تمالك نفسك و عش هادئ الأعصاب تنجح

لو علم المرء مدى العلاقة بين أعصابه و أعضاء جسمه ووظائفها المختلفة، لعمل على الاحتفاظ بهدوء أعصابه، ليعيش سليما معافى. و لكن الكثيرين يعتقدون أن الجهاز العصبي لا يسيطر إلا على أعضاء الجسم الخارجية فقط، فلا يتحكم إلا في الحركة و المشي و الكلام.

تمالك نفسك و عش هادئ الأعصاب تنجح

و الصواب أنه يسيطر على جميع الأعضاء و الأجهزة الداخلية بما فيها القلب و الأوعية الدموية، و الجهاز الهضمي و التناسلي و البولي و الرئتين.

و يجب أن يعلم المرء أن المؤثرات النفسية المختلفة مهما كانت بسيطة تؤثر في وظائف كثير من أعضاء الجسم و إفرازات غدده الداخلية، فعند خوفه أو غضبه تزداد ضربات قلبه و يرتفع ضغط دمه و ترتجف أطرافه، و كثيرا ما يتصبب منه العرق. و يصاب كثير من الطلبة بإسهال أو إدرار في البول قبيل دخول الامتحان .. أما في الفرح فينخفض ضغط الدم و يشعر الإنسان بنشاط غريب و تزداد شهيته للأكل.

و قد أثبت الطب الحدث أن كثيرا من الأمراض العضوية كارتفاع ضغط الدم و الذبحة الصدرية و البول و السكري و قرحات المعدة و تقلص القولون و الربو و الأرتيكاريا و الصداع تنشأ في أكثر الأحيان من الاضطرابات النفسية، و قد أمكن شفاء كثير من هذه الحالات بالعلاج النفسي بعد أن فشلت فيه جميع الوسائل الأخرى. و تظهر هذه الأمراض أو بعضها في الشخص المنطوي على نفسه ذي المزاج المرهف، إذا تعرض لصدمات نفسية شديدة و لم يتمكن من التغلب عليها، و حينئذ تتوتر أعصابه فتضطرب وظائف جسمه و غالبا ما تتركز الأعراض في عضو من جسمه خصوصا إذا كان عضوا ضعيفا في الأصل . و اذكر حالة صديق كان يعاني أزمة نفسية حادة بسب  تخطيه في الترقية، فأصيب بذبحة صدرية شديدة كادت تودي بحياته، فلما أنصفته الحكومة و نال ترقيته، هدأت أعصابه و شفي من مرضه.

و لكي تعيش بأعصاب سليمة يجب عليك أن تتجنب التفكير المستمر و العمل المتواصل فإن لنفسك كما لبدنك عليك حقا، فعليك أن تنسى أن عملك بمجرد انتهائه، و أن تخلد إلى الراحة من أعمالك و مشاغلك كلما سنحت لك الفرصة و عليك أن تغتنم عطلة آخر الأسبوع و العطلات الصيفية لتحقيق ذلك ، و يجب أن تقضي هذه الفترات بعيدا عن محيط عملك، في رحلات بعيدة أو رياضة نافعة، فإذا عدت إلى عملك كنت هادئ البال نشيطا. و يمكنك أن تستلقي مدة كل يوم في الفراش مسترخيا، في هدوء، غير مفكر في شيء، فتشعر بعدها براحة نفسية و بدنية.

و احذر الهم و الغضب و اليأس فهي أعدى أعدائك، و عواقبها وخيمة. فالهم قاتل، و يجب عليك أن تتغلب بإزالة أسبابه و بقوة إرادتك و إيمانك. أما الغضب فتذرع له بالحلم و ابدأ يومك بهدوء و ابتسامة، و ستجد أن ليس ثمة ما يوجب الغضب في أكثر الأحيان.

و يجب أن تتخذ قرارا معينا في كل موقف أو صعوبة تقابلك بعد روية و تبصر، و أن تسعى لتحقيق هذا الهدف بصبر و جلد، و احذر المواقف المعلقة و أنصاف الحلول فإنها تؤدي بك إلى التفكير المستمر و القلق الشديد. و لا تندم على شيء فات أو خسارة أصابتك، لا فائدة من الندم. و ليكن ذلك الموقف أو تلك الخسارة حافزا قويا يدفعك إلى الأمام. و اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، و اعمل لآخرتك كأنك تموت غدا، و عش هادئ الأعصاب تعيش سليما معافا.