لماذا نخطئ في هذه الدنيا !!

هل من الممكن أن تحتوي الحياة على ذلك الحل السحري الموجود بلوحة مفاتيح الكنبيوتر "Echap" ،والذي يتيح لنا أن نتراجع عن أخطائنا وما فعلناه في لحظات السهو و الخطأ و الغفلة ؟ !

لماذا نخطئ

أليس من الجيد أن يتملك المرء منا القدرة على أن يقوم بمسح الأجزاء التي لا يريدها من حياته ،ويستبدل بدلا منها أوقاتا أكثر نُضجا ووعيا و إدراكا !

في الحقيقة أن كلا السؤالين – فضلا عن عبثهما – من أسوأ الأسئلة التي يمكن أن يطرحها المرء منا ،فهي –برغم حاجتنا لتأملها ابتداء – قادرة على إثارة حالة من العبث و الفوضى أكثر مما تضيفه من الوعي والاتزان.

فلحظات التخبط و الضعف هي التي تزيد وعينا ،وتوسع مداركنا ،وتثري مخزوننا من الحكمة و الصواب و الفهم ،وكثير من عظماء الحياة يمكنك أن تلحظ عظمتهم في لحظات ضعفهم ،أو زللهم ،أو خطئهم ،حتى إن كتاب السير كانوا يبحثون كثيرا عن تلك اللحظة الحاسمة التي صنعت الشخصية التي يكتبون عنها ، تلك اللحظة التي كانت في الغالب خطأ كبيرا ،أو انكسارا مؤلما ، أو قلة وعي و إدراك ،أو ربما فشلاً ذريعا !

حتى أديسون أحد أكثر من حصلوا على براءات اختراع في التاريخ و مخترع المصباح الكهربائي ، كان دائما يتفاخر بتجاربه الفاشلة ، التي اقتربت من الألف طريقة دون أن ينجح في اكتشاف المصباح ،و يقول " ها قد أصبحت لدي ألف طريقة متأكد أن إحداهما لا تصنع مصباحاً "

ذلك الفخر الذي يعني أن ثمة فائدة من ورائه ستتحقق . وقد كانت.
لقد توقفت يوما سائلا نفسي عن اللحظات التي لو عاد الزمان لحذفتُها من حياتي فلم أعشها قط ،وصدقا أجيب "لاشيئ" ، فحياة المرء منا تُبنى أحدثها فوق بعضها البعض كأي مبنى حجري ، وما من نجاح إلا و يتكئ على قاعدة من العمل و الجد و الجهد .. و أيضا الفشل والتعثر والإخفاق !

لماذا نخطئ

لا أدعي هنا أننا يجب أن نقع في كل الأخطاء كي نتعلم بشكل كامل ..
فالذكي من اتعظ بغيره ،واستلهم من تدابير القدر ،وتقلب الناس ،ودوران الأيام أية و حكمة و درسا ،ووفر على نفسه ألم التجربة ،والزمن الذي يحتاجه للوعي و العودة إلى دائرة التصحيح.

لا أحاول أيضا أن أبرز خطأ ارتكبته يوما ما فجميع أخطائنا يجب أن نصححها و نعتذر عنها ،لكنني أود التنبيه على أننا سنخطئ بلا شك ،ولن نملك عند الخطأ خيار الحذف و التراجع ، لكننا نملك خيارات أخرى أكثر نفعا و جدوى ،وهي خيارات ( الندم و التوبة واستلهام الدرس والعبرة ) ، الندم على ذنب اقترفته في جنب الله ،وتوبة عن الرجوع إلى نفس الخطأ  أو الزلل ثانية ، و استلهام العبرة من ذلك الخطأ و الزلل و عدم الذهول عنه ،وغض الطرف عما يحمله من حكمة و درس و عِظة.

و لعل هذا ما عناه سيد الخلق محمد صلى الله عليه و سلم حين قال في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه :" لو لم تذنبوا لذهبَ الله بكم ،وجاء بقوم يذنبون " ،و في رواية " ثم يستغفرون فيغفر لهم " ،فهو تصريح بأن الخطأ يعدُّ أحد أسباب تحقق وجودنا على هذه الأرض ، و التفاصيل بين البشر يكون في قدرة كل شخص منهم على تصحيح الخطأ لذي ارتكبه ثم الاستفادة القصوى منه.

وهنا حري بك ألا تطمح في ضغط أي أزرار للحذف و إنما يكفيك عند الكبوة و السقوط أن تقول : "أستغفر الله " صادقا في ندمك مستشعرا ضعفك وحولك أمام قوة الله و سلطانه و إمداده و إعانته لك سبحانه... وحينها فقط تشعر بطعم الحياة الحقيقي.

مصدر : كتاب كم حياة ستعيش ؟ - كريم الشاذلي -