المثبطون من حولنا وكيف نتعامل معهم

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته .. مرحبا بكم رواد عالم تعلم .. قال أحد الأنصار لعبد الله ابن عباس "واعجبا لك يابن عباس أترى الناس يفتقرون إليك و في الناس أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ يقول ابن عباس : فلم استمع لقوله ولم أصدقه حتى إنني كنت أتوسد باب أحدهم أطلب العلم فعاش الرجل الأنصاري حتى رآني و قد اجتمع الناس من حولي يسألونني  فقال ذلك الرجل : هذا الفتى كان أعقل مني ، نعم والله "

ما أكثر المثبطين من حولنا وما أكثر المخذلين وما أكثر الناصحين بلا نصح والمرشدين بلا رشد  ، قد يكون أحب الناس لك.. وقد يكون من أعدائك ، نعم والله  ، إن الانسان يتأثر بمن حوله  ، والطباع سرًاقة كما يقول ابن القيم ، فمن جالس قوما وأكثر مرافقتهم لابد أن يسرق منهم صفة يكثر فعلها ، كلمة يكثر تردادها .

 والمرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل ، يقول الله عز وجل مخاطبا نبيه: (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ) ، إن الاحتكاك بالمتميزين و الناجحين والصالحين خير معين على الارتقاء بالنفس إلى مراتب عليا ، فالإنسان بطبعه يتمثل سلوك من حوله  ،و يتأثر به، والنجاح عدوى سريعة الانتقال ....وكذلك الفشل ، فأعد النظر في علاقاتك .
المثبطون من حولنا وكيف نتعامل معهم

أحبتي في الله.. ، الناس في تلقيهم للرسائل من حولهم على ثلاثة أصناف:..
فعقل حجري.. لا يقبل حقا ولا باطلا  ، ما يسمع شي ، و عقل إسفنجي يتشرب ماحوله
و عقل زجاجي محكم الإغلاق تمر به الشبهات ولا تستقر فيه فيراها بصفائه  و يدفعها بصلابته ، فتأمل حديث من حولك ولا تقبل رأيهم في أمر ما  ،لا تقبل رأيهم على انه حقيقة مسلمة ،فلو قالوا لك: القرآن صعب.. الدراسة صعبة .. ، الانجليزي مستحيل الواحد يفهمه في سنة .. ، فقل صعبة! ، صعبة عليك.. صعبة عليكم .

ولكن على من يجتهد ويعينه الله عز وجل  ..فهي سهلة ، فصعوبة حفظ القرآن رأي خاص به نابع من عجزه وخارج من تصوره هو  ، لا يجب الأخذ به كحقيقة مسلمة لا تقبل  النقاش  ، بل الحقيقة عن حفظ القرآن ماقاله الله عز وجل (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) .

إن الذين لا يعملون يوذي أنفسهم أن يعمل الناس  ، نعم والله .. تأمل هذه العبارة!! ، إن الذين لا يعملون يوذي أنفسهم أن يعمل الناس ، إذا بدأت تعمل لا تستغرب التثبيط والتخذيل  ، لا تستغربه إذا سمعته  ، ولكن أيضا لا تستقبله ولا تتأثر به .

واختم هذا العنصر بقصة ذلك الطالب الذي جاء مبكرا لقاعة الدراسة في إحدى الكليات  و قبل دخول الطلاب لمادة الرياضيات أخذته غفوة –جاي بدري وأخذته غفوة- ولكن هذه الغفوة امتدت به قليلا حتى دخل الطلاب والمحاضر وبدأت المحاضرة و انتهت وصاحبنا مازال في غفوة لكنها غفوة بسيطة – المحاضرة أربع ساعات والغفوة بسيطة!!-

و عندما استيقظ ارتبك وانحرج ، لملم الطالب المسكين أوراقه وكتب الواجب اللي في السبورة و غادر القاعة ة محرجا و مرتبكا  ، عاد إلى البيت وبدأ يقلب الواجب يحاول فيه
مرة..مرتين..ماقدر ، ما استطاع  ، حاول .. حاول  ، مسائل صعبة  ،  لابد أن احل ولو مسألة واحدة ، رجع إلى المراجع.. ، انكب على الكتب.. ، جلس في المكتبة طويلا يحاول حل ولو سؤال واحد.. ، و فعلا وبعد 3 أسابيع استطاع أن يحل مسألة واحدة   ففرح بذلك
و أراد إن يقدم هذه الإجابة إلى أستاذه .

 لكنه كان خائفا لأنه لم يكمل الواجب  ، لأنه لم يستطع أن يحل إلا سؤالا واحدا  ، فاستجمع قواه وذهب إلى الأستاذ  ، طرق الباب فأذن له الأستاذ بالدخول  ،فقدم له الواجب .. وعلى حياء أخذها الأستاذ ، وقال : ما هذا ؟ ، فقال له: الواجب ، نظر إليه المعلم..نظر إلى الواجب ، قرأه ..: ثم صرخ في وجهه .

و أخذ الارواق وذهب بها مسرعا إلى رئيس قسم الرياضيات ، خاف الطالب المسكين 
ثم أخذ يصرخ ويؤكد أنه لم يغش من أحد  ، بل انه كان جهدا و تعبا خاصا ذاتيا ، فقال له الأستاذ : بابني.. لم يكن هناك واجب!!.. ، مالذي جعلك تحل هذه المسألة ؟.!!.

لم يكن هناك واجب.. لكنني كتبت للطلاب آخر المحاضرة أن هذه الثلاث مسائل عجز العلم عن حلها ، حتى أنا ما استطعت حلها فكيف استطعت أنت؟!!.. ، كيف ؟

والتفسير الذي يمكن تقديمه هو أنه لم يستمع كما استمع بقية الطلاب للرسالة السلبية التي بعثها الأستاذ لهم فأشعرتهم بالعجز و الآن ورقة هذا الطالب في كبرى جامعات بريطانيا على مدخل كلية الرياضيات ، كم رسالة سلبية تلقيتها في حياتك ؟ ، وصدقتها و أثرت فيك؟ ، كان أدرى بنفسه  ، إننا نتلقى في السنوات الثمان العشرة الأولى من عمرنا أكثر من 148000رسالة سلبية  ، في مقابل 400 رسالة ايجابية  .

 فما أكثر المثبطين من حولنا وما أكثرهم بيننا فأغلق أذنيك عنهم و أدر ظهرك لهم  ، و استعن بربك عليهم.




إذا أعجبك الموضوع شاركه مع أصدقائك