دراسات: هل حقا تسبب الهواتف المحمولة سرطان الدماغ ؟

لا يمكن تخيل العالم اليوم بدون الهواتف المحمولة، لدرجة أن العديد من الناس صار لديهم هوس بهذه الأجهزة. فإن كنت من مستخدمي الهواتف المحمولة بكثرة، يجب عليك إعادة التفكير في الأمر والتخفيف من استخدامه ! 

 تسبب الهواتف المحمولة سرطان الدماغ

ففي الأعوام الأخيرة، ومع زيادة حالات الإصابة بمرض السرطان الذي يعد أحد الأسباب الرئيسية في حالات الوفيات في جميع أنحاء العالم، زادت المخاوف من علاقة الهواتف المحمولة التي لا تفارق أيدينا و خطر الإصابة بالأورام الخبيثة.. ونسلط الضوء على بعض الدراسات التي قامت "عالم تعلم" بالبحث فيها علنا نجد إجابة مقنعة.. 

أول قضية في الولايات المتحدة

في الحادي و العشرين من يناير من عام 1993، استضاف المذيع لاري كنج ضيفاً غير متوقع على برنامجه. كان يوم تنصيب في واشنطن و توقع الجمهور بعض التعليقات السياسية. لكن كنج استعان بدلاً من ذلك بشاب من فلوريدا: ديفيد رينارد والذي قام برفع قضية ضد مصنّع الهواتف النقالة (ان إي سي) و مقدّمة الخدمة (موبيلنت). زاعماً أن الإشعاع الصادر من هواتفهم تسبب أو ساعد في تسريع نمو ورم دماغي لزوجته.

كان الورم يشبه شكل الهوائي بالضبط، قال رينارد لكنج. في 1989، أبلغ الطبيب سوزان ايلين رينارد و التي كانت في الحادية و الثلاثين من العمر بأنها مصابة بـ(أستروسيتوما). و هو ورم دماغي يصيب حوالي 6000 شخص في الولايات المتحدة سنوياً. بالنسبة إلى ديفيد رينارد، شكل و حجم الورم عند سوزان، كان مشابهاً لشكل هاتف بشكل غامض. ( لكن الأورام كالسحب، قد تشبه اشكالاً في خيالنا). و سوزي كان معروفاً عنها أنها كانت تمسك بالهاتف على أذنها اليسرى بنفس تلك الزاوية بالضبط كما قال زوجها. خضعت سوزان لعملية جراحية لاستئصال الورم لكن بفاعلية قليلة. توفيت عام 1992 قبل إتمام عامها الرابع و الثلاثين بقليل. كان ديفيد على قناعة بأن جرعة الإشعاع الزائدة من الهاتف الجوال كانت هي السبب.

رينارد ضد (إن إي سي) كانت أول قضية في الولايات المتحدة تزعم أن هناك صلة بين الهواتف النقالة و الأورام الدماغية. 

هل تؤثر الهواتف المحمولة، و الشبكات الخلوية، وموجات الواي- فاي بشكل سلبي على البيئة"؟ .. حتى الآن لم يتم التوصل إلى إجابات قاطعة.

مخاطر محتملة

ووفقاً لما نشرته جمعية السرطان الأميركية على موقعها الإلكتروني، تستخدم الهواتف المحمولة الإشعاعات الكهرومغناطيسية في نطاق الموجات الصغرية أو الميكروويف، ويعد هذا أحد أشكال الإشعاع غير المؤيّن.

ووفقاً لهذه الجمعية، "هذه الموجات ليست قوية بما يكفي للتسبب في السرطان" لأنها على عكس أنواع أخرى أكثر قوة من الإشعاع المؤيّن، ولا يمكنها كسر الروابط الكيميائية في الحمض النووي، قد يحدث هذا مع موجات ذات مستويات أعلى، مثل أفران الميكرويف.

بالرغم من أن هذه الإجابة من شأنها أن تطمئننا، إلا أن ديفنترمدير برنامج الإشعاع بقسم الصحة العامة، الذي قدم أكثر من 50 بحثاً علمياً عن الإشعاع غير المؤيّن يؤكد أن هذه المسألة تتم مراجعتها ثانية من جانب منظمة الصحة العالمية.
حتى الآن -بسبب عدم وجود الأدلة القاطعة- ما يمكن تأكيده من قبل المتخصصين أن هناك مخاطر محتملة على المدى البعيد، خصوصاً فيما يتعلق بأورام الرأس والرقبة.

وتحذر جمعية السرطان الأميركية من أنه كلما اقترب الهاتف المحمول من الرأس، زاد تعرض الشخص للترددات الضارة.

أشارت دراسة فرنسية ان مستخدمي الهواتف المحمولة بكثرة هم اكثر عرضة بحوالي مرة او مرتين لتطوير سرطانات واورام دماغية! حيث وجدت الدراسة ان من يستخدم هاتفه المحمول لاكثر من 15 ساعة شهريا على مدار خمس سنوات تقريبا يكون اكثر عرضة لتطوير هذه الاورام.

وركزت الدراسة على 253 حالة مصابة بالورم الدبقي(Glioma)، و 194 حالة مصابة بالورم السحائي (Meningioma) يقابلهم 892 شخصا معافى، وذلك بين عامي 2004-2006، وتم مقابلتهم وتوجيه اسئلة تتعلق باستخدامهم للهواتف المحمولة.

ولم يجد الباحثون أي علاقة بين استخدام الهاتف المحمول بشكل عادي (أي إجراء مكالمة هاتفية واحدة أسبوعيا لمدة ستة أشهر وأكثر) وبين الاورام الدماغية، لكن في المقابل، وجدت زيادة في مخاطر الإصابة في هذه الأورام لمن يستخدم الهاتف المحمول بكثرة.

معدل الامتصاص النوعي 

"معدل الامتصاص النوعي" هو ما يطلقه المتخصصون على امتصاص أنسجة الجسم للطاقة الصادرة من هذه الأجهزة. يختلف هذا المعدل من جهاز لآخر، ويمكن معرفته من خلال الموقع الإلكتروني للمصنّع.

الحد الأقصى المسموح به في الولايات المتحدة هو 1.6 وات لكل كيلوغرام (وات/كجم).

بالرغم من هذا، تحذر هيئة الاتصالات الفيدرالية من أن مقارنة معدل الامتصاص النوعي بين الأجهزة قد يسبب بعض الالتباس؛ لأنه يعتمد على تشغيل الجهاز في أقصى طاقته وليس في حالة الاستخدام العادي.

موجات الترددات اللاسلكية للهواتف النقالة ضعيفة، ولكنها تقلق العلماء، وهناك أيضاً بعض الدراسات التي تربط بين استخدام الهواتف النّقالة والإصابة بسرطان الجلد وسرطان الخصية.
وللتأكد من هذا، استخدم الباحثون نوعين من الدراسات: الاختبارات المعملية على الحيوانات، ومقارنة نسب الإصابة بالسرطان بين البشر.

المشكلة التي تحدث عنها ديفنتر أن العديد من أنواع السرطان لا يمكن اكتشافها حتى مرور عدة سنوات على حدوث التفاعلات المسببة لها في خلايا الجسم، ونظراً لأن استخدام الهواتف النقالة لم يكن شائعاً حتى تسعينيات القرن الماضي، فإن الدراسات الوبائية تركز على الأورام الجديدة التي ظهرت في السنوات الأخيرة.

وحتى الآن، تعد دراسة إنترفون أهم الدراسات التي أجريت بهذا الشأن، فقد كانت عبارة عن بحث واسع النطاق قامت بتنسيقه منظمة الصحة العالمية من خلال الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، وقد تم تحليل البيانات من قِبَل 13 دولة، بما في ذلك المملكة المتحدة وأستراليا واليابان وكندا.

لا أدلة واضحة بين الأورام وبين استخدام الهواتف النقالة

شملت هذه الدراسة أكثر من 5.000 شخص من المصابين بأورام الدماغ وآخرين من غير المصابين.
ويقول فان ديفنتر "لم يتم العثور على رابط بين تطور الأورام الدبقية والسحائية (أورام الدماغ) وبين استخدام الهواتف النقالة لأكثر من 10 أعوام".

وأضاف "ولكن هناك بعض المؤشرات على احتمال حدوث الأورام الدبقية بين حوالي 10? من الأشخاص الذين يستخدمون هواتفهم لمدة أطول من الآخرين، على الرغم من أن بعض الباحثين قد انتقدوا هذه الدراسة مشيرين إلى أن التحيز والأخطاء ينتقص من قوة هذه النتائج".

في النهاية، قامت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان بتصنيف الترددات الكهرومغناطيسية كمسببات محتملة للسرطان. ووفقاً لديفنتر، يُتوقع أن تنشر منظمة الصحة العالمية تقييماً رسمياً للمخاطر بحلول نهاية العام المقبل 2017.

تسبب الهواتف المحمولة سرطان الدماغ

نصائح واحتياطات

هناك العديد من العادات التي تنصح بها جمعية السرطان الأميركية عند استخدام الهواتف النقالة بهدف تقليل التعرض المباشر للأشعة الصادرة منها، مثل استخدام سماعات الأذن لتجنب اقتراب الهاتف من الرأس، كما يُنصح بإجراء المكالمات في أماكن ذات تغطية جيدة، لأن ذلك يتطلب طاقة أقل.

وتنصح كذلك بإرسال رسائل نصية عوضاً عن إجراء المكالمات، والحد من الاستخدام بالنسبة للبالغين والأطفال على حد سواء. أيضاً ينصح بشراء الهواتف ذات معدل امتصاص نوعي منخفض بقدر الإمكان.

ومن أجل حماية السكان الذين يعيشون بالقرب من محطات توليد الإشارة وكذلك مستخدمي الهواتف النقالة، اعتمدت مجموعة من الحكومات والهيئات التنظيمية معايير للأمان والسلامة العامة، والتي يمكن ترجمتها إلى ضبط مستويات التعرض للأشعة تحت قيمة معينة.

وهناك العديد من المعايير الوطنية والدولية المقترحة، ولكن الأكثر اعتماداً منها معايير اللجنة الدولية المعنية بالحماية من الإشعاع غير المؤيّن، فقد تم اعتمادها حتى الآن من قبل أكثر من 80 دولة حول العالم.

أما بالنسبة لمحطات الإذاعة فتقترح اللجنة الدولية نوعين من مستويات السلامة: الأول مخصص للتعرض المهني، وآخر لعامة السكان. وحالياً هناك جهود جارية للتنسيق بين المعايير الموجودة والمختلفة. وكذلك وضعت إجراءات للترخيص لقواعد الراديو في معظم المناطق المدنية، سواء على مستوى البلدية/المقاطعة أو على مستوى المقاطعة/الدولة.

وتتم مطالبة مقدمي خدمات الهواتف المحمولة في كثير من المناطق حالياً بالحصول على تراخيص البناء، وتقديم شهادات على مستويات الانبعاث للهوائيات المستخدمة، وأيضاً ضمان الامتثال لمعايير اللجنة الدولية أو أي من التشريعات البيئية الأخرى. كما تطلب بعض الهيئات الحكومية من شركات الاتصالات المتنافسة محاولة دمج الأبراج الخاصة بهم أو مشاركتها وذلك لخفض الأثر البيئي الناتج عنها.


المصادر:thetruthaboutcancer / cancer / webteb
 / linkedin / bbc