كيف يتم التلاعب بإدراكنا ؟!

في الواقع،إن تثبيت أي شيئ في إدراكنا يمكن الوصول إليه بشكل اصطناعي ،وذلك عن طريق تكرار المعلومات والآراء.. فعلى سبيل المثال ،يُمكن للحملات الدعائية المكثّفة أن تجعل "حتى السيارة العادية تبدو جذابة".
قِس على هذا العديد من الأشياء: الحملات الانتخابية التي تُغرق الشوارع ووسائل الإعلام بأسماء المرشّحين وصورهم، الأعراف المجتمعية المسلّم بها دون تدقيق أو تساؤل، وهلمّ جرًا.


ليس التكرار هو الطريقة الوحيدة لتوليد السهولة الإدراكية. هناك العديد من الوسائل البصرية التي ترتاح إليها العين وبالتالي يميل العقل إلى تصديق ما تعبّر عنه. الصور التي تتمتع بمعدل تباين Contrast عالٍ نشعر بأنها أفضل من الصور منخفضة التباين، وهو ما يفسّر أثر مرشّحات تطبيقات "انستجرام" و"ريتريكا" على تحسين الصورة.

أيضًا فإن المقاطع المصوّرة ذات الصوت النقي والصورة عالية الوضوح تبدو محببة أكثر. أما المقاطع منخفضة الوضوح أو التي تنخفض فيها جودة الصوت تتطلب المزيد من الجهد الإدراكي، إذ يتوتر العقل، ويبدأ في البحث عن مصادر الخطر المحتمل في ثنايا المشهد غير الواضح. 

طريقة أخرى ربما تودّ تذكرها عند اختيار اسمٍ لشركتك أو مكتبك: مكاتب المحاماة التي تحمل اسمًا أسهل في النطق تحصل على عدد أكبر من القضايا، والشركات التي يمكن نُطق اختصاراتها في سوق تداول الأسهم، مثل "ليف" LEAF و"ميب" MEP، عادة ما يكون أداؤها جيدًا بالمقارنة بالاختصارات غير المنطوقة، مثل "إي إس إن تي" ESNT. والسبب؟ سحر السهولة الإدراكية.

آلية الإدراك

آلية الإدراك

آليات السهولة الإدراكية لها أهميتها، خاصة أنها تلعب دورًا كبيرًا في العملية الإبداعية، إذ تساعد في إيجاد علاقات باطنية تربط الأشياء ببعضها، كما أنها تورث الكثير من الراحة وسرعة البديهة، وتساعد على إنجاز المهام الروتينية التي لا تتطلب مجهودًا عقليًا كبيرًا مثل التسوق.

لكن يمكنها أيضًا أن تجعلك سهل الانخداع، يمرّ من تحت أنفك الكثير من المغالطات والحِيل. لذلك فالأفضل هو أن نكون على وعيٍ بالأوقات التي تتطلب منّا مزيدًا من الجهد العقلي، والأوقات التي يمكن فيها الاسترخاء والاستمتاع بأشياء، دون الحاجة إلى كثيرٍ من القلق.