رواد عالم تعلم ، السلام عليكم ورحمة الله ، تعود قصة اختراع الشريط اللاصق سكوتش تيب إلى عام 1902 حين اجتمع رجال خمسة لتأسيس شركة تعدين اسموها مينوسوتا مايننج و مانفكتيورنج أو اختصارا 3م أو 3M.
كان الهدف من هذه الشركة تعدين الكورند وهو معدن صلب مثل الماس يستخدم بالأكثر في تطبيقات ورق الصنفرة، ولذا بدأ الخمسة بشراء منجم على أمل استخراج هذا المعدن منه.
بعد الشراء تعذر استخراج المعدن في صورة صالحة للاستخدام التجاري وكان شراء المنجم خطأ تجاري وخسارة مالية. بعد خروج بعض الشركاء واستمرار البعض، تحول تركيز الشركة إلى تصنيع أوراق صنفرة أعلى جودة وأفضل سعرا.
لم تمض أحوال الشركة في بدايتها على ما يرام لها، ولذا في مطلع العشرينيات من القرن الماضي، شجعت إدارة الشركة العاملين فيها على الابتكار والاختراع والمجيء بأفكار جديدة لمنتجات جديدة، وبدأت الإدارة تفكر في توسيع نطاق منتجاتها وخدماتها.
طلب توظيف يصعب رفضه
في عام 1921، وظفت 3م ثلاثا من الموظفين الجدد، كان أحدهم شابا عمره 22 عاما أرسل لهم طلب توظيف كتب فيه: " لم يسبق لي العمل في وظيفة تجارية من قبل، لكني شغوف لأن ابدأ العمل. أنا أدرك جيدا أن خدماتي لن تكون ذات قيمة مذكورة حتى اكتسب قدرا لا بأس به من الخبرة والمهارة، ولذا سأكون سعيدا لأن أبدأ العمل لديكم بأي راتب ترونه مناسبا لي. أنا معتاد على العمل الجسماني، إذا استلزم الأمر ذلك، خاصة وأني سبق لي العمل في مزرعة على جرار وفي بقية المهام". هذا الموظف كان اسمه ريتشارد درو أو Richard Drew وكانت أول وظيفة له فني معمل.
لمدة عامين، كان المطلوب من ريتشارد تجربة الأنواع المختلفة من أوراق الصنفرة، بعدها بدأت الشركة ترسل ريتشارد في مهام خارجها لدى محلات سمكرة ودهان السيارات والتي كانت أهم وأكبر صنف عملاء لدى الشركة.
كانت مهمة ريتشارد هي توزيع أوراق الصنفرة التي تنتجها الشركة على هذه الورش والمحلات لتشجيعهم على استخدامها ومن ثم شرائها فيما بعد.
في هذا الوقت من الزمان، كان عامل الطلاء / الدهان يلصق بعض الأوراق على جسم السيارة الذي لا يحتاج إلى دهان، ليتمكن من دهاء الجزء المحتاج، ثم يزيل الورق الحامي.
كانت وسيلة لصق الورق العازل هي الشرائط اللاصقة الطبية والتي كانت في هذا الوقت شديدة قوية تنزع السطح التي تلتصق به عند إزالتها.
ثم حدث ذات يوم أن دخل ريتشارد إلى ورشة ما، وحياه عامل الدهان بصياح يشكو فيه من تخريب الشريط اللاصق لعمله حين نزعه من مكانه.
حدود الوظيفة وحدود الممكن
لم تكن هذه مشكلة ريتشارد، ولم تكن وظيفته أن يحل هذه المشكلة، وكان الدور المطلوب منه أن يقنع هذا العامل الغاضب بورق الصنفرة الذي يحمله.
من فضل الله ونعمته على البشرية، لم يكن ريتشارد من هذا النوع النمطي الممل، إذ سأل نفسه: ماذا لو تمكنت من صنع شريط لاصق مهادن مرن يسهل استخدامه في عمليات الدهان ثم إزالته دون تدمير أو تخريب؟
عندها قطع ريتشارد وعدا لهذا العامل بأنه سيعمل على توفير حل لمشكلته، وخرج بسرعة البرق من الورشة إلى معامل الشركة للتفكير في منتج جديد يجعله يفي بالوعد الذي قطعه.
لم يكن لدى ريتشارد أي معرفة بكيفية صنع شريط لاصق، لكنه كان ملمًا بتفاصيل تصنيع ورق الصنفرة، والذي كان يعتمد على الورق والغراء والمعدن الخشن الصلب.
وعليه، وفي أوقات فراغه في عمله ما بين عمليات تسويق وترويج أوراق الصنفرة، كان ريتشارد ينكب على إجراء مجموعة من التجارب على مختلف المكونات لصنع شريط لاصق.
استمرت محاولات وتجارب ريتشارد دون أي نجاح، وبدأت محاولاته هذه تؤثر سلبيا على مهام وظيفته، حتى أن مديره طلب منه التوقف عن إضاعة الوقت في المزيد من التجارب، وهو ما اضطر لفعله.
لا يأس مع الحياة، ولا حياة مع اليأس
لم ينس ريتشارد الوعد الذي قطعه لهذا العامل، ولذا قرر نقل تجاربه من وقت الشركة إلى وقت فراغه، وعلى مر عامين من التجارب، توصل ريتشارد إلى خليط ما بين نوع مخصص من اللاصق التجاري والجلسرين، يمكن وضعه على نوع مخصوص من الورق الرفيع، لينتج شريطا لاصقا يمكن له أن يلصق بقوة كافية، ثم إزالته دون أن يوقع أي ضرر بالسطح الذي كان ملتصقا به.
رغم أن ريتشارد توصل إلى الشريط اللاصق غير الضار، لكن مديره في الشركة لم يقتنع أو يرى أي فائدة من هذا الشريط ورفض طلب ريتشارد السماح له بشراء آلة تساعده على إنتاج هذا الشريط بكميات كبيرة.
لم يستسلم ريتشارد وقرر أن يستغل قرارا في الشركة يسمح للباحث أن يشتري ما يحتاجه طالما كان سعره أقل من 100 دولار، ولأن وظيفة ريتشارد كانت كباحث، قرر شراء مكونات الماكينة على أجزاء، لا يزيد سعر كل جزء عن 99 دولار.
حين علم مدير ريتشارد بطريقته الذكية لشراء وتجميع الماكينة، أعلن عن انبهاره بالطريقة الذكية التي اتبعها ريتشارد، ولذا أصدر قرارا ملزما لأقسام الشركة، حين يكون عندك الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة في المشروع المناسب، ويكون هذا الموظف متفانيا في البحث عن حل مشكلة ما، دعه يعمل و ثق فيه وتحمل تبعات بحثه هذا.
شريط سكوتش تيب اللاصق
كانت النتيجة لكل ذلك منتجا جديدا حمل اسم "Scotch Brand Masking Tape "وترتب على نجاح شريط سكوتش تيب هذا في تلبية رغبات ورش الدهان والسمكرة وتحقيق مبيعات كبيرة أن نال ريتشارد ترقية جعلته رئيس معامل التصنيع في الشركة، وهو الأمر الذي كفل له قضاء المزيد من الوقت في التفكير والاختراع، وكان ريتشارد على أول طريقه نحو المزيد من المخترعات التي نستخدمها اليوم.
لا تنس مشاركة الموضوع مع اصدقائك
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات