من أسرار النجاح .. أن يكون لك حسَّاد ومنافسين!!

السلام عليكم زوار مدونة عالم تعلم .. قلما تخلو حياة امرئ من حساد و منافسين و أعداء ،ولاشك في أن الشعور ببغض هؤلاء ، و الرغبة في الإنتقام منهم ، مما لا مناص منه و لا معدي عنه يحكم الطبيعة ، على أن هذه الرغبة و ذلك الشعور كثيرا ما يشتدان و يستبدان بصاحبهما إلى حد يجعل حياته كلها جحيما من العذاب و الشقاء .. 


فيفقد شهيته إلى الطعام ، و يجافيه النوم ، و يضطرب تفكيره ، و تسوء علاقاته بأقربائه و أصدقائه ، و بكل من له اتصال بهم خصوصا إذا لم يستطع أن ينفس عن نفسه ، و يبعد عن مخيلته صور أولئك العداء و ما يعتقد أنهم خدشوا كرامته أو اغتصبوا حقا ثابتا له ، أو نسبوا إليه من التهم ما هو بريء منه .

دعك منهم..

فلو أن هذا الحاقد الغاضب علم أن قلقه و أرقه و تمزق أعصابه مما يفرح خصومه و يزيد في شماتتهم به ، لجاهد نفسه جهاد الأبطال ، و لتركهم و شأنهم ليموتوا بغيظهم بدلا من أن يموت هو بغيظه .
و قد أحسن مكتب البوليس في إحدى الولايات الأمريكية ، حين وزع على أهلها نشرة من نشرات الإرشاد و الدعاية للأمن و النظام ، قال فيها : 
" إذا أهانك أحد صغار النفوس ، أو إذا أراد أناني حقود أن يستغلك ، فاكتف بأن تمحو اسمه من قائمة أصدقائك و عملائك ، و لكن حذار أن تكنَّ له في نفسك شيئا من الحقد و العداوة و البغضاء ، فإن ذلك يضرّك و يؤذيك أكثر مما يضره هو و يؤذيه "

و قام أحد الأخصائيين ببحث حالات مئات من المصابين بارتفاع في ضغط الدم ، و مئات المصابين بأمراض القلب ، فوجد أن حوالي 99 % من هؤلاء قد جنوا على أنفسهم و ألقوا بها بن براثن هذه الأمراض الفتاكة بالاندفاع في طرق الحقد و الانتقام ، كما تبين أن عددا غير قليل من مرضى الحقد هؤلاء ، قد انتهى بهم الأمر إلى أن خروا صرعى على إثر نوبة غضب شديدة ، أو بالسكتة القلبية .

و لاشك أنك صادفت ف حياتك سيدات كثيرات ، لم يجاوزن سن الشباب ، و لكن وجوههن غاضت نضارتها و حيويتها و علتها الكآبة و التجاعيد و عيونهن فقد سحر نظراتها و بدت مخيفة مرعبة كأنما ترسل شواظا من نار.

و لعلك عجبت من هذه الظاهرة ، و استعصاء علاجها على الطب .. و شتى وسائل التجميل . و يزول عجبك حين تدرك السبب .. و هو أنّ هؤلاء الشابات الشيخات قد طويت قلوبهن على حقد و غل و عداء ، إزاء آخرين أو أخريات ، و لو أنهن أحببن أعداءهن ، أو – على الأقل – أمسكن عن الغضب و البغضاء لما جنين على أنفسهن تلك الجناية الشنعاء ، و لحاذرن أن يحترقن بالنار التي أشعلنها لحرق الأعداء ، كما قال " شكسبير ".

صحتك قبل حسادك ..

إن الصفح و التسامح من أهم عوامل النجاح في الحياة العملية . و قد حدثني صديق نمساوي بأنه اضطر خلال الحرب الأخيرة للهجرة إلى السويد . و لم ير هناك بدا من البحث عن عمل يعيش منه ، و لما كان يتكلم و يكتب أكثر من لغة ، فقد كتب إلى مديري بعض المؤسسات الصناعية و التجارية المشهورة يطلب عملا ..

أجابه أكثرهم بذلك الجواب التقليدي المعروف .. " أي بإبداء أسفهم لعد وجود وظائف خالية ، و الوعد بالاتصال به في المستقبل عندما تحين فرصة لتعيينه في الوظيفة المطلوبة " و لكن أحد هؤلاء المديرين أبى مع رفض طلبه .. إلا أن يشذ عن هذه القاعدة ، فرد على كتابه قائلا : " إني لم أ في حياتي أكذب منك . فأنت تزعم أنك تجيد عدة لغات منها السويدية ، بينما كتابك مليء بالأخطاء . و لسنا الآن في حاجة إلى موظفين جدد ، و لكننا إذا احتجنا إلى موظف فيما بعد ، فلن نختار كاذبا مغرورا مثلك " .

و قرأ صديقي هذا الكتاب فثارت ثائرته ، و عزّ عليه أن يرد عليه المدير الأحمق هذا الرد الجاف ، و أن يتهمه بالكذب بينما الرد الذي تلقاه منه هو المليء بالأخطاء . و سرعان ما أمسك القلم و راح يرد على كتاب المدير بكتاب آخر أودع فيه كل ما عرفه بالسويدية من عبارات اللعن و السباب . 

و ما أن أتمّ الصديق كتابة هذا الرد ، حتى كانت أعصابه قد هدأت ، فعاد إلى نفسه قائلا : " إن اللغة السويدية ليست لغتي الأصلية ، و قد بعد عهدي بدراستها ، فلماذا لا أكون حقا قد أخطأت في كتابتها ؟ . و لماذا لا أستأنف دراستها حتى أجيدها إذا شئت أن أحصل على وظيفة ؟ " . 

و كان أن مزق الخطاب الذي ملأه باللعن و السباب و كتب خطابا آخر إلى ذلك المدير قال فيه : " إني عاجز عن شكرك يا سيدي لإضاعة وقتك الثمين في الكتابة إليَّ – مع أنك في غير حاجة إلى ذلك – و لكنك أردت أن تنبهني إلى أخطائي ، و تدلني على غروري الذي سوّل لي الإدعاء أني أجيد اللغة السويدية ، و قد قررت أن أستمع لنصيحتك الثمينة ، فأعاود الدرس و التحصيل حتى لا تتكرر أخطائي " . 

و لم تمضي أيام حتى تلقى صديقي ردا آخر من المدير على خطابه الجديد يطلب إليه فيه التوجه لمقابلته ، ثم أسند إليه وظيفة في المؤسسة أكبر من الوظيفة التي طلبها .
يقول " كونفوشيوس " : " ليس أمرا غريبا أن يخطئ الناس في حقك ، و لا أن يختطف لقمتك من فمك ، و لن يضرك هذا أو ذاك شيئا ، ما لم تواصل التفكير فيهما ، ملقيا بنفسك فيما كان أحراك أن تبتعد عنه من الهموم و الحسرات " .

و قد كانت " ادايث كافل " ممرضة كآلاف الممرضات في الحرب العالمية الأولى ، و راحت تطعمهم و تمرضهم ثم عاونتهم على الهرب إلى هولندا ، فقدمت للمحاكمة و قضي بإعدامها . 
و في صباح اليوم المحدد لإعدامها ، زارها القسيس كما جرت العادة . فكانت آخر كلماتها أن قالت : " أني أومن أن الوطنية وحدها لا تكفي ، ينبغي ألَّا أكنَّ كراهية أو بغضا لأحد " .
و بعد أربع سنوات نقلت جثتها إلى إنجلترا ، و أقيمت لها جنازة و نقشت هذه العبارة على قبرها . 
" من العوامل التي تمكن المرء من الصفح عن أعدائه و نسيان أخطائهم ، أن يكون له هدف واضح في الحياة ، يركز تفكيره كله في بلوغه " .

و قد سئل العالم الاجتماعي " لورنس جونس " ، عن رأيه في أعدائه الذين حاربوا دعوته إلى تعليم الفقراء و خدمتهم ، و هموا بشنقه ، فأجاب قائلا : 
" لم يترك لي اهتمامي بهدفي و تحقيق رسالتي وقتا للكراهية أو الحقد " .

و كان " لنكولن " يقول : " لا تلوموا أحدا و تحقدوا عليه مهما تكن خطيئته كبيرة ، فإنما نحن جميعا أبناء الظروف و البيئة و درجة التعليم و الوراثة . و لو أنكم ورثتم الصفات العقلية و البدنية و الميول العاطفية التي ورثها أعداؤكم ، و لو أنكم كنتم في مثل ظروفهم ، لصنعتم مثل ما صنعوا "

فلندع إذا بغض أعدائنا ، و لنعفف أنفسنا من التفكير في الانتقام ، و إلا آذينا أنفسنا أكثر مما آذونا ، خصوصا و عمر المرء محدود ، فلماذا نضيعه في تعكير صفونا بالتفكير في من لا نحبهم ؟ .
دعك ممن لا تحبهم ... لا تفكر بهم .. و كرههم لك .. و امض في طريقك ليشربوا البحر و يموتوا غيظًا ..