09 خرافات حول فن الخطابة سيطرت علينا وأثبطت عزائمنا .. تحرر منها الآن

هناك طيف واسع من الخرافات تتعلق بالخطابة سمعناها وصدقناها وكوّنا بناء عليها ما يظنه الكثيرون شروط ومتطلبات الخطيب الجيّد. هذه الخرافات لها تأثير سيء جدّا، فهي التي تثبط عزائمنا عن المسير قدما في هذا المجال من خلال ترويجها لفكرة أن الخطيب الجيد والمقنع لابد من توفر شروط فيه نفتقدها نحن. وبقبولنا هذه الخرافات وتصديقها فإننا نحكم على أنفسنا مسبقا بالفشل والإخفاق.

09 خرافات حول فن الخطابة

بالتمعن بهذه الخرافات نستطيع التغلب عليها من خلال معرفة كيف سمحنا لها بالوقوف عقبة في طريقنا. وفيما يلي أشهر الخرافات الشائعة حول الخطابة: 

الخرافة رقم 01: "التوتر علامة من علامات الضعف" 

يعتقد الكثير من الناس أنهم إذا شعروا بالتوتر أثناء حديثهم أمام جمع من الناس أو خلال مقابلة ما فإن هذا يشير إلى ضعفهم. ولهذا فإنهم يعانون قبل موعد الحدث بأسابيع من أرق يقضّ مضاجعهم ويدفعهم للتصبب عرقا كما قد ينتابهم الذعر أحيانا لمجرد التفكير باحتمال اكتشاف الآخرين من موظفين ومساعدين وزبائن أنهم يشعرون بالتوتر وبهذا سيفقدون بعضا من قيمتهم لدى هؤلاء. وهكذا يضاف إلى توترهم إحساس بالخجل.

في الحقيقة إن معظم من عملت معهم –من ذوي المناصب العالية- يشعرون بشيء من التوتر أثناء إلقاء كلمة أو محاضرة أو اجراء مقابلة. وحتى الممثلين المحترفين ومن يعملون في ميدان الخطابة يشعرون بالتوتر، بل أنهم إذا لم يشعروا به لأصابهم الذعر جراء غيابه. 

عندما يوضع أحدنا في موقف سيتم تقييمه من خلاله فإنه سيتوتر لأنه يعلم أن هناك احتمالا بأن يتم رفضه وعدم قبوله. وهذا ردّ فعل طبيعي. لا يعني بالضرورة أنه ضعيف لا يصلح. لكن المهم بالأمر أن نتعلم كيف نستفيد من طاقة التوتر هذه ونوجهها بالاتجاه الصحيح.

التوتر ليس علامة من علامات الضعف!.. بل إنه عامة تدل على طاقة إضافية يجب عليك أن تتعلم كيف تتحكم بها وتوجهها.

الخرافة رقم 02: "يجب أن تكون إنسانا كاملا" 

هل سبق لك وتعرفت على هذا النوع من الناس الذين حكموا على أنفسهم بالقيام بكل شيء على أكمل وجه؟ تحكمهم فكرة الكمال في حياتهم المهنية والشخصية أيضا فيبالغون في الاهتمام بكل التفاصيل. يطلق عليهم علماء النفس "المولعون بالتفاصيل" أو "الكماليون". نحن نقدّر فيهم نشاطهم وإحساسهم العالي بالمسؤولية وطموحهم الكبير لكن إلى جانب هذا كله يوجد جانب سلبي عندهم. فغالبا ما يضع هؤلاء لأنفسهم أهدافا كبيرة صعبة التحقق، فإذا فشلوا في تحقيقها كانت المواجهة الصعبة بينهم وبين أنفسهم. ويجد معظمنا صعوبة في التعامل معهم لأن معظمنا غير كامل. 

يحاول الخطباء والمحاضرون البارعون الظهور بمظهر غير الكاملين في سعيهم لإيصال رسالتهم والحصول على المصداقية لدى المستمعين. لأنهم يعلمون أنهم لن يصلوا للكمال لأنها مرتبة نأت عن البشر، فحرروا أنفسهم من هذه الفكرة ليضحوا قادرين على التعامل مع كل المواقف وخاصة غير المتوقع منها. 

الخرافة رقم 03: "الخطابة موهبة تولد مع الإنسان" 

لا أدري من أين جاء هذا التصور –لكن بما أن خطباء العالم العظماء يجعلون الأمر يبدو سهلا فربما اعتقد الناس أنها موهبة وأنها تولد مع الإنسان. وهو اعتقاد خاطئ تماما. 
أمضى كبار خطباء العالم أمثال جون كينيدي، مارتن لوثر كينغ، رونالد ريغان، وبيل كلينتون سنين عديدة يتعلمون ويتدربون على فنّ الخطابة.

لقد عمل ريغان على سبيل المثال كمقدم للبرامج الرياضية قبل أن يصبح ممثلا ثم مندوبا لدى بعض الشركات قبل أن يدخل عالم السياسة، إذن فقد تدرب وجرب كثيرا قبل أن يصبح أحد أكبر خطباء هذا الزمان. بل أكثر من ذلك، فإن كل من ذكرت لديه كاتب خطابات محترف، بينما يتوجب علينا نحن أن نكتب الكلام ونؤلف الأفكار، وهو جهد يضاف إلى إلقائنا لهذا الكلام وتلك الأفكار. 

أعتقد وكلّي ثقة بأن الخطيب الجيد يُصنع صناعة ولا يولد كذلك. وبإمكان أيّ منا أن يصبح خطيبا جدا إذا توفرت لديه الرغبة في ذلك بالإضافة إلى التدريب المستمر واتقان تقنيات الخطابة. 

الخرافة رقم 04: "يجب أن تُضحك النَّاس" 

من المؤكد أنك إذا أضحكت جمهورك فقد ملكته، وهو أمر مفيد أثناء إلقاء محاضرة أو إجراء مقابلة عمل أو مقابلة قبول جامعي. لكن ليس المطلوب منك أن تكون ممثلا فكاهيا محترفا لتقوم بذلك.

مهما بلغت درجة السوء لديك في رواية النكات، بإمكانك رغم هذا أن تضفي جانبا من الفكاهة على خطابك أو محاضرتك. ليس المطلوب منك أن تكون مهرجا حتى تضحك الجمهور. 

اقرأ أيضا:

11 تعويذة قوية لأولئك الذين فقدوا الحافز في تحقيق أهدافهم


الخرافة رقم 5: "يجب أن تتحرى الأهمية في كل ما تقول"

ومن منا ينطق بجواهر الكلام طوال الوقت؟ حتى الفلاسفة يأخذون إجازة من أجواء الكلام الجدي والمفيد بين الحين والآخر. لكن يجب أن تعلم أن معظم ما تقوله مهم فعلا – خاصة إذا كنت تسوق لنفسك أو لشركتك أو تناقش الآخرين حول فكرة ما. إن التخلص من تأثير هذه الخرافة يكون بكل بساطة برفضها والاقتناع بعد صوابيتها.

الخرافة رقم 6: "أنا أتوتر أكثر من الآخرين"

يعكس هذا الموقف في كثير من جوانبه ما يسميه علماء النفس: "نفسية الجندي"، فهو يظن أنه الوحيد الذي يشعر بالخوف من المعركة التي سيخوضها مع رفاقه الجنود، ويخشى أن ينعت بالجبان إذا ما أظهر هذا الخوف.

يتقن البعض فنّ إخفاء مشاعر القلق لديهم أكثر من الآخرين، أو تعلموا على الأقل كيف يتحكمون بالتوتر الذي يصيبهم ويتعاملون معه بحيث لا يسيطر عليهم – وهذه حالتي أنا – لكن عليك أن تعترف بوجود المشكلة قبل أن تحاول حلها بتلك الطريقة، لا أن تقول إنك وحدك من يعاني وأن الكتمان هو الحل الوحيد.

الخرافة رقم 7: "إنها مهم صعبة ومفزعة"

يطلب منك فجأة أن تلقي محاضرة امام كبار المشرفين في عملك أو أن تلقي كلمة أمام أعضاء النادي. فينطلق عقلك يفكر ويحسب ويتحسب. ثم تبدأ بالشعور بضخامة المهمة فتخلص إلى النتيجة التالية: "إنه أمر مستحيل" ويحل الذعر فيك. بعد ذلك بقليل تشعر بالرغبة في العودة إلى منزلك، لتستلقي في الفراش. 

إذا كان هذا المشهد مألوفا لديك فأبشر بحقيقة أن الخطابة بكل موقفها – سواء أمام الأصدقاء أو أمام لجنة المقابلة والتقييم – لا تزيد صعوبة عن تعلم قيادة الدراجة الهوائية. كل ما تحتاج إليه هو خطة عمل تدلك من أين تبدأ وكيف تكمل.

الخرافة رقم 8: "يجب أن تكون منطلقا ومتميزا حتى تجذب الجمهور"

شاهدت خطباء ومحاضرين عُظماء يتبعون أسلوبا هجوميا في الإلقاء يجعل المستمع يتساءل: "ماذا يعني ما يقول؟" كما شاهدت خطباء اتبعوا أسلوبا عاديا أو حتى مثيرا للنعاس في إلقائهم استطاعوا إثارة إعجاب المستمعين والفضل في ذلك يعود إل محتوى خطابهم وصلة آرائهم بذلك المحتوى. نذكر مثالا على ذلك وزير الخارجية الأمريكي السابق هنري كيسنجر. لا يوجد خطيب ممل أكثر منه في العالم. يشبه الاستماع إلى كلماته مراقبة الدهان وهو يجف. لكننا نستمع له لأن آراءه على جانب كبير من الأهمية فيما يتصل بالأوضاع المحلية والعالمية، فنحن نريد أن نعرف ماذا سيقول.

الخرافة رقم 9 : "إذا ارتكبت أي خطأ فقد قضي عليك"

ستمر بك أوقات في حياتك الشخصية والمهنية تفقد فيها تركيزك أثناء كلامك مع الآخرين أو إلقاء لمحاضرة ولا تدري ماذا تفعل عندئذ. أو قد تشرد أثناء مقابلة ولا تدري ما العمل. يكفي أن تعرف أن الجميع يرتكبون الأخطاء أثناء خطاباتهم أو مقابلاتهم بين الحين والآخر. بدءا من رئيس الولايات المتحدة الأميركية أثناء إلقائه لخطاب الأمة وحتى خريجي الجامعات الجدد أثناء مقابلات العمل الأولى.

انسَ ولا تجزع من قولهم أن الخطأ أثناء إلقاء خطاب ما مهين والموت أهون. وتذكر أنك إذا لم تعط للأمر أهمية فلن يعطي أحد له أهمية.

لا بد أنك تعرف الآن التأثير السلبي لهذه الخرافات في مجال الخطابة والتواصل، وتعرف أيضا أنها ليست صحيحة.

وبما أنك أدركت تبنيك للمفاهيم الخاطئة فعليك البدء وعلى الفور بالتخلص منها. فمن المهم إنكار هذه الأفكار الخاطئة التي تعلمناها بمرور الأيام، سواء قرأناها في مكان ما أو سمعناها من أحد ما، لأنها خرافات خاطئة أثرت على مداركنا رغم أنها عارية عن الصحة.

المصدر: هنــا