هل يمكن أن تؤثر شخصيتك حقا على نجاح حياتك المهنية؟

الذّكاءُ الفِطري واحدٌ من عدّة عوامل تلعب دورا في تحديد مهنة الفرد وآفاقه الاجتماعية، وفقا للنتائج التي توصل إليها الاقتصادي جيمس هيكمان.

يمكن شخصيتك تؤثر حقا نجاح حياتك المهنية؟

هل يمكن أن تؤثّر شخصيتك حقًّا على نجاحِ حياتك المهنية؟ .. غالباً ما يقاسُ النجاح بحجم الثروات والنّجاح المادي الذي يصل إليه الإنسان في حياته، وغالبًا ما يرتبط ذلك في أذهان الناس بتمتع هؤلاء الأغنياء بالذّكاء.

لكن إذا كان معدّل الذكاء مجرد عامل ثانوي في النجاح -حسب دراسة حديثة- فما الذي يميز أصحاب الدخل المنخفض عن أصحاب الدخل المرتفع؟ أو كما يقول المثل: "إذا كنتَ ذكياً جداً، فلماذا لستَ غنياً؟".

يقول الاقتصادي جيمس هيكمان ليس ذلك ما يعتقده الناس، إذ تفترض الأغلبية أن تأثير معدل الذكاء على النجاح يتراوح بين 25% و50%، حسبما يقول هيكمان، إلا أن البيانات تشير إلى التأثير أقل بكثير: نحو 1 أو 2%.

ما سر النجاح إذاً؟

وفقاً لبحث نشره هيكمان في مجلة لأكاديمية الوطنية للعلوم في يوليو/تموز 2017، وُجد أن النجاح المالي كان مرتبطاً بالوعي، وهو سمة شخصية تتميز بالاجتهاد والمثابرة والانضباط الذاتي.

وللوصول لهذه النتيجة، اختبر هيكمان وزملاؤه 4 مجموعات مختلفة من البيانات، شملت معدلات الذكاء، ونتائج الاختبار الموحد، والدرجات، والتقييمات الشخصية لآلاف الأشخاص في المملكة المتحدة والولايات المتحدة وهولندا.

وتتبعت بعض مجموعات البيانات الأفراد على مدى عقود، ولم تتبع الدخل فقط، بل السجلات الجنائية، ومؤشر الكتلة الجسمية والرضا عن الحياة ذاتياً.

ووجدت الدراسة أن الدرجات والإجازات ونتائج الاختبارات تمثل مؤشرات أفضل للنّجاح من مجرّد معدّلات الذكاء المجردة.

فهذه الدرجات لا تقيس الذكاء فقط، ولكنها تعكس أيضاً ما يسميه هيكمان "المهارات غير المعرفية"، مثل: المثابرة، وعادات الدراسة الجيدة والقدرة على التعاون، أو بعبارة أخرى: الوعي.

المهارات

ويعتقد هيكمان وهو أيضَا مؤسس مركز "اقتصادات التنمية البشرية" بجامعة شيكاغو الأميركية - أن النجاح لا يتوقف فقط على القدرة الفطرية، ولكن على المهارات التي يمكن تعلمها.

وتشير أبحاثه إلى أن التدخلات في مرحلة الطفولة يمكن أن تكون مفيدة، وأن الوعي أكثر مرونة من الذكاء والانفتاح سمة واسعة تشمل الفضول، وهو يرتبط أيضاً بدرجات ونتائج الاختبار.

كما أكد أنّ معدلات الذكاء مهمة بالطبع رغم كل ما سبق؛ إذ سيجد شخص ما معدل ذكائه 70، المزيد من المشقة في القيام بالأشياء التي يسهل على شخص يبلغ معدل ذكائه 190 القيام بها.

لكن هيكمان يقول إن، "كثيراً من الناس يفشلون في اقتحام سوق العمل؛ لأنهم يفتقرون إلى المهارات التي لا تقاس باختبارات الذكاء. فهم لا يعلمون كيفية التصرف بلطف في مقابلات العمل. قد يصلون متأخرين أو يفشلون في ارتداء ملابس مناسبة. ويتضح في العمل أنهم لن يقوموا إلا بالحد الأدنى من المطلوب منهم، إن قاموا به".

تدريس الشخصية أو السمات الشخصية في المدرسة لن يكون سهلاً، وأحد أسباب ذلك، هو أنه ليس من الواضح دائماً ما إذا كان المزيد من قوة إحدى الصفات هو أمرٌ جيد دائماً.

فكلما ارتفع معدل الذكاء كان الأمر أفضل، وعلى الأرجح هذا هو الحال بالنسبة للوعي كذلك.

ولكن الباحثين في الشخصية اقترحوا أن الوسطية هي الأفضل فيما يخص الصفات الأخرى - لا تريد أن تكون شديد الانطواء بحيث لا يمكنك التحدث، أو حتى منفتحاً لدرجة لا يمكنك فيها السكوت والإنصات.

إذن فالشخصية إلى حدٍّ بعيد ليست العامل الوحيد في النّجاح - ومع ذلك يمكنك تحديد النّجاح. في حين أن شخصيتك هي عنصرٌ مهم، مهاراتك وقيمك ومصالحك تأتي بنفس القدر من الأهمية، كما يقول المستشار المهني توم دنهام. قد يكون لديك شخصية مثالية لخدمة العملاء، ولكن إذا كنت لا تستطيع أن تقوم بهذا العمل - أو إذا كان يدفعك للبكاء - أنت لن تنجح.

وفي النهاية لا بد من ذكر بعض الصفات التي يمكن أن تكتسب وترشد الشخص العادي للتعامل بذكاء مع محيطه وذكر منها ضبط الأعصاب والتعامل بحلم مع الآخرين، والمحاورة واحترام وجهات النظر المختلفة وتقبُّل النقد.

المصادر: 1 / 2 / 3