إن كنت كثير التخيل فهنيئا لك فأنت مبدع .. كيف تنجح خلايا مخك في صناعة الإبداع !!

 تسمح الكتب التي نقرأها والعروض المسرحية والأفلام التي نشاهدها للدماغ بمعالجة المعلومات السمعية والبصرية.



فعند قراءة كتاب ما يبدأ الدماغ بتخيل الشخصيات وأشكالها وهندامها، أما عندما يتعلق الأمر بالأفلام والمسرحيات، فإن الدماغ يحاول تخيّل نهاية الفيلم أو نقطة التحول التي ستطرأ على الحبكة القصصية.

لكن السؤال المطروح هو عن كيفية تشكل الصور في مخيلتنا والتفكير في أمور لم نرها قط.

يوضح اختصاصي الأعصاب الدكتور أندري فيشيدسكي، في مقطع تثقيفي مصور، تحت عنوان "علم الأعصاب والخيال"، أن الإنسان يمتلك قدرة على تخيل الأشياء فور تفكيره في مسألة ما، هذه العملية المعقدة التي تطرأ في ذلك الحين تتطلب تناسقاً متناهي الدقة بين خلايا الدماغ والإشارات العصبية.

ويستطيع الإنسان أن يختلق صوراً جديدة وغريبة بينما يقوم الدماغ بدمج مختلف التفاصيل، من معطيات بصرية سابقة مألوفة، ويجمع فيما بينها لتكوين صورة جديدة.

وهي عملية شبيهة بعملية تلصيق أجزاء من صور مختلفة، هذه العملية الدقيقة تجعل الدماغ يجمع الإشارات العصبية من مختلف أجزائه لتلتقي جميعها في وقت واحد.

وتنطلق آلاف الإشارات العصبية من قشرة المخ الخلفية عندما يركز النظر على جسم ما، وتقوم هذه الخلايا العصبية بوضع رموز عن الخصائص المختلفة التي تجمعها عن ذلك الجسم.

على سبيل المثال، تتم ترجمة الإشارات العصبية التي تنتج بعد النظر إلى ثمرة الأناناس، على أن الثمرة ذات ملمس شائك وصفراء اللون.

وعموماً، فإن الانطلاقة المتزامنة لمختلف هذه الإشارات العصبية تعزز الروابط المشبكية القائمة بين مختلف الخلايا العصبية وتجعلها مترابطة، فيما يسمى الشبكة العصبية التي تعمل حسب "مبدأ هيب".

ويتلخص هذا المبدأ في تفعيل خليتين في الوقت نفسه، ما يزيد في متانة مشبكية الرابط بينهما، وبالتالي، عندما نحاول لاحقاً تخيل ثمرة الأناناس، ستعمل الشبكة العصبية بأكملها وستكوّن صورة ذهنية كاملة.

وفي الوقت نفسه، فإنه في عملية تخيل الدولفين سيتم تشفير الصورة من قِبل شبكة عصبية مختلفة، أما عندما نحاول تخيل دولفين يلعب بثمرة أناناس، فلماذا نستطيع تخيل هذه المعطيات المختلفة إذا لم يكن لها وجود في الواقع؟


التركيب الذهني


ترتكز نظرية التركيب الذهني أساساً على الوقت، فإذا ما تم تنشيط الشبكة العصبية الخاصة بالدولفين وثمرة الأناناس في الوقت نفسه، فسيتمكن الشخص من رؤية الصورتين المختلفتين على أنهما صورة واحدة.

لكن هذه العملية الدقيقة لانطلاق مختلف الإشارات العصبية تتطلب تنسيق الدماغ، وحسب الفرضية المحتملة فإن قشرة المخ الجبهية الأمامية، المسؤولة عن الوظائف المعرفية المعقدة، قد تكون مسؤولة أيضاً عن تنشيط هذه الشبكة العصبية.

وترتبط الخلايا العصبية في قشرة المخ الخلفية بخلايا قشرة المخ الأمامية الجبهية، في طريق طويلة عبر الخلايا المغزلية التي تسمى الألياف العصبية، وتفترض نظرية التركيب الذهني أن الخلايا العصبية المكونة لقشرة المخ الخلفية ترسل إشارات عصبية عبر هذه الألياف إلى الشبكات العصبية الموجودة في قشرة المخ الخلفية التي تنشطها في انسجام تام.

وإذا تم تنشيط الشبكات العصبية في الوقت نفسه، فإنك ستتمكن من تخيل الصورة بمختلف تفاصيلها المعقدة، كأنك تراها في الواقع تماماً، ولعل هذا ما يفسر تمكننا من تخيل صورة الدولفين الذي يلعب بثمرة الأناناس.

ولتتم عملية التركيب الذهني، يجب على الإشارات العصبية أن تلتقي جميعها بالشبكات العصبية في الوقت نفسه.

لكن هناك خلايا عصبية موجودة في آخر الفص الجبهي الخلفي بعيدة عن الفص الجبهي الأمامي، وعلى الرغم من ذلك، فإن النسق المتسارع الذي تتنقل فيه الإشارات عبر الألياف العصبية، يؤدي إلى وصولها جميعها بصفة متزامنة.

لا يمكننا تغيير طول هذه الروابط، لكن يستطيع الدماغ تغيير سرعتها. كما أن الألياف العصبية التي تنقل الإشارات الكهربائية، محاطة بمادة دهنية عازلة كهربائياً تسمى مادة الميالين، وتساهم هذه المادة في تسريع عملية نقل هذه الإشارات عبر الألياف العصبية.

وتتكون بعض الألياف العصبية مما يقارب 100 طبقة من مادة الميالين، بينما يتكون البعض الآخر من عدة طبقات فقط، وتستطيع الألياف العصبية المحاطة بطبقات سميكة من الميالين زيادة سرعة الإشارات الكهربائية أكثر بـ100 مرة من الألياف المحاطة بطبقات أرق.

إذا اعجبك الموضوع لا تنس مشاركته مع زملائك لتعم الفائدة