مبدأ باريتو: ما حقيقة القاعدة العجيبة (80/20) في استثمار الجهد ؟

السلام عليكم ورحمة الله زوار عالم تعلم . تناولنا سابقا موضوع ماهي قاعدة 80/20 وسنتعمق باذن الله في هذا الموضوع حول استثمار جهدك من خلال هذه القاعدة التي تعتبر حقيقة في حياتنا رغم غرابتها .. تابعوا معنا بقية المقال ..


أغلبنا يشتكي من أمر وهو أن واجباتنا أكثر من الأوقات التي نملكها .. فالحل في هذه الشكوى هو اختزال أحد الطرفين ، إما الواجبات وإما الأوقات ..
ولن أتركك صديقي القارئ تحتار كثيراً ،فأنا أدرِك أن من أهم صفات الوقت أنه (محدود) لا مجال لتوسيعه أو تكبيره أو تضخيمه.

والواجبات - وإن كنا استطعنا تقسيمها ستظل أكثر من الأوقات وهي حقيقة واقعية لا مجال لإنكارها لتوارثها وتواجدها في حياة الأغلب منا.
سأخبرك بحقيقة أخرى في حياتنا قد تحل كثيراً من هذا الإشكال.
وإن كانت الحقيقة السابقة أن الواجبات أكثر من الأوقات تبدو منطقية مشاهدة معروفة ،فإن الحقيقة التي سأذكرها لك الآن تحت عنوان (80/20) تتميز بشيئ من الخفاء في الوجود وصعوبة في كشفها ، بحيث تستشعر بأنها غير منطقية و ستحتاج مني إلى الكثير من الأمثلة لتقتنع بها.

بداية القصة مع باريتو:

أول من سجل ملاحظته حول هذه الحقيقة الكونية العجيبة الاقتصادي الإيطالي ألفريد باريتو عام 1899م.
كان باريتو يدرس توزيع الإنتاج والثروات داخل المجتمع ، فوجد أن حوالي 20% من المصانع تنتِجُ 80% من إجمالي الإنتاج ،كما أن 20% من الأثرياء البريطانيين يحصلون على 80% من إجمالي ثروة المجتمع.

قام باريتو بعد ذلك بدراسة مجتمعات أخرى ، وكانت دهشته كبيرة عندما توصل لنتائج مشابهة للنتائج السابقة .ثم انتقل إلى دراسة ظواهر أخرى ،غير الإنتاج والتوزيع ،فوجد أن أرقام 20 و 80 تفرض وجودها وتتكرر في كل مناحي الحياة ، فلم يجد أمامه بُدّاً من أن يطلق على هذا الاكتشاف قاعدة (80/20).
وهكذا تمت صياغة قاعدة (80/20) في الحياة التي تنص على أن 20% من الأسباب التي نأخذ بها تحقق 80% من النتائج التي نحصل عليها .. وفي الوقت نفسه فإن 80% من الأسباب تحقق الـ 20% الباقية من النتائج.

قاعدة منطقية :

لم تجد هذه القاعدة أي تفسير منطقي إلى الآن ، ولم يستطع أحد في الوقت نفسه أن ينكرها .. وقد يكون السبب في عدم انتشارها هو عجز العلماء عن تفسيرها أو نقدها.
وهذه القاعدة تنطبق على أجزاء كثيرة من حياتنا شئنا أم أبينا ،فنحن لو لم نفهمها ستظل تعمل وتؤثر علينا ..

لذا فمن المتوقع أن تزداد فعاليتنا إذا ما فهمناها ، بينما قد نضار إذا تجاهلناها.
من جانب آخر ،لا يصح أن نتخذ قاعدة 80/20 ذريعة للكسل، وبذل 20% من الجهد فقط عند آداء الأعمال وتوقع الحصول على 80% .. فالمعنى غير ذلك .. المفروض أن نتعلم منها البحث الجيد عن الجهود والموارد التي تؤدي إلى أفضل النتائج ، وأن نبدأ بها ونركز عليها مع عدم إهمال الجهود الأخرى.

فمفهوم القاعدة أن 20% من الجهد الفعال أهم بكثير من 80% من الجهد العادي .

عالم 80/20

وهكذا تعال عزيزي القارئ لنرصد ظاهرة عالم 80/20..

داخل شركتك:

- هل تلاحظ أن 80% من الأرباح تجنيها شركتك من 20% المنتجات؟ وأن 80% من الإيرادات تأتي من 20% من العملاء فقط ،بينما لا يورد باقي العملاء 80% إلا 20% من الإيرادات فقط ؟.
- هل تدرك ان 20% من الموظفين يؤدون 80% من العمل ،بينما يكتفي بقية الموظفين 80% بإنجاز 20% فقط.

في المجتمع:

- تقع 80% من الجرائم داخل 20% فقط من المناطق السكنية ،بينما تكاد تختفي من باقي المناطق.
- تصدر80% من حالات الطلاق عن 20% فقط من الرجال ،بينما لا يصدر عن بقية الرجال 80% إلا 20% فقط من حالات الطلاق.فهناك رجال يطلقون أكثر من 5 مرات في حياتهم .

في البيت:

- ألا تلاحظ أنك تفضل ارتداء 20% فقط من الملابس المتراكمة في دولاب ملابسك خلال 80% من الوقت ،بينما لا تقوم باستخدام بقية الملابس 80% إلا بمعدل 20% .
- وأنك تستخدم 20% من الأدوات والأجهزة في البيت لأداء 80% من الأعمال المنزلية ،وتبقى 80% من موارد المنزل معطلة لحساب 20%  فقط من الأعمال.

في السيارة:

- من المعلوم أن قوة المحرك التي تستخدمها لتحريك سيارتك تعادل 20% من قوة المحرك االحقيقية والتي يضيع 80% منها في غازات الاحتراق .

في المكتب:

- أنت تستخدم 20% من الأوراق والملفات التي يكتظ بها مكتبك في 80% من الحالات ،بينما لا تستخدم80% من الأوراق والملفات المتبقية إلا بمعدل 20% من الحالات.

في الصناعة:

20% فقط من الشركات والمؤسسات تحصل على 80% من الأرباح المحققة في مجال معين ،بينما لا يتبقى للمؤسسات الأخرى 80% إلا 20% فقط من تلك الأرباح.

في العالم :

- يتحكم ويستهلك 20% من سكان العالم 80% من موارده ،بينما يبقى 80% من سكان العالم غرضة للمجاعات والفقر ولا يحصلون إلا على 20% فقط من تلك الموارد.

خلاصة:

على طريق إدارة العمر: نحن مطالبون بتقليص الهدر في جهودنا ومواردنا و أوقاتنا ،ويمكننا بتطبيق قاعدة 80/20 أن نحقق أغلب النتائج المهمة ببذل 20% فقط مما كنا نفعل ،وهذا يتيح لنا توجيه الفائض إلى قنوات أكثر إنتاجية. كما تسمح لنا قاعدة 80/20 بالتركيز على النتائج المهمة والوسائل الفعالة

وقاعدة 80/20 جزء من الواقع .وعندما نتعامل مع الواقع لا يكون هناك مجال لإطلاق أحكام قاطعة على غرارأبيض وأسود ،أو حسن وقبيح .
فالمقصود هنا هو أنه يمكنك تحقيق 80% من أهدافك باستخدام 20% من مواردك الفعالة ،أو يمكنك الانزلاق إلى الفشل بنسبة 80% بمجرد ارتكابك 20% من الأخطاء. فهل هذا في صالحنا أم ضدنا ؟ لا أحد يعرف الإجابة.
فالحكم الوحيد هو أنت!.. ولكن لأن هذه القاعدة تنطبق علينا كما تنطبق على غيرنا ،فإن معرفتنا بها تعتبر ميزة تنافسية قد لا تتوفر لمنافسينا

المصادر : goodreads / entrepreneurs