هل يجب علينا تعلم اللغة الانجليزية ؟ ولماذا نجد صعوبة في تعلمها ؟!!

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته في عالم تعلم ... إن تعلم أى لغة مهما بلغت صعوبتها ليس شيئاً مستحيلاً، بل على العكس الجميع قادرون على تعلم أى لغة، وهذه قاعدة حقيقية ومسلم بها، فلو أن إمكانية تعلم اللغات حصراً لطائفة معينة من الأفراد، لما كان جميعنا يمتلك لغة، فأي شخص مهما بلغت درجة علمه ، لديه على الأقل لغة يتحدثها ويتقنها، وقد كان السبب فى تعلم هذه اللغة بلا شك هو التواجد فى البيئة المناسبة .

 تعلم اللغة الانجليزية

 وكذلك الأمر بالنسبة لكل اللغات فاللغات تحتاج إلى التواجد فى البيئة المناسبة لكى يتم تعلمها، ولكن ليس بإمكان كل شخص أن يتواجد فى البيئة المناسبة ليتعلم اللغة التى يريدها،  لذا يجب على من يريد ان يتعلم لغة ما أن يخلق بيئته المناسبة بنفسه وأن يتعايش معها.

أولاً: ضرورة تعلم اللغة الإنجليزية

فى مجال العمل: 

 تعلم اللغة الانجليزية

أود أن أطرح عليك سؤلاً طريفاً: ماذا لو مر عليك يوم دون أن تشرب فيه كوب من الماء؟! بالطبع ستشعر أنك لا تعيش حياة طبيعية مثل بقية البشر، ومن الممكن أن يتسبب ذلك في إضرارك صحياً. كذلك هو الحال بالضبط، في مجال العمل "المحترم" فى كل الدول العربية تقريباً وفى أي دولة عامةً.

 اللغة الإنجليزية بالضبط تساوي هذا الكوب من الماء .. لماذا؟ .. لأن جميع الشركات تقريباً تعتمد على اللغة الإنجليزية فى تعاملاتهم اليومية إعتماداً كاملاً، وبالتالي من المستحيل أن تجد هذه الشركات تقبل شخصاُ لا يتقن الإنجليزية.

 خذ هذه المعلومة وضعها دائماً وأبدا فى الحسبان، إذا كنت تريد العمل فى شركة كبيرة ولها اسمها (سواء هنا أو فى الخارج)، فلا مفر من إتقان اللغة الإنجليزية وضع مليون خط تحت "اللغة الإنجليزية". إذنْ نحن الآن توصلنا إلى نقطة واضحة وصريحة وهي: أن اللغة الإنجليزية شيء هام وضروري وأساسي للعمل فى أي شركة "محترمة" أياً كان تخصصها.

في مجال الدراسة والعلم: 

 تعلم اللغة الانجليزية

أغلب المتعلمين في كل مراحل التعليم حتى المستوى الجامعي لا يجيدون اللغات الأجنبية وخصوصا الإنجليزية، وهي اللغة العالمية المشتركة من حيث كونها لغة التخاطب ولغة الانترنت ولغة العلم والتكنولوجيا ولغة المراجع العلمية، وهي كذلك لغة المؤتمرات العلمية.

 وإذا كنت تريد معلومات دقيقة وواسعة عن أي موضوع فما عليك إلا البحث عنها باللغة الإنجليزية، فهي توفر لك الفرصة للتعرف على ما يحصل في العالم وللتواصل مع سكان هذا العالم وللالمام بثقافات هذا العالم.

 اللغة الانجليزية أصبحت اليوم جزءا من تكوين الشخصية، وفوائد تعلمها يتجاوز كل ما يتعلمه الفرد بلغته الأصلية. والمثقف في عصرنا الراهن هو الذي يجيد التواصل بلغة أخرى بالاضافة إلى لغته الأصلية.

 ومع ذلك تهمل حكوماتنا هذه الاهمية على الرغم من حقيقة ان التطور العلمي والتكنولوجي وإتقان اللغة الانجليزية اصبحا صنوان لا يفترقان، وهذا ما تشهد عليه تجارب دول متطورة كالمانيا ودول في طريق التطور كماليزيا.

ويكاد يكون إنتاج العلم (أي علوم) حصراً باللغة الإنجليزية، وبالتالى تجد المحتوى العلمى ضئيل جداً فى العربية، نظراً لتأخر الترجمة جداً وكذلك لعدم وجود جهة موحده لترجمة المصطلحات العلمية. وبالتالي فالمحتوى العلمى المتوفر باللغة الإنجليزية هو بمثابة كنز كبير سيغير حياتك للأبد، ومفتاح هذا الكنز هو تعلم اللغة الإنجليزية.


والدليل على ذلك، انظر عدد المقالات المتوفرة على ويكيبيديا بالعربية ستجد أن هناك ما يقرب من (260 ألف) مقال، أما عدد المقالات المتوفرة فى ويكيبيديا بالإنجليزية ستجد أنه يقترب أو يزيد عن (4.5 مليون) مقال.. هذا كفيل بأن يوضح لك ما ذكرته، ودليل على مقدار تفوق المحتوى العلمى باللغة الإنجليزية على نظيره باللغة العربية.

سأكون واضحاً معك: ما لم تكن دراساتك الرئيسية مرتبطة بالأدب العربي أو اللغة العربية، أنت لن تتعلم أي شيء "إطلاقاً" مالم تتقن لغة أخرى، وتحديداً الإنجليزية لأنها الأكثر انتشاراً.

تعلم اللغات لا يختلف عن حل مسألة رياضية. نحن نتبع نفس الخطوات: تحليل المشكلة، تحديد و فهم القواعد المطلوب إتباعها لحل المشكلة، ثم تطبيق هذه القواعد على أمثلة مختلفة (التدريب) حتى نصل لدرجة مرضية من الإتقان.

ثانياً: تحليل المشكلة

كن على علم بأن اللغة التى تريد إتقانها مثلها مثل أي لغة، واكتسابها مثل اكتساب أي لغة ولكن مع بعض الفروق الطفيفة. فمثلاً فى بيئتنا العربية، نحن نولد ولا نعرف أي شيء حولنا، وبالتدريج نفهم وندرك ونتعرف على كل الأشياء. فعندما نشاهد شيء له عقارب ويصدر من خلاله صوت تكتكة، نفهم مع الوقت أن اسمه ساعة، وعندما نشاهد لوح عريض يعكس صورتنا أثناء وقوفنا أمامه، نفهم أن اسمه مرآة. … إلخ. ومن هنا جاءت معرفتنا باللغة العربية. كيف حدث ذلك؟ بالتدريب والممارسة والتعامل مع البيئة المحيطة.


الآن قم بتغيير الوضع وتخيل أنك وُلدت بأمريكا مثلاً، كذلك أنت لا تعرف أي شيء حولك، ثم تدريجياً ومع الوقت تفهم وتدرك ما حولك، فعندما تشاهد شيء صغير عليه أرقام وله شاشة صغيرة، تفهم أن اسمه Calculator، وعندما تشاهد شيء يضئ ويعرض صور متحركة ومتغيرة تفهم أن اسمه TV. … إلخ.

 أليس هذا نفس الوضع ونفس الحالة ؟ إذن ما الذى يجعل شخص معين يتحدث لغة معينة؟ حسناً، لأن هذا الشخص محكوم بالبيئة التى حوله والتى تتكلم بهذه اللغة، وبالتالى فالشخص الذى يجلس باليابان، لا يفهم لغة الشخص الذى يجلس بأمريكا، والشخص الذى يجلس بأمريكا لا يفهم لغة الشخص الذى يجلس بأسبانيا وهكذا.

بالطبع لن تتوقف الحياة عند هذا الحد .. هل بعد ذلك يلتزم كل شخص بلغته الأم ولا يبالى بالآخرين، فقط لأنه لا يفهمهم ولأن لغتهم تختلف عن لغته ؟! بالطبع لا .. وهنا تأتى حكمة الله تعالى، فهو يقول (يا أيها الناس إنّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا) شعوباً وقبائل هنا تدل على اختلاف اللغات والثقافات والعادات والخبرات.

حتى لا يتسع الموضوع، سأتحدث عن اللغة فقط. وحتى أوضح كلامي أكثر، سأضرب لك مثلاً طريفاً .. ( أنت فى يوم من الأيام نمت، ثم استيقظت فى اليوم التالى وفجأة، اكتشفت أنك على جزيرة غريبة عليها أشخاص يتكلمون لغة لا تفهمها وتسمعها للمرة الأولى. وشاهدتهم ينظرون إليك ويحاولون التحدث معك، ولكن للأسف أنت لا تفهم منهم شيئاً وكذلك هُم. بالفعل أنت ستكون فى مأزق! ولكن يا تُرى ما العمل؟ حسناً، عندما تيأس من محاولة فهمهم ستجد نفسك تلجأ للأساليب البدائية جداً، ألا وهي الإشارات، ومع الوقت ستكتشف لغتهم وتعرف مفرداتها ومصطلحاتها وتعبيراتها.) من هذا المثال أود أن أشير إلى بعض النقاط الهامة جداً :

* أن تعلُم لغة ما للمرة الأولى (أو حتى محاولة تحسينها) يكون فى منتهى الصعوبة، ويمكن أن تشعر معه بالملل فى مرحلة ما، وكذلك الغموض.
*  يستحيل أن تتعلم لغة ما وتتقنها جيداً وتصبح ضليع بها فى شهر أو شهرين، وإنما تحتاج مدة كبيرة حتى تتقنها جيداً وتتحدث مثل أهل هذه اللغة.

وأكبر دليل على ذلك أنه إذا سافر شخص أردني إلى السعودية وقضى فيها بضعة أشهر أو سنة، مستحيل أن يتحدث تماماً مثل السعوديين، وإن استطاع أن يقلدهم، فستنكشف اللهجة بسهولة، ولكن مع الوقت والممارسة والتدريب يتكلم مثلهم تماماً. وبالتطبيق على الإنجليزية أو أي لغة ستجد أن هذا الكلام صحيح جداً.

وبما أننا مخلوقات قادرة على التكيف مع البيئة المحيطة، لأن هذه هي طبيعتنا التى خلقنا الله عليها، فبالتالي لابد أن "تتسم" نفسك على هذا الواقع وهذه الحقيقة، أنك قادر على التكيف مع أي بيئة واكتساب معارف وثقافات وكذلك تعلم لغات جديدة.
أود أن أشير أيضاً إلى أنه لا يوجد شيء يسمى " وقت متأخر" أو "سن متأخرة" .. فالتعلم يتم فى أي وقت وفى أي مكان، وهناك قول معروف (ما تأخر من بدأ)، طالما لا زلت على قيد الحياة، فلديك الفرصة، وتذكر أنه كلما تأخرت، كلما تتطلب الأمر مجهوداً وإصراراً أكثر. لكن فى النهاية ستصل للنتيجة التى تصبوا إليها.

 تعلم اللغة الانجليزية

سؤال بسيط جداً .. لماذا مستوى الإنجليزية لدينا ضعيف جداً أو يكاد يكون معدوم، رغم أننا نقضى فوق 12 عام ندرس الإنجليزية فى المدارس؟! البعض سيقول بسبب نظام التعليم الخاطيء من الأساس، وأراء أخرى صحيحة وواقعية فعلاً.
طيب فكر معى للحظة .. ما هي الحقيقة الثابتة وراء رداءة تعليم اللغة الإنجليزية فى مجتمعاتنا العربية عامةً؟ الإجابة بسيطة وتتلخص فى أننا لا نستخدم نفس طريقة تعلم الطفل الذى يكتسب نفس اللغة عن طريق البيئة المحيطة به.

هل تذكر المثال بالأعلى الذى وضحنا فيه كيفية أو ماهية اكتساب اللغة (الطفل الذى يولد فى بلد عربى، والطفل الذى يولد فى بلد أجنبى)؟ عندما توصلنا إلى أن الطفل يولد لا يفهم ولا يعرف أي شيء من حوله، وبالتعامل مع الناس والبيئة المحيطة يكتسب اللغة. هكذا هي الطريقة المثلى لتعلم اللغة، والتى تجعل مستوانا يوازى مستوى أهل اللغة نفسها.

كلنا تقريباً قد خضعنا لمثل هذا النظام العقيم من تعليم اللغة .. نطق خاطئ، معلومات خاطئة، قياس مستوى الطالب بطريقة خاطئة، اختبارات تقيس مدى قوة الحفظ والصم، لا الفهم! .. إلى أن وصلنا لهذا الحال المزرى والمستوى الضعيف جداً فى اللغة. بالرغم من أنك لو كنت فى تعليم "خاص"، ودرست الإنجليزية 12 عام، لكان مستواك يعادل مستوى متحدث أصلى للغة، ولما كنت الآن على هذا الحال. 

 تعلم اللغة الانجليزية

إذن ما هي مواصفات التعليم المثالى للغة الذى من خلاله نستطيع تعلم اللغة بطريقة صحيحة؟
كما قلنا، أن نتعامل مع اللغة بنفس الطريقة التى يتعامل بها الطفل المولود فى بلد أجنبى، والذى يكتشف العالم بنفسه تدريجياً .. حتى لو كانت سنك متقدمة؟ نعم، حتى لو كان عمرك 50 سنة.  :)
ما معنى ذلك؟ .. بما أنك لا تستطيع التحدث بالإنجليزية، فأنت تتساوى فى المستوى بالطفل – حديث الولادة – فى بلد أجنبى، الذى لا يستطيع أن يفهم ويتحدث اللغة هو الآخر.
طيب كيف تعلم هذا الطفل؟
سأذكرك مرة أخرى بما تحدثنا عنه بالأعلى، أن عليك تغيير الوضع، وتهيئة البيئة المناسبة، تخيُّل أنك تعيش بأمريكا مثلاً. وبالتدريج ستكتسب اللغة عن طريق التعامل مع الناس والإحتكاك بالبيئة المحيطة.( فعندما تشاهد شيء عليه أرقام وله شاشة صغيرة تفهم أن اسمه Calculator، …إلخ). وعلى نفس هذا الوضع ستتعلم اللغة.
فى البداية من الممكن أن تسخر من هذه الطريقة وهذه الخطوات البدائية، وتقول أنك درستها أساساً وتعرف معظمها من قبل، لكنها مرحلة مهمة جداً .. ابدأ مرة أخرى من جديد على أساس سليم.
كم شخص تواجهه صعوبات فى تعلم اللغة؟ 
الكثير!
ما هو أشهر ما يعانى منه الكثير؟ 
• أنا أعرف كم كبير من الكلمات، ولكن لا أستطيع توظيفها فى المكان الصحيح.
• أنا ضعيف جداً فى "الجرامر" (القواعد اللغوية)، ولا أستطيع أن أفرق بين الماضى والمضارع والمستقبل ، ولا أستطيع أن أكوّن جملة واحدة صحيحة.
• أنا أعانى من التهتهة فى الكلام عند التحدث بالإنجليزية.
• أنا أنطق الكلمات بطريقة خاطئة.
• أنا أتكلم جيداً وأنطق الكلمات بطريقة صحيحة، لكن ببطئ. لا أستطيع التحدث بسرعة.
• لا أستطيع الإستماع للإنجليزية وأفهم ما يُقال.
• لا أستطيع التحدث مثل الأمريكان .. لا أستطيع التحدث باللكنات .. لا أعرف كيف أجعل الكلام موصولاً.

ومشكلة شائعة جداً وهامة :
أن البعض يعتقد أن عملية تعلم لغة ما، هي فقط تعلم كيفية "التحدث بنفس لكنة أهلها". و كما سنرى، هذا ليس شرطاً على الاطلاق، و لا يمثل أكثر من 10% من عملية التعلم.
تقريباً هذه أكثر هي المشكلات والصعوبات التى تواجه الكثير فى تعلم الإنجليزية أو أي لغة أخرى. وعلاج ذلك فيما وضحناه بالأعلى وفى النقاط التطبيقية التى سأسترسل فى سردها فى الجزء الثانى من هذا المقال.
اللغة تعني ممارسة لعدة سنوات 
لا تعتقد أن الكورسات والشهادات التى تحصل عليها كافية لتصبح ضليع باللغة. فهذه الشهادات لا تعنى أي شيء إذا كنت لا تتقن اللغة بالفعل. وسينكشف مستواك من أول "مقابلة" للحصول على وظيفة، بل من أول جملة تنطق بها كـ ( …My name is ) .. الأمور حينها يا صديقى لن ترضيك ولن تكون فى صالحك إن كان مستواك على الورق فقط.

إذن قبل أن تبدأ، علي أن أنبهك لشئ مهم:

 تعلم اللغة الانجليزية

في المراحل الأولى لتعلم (أو تحسين) أي لغة جديدة، ممنوع "نهائياً" أن تقارنها بلغتك الأصلية من أي ناحية. في الحقيقة هذا فقط سيعقد عليك الأمور عليك ويبطئ عملية التعلم. تميل عقولنا إلى النظر للموضوعات المتشابهة بصورة واحدة، لذا فهي تفترض أن كل اللغات في العالم تتبع نفس قواعد لغتك الأم، وهو غير صحيح على الإطلاق. قد يستغرق منك هذا الأمر بعض الوقت، لكن يجب عليك أن تفعله.



إذا أعجبك الموضوع من فضلك شاركه مع أصدقائك