النجاح السهل .. هل اتباع خطوات محددة يجعلك شخصا ناجحا حقا ؟!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ... أريد النجاح ، و أن أكون ذا شأن ، فهل من " مفاتيح عشر " ، أو " عادات خمس " ، أو " خطوات سبع " كي أصل إلى أهدافي و أحقق كل ما أريد ، آمل أن تعطيني خطوات محددة تجعلني شخصا ناجحا .
و هذه رسالة أخرى من صديق يحسن الظن بي ، و يريد مني " روشتة " سريعة ، يقرأها فيصبح شخصا ناجحا عظيما .

النجاح

يا صديقي ..

إننا مهما كتبنا و قلنا عن النجاح و التفوق ، يظل ما نطرحه ليس ذا قيمة إذا لم ندرك السر الأكبر و الأهم وراء تحقيق كل ما نريد و نشتهي ، و هو أن نتحلى بالوعي الكامل بأن تحقيق الآمال و الأماني ، لا يكون سوى ببذل المزيد و المزيد من العرق و الجهد و الكفاح ..

كثير منا يريد أن يصعد على خشبة المسرح ليستلم الجائزة ، و يعتلي منصة التتويج ليرفع الكأس ، دون أن يقدر حجم الجهد المبذول ، و العرق المدفوع ، و المعاناة التي أخذت من نفوس الأبطال و العظماء ؛ حتى صعدوا على المنصة و نالوا التكريم و الاحتفاء.

من الجيد أن نقرأ عن تحديد الهدف ، و نتعلم  ما يعيننا على زيادة ثقتنا بأنفسنا و نتفكر في طرق لإدارة أولوياتنا ؛ لكن الأهم من كل هذا أن تكون نار الهمة مشتعلة بداخلنا ، ويصل  لهبها إلى أعلى نقطة فينا فيظهر في العين شرر العزم ، و تجري على اللسان مفردات الهمة و الطموح ، و فوق هذا جسد لا يعرف التخاذل و عقل لا يتوانى عن دفع تكاليف النجاح مقدما .

يقول الشاعر الإيطالي دانتي :
"المجد لا ينال في الفراش و لا تحت الأغطية .. إن قوة الروح تظفر في كل معركة " 

إن الأحلام مقيدة بهمم أصحابها ، و بيدهم لا بيد غيرهم أن يجعلوها حقيقة وضاءة الشرط الأول أن يدفعوا الثمن ، و يثبتوا صدق نيتهم ، و حقيقة دعواهم .

و تذكر يا صديقي ..

النجاح

إنه بجوار العمل و الكدح ، ستحتاج أن تخالط من يذكرك بهدفك دائما ؛ سواء بلسانه أو أفعاله ؛ فإن النجاح عدوى كما أن الفشل عدوى ! و ما أكثر النبغاء الذين أثبطهم عن بلوغ الغاية فيروس التراخي ، جاءه من كسول يجالسه ، أو خامل فأثبط همته ..

في كتاب " سجن العمر " يحكي توفيق الحكيم ، أنه أثناء دراسته في كلية الحقوق ، كان التعب و الرغبة في النوم تتملكه ، فيهم بغلق الكتاب و الخلود إلى الفراش ، فيذهب إلى نافذة غرفته و ينظر من خلالها ، فيرى نافذة زميل له في نفس الكلية مضاءة برغم تأخر الليل ، فيدرك أن زميله منكب على كتبه و دروسه .. و عندها يقاوم " الحكيم " نوازع الكسل و الفتور ، و يعود إلى المذاكرة و التحصيل ، و السبب - كما يؤكد الحكيم – أن هذا الزميل لم يعطه بنومه الإغراء المعنوي لينام و يخمل ، و إنما هيج حماسته ، و أيقظها .

الاحتكاك بالعظماء قادر على أن يجعلك عظيما ؛ بشرط أن تتعلم من عظمتهم و تحاكيها ، و تستلهم منها غيرة إيجابية تدفعك إلى بذل العرق و الجهد و التعب لتكون مثلهم .. و ربما أعظم .

و لكن احذر يا صديقي ..

أن تقع في فخ كثيرا ما وقع فيه الكثيرون ، و هو أن تذثل عن مواهبك ، و قدراتك و امكاناتك ، فتطلب ما ليس لك ، و تشتهي ما لا تقدر عليه !
احذر أن تطلب ما لا تؤهلك له إمكانياتك ، أن تطمع في أن تكون كفلان ، دون أن تسأل نفسك في صدق عن قدرتك و قدراتك و هل يمكنها أن تؤهلك لنيل ما ناله فلان هذا ؟
و إياك ثم إياك أن تفقد حماستك جراء عقبة أو انتكاسة أو سقوط ؛ فإن فشلنا هو الذي يقوينا ، و يشحذ حماستنا ؛ لنعيد الكرة بعدما نتعلم من درس السقوط ..

فلا تتوقف عن الأمل أبدا ، ؛ فالتوقف عنه - كما يقول الأديب الأيرلندي جورج برناردشو - : " لا يعني سوى أن مأموريتك في الحياة قد انتهت ، و أن الموت هو ما يجب أن تتجهز له .

و ختاما ..

العظمة

فإن العظمة يا صديقي و النجاح لا تكون فقط بالظهور على السطح ، و الوقوف على المسرح و مواجهة فلاشات الكاميرا ، فإن العظمة الحقيقية أن تكون إنسانا صالحا ، ممتلئا بالغبطة ، و الشكر لله و الناس و الحياة ..

النجاح أن تكون عضوا فعالا ، نجما في عملك ، سعيدا في أسرتك ، بارا بأهلك ، يذكرك الناس فتنفرج الأسارير ، و تغيب فيفقدك الجميع ..

و ليس هذا بالأمر المستحيل يا صاحبي ، لكنه أيضا ليس بالأمر السهل .
و على هذا جرت سنة الله في الكون .

من كتاب : كم حياة ستعيش ؟ - كريم الشادلي -