"متلازمة الموهوب" .. هناك عبقري بداخل كل منَّا !

متلازمة الموهوب، هي الحالة التي تظهر فيها قدرات عقلية مذهلة جراء نوع من التلف الدماغي. ولم يتم التعرف إلا على عدد قليل من هذه الحالات، إلا أن وجودهم قد دفع العلماء للتفكير بأن هناك عبقرياً مختفياً بداخل كل منا، كما دفعهم للبحث عن طرق لإطلاق هذه الإمكانيات والقدرات الحبيسة.

متلازمة الموهوب

قال دارولد تريفيت، الطبيب النفسي الذي قضى ما يزيد على 50 عاماً في دراسة متلازمة الموهوب "تتبعت حالات متلازمة الموهوب المكتسبة التي مرت بي ووصلت إلى 70 حالة حتى الآن". كما تابع "يعتمد ذلك الرقم على الناس الذين يكتبون إلي، أو الأطباء الذين يكتبون لي عن مرضاهم. لم توثق الأدبيات العلمية سوى 25 حالة من هذه الحالات حتى الآن".

ماهي أسباب متلازمة الموهوب ؟

تختلف مسببات متلازمة الموهوب المكتسبة بشكل كبير، والنتائج أيضاً. هناك، على سبيل المثال، حالة توني سيكوريا، جراح العظام من نيويورك، الذي اكتشف شغفاً بعزف البيانو بعدما صعقه البرق، أو تومي مكهيو الذي بدأ في الرسم وكتابة الشعر بعد إصابته بالسكتة الدماغية. في الوقت ذاته، وثَّق باحثون بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو ظهور الإبداع البصري والموهبة الفنية لدى مرضى الخرف الجبهي الصدغي.!

ويقول تريفيت "إن القدرة الأكثر شيوعاً هي الفن، تليه الموسيقى. لكنني قد رأيت حالات تسبب التلف الدماغي لأصحابها في اهتمامهم المفاجئ بالرقص أو لعبة معالج الكرة والدبابيس".

متلازمة الموهوب

 ما تفسير هذه المتلازمة ؟

ويفسر تريفيت ما يحدث من ناحية المرونة العصبية (كيف يستجيب الدماغ للإصابة والخبرات الأخرى). "بعد إصابة الدماغ، يُستخدم جزء آخر من القشرة غير التالفة في الدماغ، ثم تحدث إعادة توصيل للوصلات العصبية مع الجزء غير التالف، وظهور القدرة الكامنة.
على الرغم من تعدد أسباب تلف الدماغ، ونتائجه، يشير المسح الدماغي للأشخاص المصابين بمتلازمة الموهوب المكتسبة إلى أنهم يعانون من أضرار مؤكدة ناحية مقدمة الفص الصدغي الأيسر. وهي الملاحظات التي دفعت تريفيت وآخرين للتكهن بإمكانية إيقاظ القدرات الشبيهة بالموهوبين عن طريق التعطيل المؤقت لتلك المنطقة من الدماغ تحت ظروف تجريبية.

وعمل آلان سنايدر، مدير مركز العقل في جامعة سيدني بأستراليا، على اختبار هذه الفكرة. في دراسة صغيرة نُشرت عام 2002، وجد سنايدر وزملاؤه أن تثبيط هذا الجزء من الدماغ باستخدام نبضات مغناطيسية أدى إلى تحسن طفيف في القدرات الفنية والتصحيح الإملائي لدى بعض المشتركين. وأظهرت دراساتهم اللاحقة أن نفس العلاج يمكن أن يؤدي إلى مهارات شبيهة بالموهوبين لدى المتطوعين المشاركين، محسناً قدرتهم - بشكل لافت - على حدس عدد الأغراض التي ظهرت لهم على شاشة الكومبيوتر بدقة، كما أنه قد يقلل من احتمالية استعادة ذكريات خاطئة.

وبحسب سنايدر، يمتلك الأشخاص ذوو القدرات الموهوبة ميزة الوصول إلى المعلومات الحسية التي لا تصل عادة للعقل الواعي، بسبب غياب التثبيط القادم من الفص الصدغي الأيسر. يمكن لهذا أن يفسر لم يركز المتوحدون الموهوبون على تفاصيل الأشياء الصغيرة، بدلاً من رؤية الصورة الكبرى، ولم قد يفضي التلف الدماغي والتثبيط التجريبي للفص الصدغي الأيسر إلى "إطلاق" قدرات شبيهة بالموهوبين.

بالتالي يعتقد سنايدر تريفت وآخرون أننا نمتلك قدرات كامنة مثل الموهوبين، يمكن استغلالها بالعديد من الطرق.

هل يمكن الكشف عن القدرات الكامنة ؟

التحفيز المغناطيسي للمخ هو أحد الطرق المحتملة للكشف عن هذه القدرات الكامنة، ويتابع تريفيت " توجد طريقة أخرى هي التحفيز كيميائياً. نعلم أن الأمفيتامين له آثار نافعة على الذاكرة قصيرة المدى، لكن المشكلة هي أنه يسبب الإدمان. وبنفس الطريقة، تؤدي عقاقير الهلوسة إلى إظهار مختلف الأشياء، بعضها جيد والبعض الآخر ليس كذلك".

وتابع "أؤمن أن هناك قدرة كامنة داخل كل منا، وأعتقد أن بإمكاننا استغلالها بطريقة ما. إلا أنها ليست من النوع العبقري، قد تجد بعض العباقرة، إلا أننا لسنا جميعاً بيكاسو أو رامبرانت، لذا هناك المخاطرة بالأمل الزائف، وهو ما علينا أن نحذر منه".

مصادر: The Guardian / mnn / neurowiki2013.wikidot