السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ...أعزائي زوار عالم تعلم .. من منّا لم يذق مرارة الحزن و مصائب الدنيا و ذكرياتها الأليمة .. لكن للأسف فنحن في الدنيا و هكذا هي الدنيا ، دار ابتلاء و اختبار و معاناة لأنَّ الحياة المثالية هناك في الجنة ..
لكن هل من ترياق يأخذه المرء منا فينسى أحزانه و آلامه و شجونه ؟
أو هل من طبيب يعالج فينا عضلة التذكر فتتخدر ، و تطمس حينها الذكريات الحزينة فلا نتذكرها ثانية ؟
يقول زكي مبارك : " أحب أن أنسى و لكن .. أين بائع النسيان ؟ " .
أين من يضمد الجراح ، و يربت على القلوب الحزينة الملتاعة ؟
و لا أظن أن واحدا منا لم يناد يوما على بائع النسيان ليبيعه من بضاعته !
فما من امرئ إلا و لديه ما يحتاج إلى نسيان ..كلنا نمتلك ملفات في صندوق ذاكرتنا يجب أن تحرق تماما : علاقة محطمة .. كبوة قاسية .. فشل ذريع .. أمل لم نبلغه .. غاية لم ندركها ..
أشياء و أشياء يكفي تذكرها كي يلتاع الفؤاد و تهيج الروح .
فكيف ننسى ؟ ، و كيف ننطلق للأمام غير عابئين بالماضي و آلامه ، متخطين أحزانه و جزعه و أهواله ؟
و في الحقيقة إن النسيان أمر صعب ، إن لم يكن مستحيلا ، و ذلك لأن الذاكرة يستهويها الاحتفاظ بالتفاصيل المؤلمة ، و تهوى أرشفة الحزن و الأم و اللوعة .
لكننا نستطيع أن نقفز فوق آلامنا و أحزاننا ، إن لم نستطع نسيانها ؛ و ذلك بفعل مل يلي :
لا تقم مأتما بقلبك
ما أعجبك بني البشر ، يلعنون الحزن بيد أن له في قلوبهم هوى و عشقا ، و معظم من قابلتهم من البشر يدمن الحزن ، و يتلذذ بدقائق الشجن و لحظات اجترار الأحزان ..
إننا - مع الأسف - نهوى إقامة المآتم في قلوبنا ؛ فنبكي على حبيب قد غدر ، و صديق قد خان ، و دهر يتقلب فتتقلب معه أحوالنا ، نذرف الدمعة تلو الأخرى ، و نتذكر ما كان كل دقيقة و ثانية ، دون أن نحاول غلق باب التذكر .
و هل يجلب الحزن مثل التذكر ؟
هل ينكأ الجرح مثل العبث به ، و الضغط عليه ، بدلا من تجاهله و نسيانه ؟
و هل يمكننا التعافي و نحن نبحث عما يساعدنا على اجتلاب ما يعيدنا إلى اللحظة التي نتمنى نسيانها ؟
يا صديقي ..
إذا ما أحببت أن تعلو فوق أحزانك فيجب أولا أن تهدم ذلك المأتم الذي أقمته بداخلك ، و لن يكون ذلك إلا بالكف عن الدوران حول الموقف أو الحدث المؤلم الحزين ، و استرجاع ما من شأنه أن يعيدك في ثانية إلى ما يحزنك ، يجب أن تشغل القلب و النفس و الروح بما يستنهض عزمك و طموحك و أمانيك ، أن تؤمن بأن أفضل ما في الحياة لم يأت بعد فتنطلق إليه ، و بأن أحزانك الماضية ليست سوى نوع من الضريبة التي ندفعها نظير العيش في عالمكتب علينا أن نعيشه في كمد و كبد ، مصداقا لقول ربنا : " لقد خلقنا الإنسان في كبد "
افتح صندوقك الأسود
فكما أننا بحاجة إلى هجر التذكر الدائم للآلام و المصائب ؛ فإننا بحاجة كذلك إلى الحديث عما يؤلمنا ، و فتح الصناديق السرية التي نحتفظ فيها بأحزاننا و ذلك لأن إغلاق القلب على الشيء المؤلم خطر ، تماما كمداواة جروح الجسد دون إخراج الشظايا التي دخلته ؛ فعاجلا أو آجلا سينتشر ما دفناه بالداخل ، و يدمر كل شيء و عندها فقطندرك أننا كنا نخدع أنفسنا ، و بأننا لم نتطهر بعد .
ليس في الأمر تضاد يا صاحبي ؛ فالحديث عن الأحزان مهم ، و قديما قال شاعرنا أبو علاء المعري :
إذا ما عراكم حادث فتحدثوا فإن حديث القوم ينسي المصائبا
سنحتاج في أوقات ما أن نفتح بوابة القلب ، و نخرج ما يحزننا ، شريطة أن يكون لمن نثق به ، و نثق بقدرته على الإحتواء و النصح ، و جميل الإنصات و التفهم .
ليس حديثا سويداويا موصولا ، و إنما بوح و شكوى و طلب معونة و دعم ، نتذكر خلالها ضعفنا البشري و نقف على الحدود الحقيقية لقدرتنا و العبرة و المثال و بعدها ننسى ما كان ، و نعود إلى سابق حياتنا .
ثق بربك
أن تكون هذه آخر النصائح ليس لكونها الأقل أهمية ؛ بل كي تكون خاتمة القول ؛ فلا تنسى أبدا .. فمن غير الله يعين المرء على نسيان آلامه و أحزانه ؟
ثبت عن نبينا صلى الله عليه و سلم أنه كان يستعيذ بالله من " الهم و الحزن " ؛ فهو دعاء و التجاء إلى الله أن يذهب عنا الهموم و الأحزان ، ثم يجب أن يكون المرء منا بجانب ذلك متفائلا بأن الغد أفضل من اليوم ؛ فالتفاؤل جزء من طبيعة الإنسان المسلم ، يقول صلى الله عليه و سلم : تفاءلوا بالخير تجدوه " ، و يقول ربنا جل اسمه في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء " ؛ فجعل ثقتنا به ، و حسن ظننا بتقديره أول درجات الراحة و الهناء و في المقابل فإن تشاؤمنا و حزننا ، و تزعزع ثقتنا بحوله و قوته بداية السوء و الهلاك.
يا صاحبي .. ليس في محكمة الحياة استئناف !
أحكام ربنا نافذة ، لن يجدي معها معارضة أو صراخ أو عويل .
إن قضى بحكم ؛ فإن أفضل ما نفعله أن نسلم له تسليما مطلقا نهائيا ، أن نقول كما علمنا حبيبنا صلى الله عليه و سلم : " قدر الله و ما شاء فعل " ، فالتسليم بالمشيئة أحد أفضل ما يقوم به العقلاء ؛ بينما العويل و الشكوى دلالة على اهتزاز العقل و اضطرابه و هو أيضا دليل على ضعف الإيمان و اهترائه.
لكن هل من ترياق يأخذه المرء منا فينسى أحزانه و آلامه و شجونه ؟
أو هل من طبيب يعالج فينا عضلة التذكر فتتخدر ، و تطمس حينها الذكريات الحزينة فلا نتذكرها ثانية ؟
يقول زكي مبارك : " أحب أن أنسى و لكن .. أين بائع النسيان ؟ " .
أين من يضمد الجراح ، و يربت على القلوب الحزينة الملتاعة ؟
و لا أظن أن واحدا منا لم يناد يوما على بائع النسيان ليبيعه من بضاعته !
فما من امرئ إلا و لديه ما يحتاج إلى نسيان ..كلنا نمتلك ملفات في صندوق ذاكرتنا يجب أن تحرق تماما : علاقة محطمة .. كبوة قاسية .. فشل ذريع .. أمل لم نبلغه .. غاية لم ندركها ..
أشياء و أشياء يكفي تذكرها كي يلتاع الفؤاد و تهيج الروح .
فكيف ننسى ؟ ، و كيف ننطلق للأمام غير عابئين بالماضي و آلامه ، متخطين أحزانه و جزعه و أهواله ؟
و في الحقيقة إن النسيان أمر صعب ، إن لم يكن مستحيلا ، و ذلك لأن الذاكرة يستهويها الاحتفاظ بالتفاصيل المؤلمة ، و تهوى أرشفة الحزن و الأم و اللوعة .
لكننا نستطيع أن نقفز فوق آلامنا و أحزاننا ، إن لم نستطع نسيانها ؛ و ذلك بفعل مل يلي :
لا تقم مأتما بقلبك
ما أعجبك بني البشر ، يلعنون الحزن بيد أن له في قلوبهم هوى و عشقا ، و معظم من قابلتهم من البشر يدمن الحزن ، و يتلذذ بدقائق الشجن و لحظات اجترار الأحزان ..
إننا - مع الأسف - نهوى إقامة المآتم في قلوبنا ؛ فنبكي على حبيب قد غدر ، و صديق قد خان ، و دهر يتقلب فتتقلب معه أحوالنا ، نذرف الدمعة تلو الأخرى ، و نتذكر ما كان كل دقيقة و ثانية ، دون أن نحاول غلق باب التذكر .
و هل يجلب الحزن مثل التذكر ؟
هل ينكأ الجرح مثل العبث به ، و الضغط عليه ، بدلا من تجاهله و نسيانه ؟
و هل يمكننا التعافي و نحن نبحث عما يساعدنا على اجتلاب ما يعيدنا إلى اللحظة التي نتمنى نسيانها ؟
يا صديقي ..
إذا ما أحببت أن تعلو فوق أحزانك فيجب أولا أن تهدم ذلك المأتم الذي أقمته بداخلك ، و لن يكون ذلك إلا بالكف عن الدوران حول الموقف أو الحدث المؤلم الحزين ، و استرجاع ما من شأنه أن يعيدك في ثانية إلى ما يحزنك ، يجب أن تشغل القلب و النفس و الروح بما يستنهض عزمك و طموحك و أمانيك ، أن تؤمن بأن أفضل ما في الحياة لم يأت بعد فتنطلق إليه ، و بأن أحزانك الماضية ليست سوى نوع من الضريبة التي ندفعها نظير العيش في عالمكتب علينا أن نعيشه في كمد و كبد ، مصداقا لقول ربنا : " لقد خلقنا الإنسان في كبد "
افتح صندوقك الأسود
فكما أننا بحاجة إلى هجر التذكر الدائم للآلام و المصائب ؛ فإننا بحاجة كذلك إلى الحديث عما يؤلمنا ، و فتح الصناديق السرية التي نحتفظ فيها بأحزاننا و ذلك لأن إغلاق القلب على الشيء المؤلم خطر ، تماما كمداواة جروح الجسد دون إخراج الشظايا التي دخلته ؛ فعاجلا أو آجلا سينتشر ما دفناه بالداخل ، و يدمر كل شيء و عندها فقطندرك أننا كنا نخدع أنفسنا ، و بأننا لم نتطهر بعد .
ليس في الأمر تضاد يا صاحبي ؛ فالحديث عن الأحزان مهم ، و قديما قال شاعرنا أبو علاء المعري :
إذا ما عراكم حادث فتحدثوا فإن حديث القوم ينسي المصائبا
سنحتاج في أوقات ما أن نفتح بوابة القلب ، و نخرج ما يحزننا ، شريطة أن يكون لمن نثق به ، و نثق بقدرته على الإحتواء و النصح ، و جميل الإنصات و التفهم .
ليس حديثا سويداويا موصولا ، و إنما بوح و شكوى و طلب معونة و دعم ، نتذكر خلالها ضعفنا البشري و نقف على الحدود الحقيقية لقدرتنا و العبرة و المثال و بعدها ننسى ما كان ، و نعود إلى سابق حياتنا .
ثق بربك
أن تكون هذه آخر النصائح ليس لكونها الأقل أهمية ؛ بل كي تكون خاتمة القول ؛ فلا تنسى أبدا .. فمن غير الله يعين المرء على نسيان آلامه و أحزانه ؟
ثبت عن نبينا صلى الله عليه و سلم أنه كان يستعيذ بالله من " الهم و الحزن " ؛ فهو دعاء و التجاء إلى الله أن يذهب عنا الهموم و الأحزان ، ثم يجب أن يكون المرء منا بجانب ذلك متفائلا بأن الغد أفضل من اليوم ؛ فالتفاؤل جزء من طبيعة الإنسان المسلم ، يقول صلى الله عليه و سلم : تفاءلوا بالخير تجدوه " ، و يقول ربنا جل اسمه في الحديث القدسي : " أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما يشاء " ؛ فجعل ثقتنا به ، و حسن ظننا بتقديره أول درجات الراحة و الهناء و في المقابل فإن تشاؤمنا و حزننا ، و تزعزع ثقتنا بحوله و قوته بداية السوء و الهلاك.
يا صاحبي .. ليس في محكمة الحياة استئناف !
أحكام ربنا نافذة ، لن يجدي معها معارضة أو صراخ أو عويل .
إن قضى بحكم ؛ فإن أفضل ما نفعله أن نسلم له تسليما مطلقا نهائيا ، أن نقول كما علمنا حبيبنا صلى الله عليه و سلم : " قدر الله و ما شاء فعل " ، فالتسليم بالمشيئة أحد أفضل ما يقوم به العقلاء ؛ بينما العويل و الشكوى دلالة على اهتزاز العقل و اضطرابه و هو أيضا دليل على ضعف الإيمان و اهترائه.
إذا أعجبك الموضوع شاركه مع اصدقائك
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات