الحرب العالمية الثالثة على الأبواب ! .. كيف ستكون البداية ؟

بداية فإن الحروب تندلع لأبسط سبب ظاهر لكنها تعبّر باندلاعها عن اختلال في حقوق الشعوب والأوطان يظل تواقا للتعبير عن نفسه حتى تواتيه الفرصة، فلا يصبح بوسع هذا الاختلال إلا أن يندفع إلى المشاركة في المواجهة التي طال انتظارها والتي ينعقد الأمل عليها في تغيير الواقع بعيدا عن سطوة مؤامرات المفاوضات ومرجعيات الاتفاقات ومنطوقات المعاهدات وتوازنات القوى.

الحرب العالمية الثالثة

وهذه العوامل الأربعة هي الأكثر تأثيرا الآن في مصير كل صراع، بل في مصير كل ثورة شعبية أيضا.

لا يمكن لأحد أبدا مهما أوتي من قدرات سياسية وفكرية أن يتنبأ بالبؤرة التي تندلع منها شرارة البداية، وليس من قبيل المبالغة القول بأن الأسباب التي تشعل الشرارة تبدو في الغالب بعيدة كل البعد عن علوم الاحتمالات الرياضية، كما أنها بعيدة أيضا عن حسابات السياسة التقليدية، وربما أن أحدا لم يكن يتوقع أن تبدأ الحرب العالمية الأولى من سراييفو ولا الثانية من بولندا، ولماذا نذهب بعيدا وقد رأينا بداية الربيع العربي على يد البوعزيزي في تونس على حين فجأة. 

في الحادي عشر من نوفمبر عام 1918 انتهت الحرب العظمى، أو الحرب العالمية الاولى كما تعرف، والتي راح ضحيتها الملايين من الجنود والمدنيين، إنها أحدى أشرس الحروب في التاريخ، وبها تغيرت سياسات الدول بالكامل، أدت إلى اختفاء دول وظهور دول جديدة…

ومن سخرية القدر أن تأتي ذكرى الحرب العالمية الأولى ، في هذه الأجواء التي نعيشها، العالم كله يترقب ما الذي سيحدث بعد فوز ترامب المتطرف، الكل بدأ يقتنع بنشوب حرب عالمية ثالثة قريبًا جدًا،نحن بكل تأكيد وبلا فخر… على شفا خطوة من الحرب العالمية الثالثة !

الحرب العالمية الأولى

من خلال الحرب العالمية الاولى يمكننا معرفة ما ستؤول إليه الأمور، من خلال هذه المقاربة البسيطة بين ما حدث وما سيحدث…

بالنظر إلى أجواء ما قبل الحرب العالمية الأولى ، سنعرف الجواب ببساطة، حيث كانت تسود حالة من التنافس بين الدول، سياسيًا واقتصاديًا على كافة الأصعدة، سباق دائم للاستحواذ على أكبر قدر من الأراضي، وهذا كان يخلق حالة من الكراهية بين الدول وبعضها البعض، رغبة كل دولة في السيطرة والهيمنة على الدول الأخرى، مثلما حدث في أزمة البلقان، والصراع الفرنسي الألماني حول الحدود، فضلًا عن تطلع أغلب الأقليات إلى الاستقلال وإنشاء كيان مستقل لها، أيضًا سباق التسلح غير المعلن والتنافس حول لقب صاحب الأسلحة الأكثر، فضلاً عن رغبة كل دولة في فرض سيطرتها الاقتصادية على العالم، كل هذا أدى إلى حالة من التوتر بين الدول، كأن كلّ طرف يترقب للطرف الآخر، ينتظر حدوث خطأ واحد ليبدأ الحرب، وقد كان…

جاءت حادثة اغتيال فرانز فرديناند ولي عهد النمسا وزوجته، على يد  طالب صربي أثناء زيارتهما لسراييفو في العام 1914 ، سببًا مباشر لاندلاع الحرب، أو كما نقول كانت هذه الحادثة القشة التي قسمت ظهر البعير، بالرغم من أن ظهر البعير كان محملًا بالكثير، لكن كانت هذه الحادثة التافهة سببًا لقيام حرب طاحنة دمرت العالم أجمع.

ما نعيشه الآن ليس ببعيد عن أجواء الحرب العالمية الاولى ، نفس سباق التسلح، سباق الاستحواذ والسيطرة، سباق الهيمنة على العالم، الهيمنة بكل أشكالها، سباق التمدد والتوسع، سباق السيطرة على البترول، سباق الحفاظ على قيمة الدولار من الانهيار، وها نحن في انتظار تلك القشة التي تدق طبول الحرب، وتجعل الدول تكشف عن وجوهها الحقيقية وتبدأ في التناحر بشكل معلن وصريح…

بعض الأسباب ..

في الحقيقة هناك ألف قشة ألف سبب وسبب، تجعل من حدوث الحرب أمرًا قريبًا جدًا، أولها ما يحدث في بحر جنوب الصين ، والحرب الباردة التي تدور بين اليابان والصين حول ملكية جزر سيناكو داياويو، والحرب الباردة التي تدور أيضًا بين القوات الأمريكية وقوات الصين، وفي المنطقة ذاتها، ثانيًا ما يحدث في أوكرانيا وحالة الترقب التي يعيشها كلًا من حلف الناتو وروسيا، التي كما ضمت جزيرة القرم لها، فلن تهدأ إلا بضم أوكرانيا بالكامل، وهذا يثير حنق حلف الناتو وأمريكا ويزيد من حالة التوتر، وكلاهما ينتظر خطئًا هيّنًا من الطرف الآخر، خطأ واحد فقط ليدفعهما للمواجهة المباشرة، ثالثًا ما يحدث في سوريا منذ سنوات، حيث تحولت إلى أرض معركة لقوى العالم العظمى، روسيا والصين وإيران من جهة، والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا من جهة أخرى، وكلا الطرفان يزعمان بأن الهدف هو القضاء على داعش، لكن في الحقيقة أن هناك حرب خفية، أو لم تعد خفية لأحد، المغزى منها فرض السيطرة والهيمنة، وكبح الطرف الآخر وسحقه، وما يحدث على أرض سوريا ليس إلا حالة من الإحماء لحرب عالمية وشيكة، يأتي في النهاية فوز ترامب بالانتخابات سببًا آخر يعجَل من حدوث الحرب، فمنذ أن رشح نفسه للانتخابات وقبل حتى أن يضمن فوزه، وهو يتوعد للعرب والمسلمين، ويؤكد على منع دخول المسلمين لأمريكا وطرد اللاجئين، وبث حالة من العبث السياسي والفوضى والعنصرية التي لا تحمد عقباها.

الحرب العالمية الثالثة

5 سيناريوهات لاندلاع الحرب

صحيفة "موسكوفسكي كومسوموليتس" جمعت أكثر السيناريوهات المحتملة لنشوب الحرب العالمية الثالثة، الشائعة بين هواة نظرية المؤامرات، وناقشتها مع الخبراء العسكريين:

دول البلطيق: يقول الخبير العسكري، نائب مدير معهد بلدان رابطة الدول المستقلة فلاديمير يفسييف: "هناك أسباب قد تؤدي إلى اندلاع الحرب، ولكن ليس من الضروري أن تتطور إلى حرب عالمية ثالثة. وقد يكون السبب شبه جزيرة القرم، على الرغم من أن هذا السيناريو أقل احتمالا من سيناريو دول البلطيق".

وأضاف: "هناك يستمر الناتو في تعزيز وجوده العسكري. وقد وقعت حوادث بين طائراته وسفنه والطائرات والسفن الروسية. وهذه الحوادث قد تتطور في أي لحظة إلى إسقاط طائرة أو إغراق سفينة. وسيتم الرد على ذلك حتما. لكنَّ من الواضح أن واشنطن لا تريد استبدال مدنها بمدينة ريغا مثلا. وأن الالتزامات ضمن إطار الناتو لا يعني أنها ستنفذ. لذلك أعتقد أن جميع "الاعتداءات" على روسيا وهمية. فالولايات المتحدة بحاجة إلى دول البلطيق فقط كأداة ضغط على روسيا، وليس أكثر من ذلك".

الحرب العالمية الثالثة

سوريا: يرى الخبير يفسييف أن دخول روسيا في النزاع السوري ضد "داعش" كان محفوفا بالمخاطر لاحتمال حدوث مواجهة مباشرة مع تركيا، ما كان "سيصيب الناتو بالتوتر، لأنها أول مواجهة قتالية بين روسيا ودولة عضو في الناتو. أنا لا أقصد نشوب حرب عالمية ثالثة. وإنني كخبير عسكري أقول إن احتمال نشوبها منخفض جدا".

فلكي تنشب مثل هذه الحرب هناك خيارات مختلفة مثل إطلاق منظومة الدرع الصاروخية إنذاراً كاذبا، ما يؤدي إلى إطلاق صاروخ اعتراضي. أو بكلمة أخرى قد تقع حوادث يعدُّها أحد الأطراف تهديدا لمصالحه الوطنية".

أما الخبير العسكري أليكسي ليونكوف، فيعتقد أن النزاع بين روسيا والولايات المتحدة في سوريا قد يندلع على خلفية "تقسيم" سوريا. فقد أعلن أوباما في نهاية يوليو/تموز المنصرم أنه "بعد منبج ستكون الرقة الهدف التالي. وموقع مدينة الرقة استراتيجي، وإذا سيطر عليها الأمريكيون فسيتم تقسيم سوريا إلى قسمين غير متساويين. والحديث يدور عن الجزء السوري الذي تنوي الولايات المتحدة لعب سيناريو جدار برلين فيه. وهذا سيؤدي إلى تصعيد التوتر بينها وبين روسيا".

كوريا:أما عن الاتجاه الكوري - فيقول الخبير العسكري ليونكوف، إن "أساس أي سيناريو لنشوب حرب عالمية ثالثة هو الاعتداء على روسيا. فروسيا دولة نووية، ولكن يوجد افتراضيا الشرق الأقصى، فمثلا هناك ما يدور حول كوريا الشمالية والولايات المتحدة بحجة إقليمية الصراع أو استعراض القوة".

وهنا نشير إلى أن كوريا الشمالية التي تهدد جارتها الجنوبية والولايات المتحدة، وفق المعطيات اليابانية، تمكنت من إنتاج صواريخ وسلاح نووي.

الهند وباكستان: وبالنسبة إلى الهند وباكستان، يعتقد كاتبو مجلة "The National Interest" أن الحرب الثالثة يمكن أن تسببها المواجهة العسكرية بين الهند وباكستان، "إذا قامت المجموعات التي تمولها باكستان بأعمال ارهابية واسعة النطاق في الهند، كما حدث في مومباي عام 2008، فإن صبر الهند سينفد. وإذا هزمت باكستان، فإن استخدام السلاح النووي التكتيكي سيكون المخرج الوحيد من الأزمة". ولكن الخبراء يقولون إن البلدين لا يركزان على هذه المواجهات.

الصين واليابان:أما بالنسبة إلى بحر الصين الشرقي، فأعربت وزارة الدفاع اليابانية في تقريرها الجديد عن تخوفها من تعزيز الصين مواقعها في منطقة جزر سينكاكو دياويو، التي تعدُّ موضع صراع بين بكين وطوكيو.

ويذكر أن اليابان نشرت قواتها في المناطق المتنازع عليها. وتشير المجلة إلى أنه في حال اندلاع النزاع، فسيكون من الصعب على الولايات المتحدة البقاء متفرجة، لأنها ترتبط باليابان باتفاقية الدفاع المشترك. وتضيف المجلة، كان بإمكان الصين توجيه ضربة وقائية إلى المواقع العسكرية الأمريكية في المنطقة.

ماذا سنفعل كعَرَب إذا اندلعت الحرب العالمية الثالثة ؟

الأول: أن نُجَّر في الحرب وننقسم تحت سلطة وسيطرة القوى العظمى، ويتم فرض التجنيد الجبري كما حدث في الحرب العالمية الاولى ، في بعض الدول التي شاركت في الحرب، وكانت تحت سيطرة الدول الأوروبية، وحينها سيتم الزج بالجنود العرب في الصفوف الأولى في الحرب، تمامًا كما حدث في الحرب العالمية الاولى ، أي باختصار سنكون مجرد دمى يتم تحريكها يمينًا ويسارًا دون فهم ما يحدث أو لما يحدث، فقط ننفذ الأوامر.

الثاني: أن نُدك ونُطحن بحكم أن ساحة المعركة هذه المرة هى الأراضي العربية، وفي حالة كنا طرف فاعل في الحرب لا مفعول به، أي في حالة أن تنضم كل دولة عربية لقوة معيّنة وفقًا لانحيازاتها وميولها منذ البداية، وتشارك في الحرب كطرف فاعل.

الثالث: أما إذا كانت شرارة الحرب الأولى، بعيدًا عن المنطقة العربية وهذا احتمال ضئيل (حسب رأيي)، ولن يتم الزج بنا في صفوف المحاربين، لن يبقى سوى أن نحضر بعض المقرمشات ونجلس أمام التلفاز نشاهد العالم وهو ينهار، وننتظر دورنا القادم.

لماذا ستكون هذه الحرب أكثر شراسة من غيرها؟

الحرب العالمية الثالثة

عندما سألوا أينشتاين عن تصوّره للحرب العالمية الثالثة، والأسلحة المستخدمة فيها، وكيف ستكون الحرب ذاتها، قال: "الثالثة لا أعرف لكن الرابعة أستطيع تصوّرها، ستكون الحرب العالمية الرابعة بالحجارة والعصي." وهذه إشارة إلى أن العالم سيستنفذ كل الشر في حربه الثالثة، سيقضي على الأخضر واليابس، ستفنى الحضارة الإنسانية ويعود الإنسان البدائي من جديد!

هناك أسباب كثيرة تجعل من الحرب العالمية الثالثة، حرب شرسة أكثر من الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية أيضًا، أبرزها:

1- أن الدول العظمى جميعها مشحونة بأكبر قدر ممكن، معظمها تعيش حرب باردة بشكل أو بآخر، تنتظر فقط الشرارة الأولى للبدء، ولا تستغرب قد تكون على أهون سبب، كما حدث في الحرب العالمية الأولى ، بسبب حادثة اغتيال قامت الدنيا ولم تقعد.

2- لأن المنطقة العربية أرض خصبة جدًا لقيام حرب، نزاعات طائفية، تنظيم داعش الإرهابي، تراشق الدول العربية بالإتهامات ببعضها البعض، ربيع عربي انقلب على رؤوسنا جميعًا واستحال خريفًا، أتى على الأخضر واليابس، فضلًا عن التنبؤ بثورة جياع في بعض الدول، وكل هذا يحدث بإشراف ومباركة الدول العظمى، التي ستتخذ أي سبب من كل هذه الأسباب التي تطفح بها المنطقة العربية كحجة لبدء الحرب، هذا إذا لم تقم الدول العربية نفسها بدق طبول الحرب.

3- ما سيجعل هذه الحرب مختلفة عن الحرب العالمية الأولى ،بل وعن كل الحروب السابقة ، هو أن العالم وَصَل إلى مرحلة من التقدم، جعلته يفقد عقله حرفيًا، بدءًا من الأسلحة النووية المتطورة جدًا، مرُورًا بالجيوش الإلكترونية، وليس انتهاءً بالأسلحة الحديثة القادرة على دكِّ الأرض كلها في غمضة عين، لذلك في المرَّة القادمة عندما يخبرك أحد ما، بأن الحرب العالمية الثالثة ستقضي على العالم، رجاءً لا تتهمه بالجهل والغباء، لا تسخر منه فالرجل على ما يبدو محقُّ تمامًا !

المصادر : 1 / 2 / 3 / 4 / 5