لماذا يختبرنا الله ويبتلينا وهو يعلم منذ بداية الخلق إن كنا سندخل الجنة أو النار!!

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،زوار عالم تعلم ..ربما الكثير يدور في ذهنه هذا السؤال لكن ربما النشأة وطبيعة المجتمع تفرض الصمت وعدم البحث عن الإجابة .. فهناك سائل يقول مسألة أننا مخيرون هذة تنهك فكري كيف والله يعلم رغم وجود السيئ والخير أن الطيب يختار الخير والسيئ سيختار السيئ !!!

لماذا يختبرنا الله ويبتلينا

وسنُحاول بإذن الله الإجابة عن هذا السؤال .. لتتخلص من هذه الحيرة عليك أولاً أن تفهم الفرق بين علم الله و مشيئة الله .

فالله عليم .. و علمه يتخطى الزمان و المكان .. فهو يعلم الغيب يعلم ما حصل و يعلم ما سيحصل .. فالله بعلمه يعلم كل تفصيلة من بدء الخلق و حتى نهايته .. يعلم من سيدخل الجنة كيف و ماذا فعل ليستحقها و يعلم من سيدخل النار و ما الذي فعل ليعاقب بها .. هذا يسمى علما ..

لنقل أن هناك أُماً .. تمتلك طفلين .. واحد مطيع و الآخر مشاكس .. تقوم برعايتهما بنفس القدر تطعمهما نفس الطعام و تلبسهما نفس الملبس و حتى أنها تدرسهما عند نفس المدرس و اشترت لهما نفس الكتاب .. لكن واحد يذاكر جيدا يسمع نصائحها كي يكون شخصا جيدا و الآخر مهما حاولت أن تقنعه بالدراسة و التعقل تمرَّد .. قد تضطر الأم أحيانا لعقابه .. أحيانا تحرمه من وجبته المفضلة كي يتفكر في غلطته .. و هي لو رأينا قلبها لوجدناه يتفتت رحمة عليه لكنه في نفسه يقول أمي حرمتني لكرهها لي أمي ظالمة..

قد تحرمه من لعبته التي تسليه كي ينتبه لامتحانه لكنه يقول أمي لا تجيبني حين أطلب منها ما أرغب فيه أمي لا تسمعني ..
و قد تضربه و لكن بحب لكنه يزداد عناداً و يقول أمي شريرة ..
الأم في مذكراتها كتبت .. ابني الطيب سينجح و ابني العاق سيرسب .. أعلم ذلك ..
و هذا ما حدث ..

فهل الأم من جعلت الراسب يرسب و الناجح ينجح ؟

كونها كتبت ذلك لا يعني أنها من جعلته يحصل بل خياراتهما .. هي علمت فقط لأنها تعرفهما جيدا فهي طوال سنوات قامت بتربيتهما .. طوال سنوات حاولت مع كليهما لأجل أن تجعل منهما شخصين جيدين .. لكن كل واحد و خياراته ..

لله المثل الاعلى سبحانه .. تنزه عن التشبه بعباده ..
الله سبحانه شاء لنا الخير .. و ما يبدو لنا كشر هو في باطنه خير .. فكم من مرض و خسارة مال و ولد و أحبة وابتلاءات لنستفيق و هي من دلالات الحب فالله يريدنا أن نجد الطريق إليه لأنه يعلم أن الحياة فانية و أنه يريد لنا فوزا أبديا .. لكننا نختار بعناد أن نبتعد عن طريق الله و أن نغرق في شبر من الحياة القذرة ..

الله لا يشاء إلا خيراً .. و لكنه يعلم كل شيء ،خلق القلم و أمره أن يكتب كل ما علم .. و كل ما شاء ..

هناك ما اختصه لنفسه و هناك ما أعطى لنا فيه خيار

اختار لنا الأرض و اللون و الشكل و الأهل و الزمن … و ترك لنا ما دون ذلك .. نختار ديننا و نختار أعمالنا و حتى أرزاقنا بالسعي لها .. نختار أن نكون أشقياء أو سعداء .. نختار أن ندخل جنة عرضها السماوات و الأرض أم ناراً وقودها الناس و الحجارة ..