متعددي الألسنة .. جوزيبي غاسبار ميزوفانتي يتقن 39 لغة

رواد عالم تعلم ، السلام عليكم ورحمة الله ، إذا بحثنا في غوغل عن دروس لتعلم اللغة الإنجليزية، وهي أكثر اللغات سرعة في الانتشار عالميا، سنجد ملايين النتائج وآلاف المواقع التي توفر دروسا سهلة وبسيطة لتعلم هذه اللغة.


لكن الكثيرين من الأشخاص العاديين إما يجدون صعوبة في تعلمها أو يتكاسلون عنها بأن يكتفوا بتعلم المفردات الأساسية من أجل التواصل جزئيا مع المتحدثين بها أو البحث بواسطتها أو لربما وضعها كميزة على سيرتهم الذاتية فقط.

يجاهد الواحد منا في حياته بما فيها مرحلة الدراسة ليتعلم لغة من اللغات ويتقنها من دون أن يقع في أخطاء.

يبذل من أجل ذلك جهدا كبيرا ويقضي وقتا طويلا في تعلم المفردات والقواعد الأساسية وغيرها، وفي الأخير وإذا أجادها بعد عناء ينتقل ليتعلم لغة ثانية غير لغته الأم وكذا بعد عناء إن أتقنها إتقانا نسبيا يسمح له بالتواصل عبرها يتوقف عند هذا الحد. فتجد أن أكثر الأشخاص الذين يتقنون اللغات يتقنون لغتين على الأكثر بالإضافة إلى اللغة الأم.

لكن هل تعرفون أن هناك فئة من الناس يطلق عليهم "Polyglots" أو متعددي الألسنة، وهم الأشخاص الذين يجيدون عديد اللغات إجادة تامة.

 نعم الأمر ليس مزحة، إنهم كذلك فعلا، البعض منهم يجيد عشرات اللغات التي يستحيل أن تعد على أصابع اليد الواحدة.

من بين هؤلاء اخترنا لكم شخصية تاريخية معروفة بإتقانها لأكثر من 39 لغة، وفي بعض المصادر قرابة السبعين لغة. إنه الكاردينال الإيطالي جوزيبي غاسبار ميزوفانتي. الذي عاش في القرن التاسع عشر الميلادي (1774-1849).

 كاردينال أيطالي، و عالم لاهوت مشهور في القرن التاسع العشر، في شبابه عين مساعد أمين مكتبة في معهد بولونيا، و منه ترقي في المناصب حتى وصل لأستاذ تدريس اللغة العربية  في المعهد، و منه الى رئاسة قسم اللغات الشرقية.

اشتهر باتقانه 39 لغة، و منها العديد من اللغات القديمة كالسريانية، و كما اشتهر باتقانه للعديد من اللكنات بشكل ماهر، مما جعله دوماً من خاصة الملكية كسفير و متحدث رائع مع الوفود الأجنبية.

كان ميزوفانتي يعمل كبروفيسور للغة العربية في جامعة بولونيا عام 1797 وبعدها بروفيسورا للغات الشرقية واللغة اليونانية بنفس الجامعة قبل أنينتقل إلى روما حيث عين كأمين عام لمكتبة الفاتيكان قبل أن يرقي لمرتبة كاردينال في العام 1838.

اشتهر ميزوفانتي مبكرا حينما كان في العشرينيات من عمره بإجادته لعدة لغات. في العام 1836 زاره مجموعة من السياح الإنجليز وعندما سألوه عن عدد اللغات التي يعرفها، تردد قبل أن يجيب قائلا “حسنا إذا كان لابد من الإجابة فأنا أتقن 45 لغة”. وفي مرات أخرى عندما كان يسأل عن عدد اللغات التي يعرفها، يراوغ ساخرا بالقول إنه يعرف خمسين لغة.


في سنوات حياته ظهر العدد الكافي من هذه اللغات الخمسين للناس، وكان من بينها العربية والعبرية والقبطية والكلدانية والفارسية والتركية والمالطية واللاتينية والإنجليزية والفرنسية والمجرية والبولندية لغته الأم والألمانية والإسبانية والبرتغالية والسريانية والباسكية والرومانية وغيرها العديد من اللغات الأخرى. هذا ما تناقلته عنه أخبار الزوار القادمين إلى روما حيث كان كل واحد منهم يحكي معه بلغته الأم وكان يرد عليه بلغته من دون أن يقترف خطأ واحدا.

في العام 1813 إلتقى أحد العلماء الأكاديميين ويدعى تورنتو كارلو بوشرون ميزوفانتي في مكتبة بيزا، متسلحا بأسئلة صعبة عن اللغة اللاتينية، وهو يحمل في ذهنه تصورا عن أن ميزوفانتي غير قادر على الإجابة عن هذه الأسئلة الصعبة والجوهرية عن اللغة اللاتينية وكان يصفه بقوله "مجرد أديب دجال" سئل بوشرون بعد عدة ساعات من لقائه ميزوفانتي “حسنا ماذا تعتقد بميزوفانتي؟" فصرح بوشرون "إنه الشيطان!".

وفي إحدى المناسبات رتب صديق الكاردينال بابا الكنيسة غريغوري السادس عشر (1765-1846) مناسبة حضرها العشرات من الطلاب المنتمين لدول مختلفة، وكان ذلك من أجل مفاجأة ميزوفانتي. وعندما أعطيت الإشارة استقام الطلاب أمام ميزوفانتي كل منهم يتحدث بلغته، لكن ميزوفانتي لم يأبه بذلك واصطفهم واحدا واحدا ليجيب عن أسئلتهم كلٌ بلغته.

لكن كيف تعلم هذا العدد الهائل من اللغات؟

عندما سأل أحدهم ميزوفانتي مرة عن كيف تعلم هذا العدد الهائل من اللغات أجاب:

الذي أعرفه بيقين أن الله أعطاني هذه القدرة المميزة، ولكن إذا كنت تريد معرفة كيف أصون تلك اللغات وأحافظ عليها، فيمكنني القول أنني حين أستمع إلى معنى الكلمة في أي لغة كانت، فإنني لا أنساها مطلقا.


لا تنس مشاركة الموضوع مع زملائك لتعم الفائدة