أشرق كالشمس .. فن تسويق النفس و الدين و القيمة و الخلق

في أوقات كثيرة، نحسب بعض الأشياء حسابات خاطئة، و نسيء بينما نظن أننا نحسن صنعا!. أشياء تلتبس علينا في حياتنا، و تزيد من الهوة التي بيننا و بين الآخر ..
أحد أهم هذه الأشياء هو تزكية النفس، و إبراز محاسنها و تسويق خصالها المبدعة الفريدة.


إننا نؤمن امتثالا لقول رسولنا صلى الله عليه و سلم أن التواضع هو سمة من سمات الصالحين و أن (من تواضع لله رفعه) و هذا شيء لا جدال فيه، ففضلا عن كونه أمرا نبويا، فإنه كذلك مطلب روحي و عقلاني لا يختلف عليه أي عاقل محب لإنسانيته و يقدر قيمة الإنسان في الحياة.. و لكن ..

هل معنى هذا ألا يقف المرء في أوقات تتطلب أن يعدد نقاط قوته و أفعاله الحسنة و حجته أن التواضع مطلوب؟

دعوني أوضح الأمر أكثر..

اليوم في سوق العمل، و في ظل المنافسة الشرسة، يظهر جليا الشخص المبدع الذي يتقن إبراز إبداعه و تفوقه، و يختفي من على الساحة الفقراء و البسطاء و الأشخاص الأقل احترافية في تسويق أنفسهم، مهما كانوا نابغين أو متميزين.

تعالوا لنتأمل شيئا أعمق و أكثر وضوحا بالرغم من كون الإسلام أحد أعظم المناهج الأخلاقية على وجه الأرض، إلا أننا دائما متهمون بالإرهاب و العصبية و ضيق الأفق و عدم قبول الآخر و أننا نعشق العنف و الدم و نتلهى في أوقات فراغنا بتعذيب من يخالفنا المعتقد و الدين .. فهل هذا كلام حقيقي؟ ! 

أترك لك الإجابة .. و أطرح سؤالا آخر..

بالرغم من كون اليهود أقل عددا، و يفتقرون إلى منهج قويم محترم يطرحوه للعالم، الخلفية المتعلقة بهم في الأذهان أنهم بخلاء طماعون يفقئون عينيك إذا لم ترجع لأحدهم فوائد المال الذي أقرضك إياه، و لعل من قرأ رائعة شكسبير (تاجر البندقية) يدرك ما أقول، و بالرغم من ذلك فقد استطاعت هذه القلة المكروهة أو تسوق جيدا لثقافة الهولوكست و تروج لنغمة الاضطهاد، و تخلق مفهوما يخصها و هو السامية. 
فكيف نجح اليهود في هذا؟...

أترك لك أيضا الإجابة .. ثم أتساءل ثالثة..

هل من الحكمة أن ندفن كنوزنا الحقيقية في باطن الأرض في الوقت الذي يبيعنا فيه الآخر بضاعته الركيكة على أنها ذهب خالص بالرغم من كون بريقها لا يتعدى القشرة الخارجية؟ ! 

إننا يا أصدقائي بحاجة إلى أن نتقن فن التسويق (النفس و الدين و القيمة و الخلق).
التقيت ذات يوم بالمفكر البريطاني (داو ود بيدكوت) رئيس المركز الإسلامي البريطاني و هو أول مركز إسلامي يؤسس في بريطانيا على خلفية رواية سلمان رشدي (آيات شيطانية) و سألته لماذا يتحمس دائما من يدخل الإسلام لخدمة الدين عن المرء الذي ولد مسلما أبا عن جد؟

و قال لي: لأننا نأتي من هناك حيث العدم، فنرى في أي مدى بلغت عظمة هذا الدين، و نرى كذلك الخيبة التي تتملك المسلم في التسويق لبضاعته من القيم و الأخلاق و المبادئ و الحسن من السلوك و الأفكار، و قال لي بالحرف (أنتم أفشل مندوبي مبيعات لبضاعة رائجة مطلوبة !) 

إننا مطالبون يا صديقي أن نظهر روعة ما نملك و نخرجه للناس، إن اللؤلؤة تظل شيئا ليس له قيمة ما دامت مخبأة في محارة في عمق البحر، و لا تظهر قيمتها إلا في عنق المرأة و هي تلمع في سحر يخطف الألباب. 

القيم الجميلة التي نتبناها تنتظر إعلانك المبهر عنها، مهاراتك و قدراتك تنتظر منك تسويقها بشكل أكثر حرفية و إقناعا.ّ.

ببساطة كل ما تحمله يا صديقي ينتظر منك أن تشرق .. كالشمس.

"قد يشك الناس فيما تقول، و لكنهم سوف يؤمنون بما تفعل..."                                                                                         - لويس كايس- 

المصدر: ما لم يخبرني به أبي عن الحياة لـ - كريم الشاذلي -