تجربة من قلب فلسطين.. كيف يرتقي المُعلمون الفلسطينيون بطلابهم

رواد عالم تعلم ، السلام عليكم ورحمة الله ، جاءت والدة الطالب "ب. ر" لمعلمتِه في أحد الأيام، والدنيا لا تسعها فرحاً، قائلة: "في إحدى حفلاتنا العائلية أخذ أحد الأطفال من ابني علبةَ العصير، فقرّر أن يضربَ الفاعِل، وفي اللحظة الأخيرة قبل أن لا يفعلَ، قال لي: مِس حنان علمتني أن أعدّ للعشرة وأن أتحكم بنفسي قبل أن أتصرَّف، وأنا سيطرت على نفسي ولم أضربه، بل قلت له: لو طلبتها مني لأعطيتك إياها".


معلمة الفصل للمرحلة الأساسية حنان حامد الحروب ( 40 عاماً )، من مدينة بيت لحم الفلسطينية، هي تلك المعلمة التي شعرت بعظم المسؤولية على عاتقها حين شاهدت مدى عنف طالبها "ب. ر" الذي لم يفرّق بين زميلٍ ومُعلّم، والتي طبَّقت معه منهجها التعليمي الذي يحمل شعار "نلعب ونتعلَّم" لتحصد أفضل النتائج.


تقول الحروب لـ"هافينغتون بوست عربي": " ذلك الطالب الذي كنت أخاف من ترك زملائه الطلاب وحدهم فترة الاستراحة تحسباً لاعتدائه عليهم، تغيّر بعد 4 شهور من دخوله فصلي، لم أعد أسجّل له أي حالة عنف، بل وانتقل نقلةً نوعيةً سلوكية، ونقلةً في التحصيل العلمي".


وكانت أول خطوة اتبعتها الحروب أنْ نبشت ماضي ذلك الطالب، لتكتشف أن طريقَ طفولتِه خُطّ بممارسة أبشع أشكال العنف والاعتداءات، وبناءً على تلك المعلومات سارت لعلاجِه واستخدمت طريق "اللعب التعليمي" الذي يتناسب مع حالتِه، وشاركت معه الآخرين ليرتفع ذلك الذي أطلقوا عليه لقب "المجرم" من مستوى "D" إلى "B+".


طريقة محببة للطفل

وتقول الحروب عن برنامجها التعليمي إنه "عبارة عن استراتيجيات تربوية حديثة تُشكَّل وفق خصوصية الطالب والبيئة والظروف التي يعيشها، وبما أن اللعب سمة مرحلة الطفولة فقد قدمت له تعليماً بطريقة محبّبة لقلبه، فصمّمتُ ألعاباً جماعية وفردية لتحقيق أهداف أخلاقية سلوكية وتربوية وتعليمية".


وتضيف: "أجلس مع كل طالب على حِدة، وأتواصل مع أولياء الأمور لِأُلمّ بكل ظروف الطالب ومشاكله، وبذلك أحدد أين وكيف سيكون دوري، فأطفالنا محرومون من أدنى حقوقهم في فلسطين، فما البال إن كانت لديهم مشكلات أخرى؟!".


ومن ثم تُقرِّر الحروب في منهجِها أن تُدخِل الفرح في قلوب أولئك الطلبة، وتشعرهم بالاهتمام، وتصل معهم إلى لغةٍ مشتركة لبناء جسور الثقة والاحترام فيما بينهم، وتؤكّد: "هناك دورٌ لكل طالب من طلابي من خلال منهج (نلعب ونتعلم)".


وكانت الحروب قد غيّرت تخصصها من الأحياء إلى تعليم المرحلة الأساسية بعد أن تعرض أطفالُها ذات يومٍ لحادث إطلاق نارٍ كثيفٍ من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي سبب لهم صدمة نفسية منع أي مدرسةٍ من تفهم حالتهم، في حين لم يتوافر مختصون للتعامل مع الحالات الناتجة عن العنف، لكن الأسرة تعاملت مع أطفالها بعمقٍ واستطاعت معالجتهم حتى تمكنوا من تخطي الأزمة.


هذه الحادثة غيرت مجرى حياتها لتقطع عهداً على نفسِها بأن تكون المربية والمعلمةً الحقيقية للأطفال. وصنفت الحروب مع معلمين فلسطينيين اثنين من أفضل 50 معلماً متميزاً في العالم، لتثبت بذلك أن اتخاذها قرار مهنة التدريس كان الأفضل في حياتها.







إذا أعجبك الموضوع لا تنس مشاركته مع زملائك لتعم الفائدة