كيف تقوم بتدريب دماغك على التركيز ؟

الناس غالباً ما يقولون أنّه إذا كنت تتّبع عاطفتَك الخاصّة، فأنت لا "تعملُ" حقًّا في عملك. ولكن هذا ليس صحيحًا دائمًا. لفهم لماذا لا يزال بإمكانك الشُّعور أنّك مغمورٌ عقليا، دعونا ننظُر في كيفية تكوين الدِّماغ البشري.

كيف تقوم بتدريب دماغك على التركيز

قشرة الفصّ الجبهي هي الجزء الأكثر تقدُّما في القسم الأكثر تقدُّما في الدِّماغ. وهو يحتوي على أكثر الهياكل التطورية و التوسُّعية، وهو المسؤُول عن الوظائِف المعرفية التي نفكِّر فيها على أنّها صفة إنسانية فريدة من نوعها، مثل القدرة على وضع أهدافٍ معقَّدة، والتخطيطِ لمُستقبلنا، وكبح جماح دوافعنا الغريزية، واتخاذ قرارات مستنيرة وتنظيم أنشِطتنا. وبشكلٍ جماعي، غالباً ما يُشار إلى هذه القُدرات المتطوِّرة باسم الوظائِف التنفيذية للدِّماغ.

وبالنّظر إلى أنّ قشرة الفص الجَبهي في البشر هي أكثر قُدرة بكثير من أي نوعٍ آخر على هذا الكوكب، لماذا لا نزال نشعر بالإرهاق الذّهني في الكثير من الأوقات؟

بالنّظر في التحوُّلات الاقتصادية المثيرة التي حدثت في القرن الماضي أو نحو ذلك. فقد انخفض عدد الأشخاص الذين يؤدون العمل البدَني بشكلٍ ملحوظ في حين أن عدد "العاملين في مجال المعرفة" - كما قال المؤلِّف بيتر دراكر - قد زاد بشكلٍ ملحوظ.

أحدُ جوانب هذا التحوُّل هو أنّ الغالبية العُظمى من القِوى العامِلة الحديثة تحتاج إلى مزيد من الذَّكاء العاطفي (مهارات النّاس)، فضلاً عن المزيد من تسهيل الأفكار التجريدية (المهارات المفاهيمية) أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. كلُّ من هذه القُدرات راسيّة في قشرة الفص الجبهي.

ولكي نكُون واضحِين، نحن لا نقول بأننا نعمل اليوم بجدٍّ أكثر مما فعلهُ أجدادُنا العُظماء. ولكن خلال القرون القليلة المَاضية، يبدو أنّ الطلب على وظيفة الدِّماغ التنفيذية قد ازداد وأصبحَ أكثر انتشارًا. 

تعدد المهام ليس هو الجواب.

في أنواعٍ مختلفة من الشركات عبر جميع أنواع الصِّناعات، نلتقي بالأشخاص البالين، يفتقرُون إلى التركيز ويميلون إلى أن يكونوا تفاعليين أكثر من كونهم استراتيجيين. وهم يعتقدون أن تعدُّد المهام هو السّبيل الوحيد الذي يمكنُهم أن يبقوا فيه أمام عددٍ لا يُحصى من المطالب المطرُوحةِ أمامهم.

المُشكلة هي أنّ أدمغتنا يمكنها أن توفِّر لنا كميّة محدودة من التركيز في أيِّ وقتٍ من الأوقات. وقد أجرى عُلماء مثل دانيال كانيمان، مؤلف الإنتباه والجهد، أبحاثا تحملُ هذه النّتائج.

وفقًا لبعضِ التقديرات، فإنّه يمكنك بسُهولة أن تستغرِق فترة تصِل إلى 40 في المئة أطول لإكمالِ المشاريع عندما تنقطع عن عملِك بينما كان يُمكنك الحفاظ على تركيزٍ محدّد.

من الجيِّد القيام بمهمَّتين أو أكثر في وقتٍ واحد إذا لم تكن الجودة أو الدِّقة ذات أولوية عالية. ولكن الاعتقاد السّائد بأنّ تعدُّد المهام يجعلنا أكثر كفاءة هو أسُطورة أكبر بكثير ممّا يقول العِلم. وفي كلِّ مُستوى، نرى الإنهاك المتفشّي والاستهلاك الفِكري نتيجة لسوء فهم هذه القاعدة الاجتماعية.

إنشاء جزيرة في التيّار السائد.

عندما تواجه تدفُّق متواصل من الاتصالات التي تتنافس على اهتمامِنا المحدُود، فكِّر في طريقة لوضعِ نفسك في منطقةٍ منفصِلة - نوع من "جزيرة في تيار". هذه المنطِقة (Zones) يمكن أن تكون مادية أو زمنية.

التّواصُل مع الآخرين حولَ العتبات المُناسبة لمُقاطعة الكلام في مناطِقنا أمرٌ بالغُ الأهميّة لنجاحنا. هناك العديد من الطُّرق الإبداعية لإنشاءِ حدودك. في أحدِ المُستشفيات، تَرتدي الممرِّضات الزّنانير الملوّنة الزاهية بينما يقُمن بتوزيع الدواء، لضمان عدم حدوث تطفُّلات، مما قد يسبِّب أخطاء قاتِلة. قام زُملاء العمل هناك بتعيين قاعة مؤتمرات محدّدة كمِساحة عمل صَامتة. أعثُر على طرقٍ لتلبية احتياجاتك للتركيز.

عند تعيين حدُود مرِنة لمناطقك والموافقةِ عليها، فإنّك لا تلتزم بها بنفسك فحسب، بل تشجِّع أيضا الآخرين على احترام معاييرِك ودعمِها.

تغيير الثقافة.

جرِّب هذه النّصائح لإنشاء مناطقك الخاصّة وزيادة الإنتاجية والتركيز:

1- ضع المناطق على التقويم.

قُم بحجز جزء من الوقت حيثُ ستعملُ "في منطقتك الخاصة". استخدِم هذا الوقت لتنفيذِ المهام التي تتطلب الدِّقة، الجودة والإبداع.

2- قم بإنشاء مِساحة مادية هادئة حيث يُمكنك الذهاب للتركيز وتكون "في منطقتك الخاصة."

قد يتطلّب هذا إغلاق الباب الذي يمكنُك إغلاقُه.

3- أنقُل حدودك لزملائك في العمل، والأصدقاء والعائلة حتى يعرفوا كيفية مقاطعتك وتحت أيّ ظروف.

اشرح لماذا وكيف تستخدم "منطِقتك" للحُصول على المزيد من العمل المُنجز. كُن حسَّاساً لاحتياجاتهم أيضاً، كذلك لا تُبالغ في حدود مناطِقك الخاصة.

4- استخدِم تطبيق أو برنَامج مُساعد لإلغاء و إسكات تنبيهات رسائل البريد الإلكتروني، النصوص والمكالمات الهاتفية.

مُعظم هذه الأدوات لا تزال تسمح لك بالوُصولِ إليها في حالةِ الطّوارئ.

5- هدئ ونظِّف عقلك أثناء الانتقال إلى منطقتك.


المصدر: هنــا