ما هي العبقرية؟ ..الجواب على هذا صعبٌ جدًّا، فلا يزال الباحثون مختلفين في موضوع العبقرية اختلافا شديداً. وكلُّ باحث يأتي بتفسير للعبقرية يفترق عن تفسير الآخر في قليل أو كثير.
ولكن الذي يلفت النّظر في أمر العبقرية هو أنَّ الكثيرين ممّن بحثوا هذا الموضوع كادوا يتّفقون على وجود شيءٍ من التشابه بين بعض ظواهر العبقرية وظواهر الجنون.
إنَّ الأبحاث النّفسية الحديثة تشير إلى أنَّ العبقري حين ينتج إنتاجه الرّائع لا يشعر بنفسه، فهو يدخل في حالة شاذة لها شبه بالصرع أو الغيبوبة أو الهذيان. ويرى بعض الباحثين: أنّ العبقري يتقمّص عند الإنتاج شخصية أخرى غير شخصيته الاعتيادية وهو حين يرجع إلى حالته الاعتيادية ينذهل من روعة انتاجه ويعحب كيف استطاع هو نفسه أن ينتجه.
يقول "كيتس" الأديب الإنجليزي المعروف: أنّه كان يشعر عند الإنتاج بأنَّ شخصًا آخر في داخله يملي عليه، وهو لا يكاد يدرك جمال الأفكار التي يأتي بها إلا بعد أن ينتهي من كتابتها.
فالعبقرية فيها شيء من الخروج عن الذات والدخول في عالم آخر لا نعرف مداه الآن معرفة تامة. فهي تعتبر نوعا من أنواع الجُنون أحيانا لأنها تخرج بصاحبها عن حالته الاعتيادية وتجعله ينظرُ إلى الحياة بمنظارٍ ثاقب نفّاذ لم يعهده الناس من قبل.
والواقع أنَّ المنغمس في إطاره الفكري والذي يجمد على ما اعتاد عليه من مألوفاتٍ اجتماعية وحضارية يصعب عليه أن يكون مبدعا أو عبقريا.
إنَّ الإطار الفكري مؤلّف من العقد النفسية والعادات الاجتماعية والقيم الحضارية، وهذه تعتبر بمثابة العراقيل في طريق الابداع الحر.
إنَّ العبقري كثيرا ما يضحك على نفسه وعلى جماعته، وهو لا يكاد يعرف الخجل أحيانا، فقد تحررت نفسه من القيود التي يتقيّد بها غيره عادة، فهو منطلق يطير في الأجواء حيث يرى ثمّة ما لا يراه المتحذلقون والمتكلفون.
ويمكن أن نقول أنّ القوى النفسية الخارقة تنبعث من أغوار النفس العبقرية انبعاثا طليقا فتنتج على يد العبقري ملا يستطيع أن ينتجه المنافقون والمتعصبون والمقلدون.
اقرأ أيضا:
1- يعتقد الفيلسوف الألماني "شوبنهور" بأنَّ العبقري يختلف عن الفرد العادي بشيءٍ واحد، هو قلّة التقيّد بما يتقيّد به عامة الناس من اندفاع في سبيل الحياة وتنازع على البقاء. إنَّ إرادة الحياة في نظر شوبنهور هي الدافع الرئيس الذي يدفع الفرد العادي نحو أعماله وأفكاره المتنوعة. ولذا فهو لا ينظر في الأمور إلا من خلال هذه الإرادة. أما العبقري فهو يسمو عن ذلك ويحاول أن يفهم الحياة على أساس موضوعي بحت.
ويرى شوبنهور أن هذا هو السبب الذي جعل الناس لا يفهمون العبقري، وهو لا يفهمهم. فهو يمشي وينظر إلى السماء فيقع في البئر. وكلما كان الإنسان أكثر اجتماعية كان في رأي شوبنهور أقلّ عبقرية وأكثر ابتذالا.
2- يقول الفيلسوف الفرنسي "برجسون": إنَّ الإنسان ميّال بطبيعته إلى موافقة الجماعة التي ينتمي إليها. أمّا العبقري فيشعر أنّه ينتمي إلى البشرية جمعاء ولذا فهو يخترق حدود الجماعة التي نشأ فيها ويثور على العرف الذي يدعم كيانها.
ويعتقد برجسون بأنَّ العبقري فيه نزعةٌ من التصوُّف، ذلك أنه حين ينغمر في ساعة الإبداع يغيبُ عن وعيه ويدخل في ما يشبه الوُجد الصوفي أو الغيبوبة. إنه عند ذلك يتّحد مع الدفقة الحيوية الكبرى التي تسيّر الكون، ويستشف من الحقيقة المطلقة ما لا يستطيع أن يستشفه المنغمسُون في همومهم الضيّقة المحدودة.
3- يأتي الفيلسوف الإنكليزي "توينبي" فيوافق برجسون على ما يقول موافقة تامَّة، وهو يرى أنَّ العبقرية هي سبب التطوُّر في المدنيات البشرية. فالفرد العادي في نظر توينبي محافظٌ جامد يميل إلى التمسُّك بالعادات الموروثة، أمَّا العبقري فهو على النّقيض من ذلك يحب الابتداع والثورة على التقاليد.
إنَّ العبقري يشعر بأنّه مكلّف برسالة وكثيرًا ما يحبُّ الفناء في هذه الرسالة بحيث يصبح كالعاشق الولهان لا يعرف من الدنيا إلا إياها، فهو مقلق للنظام الاجتماعي مهدَّد لكيانه إذ هو يبغي أن يحوله من حالٍ إلى حال ولا يبالي أن ينال في سبيلِ ذلك ما ينال.
والخلاصة هي أنَّ العقل البشري متحيّز بطبيعته، والفرد العادي لا يستطيع أن يتجرّد في تفكيره مهما حاول، لأن القيود التي تقيد فكره مغروزة في أعماق عقله الباطن. إنَّ العبقري هو الانسان الوحيد الذي يستطيع أن يسمو عن ذلك ويحلِّق في سماء الإبداع والاختراع.
وكلّما كان التجرُّد في عقل من العقول أتم كانت قدرته على الإبداع أعظم. فالعباقرة يتفاضلُون بمقدار ما يتحرَّرون قليلاً أو كثيرًا من إطارهم الفكري.
مصدر الصورة: merrchant |
ولكن الذي يلفت النّظر في أمر العبقرية هو أنَّ الكثيرين ممّن بحثوا هذا الموضوع كادوا يتّفقون على وجود شيءٍ من التشابه بين بعض ظواهر العبقرية وظواهر الجنون.
إنَّ الأبحاث النّفسية الحديثة تشير إلى أنَّ العبقري حين ينتج إنتاجه الرّائع لا يشعر بنفسه، فهو يدخل في حالة شاذة لها شبه بالصرع أو الغيبوبة أو الهذيان. ويرى بعض الباحثين: أنّ العبقري يتقمّص عند الإنتاج شخصية أخرى غير شخصيته الاعتيادية وهو حين يرجع إلى حالته الاعتيادية ينذهل من روعة انتاجه ويعحب كيف استطاع هو نفسه أن ينتجه.
يقول "كيتس" الأديب الإنجليزي المعروف: أنّه كان يشعر عند الإنتاج بأنَّ شخصًا آخر في داخله يملي عليه، وهو لا يكاد يدرك جمال الأفكار التي يأتي بها إلا بعد أن ينتهي من كتابتها.
فالعبقرية فيها شيء من الخروج عن الذات والدخول في عالم آخر لا نعرف مداه الآن معرفة تامة. فهي تعتبر نوعا من أنواع الجُنون أحيانا لأنها تخرج بصاحبها عن حالته الاعتيادية وتجعله ينظرُ إلى الحياة بمنظارٍ ثاقب نفّاذ لم يعهده الناس من قبل.
والواقع أنَّ المنغمس في إطاره الفكري والذي يجمد على ما اعتاد عليه من مألوفاتٍ اجتماعية وحضارية يصعب عليه أن يكون مبدعا أو عبقريا.
إنَّ الإطار الفكري مؤلّف من العقد النفسية والعادات الاجتماعية والقيم الحضارية، وهذه تعتبر بمثابة العراقيل في طريق الابداع الحر.
إنَّ العبقري كثيرا ما يضحك على نفسه وعلى جماعته، وهو لا يكاد يعرف الخجل أحيانا، فقد تحررت نفسه من القيود التي يتقيّد بها غيره عادة، فهو منطلق يطير في الأجواء حيث يرى ثمّة ما لا يراه المتحذلقون والمتكلفون.
ويمكن أن نقول أنّ القوى النفسية الخارقة تنبعث من أغوار النفس العبقرية انبعاثا طليقا فتنتج على يد العبقري ملا يستطيع أن ينتجه المنافقون والمتعصبون والمقلدون.
اقرأ أيضا:
جيم رون: الحياة الجيدة تتضمن هذه الـ 5 أساسيات
إن ثلاثة من كبار الفلاسفة المحدثين بحثوا في العبقرية ووصلوا فيها إلى نتيجة تكاد تكون متشابهة – وهي أنَّ العبقرية خروج عن الذات وانغمار في عالم أسمى وأوسع.1- يعتقد الفيلسوف الألماني "شوبنهور" بأنَّ العبقري يختلف عن الفرد العادي بشيءٍ واحد، هو قلّة التقيّد بما يتقيّد به عامة الناس من اندفاع في سبيل الحياة وتنازع على البقاء. إنَّ إرادة الحياة في نظر شوبنهور هي الدافع الرئيس الذي يدفع الفرد العادي نحو أعماله وأفكاره المتنوعة. ولذا فهو لا ينظر في الأمور إلا من خلال هذه الإرادة. أما العبقري فهو يسمو عن ذلك ويحاول أن يفهم الحياة على أساس موضوعي بحت.
ويرى شوبنهور أن هذا هو السبب الذي جعل الناس لا يفهمون العبقري، وهو لا يفهمهم. فهو يمشي وينظر إلى السماء فيقع في البئر. وكلما كان الإنسان أكثر اجتماعية كان في رأي شوبنهور أقلّ عبقرية وأكثر ابتذالا.
2- يقول الفيلسوف الفرنسي "برجسون": إنَّ الإنسان ميّال بطبيعته إلى موافقة الجماعة التي ينتمي إليها. أمّا العبقري فيشعر أنّه ينتمي إلى البشرية جمعاء ولذا فهو يخترق حدود الجماعة التي نشأ فيها ويثور على العرف الذي يدعم كيانها.
ويعتقد برجسون بأنَّ العبقري فيه نزعةٌ من التصوُّف، ذلك أنه حين ينغمر في ساعة الإبداع يغيبُ عن وعيه ويدخل في ما يشبه الوُجد الصوفي أو الغيبوبة. إنه عند ذلك يتّحد مع الدفقة الحيوية الكبرى التي تسيّر الكون، ويستشف من الحقيقة المطلقة ما لا يستطيع أن يستشفه المنغمسُون في همومهم الضيّقة المحدودة.
3- يأتي الفيلسوف الإنكليزي "توينبي" فيوافق برجسون على ما يقول موافقة تامَّة، وهو يرى أنَّ العبقرية هي سبب التطوُّر في المدنيات البشرية. فالفرد العادي في نظر توينبي محافظٌ جامد يميل إلى التمسُّك بالعادات الموروثة، أمَّا العبقري فهو على النّقيض من ذلك يحب الابتداع والثورة على التقاليد.
إنَّ العبقري يشعر بأنّه مكلّف برسالة وكثيرًا ما يحبُّ الفناء في هذه الرسالة بحيث يصبح كالعاشق الولهان لا يعرف من الدنيا إلا إياها، فهو مقلق للنظام الاجتماعي مهدَّد لكيانه إذ هو يبغي أن يحوله من حالٍ إلى حال ولا يبالي أن ينال في سبيلِ ذلك ما ينال.
والخلاصة هي أنَّ العقل البشري متحيّز بطبيعته، والفرد العادي لا يستطيع أن يتجرّد في تفكيره مهما حاول، لأن القيود التي تقيد فكره مغروزة في أعماق عقله الباطن. إنَّ العبقري هو الانسان الوحيد الذي يستطيع أن يسمو عن ذلك ويحلِّق في سماء الإبداع والاختراع.
وكلّما كان التجرُّد في عقل من العقول أتم كانت قدرته على الإبداع أعظم. فالعباقرة يتفاضلُون بمقدار ما يتحرَّرون قليلاً أو كثيرًا من إطارهم الفكري.
اقرأ أيضا:
8 استراتيجيات لتُصبح مبدعا في 2018
المصدر: خوارق اللاشعور - د. علي الوردي
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات