" البداية الجديدة " تعلم كيف تبدأ من جديد بأخطـاء أقل، وفعالية أكبــر

رواد عالم تعلم ، السلام عليكم ورحمة الله ،  لا يوجد في الحياة كلهـا أروع من لحظـة " البداية الجديدة " ، الحقيقة ان شعـور البهجـة المُصـاحب لحالة " البدء من جديد بأخطـاء أقل ، وفعالية أكبــر"  هو شعـور فطـري بداخلنا جميعاً.


 بداية منذ أن كنتَ أنت طفلاً صغيراً تنهزم في لعبــة فيديو، فتصمم على الضغط سريعاً على زر الإعــادة، لبدء اللعبة من جديد " بعد أن عرفتَ أسرارها وصعوباتها" ، وليس إنتهـاءاً بهذه اللحظة التي تقــرأ فيها هذا المقـال، بعــد مرور عـام مُرهق آخر مُحمّل بالآلام، ومشـارف عــام جديد مُحمّل بالآمال.


الأمــل.. الحاجة إلى عمــل شيء مــا.. الرغبــة فى الخــروج من مُستنقع الفشــل الشخصي والمهنــي والذاتي، أو تطويــر إنجازاتك التي حققتها في الأعوام الماضية.. هذه هي المعاني التى تجعل مفهــوم " البداية الجديدة"  له تأثيــر كبيـر جداً بداخلك.

العام 2016  بدأ بالفعــل – وأنت تقــرأ هذه السطــور–، بل مرّ على بدايته عدّة أسابيع  لا يهم التوقيــت بقدر ما يُهم المعنــى. باختصــار، كيــفَ تبدأ من جديد في 2016 ؟ 

الخطوة الاولى : إقطــع رأس الخوف


استيقــظ في  صبــاح كل يــوم ، وأنت على استعداد كــامل لقطــع رأس الخوف الذي طالما شوّه حيـاتك، وما زال، وسوف يظــل يُفسدها بنفس الحمـاس، طالما لم تقم بهذا الإجراء..

من أول كل يوم من عام 2016 ضع فى اعتبــارك سحق هذا المعنى بداخلك تماماً، حــاول أن تعيش ولو لعــام واحد فقط بدون هذه الفكــرة.. حـاول ان تعيش ولو لعــام واحد فقط ترفض فيه الاعتراف بالخوف من الفشل، والخوف من أن تبدو أحمقــاً، والخوف من فقــدان وظيفتك، والخوف من خســارة مشــروعك، والخوف من رئيسك، والخــوف من العنــوسة، والخوف من نظــرات النــاس، والخوف من تقدمك بالسن..

الخوف من أي شيء من أي نوع.. هو الذي يصمم على تشــويه حيــاتك وجعلهــــا تعج بالآلام النفسيــة والاجتماعية والعضــوية، وتشــويه كل فكــرة طيبة، او ضحكــة كــانت من الممكن أن ترتسم على وجهــك فتــرة طويلة قبل أن تخبــو..

فقط تخلّص من هذا الشعــور بأي طــريقة.. صحيح أنه ليس سهلاً للدرجة التي يمكنك التخلص منه في ليلة وضحــاها، وأنه سيعــاودك كثيــراً خلال العــام.. ولكن لا تمنحه ســوى التعامل الذي يستحقه..

الخــوف.. الكلمة التي تمنعــك من تحقيــق أي شيء في حيــاتك كلهــا.. هو المُزعج الذي لن يكون للحيــاة أي قيمــة، طالمــا هو مُرافقك الوحيــد في أي مكــان وأي لحظة! استهــل العــام الجديد بضــربة مُظفـرة تطيـّر عنقه أولاً.. ثم ابدأ!

الخطوة الثــانية: ابدأ مشــروعك الريــادي..


إذا كانت الإجـابة الجاهزة لديــكَ: ليس عندي مـال لأبدأ مشـروع ريادي.. ليس عندي خبــرة لأبدأ مشــروع ريادي.. ليس عندي وقت لأبدأ مشـروع ريـادي.. ليس عندي رغبــة لأبدأ مشــروع ريــادي..

فالنتيجــة المؤكدة هي: ستعيش حيــاة مُزرية.. وتعمل فى وظيفة مملة.. تتقدم في السن.. تتزوج.. تنجب أبنــاء.. تربّيهم.. تتقاعد.. تعتمــد على أموال المعاشات –إن وُجدت– .. تموت..

باختصـار شديد، مهمـا كانت أوضـاعك المادية والاجتماعية.. سيأتي عليك الوقت الذي ستعرف حقيقة أنه (لا مفــرّ) من البدء فى عمل مشــروع ناشئ، ومتابعته، والإصــرار على نجـاحه..

ابدأ في مشــروعك عام 2015، بدلاً من تأجيله إلى العام 2025.. ثم البدء فيه بحمــاس أقــل، وحذر أكبــر من الفشــل، ومعنــويات أدنى.. وأســف شديد على إضــاعتك لأسابيع وشهـور وسنــوات من عُمــرك، وأنت لا تفعــل شيئاً على الإطلاق..

الخطـوة الثــالثــة: ثلاثــون كتــاباً..

أو عشــرون، أو حتى عشــرة كتــب كبيـرة مهمة عامـرة بالأفكـار التطبيقية العصـرية الإنسـانية والعلمية.. ولكــن أن يمــرّ عــام كامل عليك، وأنت لم تقــرأ حرفاً، ولم تطّــلع على فكــرة، ولم تُهذب روحــك بمعنــى، ولم تعــرف معلــومة جديدة، ولم تفكّـــر في طــرح تم ذكــره في كتــاب جــاد مُمتع.. وقتئــذ، أنت –حرفيــاً– لا تعيش معنــا في هذا الكوكــب، وفي هذا العصــر..

العــام به 12 شهــراً.. إذا قــرأتَ في الشهــر كتابيــن فقط، قراءة مُتأنيّة لموضوعــات جادة مُلهمــة، تفيــدك في تطبيقــات عمليــة في حيــاتك بشكــل أساسي؛ فالمؤكد أنك في نهاية العــام ستكون شخصاً آخــر أكثر إبداعاً وتميــزاً وتألقـاً.. ستكون شخصـاً (أكثــر قابليــة للنجــاح واكتسـاباً للفــرص).

الخطوة الرابعة: 200 ساعة وثائقيــة..


الوثائقيــات هي من أعظم موارد المعــرفة على الإطلاق فى الزمن الذي نعيشه، خصوصاً إذا لم تكــن قارئاً نهمـاً، أو ليس لديــك الوقت الكافي للقــراءة الغزيــرة..

200 ساعة وثائقيــة في العـام ستحوّلك إلى بــروفيســور.. موسوعة حقيقية من الثقافة، والعقل المُتقد، والرقي، والإبداع.. خصوصاً إذا شاهدتها بالأساس في مجــال عملك/مشــروعك الريــادي، وتفرّعت منهـا أيضـاً لمشاهدة مجالات أخــرى متعددة..

لديك شغف بالقراءة عن الحرب العالمية الثانية وليس لديك وقت كافي؟ فقط شاهد ساعة وثائقية واحدة، مُستقــاة من عشرات المصــادر الموثوقة، تُلخص لك مُجريات هذه الحــرب سريعاً.. تريد أن تعرف اكثــر عن صعــوبة التطور الديمـوقراطي في الأمم والدول؟ شاهد ساعة وثائقيــة لسيــرة السيــر الإنكليــزي توماس كرومويل، وتطوّر الديمـوقراطية البريطـانية على مدار 400 عام..

الوثائقيـات مهمة جداً لتطوّرك الفكــري ورقيّــك الإنســاني والشخصي، اجعلها من ضمن قائمة أهدافك للعــام 2016..

الخطوة الخامسة: عن هذا الجســد!!


لن تكون سعيــداً وأنت تحقق نجاحاتك الشخصية والوظيفية والإبداعية، في الوقت الذي تظهــر فيه بمظهــر غير مناسب.. أو ترتدي ملابس غير مناسبة.. أو تسعــل طول الوقت من فرط التدخين ..

قــرر ان يكون العام 2016 عـام الصحة والاناقة.. هذا العــام ستصــل إلى وزنك المثــالي، وستحافظ عليه، وسترتدي أفضــل الملابس وأكثرها ملائمة لجســدك، وستقلع عن التدخين، وستهتــم بشــراء ما يُناسبك من عطــور، وكافة الأدوات التي تُساعدك على تحسين مظهــرك الخـارجي..

الجوهــر دائمـاً اهم.. ولكــن، إن كــان بوسعك تطويــر مظهــرك والحفــاظ عليه، فهو يدل أن جوهــرك أيضــاً رائع، وتحمــل إرادة فــولاذية، وفكــر راقي (للكيفيــة) التي ترغب أن تظهــر بها!

الخطوة السادسة: تعلـّـم.. في كل مكـــان وزمـــــان..


قــرر منذ الآن أنه لن يمــر يوم واحد في العام 2016، إلا وتتعلم شيئـاً جديداً.. حتى لو كــانت معلومة صغيرة واحدة؛ مــرادفة باللغة الإنجليــزية لتحسين لغتك، أو فيــديو على يوتيــوب يعلمك الخطوة الأولى لتصميم المواقع، أو متابعة مــوقع لتعليم البــرمجة، أو حتــى معــرفة كيفيــة طهــي وجبة خفيفة وســريعة ومغذيّــة!

حتى في أوقات أجازتك السنــوية، الأسبــوعية، إصطحب معك كتــاباً، أو شــاهد فيلماً فكــرته مميــزة، أو قرر أن تخــرج من هذا اليوم بأي معلـــومة أيّــاً كانت بأي وسيلة..

تذكـر دائمـاً أن التحصيـل العلمي والمعرفي ليس لحظيـاً، إنمـا عملية تراكميــة طوال العُمــر.. إجعل من أيامك كلهـا عملية مُستمــرة لتراكم العلوم، ولا تقطعهــا أبداً..

الخطوة السابعة: استمتــع بالحيــاة لأقصى الحدود في 2016


استمتع بالأشياء الصغيرة في الحياة.. ستدرك فيما بعد أنها كانت أشيـاء كبيــرة!
الاكتئاب والضيق والحزن لن يقدم لك أي شيء سوى (تكثيــف شعــورك بالمعاناة). استمتع بحيــاتك مهمــا توافر لديك من إمكـانيــات في العام 2016، ولا تعــش بمبــدأ: سأستمتع بحيــاتي في وقت لاحق آخر بعد أن أنجــز ما أريده، وأحقق احلامي وطموحاتي العملية والشخصية، ما زال أمامي عُمــر طويل للاستمتاع فيمـا بعد.. وهذا غير صحيح، لأنك لا تضمن إستمـرارك في الحيــاة على هذا الكوكــب يوم آخر أساساً..

في العام 2016، غيّــر نمط حيــاتك ووجهه لمبــدأ (الاستمتــاع بالحيــاة أكثــر).. أخرج كثيراً، سافر، احضــر ندوات ترفيهية، إحضــر حفلات ثقافيــة، تعلّم كيف تقضي وقت فــراغك في امــور مُسليــّة لأقصى مدى متاح.. فقط تجنــب الترفيــه الذي قد يسبب لك الأذى البدني والروحي والأخلاقي، أو يشتت إنتبــاهك عن طــريقك الأســاسي..

الخطوة الثامنــة: كُــن مشـروعـاً خيـريـاً متنقّــلاً..


أتفهم أن أغلبنــا يعيش فى ظــروف إقتصـادية صعبــة، ومُجتمعــات قلقة مُضطــربة إجتماعيـاً وماديـاً.. ولكــن الحقيقة المُطلقة أن اكتنـاز الاموال وادخــارها بشكــل كامل، وتجــاهل المُســاهمة المــادية أو المعنــوية –ولو بقليلها– في المجالات الخيــرية، سيــزيد من المأســاة على المستوى الفردي والجمـاعي..

حــاول ان تكون سنة 2016 سنة بذل الخيــر، وأعطِ المجهودات الخيــرية والتطوّعية أولوية مثل التي تعطيها لحيـاتك الشخصية.. ساعد في بناء جمعيــات لرعاية الأيتام، وحملات تطوعية لتوزيع الكتــب ونشــر الثقافة، وأحداث لمســاعدة المكفــوفيــن والمرضى..

بشكل مُطلق وبعيد عن المُبالغة، بل وبشكــل علمي كذلك: لا يوجد ســوى بذل الخيــر كحــل شامل لكــل مشاكل القلق والتوتــر والضيق والاكتئاب.. كلمـا داهمك القلق والشعور بالضيق، إفعــل الخيـــر.. وستبهــرك النتيجة اللحظية!

الخطوة التاسعة: إلتــزم أو لا تلتـزم .. لا أنصـاف حلول!!

قرأت منشــوراً طريفاً، يُنشــر عادة في نهاية كل عــام: "هذا العام سأقوم بعمــل الأمور التي لم أقم بها العام الماضي، والتي خططت لهــا في العام قبلالماضي، والتي فكّــرت في أدائها العــام قبل الماضي.. ولم أنجز منها شيئاً حتى الآن!

رغم طرافته، فهــو منشــور صحيح تماماً، ببســاطة لأنك لا تلتــزم بالتنفيــذ.. مبدأ الـ (الإلتــزام )، وتحويــل الأفكــار والخطط على الورق إلى (Action) على الأرض ليس سهلاً أبداً كمــا تتوقع في كـل مرة..

التنفيــذ يحتــاج إلى التـــزام بالفكــرة، وإلتزام بالمجهود، وإلتزام ببذل الطاقة، وإلتزام بتحمّل المعــاناة، وإلتزام بتخطّي الفشل، وإلتــزام بالتفكيــر الإبداعي.. الإلتــزام هو المفتــاح الذي سيحدد لك إن كنتَ ستحقق إنجــازات كبــرى فى العام الجديد، أم سينطبق عليك المنشــور الطريف المُتداول، وتؤجل كل شيء لـ 2016 كالعادة!

البدايات صعبة جداً ومُرهقة .. والإلتــزام الدائم بالتنفيـــذ (وخصوصاً فى البدايات) هو مُفتــاح الإنجــاز، وأصعب مرحلة على الإطـــلاق، وأكثر مشقة للنفـــس وتعذيبــاً للحواس..


فقــط مرر هذه المرحلة على خيــر، وإبقَ مُلتـزماً بتنفيــذ الخطط بأفضل شكــل.. من المؤكد أن النجــاح سيكون رفيقك الدائم!

بالتأكيــد لديكَ أفكــار وخطط أكثــر تطوراً وطمــوحاً ممـا ورد في هذا المقــال، وفقــاً لحيــاتك وظــروفك.. خذ بهــذه النصــائح أو استبــدلها بمــا تراه (أكثــر نفعــاً) لك ولحيــاتك ولرؤيتك عن الحيــاة، لأنها أولاً وأخيــراً حياتك أنت..

مــاذا تنتظــر كي تُنجــز رغبــاتك؟ ما الذي يجعلك تنظــر للعــام 2016 باعتبــاره (عــام تعيس آخر)، في الوقت الذي تستطيــع بالفعل –لو اتبعت هذه الخطــوات العامة– ان تجعــله عــام الإنجــازات الكبــرى..

إذا لم تبــدأ بداية جديدة في عام جديد فمتى تبـدأ؟ .. العام الذي يليه؟ .. العـام التالي للذي يليه؟!

لن تبــدأ أبداً إذا لم تبــدأ الآن وفوراً .. الآن بالمعنــى الحرفي، وأنت تقــرأ هذه السطــور، عليــكَ ان تبدأ فوراً في رسم حبكتــك، وتخطط لأفكــارك وإمكــانيتك، وتنسج شبكتــك لاقتنـاص الفــرص..

فقــط، توقّف عن تســويفــاتك، وابدأ الآن.. والتــزم!

إذا أعجبك الموضوع لا تنس مشاركته مع زملائك لتعم الفائدة