مترجم: 5 طرق يتَحايل بها دماغك عليك .. تعرف عليها

دماغ الانسان من أعجب الأشياء التي عرفناها ولكنه في نفس الوقت ليس مثاليًا ويطاله النقص الذي يُميّز كل حي. في بعض الأحيان قد ننسى أشياء مهمة وفي أوقات اخرى قد نغفل عن ملاحظة تفاصيل محددة في البيئة المحيطة بنا وهو ما يؤدي إلى ارتكابنا للأخطاء أو عدم اتخاذ القرار الصحيح.

http://www.ta3allamdz.com/ 

الآن قد تميل لاعتبار هذه الأخطاء مجرد أخطاء بسيطة أو تلقي باللوم على الظروف مثل أن تقول لقد كنت مشغولا أو مجهدًا؛ ولكن الواقع هو أن عقلك له حدود متعددة!.. والتي قد تؤدي بك في نهاية المطاف لعدة طرق مسدودة. النقاط التالية هي مجرد بعض الميول النفسية التي قد تكون سببًا في تضليلك وإخفاقك.

1- عقلك يحب الطرق المختصرة


من أكبر أوجه القصور للعقل البشري أنه في بعض الأحيان يصبح كسولا؛ فعندما يحاول أحدكم أن يبحث عن حل لمشكلة ما أو أن يتخذ قرارا يلجأ العقل إلى خبراته السابقة ويستعين بالطرق العقلية المختصرة أو الحلول التي سبق له تجربتها في الماضي وكانت نتائجها مرضية.
في أغلب الحالات يعد هذا الأمر مفيدًا ويمثل منهجية فعالة؛ وبفضل استخدام تلك الطرق العقلية المختصرة يمكنك أن تتخذ القرارات بشكل أسرع دون الحاجة إلى التفكير بتعمق في كل احتمال أو حل متاح أمامك. لكن في بعض الأحيان يمكن لهذه الطرق المختصرة التي يستخدمها عقلك والتي تعرف بـ Heuristics أن تخدعك وتكون سببًا لارتكاب بعض الأخطاء.
على سبيل المثال? قد تجد نفسك مرتعدًا وتشعر بالفزع من الركوب على متن طائرة والتحليق بها لأنك تفكر لحظيًا في حوادث الطائرات المأساوية والمفجعة التي تراها في الأخبار ولكن في الواقع السفر عبر الطيران أكثر أمانًا وأقل عرضة للحوادث من السيارات وفقًا للإحصائيات. يحدث هذا لأن عقلك في هذا الموقف تحديدًا استخدم طريق عقلي مختصر يعرف بـ heuristic availability والذي خدعك لتعتقد أن السفر عبر الطيران أكثر خطورة بكثير مما هو عليه في الواقع.
Heuristics مصطلح في علم النفس يعني الطرق المختصرة التي يستخدمها الناس من أجل حل المشكلات واتخاذ القرارات بسرعة وكفاءة دون الحاجة للتوقف والتفكير بتمعن قبل التصرف.

2- الدوافع الخفية تؤثر على تفكيرك


نحن أيضاً شديدي الحساسية والتأثر بما يعرف بالتحيّزات المعرفية أو Biases Cognitive والتي تمنعنا من التفكير بحرية ووضوح واتخاذ قرارات صحيحة بدقة وكفاءة. تلك الأخطاء العقلية الشائعة هي في الواقع نموذج للتفكير الذي ينتج عنه أخطاء وتشوهات فكرية واستنتاجات غير دقيقة تماما، وأحد الأمثلة التي توضح هذا الأمر هو ما يعرف بالدوافع أو التحيّ ُ زات المعززة – Bias Confirmation.

لنفترض أن لديك صديقًا لا يؤمن بحقيقة الاحتباس الحراري؛ سوف تلاحظ أنه يعطي مصداقية كبيرة للأخبار والأنباء أو الاكتشافات التي تؤكد صحة تفنيده لتلك الحقيقة بينما يتجاهل ويقلل من شأن الأدلة التي تدعم وجود الأحترار العالمي! التحيّزات المعززة تقودنا لوضع ثقة كبيرة أو حتى البحث عن أشياء تؤكد ما نعتقد بصحته مسبقًا بالإضافة لتجاهل والتقليل من شأن أي شئ أخر يتعارض مع أفكارنا الحالية التي نؤمن بها.

ويمكنكم أن تتخيلوا كيف يمكن لهذه الدوافع أن تؤثر على الناس يوميًا في المواقف المختلفة عندما نتعرض لمعلومات عن المواقف السياسية المختلفة مثلا أو الأمور الجدلية.. فنحن نميل بشكل كبير للبحث عما يتوافق مع ما نعتقد بصحته فقط ونتجاهل كل ما بخلاف ذلك بشكل قد لا ندركه في بعض الأحيان.

3- عقلك يحب أن يلعب لعبة اللوم


عندما يحدث شئ سئ، فمن الطبيعي أن نبحث عن أسباب ضمنية لنلقي باللوم عليها والمشكلة هي أننا في الغالب نلقي باللوم على الشخص أو الحدث أو الشئ الخاطئ وبالتالي نشوه الواقع باستمرار في سبيل حماية احترامنا وتقديرنا لذاتنا. تخيل أنك فشلت للتو في اختبار ما أجريته.. من أو ما المسؤول عن فشلك؟ إذا كنت مثل أغلب الناس، فمن المرجح أن تقوم بتعليل فشلك في الاختبار من خلال إلقاء اللوم على العوامل المحيطة بك مثل أن درجة حرارة الغرفة كانت مرتفعة جدًا ولم تستطع التركيز بشكل جيد أو تلقي اللوم على الأستاذ لأنك لم تدرس هذه المواضيع من قبل أو أن الأسئلة كانت صعبة. في علم النفس هذا ما يعرف بتحيّز الفاعل والمراقب . ­Actor Observer Bias
عندما يتعلق الأمر بسلوكنا الشخصي فنحن سريعين جدًا في إلقاء اللوم على القوى والعوامل الخارجية عوضا عن اختياراتنا وخصائصنا الشخصية. لنرى إذًا ما الذي سيحدث لو أن زميلا لنا فشل في نفس الإختبار؟ بينما نضع جل تركيزنا على العوامل الخارجية عندما يتعلق الأمر بتعليل أو تفسير المواقف السلبية في حياتنا الشخصية، نجد أننا نقع فريسة للعكس عندما نبحث عن أسباب سلوك الأخرين.

عندما تفشل في الإختبار فهذا على الأرجح بسبب أن الأستاذ لم يقدم لك القدر الكافي من التحضير قبل الامتحان بينما عندما يفشل زميلك في نفس الإختبار فهذا على الأرجح لأنه لم يذاكر جيدًا أو لأنه كسول أو ربما لأنه ببساطة غبي وهذا ما يعرف بخطأ الإسناد حيث نقع ضحايا لما يعرف بالتحيّز لخدمة مصلحة الذات .Self- Serving Bias   ­ 

إذا حصلت على ترقية في عملك أو درجة مرتفعة في اختبار ما أو حصلت على المركز الأول في مسابقة رياضية فسوف تُسند نجاحك إلى عوامل داخلية: أنت حصل على تلك الترقية لأنك  تعمل بجد وقد أبليت بلاء حسنًا في ذلك الإختبار لأنك ذكي وذاكرت جيداً وأحرزت المركز الاول لأنك تتمرن بإستمرار ولأنك أكثر مهارة من اللاعبين الأخريين. إذًا.. لماذا ننساق وراء لعبة اللوم تلك؟ يعتقد الباحثون أن الكثير من تحيّزاتنا النسبية تعمل بحيث تحمي احترامنا وتقديرنا لذاتنا وحراستنا من الخوف من الفشل. 

4- عقلك يُفوت تغييرات كبيرة تحدث أمامك


هناك ببساطة الكثير من الأمور والأحداث التي تجري في العالم من حولنا في أي لحظة والتي لا يمكن لدماغنا بأن تلاحظها جميعاً وبالتالي يعمل دماغنا على تجاهل العديد من المعلومات والتركيز على ما يهمنا فقط. وكنتيجة لذلك يمكننا في بعض الأحيان أن نفوت تغييرات كبيرة تحدث أمام أعيننا دون أن ندركها. هل تعتقد أنه يمكن أن تلاحظ إذا تم استبدال الشخص الذي تتحدث إليه في منتصف المحادثة؟
 لقد وجد الباحثون أنه عند استبدال اشخاص أثناء إجراء محادثات مع أشخاص آخرين بعد مقاطعتهم لفترة وجيزة أن معظم الناس لم تلاحظ ذلك التغيير.
عمى التغيير أو Blindness Change يشير إلى الفشل في إدراك التغييرات التي تحدث في الأحداث البصرية أو المرئية. إذًا لماذا نحن عرضة لتفويت وعدم ملاحظة تلك التغيرات الهامة في العالم من حولنا؟ يقترح الباحثون أن عوامل مختلفة ومتعددة يمكنها أن تلعب دوراً في هذه الظاهرة.
أولاً: علينا أن نتعامل مع الموارد المحدودة المتاحة لنا. إذا كنا منشغلين في التركيز على شئ واحد، فنحن ببساطة علينا أن نتناغم مع كم هائل من المعلومات الأخرى التي لا يمكن لأدمغتنا أن تتعامل معها في نفس الوقت. توقعاتنا تلعب دورا هاما أيضا في هذه
الظاهرة المدهشة. هل كنت تتوقع أن يتم استبدال الشخص الذي كنت تتحدث معه فجأة؟ بالطبع لا. ولهذا السبب أدمغتنا ببساطة ليست ُمهيئة لملاحظة مثل ذلك التغيّر.

5- ذاكرتك ليست جيدة كما تظن


بينما نعتقد في الغالب أن ذاكرتنا تعمل مثل كاميرا الفيديو، تحفظ وتسجل الأحداث بدقة كما تحدث تماماً؛ نجد في الواقع أن ذاكرتنا أكثر هشاشة من ذلك بكثير، كما أنها ليست بتلك الدقة وعرضة للعديد من المؤثرات لدرجة كبيرة يصعب علينا تخيلها. على سبيل المثال.. وجد الباحثون أنه من السهل حث ذكريات خاطئة في ذاكرتك لأحداث لم تحدث مطلقًا، وفي دراسة وجد الباحثون أن مشاهدة فيديو لأشخاص أخرين يقومون بفعل ما، يقود المشاركين في الدراسة إلى الاعتقاد بأنهم قاموا بأداء نفس الفعل من قبل بأنفسهم بالرغم من أن هذا لم يحدث في الواقع.

ذاكرتك قد تكون جيدة ولكن من الجيد أن تتذكر أنها ليست مثالية وبالتأكيد لا يمكن الاعتماد عليها دائما بشكل مطلق. نحن أيضاً نميل لنسيان كم هائل من المعلومات بدءا من التفاصيل التافهة التي نتعرض لها كل يوم.. وصولا  إلى المعلومات المهمة التي نحتاجها. وتقترح خبيرة الذاكرة Loftus Elizabeth أن هناك أسبابًا رئيسية وراء مشكلة فشل الذاكرة تلك أو النسيان. الفشل في استرجاع المعلومات من الذاكرة أو أن تقع ضحية للذكريات المتنافسة أو أن تفشل في حفظ المعلومات في ذاكرتك والنسيان المقصود للذكريات الآليمة يقع ضمن بعض الأسباب الضمنية المحتملة للنسيان.

وأخيرا ...

أدمغتنا قادرة على القيام بأمور مدهشة واستثنائية بدءا من تذكر محادثة أجريتها مع شخص مقرب منذ عدة سنوات.. ووصولا ّ  لحل المشاكل الرياضية المعقدة. ولكن كما رأينا سويًا فهي ليست مثالية. إذًا ما الذي يمكننا فعله؟ في الواقع لا يوجد طريقة ما لتفادي تلك المشكلات المحتملة لأنها جزء من طبيعة الإنسان، ولكن أن تكون ملما بها ومدركا لهذه الدوافع وأوجه النقص الإدراكية وحيل الذاكرة التي تحيق بعقلك، فهذا كفيل بأن يساعدك على تصحيح الكثير من المسارات في حياتك.

المصدر: verywell