التفكير هو الذي يحدد المصير.. إليك كيف نفكر بطريقة صحيحة!

إننا جميعا لدينا قرارات مشتركة و هي أن نكون سعداء في حياتنا، و أن نكون ناجحين في عملنا، لكننا نجد أنفسنا لم نفعل أيا مما قررناه، و هذه القرارات تعرف باسم القرارات الضعيفة، أما القرارات القوية فهي القرارات التي يستطيع صاحبها أن ينفذها، و علينا أن ندرك أن القرار هو ما يحدد المصير..

التفكير هو الذي يحدد المصير

و لكي نتخذ قراراتنا بشكل صحيح علينا أن نعلم كيفية اتخاذ القرار الصحيح حتى نصل إلى أفضل حال في الدنيا و الآخرة.

1- طريقة التفكير

القرار في طريقة التفكير، فالتفكير هو الذي يحدد المصير، فلاحظ أفكارك لأنها تتحول إلى كلمات، ولاحظ كلماتك لأنها تتحول إلى أفعال، ولاحظ أفعالك لأنها تتحول إلى شخصيات، ولاحظ شخصيتك لأنها ستحدد مصيرك.. إذا اعتاد الإنسان أن يفكر تفكيراً إيجابياً فإن ذلك سوف يؤثر على حياته كلها.

إنني إذا أردت مثلاً أن أصلي الفجر في جماعة فإن عليَّ أولاً أن أفكر بطريقة صحيحة بأن أحدد الأسباب التي تمنعني من الاستيقاظ لصلاة الفجر ثم أفكر أيضاً في كيفية معالجة تلك الأسباب بما يحقق لي الهدف في النهاية.

2- التركيز

التركيز

نعلم طبقاً لقانون التركيز أن أي شيء تركز عليه يتحكم فيك، ثم يؤثر في شعورك وأحاسيسك، ثم يؤثر في حكمك على الأشياء، فعندما تركز أن هذا الشيء أو هذا الشخص يضايقك فإنه سيضايقك بالفعل.

أيضاً الشخص الذي يقول: أنا مضطرب نفسياً فهو يركز على أن نفسيته غير طبيعية، فيرى نفسه من خلال تركيزه هو، ولذلك لابد لك أن تقرر وأن تركز بالطريقة الصحيحة.

3- الإدراك

الإدراك

إن الإدراك كلمة خطيرة.. هناك من يفكر ويركز أن عينه الشمال لو حدث لها مكروه سيحدث له بعدها مصيبة كبيرة، فإذا بعينه تؤلمه ثم تحدث المصيبة فعلاً، وذلك بسبب قانون الانجذاب، وهو أن أي شيء تفكر فيه وتركز عليه يعود إليك بنفس النوع ونفس النتائج؛ لأنك أرسلت لهذا الشيء طاقة من نوع معين، فعادت إليك من نفس النوع، فالإدراك هنا ليس له علاقة بالحقيقة وإنما بالطاقة البشرية، إذن لابد أن تقرر كيف تدرك؟ إنك إن كنت مكتئباً، وأدرك ذلك العقل وتعرف عليه وحلله وقرر كيف سيتصرف، فإنك تستطيع أن تعرف الأشخاص المكتئبين وسط الناس وتنجذب إليك الأشياء من نفس نوعك، ونوع أفكارك.

الإدراك 2

ذهب أحد الشباب إلى أحد حكماء الصين، وقال له: أنا أصبحت أملك قدرات لا محدودة، ووصلت إلى درجة عالية جداً في الحكمة، فأريد منك أن تخبرني بشيء جديد لا أعرفه.

فطلب منه أن يأتي إليه، فجاءه ومشى أمامه، فرسم دائرة، وقال له: الإدراك؟ فقال له: أنا أعرف.. أدركت.. ولذلك أتيت إليك، فرسم دائرة ثانية، وقال له: الإدراك؟ فقال له: لقد رأيت الأولى، فهل من الممكن أن تقول لي ما الأمر؟ فرسم دائرة ثالثة، وقال له: الإدراك؟ فقال له الشاب: هل تسخر مني؟ فقال الحكيم: لا، إطلاقاً، ثم طلب منه أن يرجع إلى الخلف، ففعل ما طلبه الحكيم، فوقع في الحفرة غضب بشدة، وقال: ما هذا الذي تفعله معي؟ وما هذه الدوائر التي رسمتها؟ وما هذا الكلام الذي تقوله؟

وظن الشاب أن الحكيم قد كبر وخرف... فقال له الحكيم: الدائرة الأولى هي إدراكك لأفكارك، والثانية هي إدراكك لتحدياتك، والثالثة هي إدراكك لأحاسيسك. فأنت أمامك الكثير حتى تقول: لقد وصلت إلى الحكمة؛ لأنك وأنت قادم لم تدرك كيف تفكر، أدركت فقط أنك أصبحت رائعاً، وهذا التفكير سبب لك أحاسيس جعلتك لا تفكر في التحديات، وهي الحفرة التي كانت بجوارك، والتي طلبت منك أن ترجع فوقعت فيها، فلما وقعت فيها اضطرب إحساسك.

4- الشعور والأحاسيس

الشعور والأحاسيس

إن الأحاسيس هي وقود الإنسان، وبغير الأحاسيس لا تستطيع أن تتحرك، وبغير الأحاسيس لا يكون الإنسان إنساناً فعلاً...

تسبب الأحاسيس للإنسان أشياء كثيرة؛ لأن الأحاسيس تسبب أمراضاً نفسية وغير نفسية، وهي تسبب السلوك، فنجد أن الفكرة تسبب إحساساً، إذن فلو غيّرت أفكارك ينتج عن ذلك تغيير لحياتك كلها.

والشعور والأحاسيس تأتي من التفكير ، فالله سبحانه وتعالى وهبك الروح، وهذه الروح تحتاج إلى الجسد حتى تعمل بداخله، وهذا الجسد به الذهن الذي يحتاج إلى الشعور والأحاسيس لتحركه، وهذا الشعور والأحاسيس هي وقود الفعل فبمجرد الشعور والأحاسيس يأتي الفعل. 

فالذي لا يستطيع أن يتحكم في أحاسيسه من الممكن أن يكون رائعاً، ولكنه لعدم تحكمه في أحاسيسه ستجد أن سلوكياته سلبية، وستجد أن نتائجه سلبية، وستجد مزاجه من النوع ذاته.

وعليك أن تتحكم في أحاسيسك وأن تتحكم في سلوكياتك، وإذا تحكمت في سلوكياتك، فمن الممكن أن تجد إنساناً يسبب لك اضطراباً في أحاسيسك، ومن الممكن أن تكون دكتوراً رائعاً، ولكن قد تضطرب أحاسيسك بسبب مكالمة..

ومن الممكن أن تكون إنساناً ممتازاً في الزواج، وتختلف أحاسيسك بسبب موقف معين، فتتعامل مع الطرف الآخر بأحاسيس سلبية..

5- السلوك
السلوك

يأتي السلوك بعد الشعور والأحاسيس، فمثلاً الشخص الذي يقوم بعمل ريجيم يمتنع عن الطعام، ثم فجأة يشعر برغبة في الطعام ويكبر هذا الشعور بداخله مصحوباً بصوت داخلي، وهو ما يسمى بحالة الطوارئ الداخلية، فإذا به يفتح الثلاجة ويأكل بشراهة وينسى تماماً الريجيم، فالشعور والأحاسيس هي التي أتت بهذا السلوك. 

لذلك لابد أن يكون لديك القرار الداخلي في التحكم بشعورك وأحاسيسك، وفي التحكم في سلوكك، والتحكم في الفعل فإذا ما تحكمت في الفعل عرفت النتيجة.

إن الناس يحكمون على بعضهم البعض من خلال الفعل وليس من خلال الكلام لأن الأفعال هي ما يترتب عليه النتائج الجيدة.

الخلاصة

إذا كان تفكيرك غير مضبوط، وتركيزك غير مضبوط، وإدراكك غير مضبوط فبالتالي ستكون الأحاسيس والسلوك غير مضبوطة، وسيأتي الفعل مبنيّاً على ذلك..

وأذكر هنا أن شخصاً أتى إليَّ في العيادة وقال لي: يا دكتور أنا أعاني من صداع كل يوم الساعة الثالثة والنصف، فقلت له: قابلني الساعة الثالثة وقابلته وكنت أتحدث معه عن حياته وعن الأمور العادية، وكان هو يتوقع الصداع ولما كانت الثالثة والنصف قال: لقد أتى الصداع فقلت له: لا تركز على الصداع ، وإنما ركز على الأشياء الأخرى ، وبعد فترة قال: إنني أشعر بتحسن.. فهو هنا غيّر تفكيره وغير تركيزه، فلا بد أن تقول لنفسك « ممكن...ممكن » يمكن أن تفعل أي شيء طالما هناك شخص قبلك استطاع أن يحقق شيئاً فأنت أيضاً تستطيع أن تفعله ستكون وقتها أفضل، أما إذا كان هذا الأمر لم يفعله أحد قبلك فستكون أنت الأول. لابد أن تفكر باستمرار كيف تنمي نفسك، وذلك بقرار تتخذه، فما دام قرارك هذا صحيحاً ولا يغضب الله سبحانه وتعالى فافعله فوراً.


المصدر: كتاب فن و أسرار اتخاذ القرار