ثيموني دونر صاحب 20 لغة يجيبكم : لماذا علمت نفسي 20 لغة؟ وما الذي تعلمته عن نفسي خلال هذه العملية؟

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته ، مرحبا بكم رواد عالم تعلم ، اليوم سوف نتعرف وإياكم الى شخصية فريدة من نوعها ، فرضت نفسها في الساحة الإعلامية ،  خلال السنوات القليلة الماضية، كان يشار إليه عبر وسائل الإعلام على أنه أصغر متعدد لغات (Hyperpolyglot) في العالم. و هي الكلمة التي يبدو وكأنها تعبر عن مرض نادر. بطريقة ما فإن هذه الكلمة تعبر عن الشخص الذي يتحدث عددًا كبيرًا من اللغات الأجنبية. أولئك الأشخاص الذين يؤدي بهم نهمهم للكلمات ونظمها إلى قضاء ساعات طويلة وحدهم بصحبة كتاب لقواعد اللغة.

Timothy Doner

إنه « ثيموني دونر » طالب في جامعة هافارد وصف بأنه درس أكثر من 20 لغة. يمضي الكثير من وقته في محاولة لإتقان المهارات اللغوية عبر التجول في أحياء مختلفة من مدينة نيويورك وله قناة يوتيوب تحمل اسم «PolyglotPal» وقد تلقت أكثر من 5 ملايين زيارة حتى منتصف عام 2014. 


نقدم اليوم لكم مقالا يتحدث فيه عن نفسه ، وهو مقال مترجم من موقع ideas.ted.com 
ويجيبكم عن تسائل صريح في محله : لماذا علمت نفسي 20 لغة ؟ وما الذي تعلمته عن نفسي خلال هذه العملية ؟  

Timothy Doner


" رغم أنه أمر صحيح أنني أستطيع أن أتكلم 20 لغة مختلفة، منها الإنجليزية، فقد استغرق الأمر مني بعض الوقت قبل أن أتفهم أن اللغة تعني أكثر من إجراء المقايضة باللغة العربية  أو الطلب من قائمة مكتوبة باللغة الهندية. الطلاقة هي حرفة أخرى مختلفة تمامًا.


من بين اللغات التي أستطيع التحدث بها هي : الفرنسية ، اليونانية ، التايلاندية ، الصينية ، اليابانية ، العبرية ، البايستو ، الهولندية ، الفارسية ، الهندية ، الأندونيسية ، السواحلي ، الإيطالية ، الألمانية ، الإنجليزية والعربية .

بدأت تعلم اللغات في سن الثالثة عشرة. أصبحت مهتما بالشرق الأوسط وشرعت في دراسة العبرية بنفسي. لأسباب ما زلت لا أفهمها تمامًا فقد كنت مدمنا لأعمال أحد مجموعات الفانك (نوع من الموسيقى) الإسرائيلية وتدعى (هاداج ناشاش) وكنت أستمع إلى الألبوم نفسه في كل صباح.

Timothy Doner

بنهاية الشهر كنت قد حفظت 20 من أغانيهم عن ظهر قلب حتى وإن لم يكن لدي أي فكرة عما تعنيه. ولكن بمجرد أن قمت بتعلم الترجمات فقد كان الأمر أشبه بتحميل قاموس كامل بشكل مباشر في رأسي. كنت ساعتها أعرف عدة مئات من الكلمات والعبارات العبرية ولم أكن قد فتحت كتابًا واحدًا.

قررت أن أستمر في خوض التجربة. قضيت ساعات أتجول في مدينة نيويورك وقمت بزيارة المقاهي الإسرائيلية للتنصت على المحادثات التي تدور بين الناس. في بعض الأحيان، كانت تتملكني الشجاعة لتقديم نفسي، كنت أعيد ترتيب كلمات الأغنيات في ذهني. كانت الجمل غالبًا ما تكون خرقاء وأحيانًا تكون صحيحة. وكما اتضح لي فيما بعد فقد كنت على الطريق لفعل شيء ما.

«إذا كان المستوى المعياري لتحدث أي لغة يتطلب معرفة كل الكلمات بما يسمح لك أن تكون على نفس المستوى في مناقشة الموسيقى الكلاسيكية والانشطار النووي، فإنه من الصعب أن تجد شخصًا يجيد حتى لغته الأم بشكل كامل».

Timothy Doner

قررت أن أنتقل إلى العربية، وقد كنت أدرسها كل صباح من خلال قراءة عناوين الأخبار بالاستعانة بالقاموس ثم التحدث مع الباعة المتجولين. بعدها كانت الفارسية ثم الروسية ثم الصينية الشمالية ثم حوالي 15 لغة أخرى. في اليوم الطبيعي، كنت أتحدث عبر سكايب مع أصدقاء باللغة الفرنسية والتركية، وكنت أستمع إلى موسيقى البوب الهندية لمدة ساعة وأتناول وجبة العشاء بصحبة كتاب لليونانية أو اللاتينية على ركبتي.

 أصبحت اللغة هاجسًا لدرجة أنني صرت أتتبع الفصول الصيفية والمدارس والمنتديات على شبكة الإنترنت وجميع مجموعات تعلم اللغات في جميع أنحاء المدينة.

بحلول مارس/ أذار من عام 2012، كانت وسائل الإعلام مثل «بي بي سي» و«صحيفة نيويورك تايمز» قد كتبت ونشرت قصصًا حول «المراهق الذي يتحدث 20 لغة». لفترة من الوقت كان الأمر وكأنه ضرب من الخيال ولكنه حوّل ما كان يظنه الكثيرون هواية غريبة إلى تيار سائد وأعطاني فرصة مثالية لتعزيز تعلم اللغات.

بعد فترة من الوقت، أصبحت الأوقات التي أقضيها مع وسائل الإعلام أقرب لأعمال بشعة منها إلى فرص لنشر الكلمة . وكانت معظم البرامج الإخبارية مهتمة فقط بعرض الدب الراقص .

(تريد أن تعرف المزيد عن الشرق الأوسط، حسنًا أنت تشاهد الآن القناة الثانية العربية). ورغم أن الأمر يبدو في ظاهره طريفًا إلا أنه تركني وقد تعلمت درسًا غير مريح حول وسائل الإعلام الحديثة: عندما يكون الهدف هو ببساطة الحصول على انتباه المشاهدين، فإن الأهمية الحقيقية للقصة غالبًا ما تضيع خلال الترجمة.

Timothy Doner

عندما كنت أبدأ استكشاف اللغات، كان لي وجهة نظر رومانسية حول كلمات مثل «الحديث» و«الطلاقة». ولكن بعد ذلك أدركت أنه يمكنك أن تكون قد أجدت اللغة اسمًا ولكنك لازلت تكافح من أجل فهم أجزاء منها. اللغة الإنجليزية هي لغتي الأولى ولكن ما أتحدثه حقا هو مزيج من عامية مراهق ولكنة منهاتن الجنوبية الشرقية.

عندما أستمع إلى والدي، وهو محام،  بينما يتحدث إلى محامين آخرين فإن الكلمات تبدو غريبة بالنسبة لي ويكأنه يتحدث الفنلندية. أنا بالتأكيد لا يمكنني قراءة شكسبير بدون القاموس وسوف أكون عاجزًا تمامًا إذا وضعت في غرفة واحدة مع جامايكيين أو كاجانيين (مجتمعات تعيش في جنوب لويزيانا تنحدر من أصول كندية فرنسية) رغم أن جميعنا يتحدث الإنجليزية.

معلّم اللسانيات الخاص بي بولندي الأصل، ويتحدث الإنجليزية بطلاقة أكثر مني. ومع ذلك فإنه عندما يتحدث في المنزل يصبح كلامه مليئا بـ « «epenthetic schwa (طريقة مميزة في النطق عند بعد الدول الأوروبية تتميز بإضافة صوت أو حرف معين في نطق الكلمات كإضافة حرب U مثلا قبل نهاية كلمات مثل balk لننطق كأنها balluk ) وأيضا الوقفات الشعبية الصامتة «voiceless alveolar stops».

Timothy Doner

 في يوم من الأيام أخبرني معلمي أن لم يسمع أبدًا كلمة (“tethered” أو مربوط) في حياته. هل هذا يعني أنه لا يجيد الحديث بالإنجليزية؟ إذا كان المستوى المعياري لتحدث أي لغة يتطلب معرفة كل الكلمات بما يسمح لك أن تكون على نفس المستوى في مناقشة الموسيقى الكلاسيكية والانشطار النووي، فإنه من الصعب أن تجد شخصًا يجيد حتى لغته الأم بشكل كامل.

تخفيض شخص ما ليتم تعريفه بعدد اللغات التي يتحدثها، أو تتحدثها، هو استهانة بالقوة الهائلة التي تضفيها اللغة. بعد كل شيء، اللغة هي شهادة حية على تاريخ الثقافة والنظرة إلى العالم وليست كأسًا لامعة ينفض عنها الغبار بهدف التقدير الذاتي.

اللغة نسيج معقد من التجارة والتجارب والثقافة التي نضيف إليها جميعًا قطعًا فريدة من نوعها سواء كان ذلك عبر «سوناتة شكسبير» أو حتى عبر أي مقاطع أخرى بدائية وإن بدت غير بليغة.

تلك الأوقات التي قضيتها تحت أضواء الإعلام جعلتني أدرك أن قولك أنك تجيد التحدث بلغة ما قد يعني الكثير من الأشياء المختلفة: قد يعني ذلك قدرتك على تذكر خرائط الأفعال أو معرفة اللهجة العامية أو أحيانًا الوصول لمستوى اللغة الأم.

في اللحظة التي أدركت فيها أنني لا يمكن أن أصبح طليقًا في استخدام 20 لغة فقد فهمت أيضًا أن اللغة تعني القدرة على التحدث مع الناس وأن نعبر الحدود الثقافية ونعثر على إنسانيتنا المشتركة.  وهذا هو الدرس الذي يستحق التعلم.

المصدر: 1 / 2

إذا أعجبك الموضوع لا تنس مشاركته مع أصدقائك لتعم الفائدة