى الذَّكاء العاطفي المرتفع ارتباطًا مباشرًا بالموقفِ الإيجابي والنظرة السَّعيدة للحياة.

 3- العلاقات - من خلالِ فهمٍ أفضل لمشاعِرنا وإدارتِها، نكون أكثر قُدرة على نقلِ مشاعرنا بطريقةٍ بنَّاءة. وكون أيضا أكثر قُدرة على فهمِ أولئِك الذين نحن في علاقاتٍ معهم. إنَّ فهم احتياجات ومشاعر واستجابات أولئِك الذين نهتمُّ بهم يؤدِّي إلى علاقاتٍ أقوى وأكثر إشباعًا.

 4- حلّ النزاعات - عندما نتمكَّن من تمييز مشاعر الناس والتعاطُف مع وجهاتِ نظرِهم، يكون حلّ النزاعات أسهل بكثير أو تجنُّبها قبل أن تبدأ. نكون أيضا أفضل في التفاوض بسببِ طبيعة قُدرتنا على فهمِ احتياجات ورغباتِ الآخرين. من السَّهل منح الأشخاص ما يريدون إذا استطعنا إدراك ما هو.

 5- النَّجاح - يُساعدنا الذَّكاء العاطفي العالي في تكوينِ حوافز داخلِية أقوى، ممَّا قد يقلِّل من المُماطلة، ويزيد الثِّقة بالنَّفس، ويحسِّن قُدرتنا على التركيز على الهدف. كما يسمحُ لنا بإنشاء شبكاتِ دعمٍ أفضل، والتغلُّب على النَّكسات، والمُثابرة بنظرةٍ أكثر مُرُونة. إنَّ قدرتنا على تأخير الإشباع والرُؤية على المَدَى الطويل تؤثِّر بشكلٍ مباشر على قُدرتنا على النّجاح.

6- القيادة - القُدرة على فهمِ ما يحفِّز الآخرين، التعليقُ بطريقةٍ إيجابية، وبناء روابط أقوى مع الآخرين في مكانِ العمل، يجعل أولئك الذين لديهم ذكاءٌ عاطفي قادة أفضل. يستطيع القائد الفعَّال التعرُّف على احتياجاتِ موظّفيه، بحيث يمكنُ تلبية هذه الاحتياجات بطريقةٍ تشجِّع على أداء أعلى ورضًا أكثر في مكانِ العمل.

لا يزالُ مفهُوم الذَّكاء العاطِفي غير مفهومٍ تمامًا، ولكن ما نعرفه هو أنَّ العواطف تلعبُ دورًا مهمًا للغاية في الجودة الشَّاملة حياتنا الشَّخصية والمهنية، أكثر أهمية من قياسنا الفعلِي لمعلوماتِ الدِّماغ. على الرَّغم من أنَّ الأدوات والتقنيات يمكنُ أن تُساعدنا في تعلُّم المعلُومات وإتقانها، إلاَّ أنَّه لا شيء يمكنُ أن يحلّ محلَّ قُدرتنا على التعلم، وإدارة، وإتقان عواطِفنا ومشاعر من حولنا.

اقرأ أيضا:

7 طرق لإظهار الذكاء العاطفي


الذَّكاء العاطِفي ليس شيئًا فطريًا، فهناك طرق للتحكُّم في عواطفك.

لم يفت الأوان بعد لتعلُّم أيِّ شيء، لذا بغضِّ النَّظر عن عمرك، لا يزالُ بإمكانك الحصُول على الذّكاء العاطفي وجعل بقية حياتك أفضل وأكثر سعادة.

1- راقِب مشاعرك.

نحن نفقد التعامُل مع عواطِفنا بسهولةٍ عندما نكون مشغُولين جدًا حول القلق بشأنِ ما يجبُ فعله، وما يمكن عمله بشكلٍ أفضل. بدلاً من أن نعتَنِي بالعواطف، نختار تجاهُلها مُعظم الوقت. ما لا نُدركه هو أنَّ قمع عواطفنا يجعلُ الأمور أسوأ. كلَّما حاولنا أن نَضَع عواطِفنا وراءنا، كلَّما أصبحت عواطفنا غير قابلةٍ للسَّيطرة.

عندما يكون لدينا ردُّ فعلٍ عاطفي على شيءٍ ما، فقد يرجع ذلك إلى حقيقةِ أننا نواجه بعضَ المُشكلات التي لم يتمَّ حلها. لذا في المرَّة القادمة عندما تشعُر بأنّه لديك بعض المشاعر السِّلبية، اهدأ فكِّر في سببِ ذلك. خذ نفسًا عميقًا واكتب العواطف التي تواجهها والأسباب المُحتملة.

عندما تكون لديك أشياء مكتوبة، يُمكنك تحديد المشاعر، والتفكير في طرقٍ للتَّعامل مع كلِّ واحدة منها.

2- درِب نفسَك على الرّد، لا على ردّ الفعل.

ردُّ الفعل هو عملية غير واعية حيث نتصرَّف بطريقةٍ غير واعية تعبِّر عن أو تخفِّف من المشاعر. الاستجابة للردّ هي عمليةٌ واعية تنطوِي على الانتباه لمشاعرك لتقرِّر كيفية التصرُّف.

عندما تكون أكثر وعيًا بمحفِّزاتك العاطفية، يمكنُك دائمًا التفكير في طريقةِ التصرف مقدَّمًا.

على سبيلِ المثال، إذا كنت تعرف أنَّك تغضبُ بسهولةٍ وتنفجر في وجهِ زُملاءك عندما تشعُر أنَّك مرهقٌ جدًا في العمل، فلاحِظ ذلك وفكِّر في ما يُمكنك فعله في المرَّة القادمة عندما تواجه نفس الحالة.

ربما يمكنك تجربة إخبار زُملائك أنَّك بحاجةٍ إلى بعضِ اللَّحظات الصَّامتة لأنَّك تشعر بالضَّغط في الوقتِ الحالي، أو ربما يُمكنك الحصول على بضعِ دقائق لجلوس وحدك لتهدِئة نفسك أولاً.

3- ابقَ متواضِعًا طوال الوقت.

عندما تعتقدُ دائمًا أنَّك أفضل من غيرك، فإنَّك لن ترى أخطاءَك الخاصَّة، ومن المرجَّح أن تكون عاطفيًا عن أشياء لا تلبِّي توقُّعاتك.

حاوِل أن تنظُر إلى نفسِ الشيء من منظورٍ مختلف. بدلاً من الحُكم على شخصٍ ما أو شيءٍ ما، ضع نفسك في حذاء شخصٍ آخر، وحاول التفكير فيه أو الشُّعور به: هل ستفعل أو تشعر بنفسِ الشيء ولماذا؟ بهذه الطريقة، من المرجَّح أن تفهَمَ أفكار الآخرين ومشاعرهم أكثر؛ وربما ستتعلَّم شيئًا جديدًا حول كيفية التعامُل مع الأشياء في المواقف المُشابهة أيضًا.

كُن متواضعاً بما يكفي لتعرِف أنَّك لست أفضل من أيِّ شخص، والحكمة بما فيه الكفاية لتعرف أنَّك مختلفٌ عن الباقين!

يمكن تعلُّم الذَّكاء العاطفي، إنَّها عملية مدى الحياة.

لم يفت الأوان أبدًا لتعلُّم أيّ شيء، بل إنَّها تتطلَّب مراقبة وممارسَة مستمرَّة. لذلك بغضِّ النَّظر عن عُمرك، لا يزال يمكنك اكتسابُ الذّكاء العاطفي وجعل بقية حياتك أفضل وأكثر سعادة.

09 أشياء لا يغعلها الأشخاص ذوي الذكاء العاطفي العالي EQ

المصدر