بجث جاهز حول محددات الانتقاء الرياضي


لقد أصبح لكل نشاط رياضي في الوقت الحاضر متطلباته الخاصة ، اذ ان أي لعبة او فعالية رياضية لها متطلبات (بدنية ، مهارية ، خططية ، نفسية ) واللاعب الجيد هو الذي يمتلك تكاملا جيدا لتلك المتطلبات للوصول إلى المستويات الرياضية العالية .
ولكي يصل الناشئ الى تلك المستويات العالية لابد ان تؤثر فيه عدة عوامل ومحددات اذ ان "هناك محددات إذا ما توافرت في الناشئين بدرجات معينة أمكن التنبؤ بما يمكن ان يحققه من نجاح في نشاط معين.والانتقاء المدروس يجب ان يرتكز على {المحددات} البيولوجية والجسمية والوظيفية والبدنية والنفسية ، حيث انه عملية متشعبة الاتجاهات تتطلب تضافر جميع النتائج للوصول الى الهدف وتوجيه اللاعب للنشاط او المسابقة التي تتلاءم إمكاناته معها ، وهذا يساهم في تقديم نموذج جيد للانتقاء والتصنيف للناشئين مستقبلا.
ومن خلال ما سبق نطرح الإشكال القائل: 
ما هو مفهوم محددات الانتقاء الرياضي ؟
وما هي أنواعـــــــه ؟

المبحث الأول : تعريف محددات الانتقاء الرياضي وأنواعه : 
المطلب الأول : تعريف محددات الانتقاء الرياضي 
محددات الانتقاء تعني " مجموعة العوامل او القدرات التي يجب ان تتوافر عند الناشئ لغرض إتاحة الفرصة للمدرب بالتنبؤ له لتحقيق مستويات رياضية عالية مستقبلا ".
المطلب الثاني : أنواع محددات الانتقاء الرياضي 
يمكن تقسيم المحددات الخاصة بانتقاء الناشئين في المجال الرياضي إلى:
 محددات بيولوجية، محددات سيكولوجية و الاستعدادات الخاصة.
أولا: المحددات البيولوجية للانتقاء: 
    يشير الباحثون في هذا المجال إلي أن العوامل البيولوجية تعتبر من الأسس المهمة التي يعتمد عليها علم التدريب الرياضي، كما أنها تعد ركيزة أساسية في عملية انتقاء الناشئين وتوجيهم إلي أنوع النشاط الرياضي الذي يتوافق مع إمكانياتهم وخصائصهم البيولوجية وهي بمثابة محددات رئيسية يجب مراعاتها في عملية الانتقاء بمراحلها المختلفة.
ومن أهم المحددات البيولوجية التي يجب مراعاتها في عملية الانتقاء: الصفات الوراثية للناشئ، الفترات الحساسة في النمو، العمر الزمني، العمر البيولوجي، الصفات المورفولوجية، الصفات البدنية، الخصائص الوظيفية.
1-1- الصفات الوراثية: 
   تعتبر الصفات الوراثية من العوامل الهامة في عملية الانتقاء خاصة في المراحل
الأولى، فتحقيق النتائج الرياضية هو خلاصة التفاعل المتبادل بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية المختلفة، وللصفات الوراثية أثرها الواضح على الصفات المورفولوجية للجسم والقدرات الحركية والوظيفية، فإذا كان من الثابت الآن أن الصفات المورفولوجية للفرد الرياضي الناشئ تعد عاملا مساعدا أو معوقا لتقدمه في نشاط رياضي معين.
 وقد أجريت بعض الدراسات عن دور العوامل الوراثية في تحقيق نمو وتشكيل الجسم، و بينت وجود علاقة ارتباطيه كبيرة   بين صفات الأبناء و صفات الآباء المرفولوجية.  
1-2- الفترات الحساسة في النمو:
   لفهم وٕإدراك التأثير المتبادل بين العوامل الوراثية والبيئية، هناك موضوعا له أهميته
يرتبط بالفترات الحساسة للنمو، ولا يقصد بهذا المصطلح تقسيم النمو إلي مراحل، وٕإنما يقصد به فترات معينة أثناء عملية نمو الفرد تتميز بزيادة حساسية الجسم في أجهزته المختلفة، وقابليته للتأثير الإيجابي أو السلبي بالعوامل البيئية الخارجية، فهناك فترات حساسة لنمو الصفات البدنية مع التقدم في العمر، وهذا ما دلت عليه الدراسات التي قام بها العلماء في هذا المجال. 
1-3- العمر الزمني والعمر البيولوجي: 
     في جميع مراحل الانتقاء يلزم الأخذ في الاعتبار العمر البيولوجي بجانب العمر
الزمني، ويجب تجنب البدء المبكر ضمانا لوصول الناشئ إلي مرحلة مناسبة من النمو العضوي، وفي نفس الوقت عدم التأخر تجنبا لضياع وقت ثمين، بالإضافة لما قد يعكسه هذا التأخير سلبيا على عملية الانتقاء نفسها. 
    وتحديد العمر المناسب للبدء في ممارسة نشاط رياضي معين من المحددات الرئيسية في عملية الانتقاء، وتشير نتائج الدارسات بصفة عامة إلى أن هناك أنشطة رياضية تتطلب البداية المبكرة كالأنشطة التي تتطلب التوافق والحركات الفنية مثل الجمباز والغطس والسباحة، بينما تشير دراسات أخرى إلى أهمية البداية المتأخرة نسبيا في الأنشطة التي تتطلب التحمل مثل، الماراتون وجري المسافات الطويلة والمشي الرياضي، وأيضا الأنشطة التي تتطلب الدقة كالسلاح والرماية. 
   ومن ناحية أخرى يجب مراعاة العمر المناسب لانتفاء الناشئين لنشاط رياضي معين أي مراعاة العمر الزمني والعمر البيولوجي معا نظرا للفروق الفردية في معدلات النمو بين أفراد العمر الزمني الواحد. 
1-4- الصفات المورفولوجية: 
   تعتبر القياسات الجسمية من الخصائص الفردية التي ترتبط بدرجة كبيرة بتحقيق
المستويات الرياضية العالية، وذلك لأن كل نشاط رياضي له متطلبات بدنية خاصة متميزة عن غيره من الأنشطة الرياضية الأخرى، وتنعكس هذه المتطلبات على الصفات الواجب توافرها فمن يمارس نشاط رياضي معين مثل طول القامة في كرة السلة وكبر مقاييس القدم واليد في السباحة.
 ولا شك أن توافر هذه الصفات لدى الممارسين يعطي فرصة أكبر لاستيعاب مهارة اللعبة وفنونها، وأصبح من الأهمية بمكان توافر الأجسام المناسبة كأحد الدعامات الواجب توافرها للوصول باللاعبين إلى أعلى المستويات الرياضية الممكنة. 
  وقد أدت الحاجة إلي دراسة المقاييس الجسمية وارتباطها بتحقيق المستويات الرياضية العالية إلي ظهور علم الأنثروبولوجيا الرياضية والذي تتضمن دراساته ثلاثة موضوعات أساسية هي:
الانتقاء المبدئي للأطفال لممارسة نوع معين من النشاط الرياضي.
تحديد المواصفات البدنية لأنواع الأنشطة الرياضية المختلفة من مرحلة المبتدئين إلي مرحلة المستويات العليا.

الإعداد الفردي للرياضيين بناء على دراسة خصائصهم البدنية.
1-5- القدرات البدنية: 
    تحتاج كل حركة من حركات الإنسان سواء كانت من خلال ممارسته حياته الطبيعية، أو كانت من خلال أداءه نشاط رياضي، إلى تحريك جزء أو أكثر من أجزاء جسمه، ويتطلب أداء الحركة عملا عضليا بقوة معينة، وأن تؤدي الحركة بسرعة معينة، وأن يتحمل الإنسان أداء حركة جسمه لفترة زمنية محددة، يطلق عليها اسم القدرات البدنية مثل القوة العضلية والسرعة والمرونة.. الخ 
   والقدرات البدنية الأساسية هي التي تمكن الفرد الرياضي من أداء مختلف المهارات الحركية لألوان النشاط الرياضي المتعددة، وتشكل حجر الأساس لوصول الفرد إلى أعلى المستويات الرياضية، فهي قدرات ضرورية لكل أنواع الأنشطة الرياضية على اختلاف أشكالها.
   وعلى ذلك فقد أصبح من الأهمية بمكان تحديد القدرات البدنية الأساسية لكل نوع من الأنشطة الرياضية، وذلك حتى يتم على أساسها انتقاء الناشئين المناسبين لكل نشاط على حدى.
1-6-  الخصائص الوظيفية: 
  و نقصد بالخصائص الوظيفية عمل الجهاز الدوري، الجهاز التنفسي، الجهاز العصبي، الجهاز الغددي، الجهاز العضلي، الجهاز العظمي.  ونسبة استهلاك الأكسوجين، وسرعة استعادة الشفاء، وكذلك التوافق العضلي العصبي، وكفاءة الجهاز الغددي.
  و إذا كان الانتقاء يستهدف التنبؤ بإمكانات الرياضي الناشئ في المستقبل، فقد اتجه كثير من الباحثين إلى التنبؤ في مجال الانتقاء على أساس الإمكانات الوظيفية للناشئ، ولا تزال هناك صعوبات في تحديد نموذج معين للخصائص الوظيفية ترجع إلي كثرة العوامل الفسيولوجية وتتعدد طرقها التي يمكن التوصل من خلالها إلى نتائج معينة تتصل بالإمكانات الوظيفية للناشئ. 
مع الأخذ في الاعتبار تفاعل الوظائف الفسيولوجية فيما بينها أثناء عمليات التدريب ومن مرحلة لأخرى، سواء في حالة الراحة العضلية، أو من خلال عمليات التكيف، أو عند أداء حمل معين يتطلب تغيرات معينة. 
ثانيا: المحددات السيكولوجية:
   يعتبر علم النفس الرياضي من ميادين علم النفس العام، وهو يبحث في الموضوعات النفسية المرتبطة بالنشاط الرياضي على مختلف مجالاته ومستوياته، كما يبحث في الخصائص والسمات النفسية للشخصية التي تشكل الأساس الذاتي للنشاط الرياضي بهدف تطوير هذا النوع من النشاط البشري ومحاولة إيجاد الحلول العلمية لمختلف مشاكله التطبيقية. 
  ويذكر بعض الخبراء أن معظم الأبطال على المستوى الدولي يتقاربون لدرجة كبيرة من حيث المستوى البدني و المهاري والخططي، ونتيجة لذلك فإن هناك عاملا هاما يحدد نتيجة كفاحهم أثناء المنافسات الرياضية في سبيل تحقيق الفوز وتسجيل الأرقام، وهو العامل النفسي الذي يلعب دورا هاما ويتأسس عليه تحقيق الانتصار والتفوق. 
وفي مجال الانتقاء تأخذ العوامل النفسية أهمية خاصة في المراحل المختلفة للانتقاء،
حيث تعد هذه العوامل بمثابة مؤشرات هامة يمكن من خلالها التنبؤ بإمكانيات الناشئ في المستقبل باعتبارها إمكانيات إيجابية لتحقيق النجاح والتفوق في المنافسات الرياضية. 
وهذا يؤكد أن عملية الانتقاء يجب أن تُعالج بطريقة مركبة تشمل تقويم الجوانب البدنية والنفسية معا، وأن تحقيق الناشئ لمستويات رياضية عالية، يتطلب أن تؤخذ في الاعتبار السمات والاتجاهات النفسية للناشئ، والمتطلبات النفسية الضرورية لممارسة نشاط رياضي معين.