نعمة الإنسجام مع الذات..




قال الله تعالى :"ضرب الله مثلا رجلا فيه شركآء متشاكسون ورجلا سلما لرجل هل يستويات مثلا الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون "
هذا مثل قريب للادراك والتصور ،رجل تعددت قياداته وتعددت أسياده ،وهو عبد ضعيف وأكبر ضعفه أن يرضى لنفسه هذه الوضعية المهينة ..وضعية العبودية لغير الله ،وأكثر من ذلك عبوديته لأهواء متشاكسة من مصادر مختلفة فتختلط عليه الأوامر وتتناقض عنده الاتجاهات وتتعاكس عنده الرغبات فيأمره هذا بأمر ويناقضه ذاك .
فهو متشتت الذهن لا يسقر على حال ولا يقطع خطوة الى الأمام ولا يستطيع إرضاء اي من سادته المتشاكسين وليس له هدف واضح ومحدديتعلق به ، بل يحيا حياة سمتها البارزة التناقض والتردد واالخوف والجهد المضني في استرضاء الاطراف المتنازعة ولن يستطيع فعل ذلك.
وأين هذا المسكين من ذلك الذي أسلم زمام أمره لمصدر واحد منه يتلقى وعن رضاه يبحث ولأجل إسعاده يعمل ..ومن اجتمع همه اطمأن قلبه وسكنت نفسه وذاق حلاوة الانسجام مع الذات فكيف وهذا الاختيار حر والقلب موصول بالكبير المتعال .
وكما يصلح هذا المثل في المقارنة بين من أسلم وجهه لله وعبده وبين من أشرك بالله آلهة أخرى ، يصلح أيضا لاختيارات الحياة المختلفة التنظيمية والسياسية ،اذ إن أعظم متعة في الحياة هي الانسجام مع الذات بتمام الصدق والتزام وحدة الوجهة بالثبات على القناعات القلبية الراسخة في معتقد العبد .
أما الاهواء المتشبعة فإنها تولد تناقضات متوالية لا تكاد حبالها تنقضي ولذلك فإن المؤمن هو الإنسان الوحيد في الحياة الذي يعيش تمام الانسجام مع الذات ويؤلمه ما يرى من حوله من كثرة العبيد للأهواء المتناقضة فيسبح المؤمن بحمد عريض لله على هذا الاختيار والتوفيق الرباني الذي لا يعلمه كثير من الناس .
وهذا الانسجام مصدره:

  1. إخلاص الوجهة لله .
  2. اكتمال معنى الحرية في النفس .
  3. الشجاعة .
  4. الصدق مع الله ومع الذات .
  5. التعلق بالاخرة وقطع الأطماع الدنيوية .
اللهم أنزل سكينة على قلوبنا وارزقنا نعمة الانسجام مع الذات .