شخص واحد ينتصر على دولة !..ملك الكوكاييين في العالم بابلو إيميلو إسكوبار

في أمريكا اللاتينيَّة وبالضبط (كولومبيا) ،عاشَ بابلو إيميلو إسكوبار جافيريا، طفلًا فقيرًا في ريف كولومبيا، لكنّ الطفل الفقير كانَ يحدُوهُ أملٌ خفَّاق، أملٌ في ألا يصبح فقيرًا، أو مهملًا، وكلَّفهُ حلمهُ هذا حياته، وحياة الآلاف من أبناءِ بلده.

ملك الكوكاييين في العالم بابلو إيميلو إسكوبار

احترف إسكوبار تهريب المخدَّرات، خصوصًا الكوكايين، في السابعة والعشرين من عمرهِ أصبَح عرَّابًا للمخدرات في كولومبيا. بدأ إسكوبار في تمديد تجارته وتهريبه للمخدرات، فأسس كارتيل ميديلين مع غيره من كبار مهربي الكوكايين والمخدرات في ميديلين، كان دخل هذا الكارتيل اليوميّ 60 مليون دولار.

بهذا أصبح إسكوبار ملكًا للكوكايين في العالم، وأصبح يسيطر على 80% من تجارته في العالم، فخيوط إمداد الكواكيين امتدت ليس فقط لشواطئ ميامي الأمريكيَّة، وإنما إلى بيرو وفنزويلا وبوليفيا والهندوراس.

في عام 1989، أدرجته مجلة فوربس كسابع أغنى رجل في العالم، بصافي ثروةٍ بلغت 25 مليار دولار. وصُنّف حينئذٍ كـ أغنى خارج عن القانون في التاريخ، بالطبع ليس هذا الجانب هو المهم فقط في حياة إسكوبار، فهو ابن ميديلين الفقير لم ينسَ رفاقه وجيرانه، بل لم ينس الفقراء في ميديلين كلها، فأسس مدارس ومستشفيات ومنازل للفقراء، ولذلك أطلقوا عليه روبن هود، وبدأ في استخدام شهرتهِ هذه لحجز مقعد في البرلمان الكولومبي!

إسكوبار في البرلمان 

ملك الكوكاييين في العالم بابلو إيميلو إسكوبار

بدأ إسكوبار رحلته في عالم السياسة، ودخل البرلمان بالفعل عام 1982، مرشحًا بديلًا للحزب الليبرالي الكولومبي، الحزب الذي حظي بدعمٍ هائل من أموال إسكوبار التي لا تنفد. في البرلمان لم يرحِّبوا به، فابن ميديلين الفقير لا يجب أن يكون ممثلًا عن الشعب، كانت أموال إسكوبار مصدر قوته هي نفسها مصدر ضعفه، فصعوده السريع جعل معارضيه ينشطون في التحقق من مصدر أمواله الكثيرة، كان إسكوبار يقول إن أمواله جاءت من شركة تاكسيات صغيرة يملكها، لكنّ هذه الحجة لم تقنع معارضيه، خصوصًا أنَّه كان قد صرح أنه سوف يقوم بتقديم 10 مليارات دولار لسد ديون بلاده، بالطبع كان يحدو إسكوبار طموحٌ آخر أكبر، أن يصبح رئيسًا لبلاده!

استطاع معارضوه، وعلى رأسهم وزير العدل والمدعي العام رودريغو لارا بونيلا، أن يعودوا لسجلاته القضائيَّة، ووجدوا أنّ إسكوبار قد سُجن وهو شاب، عام 1976 بتهمة تهريب المخدَّرات.
في الحال، كان الضابطان اللّذان قبضا عليه في عداد الموتى. طرد إسكوبار من البرلمان، لكنّ معارضيه، والذين تسببوا في طرده كانوا أول ضحاياه، والآلاف الأخرى من ورائهم، فقد دخل إسكوبار حربًا مفتوحة ومجنونة مع الحكومة الكولومبيَّة، وحتَّى مع السياسيين الكولومبيين.

أوَّل هؤلاء الضحايا، كان عدوه الأول، بونيلا الذي تسبب في طرده من البرلمان. فقد قتله شابان يركبان دراجة نارية عام 1984. وخلال ثمانية سنوات قادمة، كان ضحاياه بالآلاف، صحفيون، وسياسيون، ومحامون، ورجال شرطة، وحتَّى المرشحون للرئاسة. فقبيل انتخابات عام 1990 الرئاسية قتل ثلاثة مرشَّحين رئاسيين.

إسكوبار أغنى خارج عن القانون في التاريخ

ملك الكوكاييين في العالم بابلو إيميلو إسكوبار

كان إسكوبار أغنى من حكومة بلاده، وجميع أحزابها السياسيَّة، فكان يستطيع أن يضع مكافآت على رؤوس خصومه، وكان ينتصر دومًا، فقد وصل ضحايا هذه الحرب (1984 -1991) إلى 7081 قتيلًا، منهم 600 شاب فقط من رجاله.

في تلك الفترة صُنِّفت كولومبيا كأول دولة في نسب القتل حول العالم. ولأنّ إسكوبار انتصر على دولته، بعد حصاره للمحكمة الدستورية العليا وتفجير جزءٍ كبيرٍ منها، واحتجاز 300 محامٍ وقاضٍ، اضطر الرئيس بالنهاية إلى توقيع اتفاقية معه لوقف أعمال العنف، سلَّم إسكوبار نفسه للحكومة واعترف بقضية واحدة يحاكم عليها، لكنَّهُ بنى سجنه الخاص ليسجن فيه!

لم تدم هذه الاتفاقية طويلًا، فقد قَتَل إسكوبار داخل سجنه الخاص بعضًا من أتباعه وقامت الصحافة وسلَّطت الأضواء على هذا الموقف، فهرب بابلو من سجنه وبدأ في حربه من جديد مع الحكومة، لكنَّهُ هذه المرة قُتل، وحيدًا.. بحارسٍ شخصيٍّ واحد، في أحد بيوت ميديلين الراقية. بلاده، كولومبيا، لم تكن تستطيع أن تقتله لولا اشتراك إدارة مكافحة المخدرات الأمريكية في الأمر.

وأخيرا يمكن استخلاص أمرين في حياة بابلو جافيريا، أولًا: الفقر المريع الذي كان يعيشُ فيه ويكرهه كطفل عاش يتيمًا يبحثُ عن مأوى دومًا، النقطة الثانية والأهم والأبرز، عندما قام معارضوه بمواجهته بأنَّهُ تاجر مخدرات ليس إلَّا، كان إسكوبار يعتقد أن السياسيين ليسوا أخلاقيين، مثله بالضبط. بل هو أفضل منهم لأنه يهتم للفقراء حقًّا. مواجهة إسكوبار بحقيقة أنه تاجر مخدرات وطرده من البرلمان، جعلته يبدأ حربًا لمدة ثماني سنوات لم ينهها إلا مقتله.