عاشت الجزائر فترةً من القوّة والازدهار قبل الاستعمار الفرنسي، وكانت تبسط نفوذها لمدة ثلاثة قرون في البحر المتوسط من خلال أسطولها القوي، وبعد وقوع معركة نافرين عام ألفٍ وثمانمائة وسبعٍ وعشرين ميلادي تعرّض الأسطول للدمار الشامل وذلك إثر التعاون الجزائري مع الدولة العثمانية في تلك المعركة؛ إذ بلغ مجموع السفن المتبقية بعد الحرب خمس سفن فقط. انتهزت فرنسا الفرصة لتحقيق آمالها المتمثلة باستعمار الجزائر، وما زاد فساحة الطريق أمام فرنسا هو ضعف الدولة العثمانية التي كانت الجزائر تتبع لها كباقي الدول العربية على الرّغم من أن التبعية كانت شكلية وليست فعلية، وامتدّ نفوذ الدول الأوروبية حتى وقعت الدولة العثمانية وكل ما يتبع لها من دول تحت استعمارها.
الاحتلال الفرنسي للجزائر
بدأت فرنسا بالتطلّع نحو استعمار الجزائر وضمها تحت جناحها منذ عهد نابليون بونابرت، واتخذت من الحادثة المشهورة باسم "حادثة المروحة" سبباً للتحججّ بها لإيقاع الجزائر تحت الاستعمار، فشنّت فرنسا هجماتها العسكرية على ميناء طولون بمشاركة سبع وثلاثين ألفاً وستمائة جندي في الحملة، ومع حلول الرابع عشر من شهر يونيو لسنة ألف وثمانمائة وثلاثين تمكّنت الحملة الفرنسية من الوصول إلى منطقة سيدي فرج، وأحكم الاحتلال قبضته على البلاد وأخضع أهالي المناطق المحتلة لقانون الأهالي. تعرّضت المؤسسات التعليمية والوقفية والدينيّة في الجزائر للهجوم الفرنسي الشرس الذي ألحق الضرر والدمار بالميزانية التعليمية، وأوقف التعليم في البلاد، بالإضافة إلى انتهاج سياسة تهجير العلماء، كما انتهجت فرنسا أسلوب التجهيل بحقّ الجزائريين لإخضاعهم وتسهيل انقيادهم للثقافة الغربية ومبادئ حضارتها. قاد الجزائريون ثورات شعبية جابت أنحاء البلاد منذ بدء الاستعمار الفرنسي ما حال دون تقدّم الاحتلال و توغّله في البلاد، ومن أكثر الثورات الشعبيّة شهرةً هي ثورة أحمد باي بن محمد الشريف التي قادها أهالي شرق الجزائر، وثورة الأمير عبد القادر في غرب الجزائر، كما خرجت سائر القبائل في ثورة فاطمة نسومر، وكانت تخمد ثورةً وتشتعل شرارة ثورة أخرى حتّى حلول عام ألفٍ وتسعمائة وأربع وخمسين ميلادية التي شهدت انطلاقةً لثورة التحرير الجزائرية والتي حقّقت التحرير للبلاد وتحريرها من الاستعمار الفرنسي.
أسباب الاحتلال الفرنسي
تعدّدت الدّول الطامعة في احتلال الجزائر فبدت الأطماع البريطانية أولاً بالظهور بشكل واضح منذ بداية تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية في الجزائر في ميناء القالة وعنابة، فشنّت بريطانيا حملتها المشهورة "حملة إكسموت" عام ألف وثمانمائة وستة عشر ميلادية، وفي ذات الفترة أصدر نابليون بونابرت أوامر وتكاليف للمهندس الفرنسي بوتان بتقديم دراسة مفصّلة بشكل كامل حول الساحل الجزائري وتحديد أفضل نقاطه ومواقعه لتسيير الجيوش وإنزالها في تلك المواقع، ومن أهمّ الدوافع التي أدّت إلى الاحتلال الفرنسي على الجزائر: الدوافع السياسية تمكّنت فرنسا من توطيد علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة الجزائرية ما وسّع دائرة مطامعها في البلاد، وركزّت أنظارها على الخيرات الاقتصادية وجعل استثمار المرجان حكراً لها؛ إذ كانت سواحل القالة وعنابة تشتهر به وتزخر، وتمّ إبرام سبعٍ وأربعين اتفاقية بين البلدين في الفترة الممتدة من 1619-1830م وكانت الغالبية العظمى في هذه الاتفاقيات لصالح الجانب الفرنسي. توّجهت أنظار ملوك فرنسا إلى الاطلاع نحو إيجاد تعاون مع روسيا في منطقة حوض البحر المتوسط وذلك بغية التغلّب على السيطرة البريطانية وهيمنتها لإفساح المجال والقدرة على السيطرة على ميناء الجزائر والتمركز فيه، وحاولت فرنسا في ذلك الوقت إبطال شروط مؤتمر فيينا المنعقد في عام ألفٍ وثمانمائة وخمسة عشر ميلادية التي قيّدت الحرية الفرنسية في إحداث تغييرات إقليمية دون الرجوع إلى الدول الكبرى وموافقتها.
الدوافع العسكرية
اهتزّ كيان الجيش الفرنسي بعد الهزيمة التي لحقت به في أوروبا، بالإضافة إلى إخفاقه في إيقاع مصر تحت قبضته الاحتلالية، وإجبار القوات الإنجليزية الجيش الفرنسي على الانسحاب منها في عام ألف وثمانمائة وواحد ميلادية، الأمر الذي أدّى إلى ابتعاث نابليون لضابط فرنسي إلى الجزائر خلال عام ألف وثمانمائة وثمانية ليتمكّن من إحكام خطة عسكرية، ورسم أبعادها للتمكّن فيما بعد من إنشاء المحميات الفرنسية في المناطق الممتدة من أقصى المغرب وصولاً إلى مصر.
تمكّن الضابط من أداء المهمة المنوطة به في عام 1809م وسلّم للقائد نابليون مخططه حول إمكانية احتلال الجزائر براً، وقام بونابرت بتأجيل الحملة العسكرية على الجزائر نظراً للهزائم المتتالية التي لحقت بجيوشه وخاصّةً في عام 1815م في هزيمة وترلو، وباشر بعدها اتباع سياسة التوسع في إفريقيا ليجعل الجيش مشغولاً بمسائل حيوية تدور حول التمكّن من الجزائر وإيقاعها تحت احتلالها، وبالتالي إبعاد فكرة الانقلاب من رأس جيوشه.
الدوافع الاقتصادية
تمحورت الأطماع الفرنسيّة بالدرجة الأولى حول الحصول على غنائم مادية قدّرت بحوالي مئة وخمسين مليون فرنك كانت مخبّأةً في خزينة الداي الجزائري حينها، كما كانت أطماعها الاقتصادية طاغيةً على دوافعها السياسية والعسكرية؛ إذ كان الاقتصاد الجزائري محطّ أنظار فرنسا سعياً للسيطرة عليه واستغلال خيرات الجزائر، وانتهج رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الفرنسيون أسلوب السلب والنهب مع الجيوش الفرنسية لإشباع رغباتهم المادية والتمكّن من زيادة ثرواتهم واستحداث أسواق جديدة حتى ينضمّوا إلى صفوف الطبقة الراقية في المجتمع الفرنسي، كما استهوت فكرة احتلال فرنسا للجزائر بعض التجار وذلك لأطماع التنقيب عن الذهب والمناجم.
الدوافع الدينية
انعكس أثر الصراع الديني المندلع بين الدولة العثمانية الإسلامية والدول المسيحية الأوروبية على الجزائر، نظراً لاعتبار الأسطول الجزائري المسيطر على الشرق العربي تابعاً للأسطول العثماني وامتداداً له من وجهة نظر الدول المسيحية الأوروبية، كما أنّ الدفاع عن الدين الإسلامي يُعتبر قاسماً مشتركاً بين الدولة الجزائرية والدولة
الاحتلال الفرنسي للجزائر
بدأت فرنسا بالتطلّع نحو استعمار الجزائر وضمها تحت جناحها منذ عهد نابليون بونابرت، واتخذت من الحادثة المشهورة باسم "حادثة المروحة" سبباً للتحججّ بها لإيقاع الجزائر تحت الاستعمار، فشنّت فرنسا هجماتها العسكرية على ميناء طولون بمشاركة سبع وثلاثين ألفاً وستمائة جندي في الحملة، ومع حلول الرابع عشر من شهر يونيو لسنة ألف وثمانمائة وثلاثين تمكّنت الحملة الفرنسية من الوصول إلى منطقة سيدي فرج، وأحكم الاحتلال قبضته على البلاد وأخضع أهالي المناطق المحتلة لقانون الأهالي. تعرّضت المؤسسات التعليمية والوقفية والدينيّة في الجزائر للهجوم الفرنسي الشرس الذي ألحق الضرر والدمار بالميزانية التعليمية، وأوقف التعليم في البلاد، بالإضافة إلى انتهاج سياسة تهجير العلماء، كما انتهجت فرنسا أسلوب التجهيل بحقّ الجزائريين لإخضاعهم وتسهيل انقيادهم للثقافة الغربية ومبادئ حضارتها. قاد الجزائريون ثورات شعبية جابت أنحاء البلاد منذ بدء الاستعمار الفرنسي ما حال دون تقدّم الاحتلال و توغّله في البلاد، ومن أكثر الثورات الشعبيّة شهرةً هي ثورة أحمد باي بن محمد الشريف التي قادها أهالي شرق الجزائر، وثورة الأمير عبد القادر في غرب الجزائر، كما خرجت سائر القبائل في ثورة فاطمة نسومر، وكانت تخمد ثورةً وتشتعل شرارة ثورة أخرى حتّى حلول عام ألفٍ وتسعمائة وأربع وخمسين ميلادية التي شهدت انطلاقةً لثورة التحرير الجزائرية والتي حقّقت التحرير للبلاد وتحريرها من الاستعمار الفرنسي.
أسباب الاحتلال الفرنسي
تعدّدت الدّول الطامعة في احتلال الجزائر فبدت الأطماع البريطانية أولاً بالظهور بشكل واضح منذ بداية تأسيس الشركة الملكية الإفريقية الفرنسية في الجزائر في ميناء القالة وعنابة، فشنّت بريطانيا حملتها المشهورة "حملة إكسموت" عام ألف وثمانمائة وستة عشر ميلادية، وفي ذات الفترة أصدر نابليون بونابرت أوامر وتكاليف للمهندس الفرنسي بوتان بتقديم دراسة مفصّلة بشكل كامل حول الساحل الجزائري وتحديد أفضل نقاطه ومواقعه لتسيير الجيوش وإنزالها في تلك المواقع، ومن أهمّ الدوافع التي أدّت إلى الاحتلال الفرنسي على الجزائر: الدوافع السياسية تمكّنت فرنسا من توطيد علاقاتها الدبلوماسية مع الدولة الجزائرية ما وسّع دائرة مطامعها في البلاد، وركزّت أنظارها على الخيرات الاقتصادية وجعل استثمار المرجان حكراً لها؛ إذ كانت سواحل القالة وعنابة تشتهر به وتزخر، وتمّ إبرام سبعٍ وأربعين اتفاقية بين البلدين في الفترة الممتدة من 1619-1830م وكانت الغالبية العظمى في هذه الاتفاقيات لصالح الجانب الفرنسي. توّجهت أنظار ملوك فرنسا إلى الاطلاع نحو إيجاد تعاون مع روسيا في منطقة حوض البحر المتوسط وذلك بغية التغلّب على السيطرة البريطانية وهيمنتها لإفساح المجال والقدرة على السيطرة على ميناء الجزائر والتمركز فيه، وحاولت فرنسا في ذلك الوقت إبطال شروط مؤتمر فيينا المنعقد في عام ألفٍ وثمانمائة وخمسة عشر ميلادية التي قيّدت الحرية الفرنسية في إحداث تغييرات إقليمية دون الرجوع إلى الدول الكبرى وموافقتها.
الدوافع العسكرية
اهتزّ كيان الجيش الفرنسي بعد الهزيمة التي لحقت به في أوروبا، بالإضافة إلى إخفاقه في إيقاع مصر تحت قبضته الاحتلالية، وإجبار القوات الإنجليزية الجيش الفرنسي على الانسحاب منها في عام ألف وثمانمائة وواحد ميلادية، الأمر الذي أدّى إلى ابتعاث نابليون لضابط فرنسي إلى الجزائر خلال عام ألف وثمانمائة وثمانية ليتمكّن من إحكام خطة عسكرية، ورسم أبعادها للتمكّن فيما بعد من إنشاء المحميات الفرنسية في المناطق الممتدة من أقصى المغرب وصولاً إلى مصر.
تمكّن الضابط من أداء المهمة المنوطة به في عام 1809م وسلّم للقائد نابليون مخططه حول إمكانية احتلال الجزائر براً، وقام بونابرت بتأجيل الحملة العسكرية على الجزائر نظراً للهزائم المتتالية التي لحقت بجيوشه وخاصّةً في عام 1815م في هزيمة وترلو، وباشر بعدها اتباع سياسة التوسع في إفريقيا ليجعل الجيش مشغولاً بمسائل حيوية تدور حول التمكّن من الجزائر وإيقاعها تحت احتلالها، وبالتالي إبعاد فكرة الانقلاب من رأس جيوشه.
الدوافع الاقتصادية
تمحورت الأطماع الفرنسيّة بالدرجة الأولى حول الحصول على غنائم مادية قدّرت بحوالي مئة وخمسين مليون فرنك كانت مخبّأةً في خزينة الداي الجزائري حينها، كما كانت أطماعها الاقتصادية طاغيةً على دوافعها السياسية والعسكرية؛ إذ كان الاقتصاد الجزائري محطّ أنظار فرنسا سعياً للسيطرة عليه واستغلال خيرات الجزائر، وانتهج رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال الفرنسيون أسلوب السلب والنهب مع الجيوش الفرنسية لإشباع رغباتهم المادية والتمكّن من زيادة ثرواتهم واستحداث أسواق جديدة حتى ينضمّوا إلى صفوف الطبقة الراقية في المجتمع الفرنسي، كما استهوت فكرة احتلال فرنسا للجزائر بعض التجار وذلك لأطماع التنقيب عن الذهب والمناجم.
الدوافع الدينية
انعكس أثر الصراع الديني المندلع بين الدولة العثمانية الإسلامية والدول المسيحية الأوروبية على الجزائر، نظراً لاعتبار الأسطول الجزائري المسيطر على الشرق العربي تابعاً للأسطول العثماني وامتداداً له من وجهة نظر الدول المسيحية الأوروبية، كما أنّ الدفاع عن الدين الإسلامي يُعتبر قاسماً مشتركاً بين الدولة الجزائرية والدولة
محول الأكوادإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء الإبتسامات