السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ..مرحبا بكم زوار عالم تعلم .. في كثير من الأحيان نعاني من تناقضات في حياتنا مع بعض الاشخاص .. لدرجة أنك عندما تناقش شخصا في موضوع ما .. أنت ترى أن رأيك صحيح تماما .. و كذلك الآخر ..و كلاكما مقتنع أنه على صواب .. وخااصة عندما يتعلق الأمر بجدال بين الرجل و المرأة !!.. و السؤال المطروح هو لماذا يحدث هذا الاختلاف في التفكير و الاقتناعات؟ ...!!
الجواب يكمن في أننا لا نرى العالم كما هو ، بل كما نراه من خلال مواقعنا المختلفة عن مواقع الآخرين ، و بالتالي فإن الآخر يرى من خلال موقعه ، فإذا اختلفتما و أردتما أن تتفقا فتبادلا المقاعد...!
ولنفهم هذا الأمر جيدا ..فلنتابع بقية المقال ...
إن شخصين عاقلين يمكن أن يريا شيئين مختلفين في نفس الصورة الواحدة.. و الغريب أن كلا منهما على حق !
و الغريب أن كلا منهما سيتهم الآخر في وجهة نظره ، لأن كلا منهما حكم بالخريطة الذهنية لديه ..
عندما ترى هذه الصورة للوهلة الأولى تكون قد تكونت خريطة للشخصين (أو للوجه) ،فلا ترى غيرها و لا تكون مستعدا لتغيير ما رأيت مهما اعترض عليك أحد و كذلك الذي رأى الشكل الآخر.
هذا في صورة لمدة ثوان ، فما بالكم بالصورة التي انطبعت لدينا و تعودنا عليها عمرا طويلا ؟
و هذا يعني :
- مدى قدرة الظروف في التأثير على تصرفاتنا و تصوراتنا و أنماطنا السلوكية .
- فإذا كانت ثواني الرؤية للصورة الفردية جعلتنا لا نرى إلا ما رأينا من قبل ، فكيف بظروف تشمللا العمر كله ؟
- إن المؤثرات التي مرت في حياتنا شاركت في تشكيل التصورات التي نتخذها كمرجع و كنمط سلوكي و خارطة.
- إن تلك الأنماط السلوكية التي تشكلت من مؤثرات الماضي هي مصدر مواقفنا و تصرفاتنا ، ولا يمكننا أن نعمل بجدارة خارجها.
- إن محاولة تغيير التصرفات الخارجية لا يفيد كثيرا على الأمد الطويل إذا ما فشلنا في تغيير مصدر هذه التصرفات ،(النمط الأساسي )
انتبه
- عندما تبدأ في وصف ما تراه ، فأنت لا تصف إلا نفسك و تصورك و نمطك ، و حينما يختلف الآخرون معك فلا تتهمهم ، فلا عيب فيهم إلا أنهم لا يرونك أنت بل يرون أيضا أنفسهم.
و لا يخرج من هذا المأزق إلا أصحاب الخبرات الفذة.
الحق المجرد
و لكن ألا توجد حقيقة مجردة ؟
هل كل الظواهر تفسر من خلال وجهة نظرنا؟
لا .. هناك حقيقة مجردة متسعة في هذا الوجود ، و المشكلة أننا نعرض و جهة نظرنا حول المساحة المكشوفة لنا ، ونقاتل على أنها الحقيقة كلها، وغيرنا يقاتلنا على الجزء الذي يراه منها..
و الحل حتى تكون نظرتنا أكثر موضوعية يجب علينا :
• الفحص الدقيق لكل ما يقوله الآخر
• الفحص الدقيق لوجهة نظرنا
• إلغاء الأحكام المسبقة
و تذكر
إن كلا منا يظن أنه يرى الأشياء بنظرة موضوعية ، بينما الواقع أننا نرى الأشياء بنظرة شخصية معظم الوقت ،نراها من خلال تجاربنا التي مرت بنا نحن من قبل و ليس من خلال تجارب غيرنا.
توماس كون ألف كتاب سماه (بنية الثورات العلمية) و كان أول من استخدم تعبير (تبدل النمط السلوكي ) ، و بين فيه أن كل اختراق في مجال العلم سبقه اختراق للتقاليد و لطرق التفكير القديمة و الأنماط القديمة.
بين الحسن بن الهيثم و جاليليو
كانت النظرية القديمة للرؤيا هي أن ضوءا ينبعث من العين فترى الأشياء ، و لكن الحسن بن الهيثم جاء بنظرية جديدة عكس القديمة تماما.. أن الاشياء هي التي تعكس الضوء الواقع عليها إلى العين لترى الاشياء.
في البداية كانت الخريطة الذهنية عند الناس متوافقة مع النظرية القديمة ،ومع تحريك بسيط لهذه الخريطة حدثت القناعة.
عندما تمتلك الشجاعة على تغيير نظرتك إلى الأمور ، فاعلم أنك في طريقك لاكتشاف رائع لم يخطر ببالك ..
إن تغيير النموذج (النمط) يعني غالبا اكتشافا جديدا ، كل ما في الأمر أن ابن الهيثم طرح سؤالا : أنه إذا كانت العين تبعث ضوءا فلماذا لا نرى في الظلام؟ !
فكانت تجربة الدهشة واقتنع الناس حيث أن الأمر لم يكن غريبا ، لأن ابن الهيثم لم يقدم شيئا مخالفا لعقيدتهم ، بل لم تتبن عقيدتهم يوما نظرية كونية و اعتبرتها دينا تكفر من يتناقش حولها ، فكان سهلا عليهم تغيير النمط الداخلي.
أما بالنسبة لجاليليو فإن الأمر كان مختلفا تماما ، فإن الأنماط الذهنية عند الناس حوله كانت منغلقة تماما أمام العلم و الاكتشاف ، و قد اعتبرت الكنيسة أن البحث في الطبيعة و الفلك حِكر عليها ، و ما تتبناه من نظريات يعتبر دينا ، حيث أن الصراع كان على أشده بينها و بين جيرانها المسلمين الذين برعوا في تلك العلوم ، مما هدد عقائد الكنيسة.
وكان جاليليو يشتغل بأبحاثه بالفلك منذ سنة 1610 م في فلورنسا بإيطاليا و لبث أعواما طويلة يعمل على إذاعة نظرياته الجديدة عن دوران الأرض و استقرار الشمس وسط الكون .. و كان هذا مخالفا لما تتبناه الكنيسة (أن الأرض هي الثابتة و الشمس تدور حولها)
و السؤال الذي يخطر على البال : هل يؤثر في عقيدة الناس أن أحدهما هو الذي يدور حول الآخر؟ فخالقهما واحد ، و في كلتا الحالتين الدوران دلالة على قوته سبحانه و تعالى ، بل و الأمر كله لا يتعدى النظرية التي تحتاج إلى برهان ، و لكنه النموذج الذهني المبني على الاعتقاد و الرفض الكامل للتغيير.
أو هو أسلوب الثقافة الذي يقوم على إخفاء الرأس في الرمال (رفض التغيير) ، و عداء كل من يقترب منها (مقاومة التغيير)
فأصدر البابا عام 1616 م قرارا ينقض نظريات جاليليو و يحرمها ، ويعتبرها فلسفة مضحكة و اجتراء على النصوص المقدسة .. كما ينصح جاليليو بالكف عن دعواه ، ولكن الأخير استمر يدلل على صدق نظرياته و أصدر كتابه الرائع (محادثات عن الأصول العلمية) سنة 1632 م فاستقبل بعاصفة من الترحاب و الحماسة في جميع أنحاء أوروبا .
و هنا ثارت ثائرة الدوائر الكنسية ، وحرم الكتاب ، وجمعت نسخه لتحرق .. ودُعي جاليليو للمثول أمام ديوان التفتيش ( نفس محاكم التفتيش التي حاكمت المسلمين في إسبانيا ) ، و كان عمر جاليليو حينئذ فوق السبعين .. فاعتقل و مثُلَ أمام الديوان ، و قيل أنه عذب بشدة أو هدد بالتعذيب ، فأنكر كل ما قال فحكمت المحكمة (بأنه مشتبه في كفره شبهة قوية ) و قضت باعتقاله و أن يقوم أسبوعيا بصلوات التوبة لمدة ثلاث سنوات ، و عندما خرج جاليليو من سجنه و رحل إلى فلورنسا مرة أخرى كانت أول تصريحاته أن الأرض لا زالت تدور حول الشمس ..
و لكن على كل حال فإن تغيير النموذج ينقلنا دائما لنرى العالم بأعين جديدة لم نره بها من قبل ، و تقودنا إلى قوة تغيير هائلة.
الجواب يكمن في أننا لا نرى العالم كما هو ، بل كما نراه من خلال مواقعنا المختلفة عن مواقع الآخرين ، و بالتالي فإن الآخر يرى من خلال موقعه ، فإذا اختلفتما و أردتما أن تتفقا فتبادلا المقاعد...!
ولنفهم هذا الأمر جيدا ..فلنتابع بقية المقال ...
إليكم هذه االصورة أولا .. ماذا تشاهدون ؟
إن شخصين عاقلين يمكن أن يريا شيئين مختلفين في نفس الصورة الواحدة.. و الغريب أن كلا منهما على حق !
و الغريب أن كلا منهما سيتهم الآخر في وجهة نظره ، لأن كلا منهما حكم بالخريطة الذهنية لديه ..
عندما ترى هذه الصورة للوهلة الأولى تكون قد تكونت خريطة للشخصين (أو للوجه) ،فلا ترى غيرها و لا تكون مستعدا لتغيير ما رأيت مهما اعترض عليك أحد و كذلك الذي رأى الشكل الآخر.
هذا في صورة لمدة ثوان ، فما بالكم بالصورة التي انطبعت لدينا و تعودنا عليها عمرا طويلا ؟
و هذا يعني :
- مدى قدرة الظروف في التأثير على تصرفاتنا و تصوراتنا و أنماطنا السلوكية .
- فإذا كانت ثواني الرؤية للصورة الفردية جعلتنا لا نرى إلا ما رأينا من قبل ، فكيف بظروف تشمللا العمر كله ؟
- إن المؤثرات التي مرت في حياتنا شاركت في تشكيل التصورات التي نتخذها كمرجع و كنمط سلوكي و خارطة.
- إن تلك الأنماط السلوكية التي تشكلت من مؤثرات الماضي هي مصدر مواقفنا و تصرفاتنا ، ولا يمكننا أن نعمل بجدارة خارجها.
- إن محاولة تغيير التصرفات الخارجية لا يفيد كثيرا على الأمد الطويل إذا ما فشلنا في تغيير مصدر هذه التصرفات ،(النمط الأساسي )
انتبه
- عندما تبدأ في وصف ما تراه ، فأنت لا تصف إلا نفسك و تصورك و نمطك ، و حينما يختلف الآخرون معك فلا تتهمهم ، فلا عيب فيهم إلا أنهم لا يرونك أنت بل يرون أيضا أنفسهم.
و لا يخرج من هذا المأزق إلا أصحاب الخبرات الفذة.
الحق المجرد
و لكن ألا توجد حقيقة مجردة ؟
هل كل الظواهر تفسر من خلال وجهة نظرنا؟
لا .. هناك حقيقة مجردة متسعة في هذا الوجود ، و المشكلة أننا نعرض و جهة نظرنا حول المساحة المكشوفة لنا ، ونقاتل على أنها الحقيقة كلها، وغيرنا يقاتلنا على الجزء الذي يراه منها..
و الحل حتى تكون نظرتنا أكثر موضوعية يجب علينا :
• الفحص الدقيق لكل ما يقوله الآخر
• الفحص الدقيق لوجهة نظرنا
• إلغاء الأحكام المسبقة
و تذكر
إن كلا منا يظن أنه يرى الأشياء بنظرة موضوعية ، بينما الواقع أننا نرى الأشياء بنظرة شخصية معظم الوقت ،نراها من خلال تجاربنا التي مرت بنا نحن من قبل و ليس من خلال تجارب غيرنا.
توماس كون ألف كتاب سماه (بنية الثورات العلمية) و كان أول من استخدم تعبير (تبدل النمط السلوكي ) ، و بين فيه أن كل اختراق في مجال العلم سبقه اختراق للتقاليد و لطرق التفكير القديمة و الأنماط القديمة.
بين الحسن بن الهيثم و جاليليو
كانت النظرية القديمة للرؤيا هي أن ضوءا ينبعث من العين فترى الأشياء ، و لكن الحسن بن الهيثم جاء بنظرية جديدة عكس القديمة تماما.. أن الاشياء هي التي تعكس الضوء الواقع عليها إلى العين لترى الاشياء.
في البداية كانت الخريطة الذهنية عند الناس متوافقة مع النظرية القديمة ،ومع تحريك بسيط لهذه الخريطة حدثت القناعة.
عندما تمتلك الشجاعة على تغيير نظرتك إلى الأمور ، فاعلم أنك في طريقك لاكتشاف رائع لم يخطر ببالك ..
إن تغيير النموذج (النمط) يعني غالبا اكتشافا جديدا ، كل ما في الأمر أن ابن الهيثم طرح سؤالا : أنه إذا كانت العين تبعث ضوءا فلماذا لا نرى في الظلام؟ !
فكانت تجربة الدهشة واقتنع الناس حيث أن الأمر لم يكن غريبا ، لأن ابن الهيثم لم يقدم شيئا مخالفا لعقيدتهم ، بل لم تتبن عقيدتهم يوما نظرية كونية و اعتبرتها دينا تكفر من يتناقش حولها ، فكان سهلا عليهم تغيير النمط الداخلي.
أما بالنسبة لجاليليو فإن الأمر كان مختلفا تماما ، فإن الأنماط الذهنية عند الناس حوله كانت منغلقة تماما أمام العلم و الاكتشاف ، و قد اعتبرت الكنيسة أن البحث في الطبيعة و الفلك حِكر عليها ، و ما تتبناه من نظريات يعتبر دينا ، حيث أن الصراع كان على أشده بينها و بين جيرانها المسلمين الذين برعوا في تلك العلوم ، مما هدد عقائد الكنيسة.
وكان جاليليو يشتغل بأبحاثه بالفلك منذ سنة 1610 م في فلورنسا بإيطاليا و لبث أعواما طويلة يعمل على إذاعة نظرياته الجديدة عن دوران الأرض و استقرار الشمس وسط الكون .. و كان هذا مخالفا لما تتبناه الكنيسة (أن الأرض هي الثابتة و الشمس تدور حولها)
و السؤال الذي يخطر على البال : هل يؤثر في عقيدة الناس أن أحدهما هو الذي يدور حول الآخر؟ فخالقهما واحد ، و في كلتا الحالتين الدوران دلالة على قوته سبحانه و تعالى ، بل و الأمر كله لا يتعدى النظرية التي تحتاج إلى برهان ، و لكنه النموذج الذهني المبني على الاعتقاد و الرفض الكامل للتغيير.
أو هو أسلوب الثقافة الذي يقوم على إخفاء الرأس في الرمال (رفض التغيير) ، و عداء كل من يقترب منها (مقاومة التغيير)
فأصدر البابا عام 1616 م قرارا ينقض نظريات جاليليو و يحرمها ، ويعتبرها فلسفة مضحكة و اجتراء على النصوص المقدسة .. كما ينصح جاليليو بالكف عن دعواه ، ولكن الأخير استمر يدلل على صدق نظرياته و أصدر كتابه الرائع (محادثات عن الأصول العلمية) سنة 1632 م فاستقبل بعاصفة من الترحاب و الحماسة في جميع أنحاء أوروبا .
و هنا ثارت ثائرة الدوائر الكنسية ، وحرم الكتاب ، وجمعت نسخه لتحرق .. ودُعي جاليليو للمثول أمام ديوان التفتيش ( نفس محاكم التفتيش التي حاكمت المسلمين في إسبانيا ) ، و كان عمر جاليليو حينئذ فوق السبعين .. فاعتقل و مثُلَ أمام الديوان ، و قيل أنه عذب بشدة أو هدد بالتعذيب ، فأنكر كل ما قال فحكمت المحكمة (بأنه مشتبه في كفره شبهة قوية ) و قضت باعتقاله و أن يقوم أسبوعيا بصلوات التوبة لمدة ثلاث سنوات ، و عندما خرج جاليليو من سجنه و رحل إلى فلورنسا مرة أخرى كانت أول تصريحاته أن الأرض لا زالت تدور حول الشمس ..
و لكن على كل حال فإن تغيير النموذج ينقلنا دائما لنرى العالم بأعين جديدة لم نره بها من قبل ، و تقودنا إلى قوة تغيير هائلة.
لا تنسى مشاركة الموضوع مع أصدقائك كي تعم الفائدة
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات