هكذا فعل المصلحون !..التحرر من أسر قيود العبودية لغير الله


عندما ننظر في أعمال المصلحين الناجحة على مر تاريخ الأمة ،نجد أنها كانت تمر من طريق التربية التي تهدف إلى تكوين أمة جديدة متحررة من اسر قيود العبودية لغير الله...
Freedom from slavery

ومن هذه النجاحات ظهور جيل صلاح الدين ،والذي من خلاله تم تحرير بيت المقدس ،وكسر شوكة الصليبيين - بإذن الله - ..ولقد سبق ظهور هذا الجيل الميمون عمل تربوي ضخم قام به نور الدين زنكي ومن قبله من العلماء المصلحين كأبي حامد الغزالي وعبد القادر الجيلاني.

وكذلك دولة المرابطين التي حكمت المغرب العربي عشرات السنين ،وكان أساس قيامها جيل المرابطين الذي تم إعداده وتربيته على الإسلام.

سقوط الخلافة :

كانت الخلافة العثمانية مع ضعفها ترفع راية الإسلام ،وكانت تمثل رمزا للوحدة و المرجعية الإسلامية ،وكان الغرب يدرك هذه الحقيقة ،لذلك وعلى الرغم من مرضها وضعفها الشديد إلا أن أعداء الإسلام لم يهدأوا حتى أعلنوا سقوطها رسميا سنة 1924م ،وقاموا بتفكيك العالم الإسلامي ،وإغراء كل دولة بحدودها ،ثم الهيمنة على تلك الدول بعد ذلك..

ولقد كان لخبر سقوط الخلافة الإسلامية دوي شديد في أنحاء العالم الإسلامي ، وتنادى المصلحون في كل مكان عن سبيل إعادتها وقيامها مرة ثانية ، وظهرت التوصيات التي تشخص الداء وتصف الدواء ، لكنها كانت توصيات نظرية لا يمكن تنفيذها ، لأن الأمة كانت - ولا زالت- مريضة...فما هو الحل ؟

ينبهر بعض الدعاة بكثرة المستمعين إلى درسه أو خطبته ،ويزداد انبهاره كلما رأى منهم تفاعلا مع ما يقوله ،ويظن أنهم بذلك يتغيرون للأحسن ..
...بلا شك أن هذا العمل الجيد الذي يقوم به الدعاة من خلال الخطبة والدرس ،و الحديث في الفضائيات ،و إصدار الكتب والنشرات ...كل ذلك وغيره له اثره النافع في لفت الانتباه ،وتصحيح بعض المفاهيم ، وقد يُحدث -بإذن الله - تغييرا في ذات المتلقي ،لكنه في الغالب يكون تغييرا محدودا يتناول الأمور الشكلية البعيدة عن القيود التي تقيد النفس وتمنعها من العبودية الحقة لله عزوجل مثل قيود الشح المطاع و الهوى المتبع و الإعجاب بالنفس ..

.....لذلك فإن التغيير الحقيقي في ذات الإنسان و تحريره من قيوده ،وإعادة تشكيله على أساس العبودية لله عزوجل  ،من الصعب أن يتم بهذه الطريقة وحدها...

بمعنى أن طرح أي مفهوم إيجابي و إقناع المستمعين به لا يكفي لتحويله إلى واقع عملي دائم بمجرد الكلام  ،بل لابد أن يتم العمل على تحويل هذا المفهوم إلى واقع من خلال الممارسة التربوية ،وأكبر دليل يؤكد هذا المعنى هو حالنا ،فمع انتشار الفضائيات الإسلامية ،وما تبثه من برامج ودروس عظيمة ، ومع العدد الهائل للخطباء في المساجد ،ومع المحاضرات والكتب والمطويات ،والملصقات التي تحث على الالتزام الديني الحقيقي و المتكامل ، إلا أن ذلك كله لم ينقل الأمة نقلة صحيحة ،فالمراقب لأحوال المسلمين يراهم و إن تحسنوا في بعض الأمور الشكلية ،إلا أن الجوهر لم يتغير تغييرا جذريا ،فلا زال الشح قائما ،ولا زالت الأثرة ،و الحسد ، وعبادة الذات ،و الغرق في الشهوات ،وضحالة الاهتمامات ،و توجهها نحو الطين ...هو السمة الغالبة علينا.

وليس معنى هذا الكلام هو توقف الدعاة عن الكلام والكتابة ،ولكن المطلوب أن يتم ذلك من خلال عمل تربوي يكمل بعضه بعضا ،يتم من خلال تحويل الكلام النظري إلى واقع عملي..



إذا أعجبك الموضوع شاركه مع اصدقائك