ما حقيقة التنويم المغناطيسي ؟ .. وهل يمكن تنويم شخص ما فِعلياً ؟!

التنويم المغناطيسي هو تفادي العقل الواعي من أجل التواصل مباشرة و بشكل ضمني مع العقل اللاواعي. كلنا نعيش التنويم المغناطيسي، لحظات بعد الاستقياظ تحس بنوع من الدوخة و عدم التركيز و إذا سألك شخص عن مفاتيح سيارتك قد تقدمها له بدون مقاومة دون أن تدري ذلك.


التنويم المغناطيسي في الحقيقة ما هو إلا تنويم الشخص لنفسه مغناطيسيًا.. خلافًا للمفهوم المغلوط السائد، لا يتعلّق التنويم المغناطيسي بقوى عقلية خارقة تتعلّق بالتحكم في الذهن. كل ما تفعله أنت كمنوّم مغناطيسي هو إرشاد الشخص ومساعدته على الاسترخاء والدخول في حالة السبات، أو إيقاظه منها.

كيف يعمل التنويم المغناطيسي؟

نظرية العقل هي الاعتقاد بأن هناك وعي و لاوعي يفصل بينهما العامل الحاسم أو الانتقادي و الذي بدوره ينتمي للعقل الواعي. يمكنك تخيل العامل الحاسم على أنه حارس بوابة اللاوعي.

يهدف التنويم إلى إرسال الشخص المستهدف لحالة تدعى الغيبوبة التنويمية و بالتالي تجاوز العامل الحاسم مما يسمح لك بالولوج مباشرة إلى العقل اللاواعي للشخص الهدف. هناك جدال بين ممارسي التنويم حول الوجود الفعلي لحالة الغشية التنويمية و لكن يتم التسليم بوجود حالة من نصف الوعي لا يتم فيها الاستجابة للمهيج يصر البعض على تسميتها بالغيبوبة التنويمية.

لماذا نتواصل مع العقل اللاواعي ؟

هناك بعض الأسباب الوجيهة التي تجعلنا نود التواصل مع اللاوعي عوض الوعي. كسبب أول، العقل اللاواعي أقوى و أسرع من الوعي في معالجة المعلومات الخارجية بملايين الأضعاف على الأقل.
السبب الثاني و هو الأهم، عند حدوث تعارض أفكار ما بين الوعي و اللاوعي يتولى اللاوعي قيادة السلوك. إذن التواصل الفعال هو التواصل الخفي. لوهلة قد تعتقد أن اللاوعي هو مكان ساحر تحدث فيه جميع الأشياء الممكنة و غير الممكنة و هذا صحيح في بعض الجوانب.

على المستوى العصبي، معظم العمليات الواعية يقوم بها الفص الجبهي الذي يتكون أساسا من القشرة الجبهية الأمامية فيما يقوم الجهاز الجوفي بمعظم العمليات اللاواعية و الذي يتكون أساسا من الحصين و اللوزة الدماغية.

وكمثال بسيط .. تود إلقاء محاضرة ما على عدد من الناس، تحاول إقناع نفسك بأنه لن يحدث شيء سيء، بالتأكيد هم سيسمعون فقط. و رغم ذلك يتسارع نبض قلبك و تبدأ يداك بالتعرق. عقلك اللاواعي يعلم أنك خائف من التعرض للرفض وعدم القبول و يضعك في حالة الهروب أو القتال حيث تحفز اللوزة الدماغية إفراز الأدرينالين على الرغم من عدم وجود خطر مادي. على المستوى العلاجي، إذا تركت هذا الشعور المضلل ينمو قد يتطور إلى خوف مرضي.

الآن أنت تفهم اللغز وراء العقل اللاواعي، من الآن و صاعدا ستكون قادرا على استيعاب طريقة عمل التنويم المغناطيسي وطريقة عمل الإقناع بشكل عام..

 اخلق التوقع و التقبل

التنويم المغناطيسي يبدأ بالقول للشخص الهدف أنك ستنومه! كل أشكال التنويم المغناطيسي هي مجرد إيحاء ذاتي. يقول الدكتور دونالد برايس الباحث في تأثير الغفل (placebo) في جامعة فلوريدا: "التوقعات أهم بكثير من الرغبة في تحقيق النتائج". 

بكلمات أخرى، من المرجح أن تنجح في التنويم المغناطيسي إذا كان الشخص الذي تحاول تنويمه يتوقع أن يُنَوم عوض أن يرغب في أن يُنَوم. المرجو أن تنتبه إلى أن التنويم الذي نتطرق له هو التنويم المغناطيسي الكلاسيكي.

يمكنك أن تخبر المنوم أنه سيحس بالاسترخاء و الرغبة في النوم. كمثال يستعمل المنوم هذه الصيغة: "أهلا أنا تقي الدين و أنا منوم مغناطيسي، هل تود أن أنومك مغناطيسيا؟ الأمر عائد إليك لكن حين ستنام، سأريك كيف تقوم بأشياء لا يمكنك القيام بها عادة. ممكن أن أجعلك تتذكر ذكريات طفولتك المنسية". حين تقول ستنام غير نبرة صوتك و المسه بشكل ضمني في الكتف أو الحاجب. بهذا الأسلوب أنت تدمج التنويم المغناطيسي بتقنيات من التنويم الخفي عبر دمج البرمجة اللغوية العصبية مع القراءة الذهنية أو التبصر Mentalism. إن لم يكن اللمس مسموحا بسبب ثقافة البلد أو لاعتبارات أخرى. يمكن أن تحيد بانتباه الشخص بيد و تلمسه باليد الأخرى كما يفعل النشالون. هذا بالطريقة الصعبة 

أو يمكنك أن تقول: "خلال التنويم يمكن أن ألمس يدك، حاجبك، كتفك أو جبهتك إذا كنت موافق" و أنت تطلب الإذن تقوم بلمس المناطق المذكورة. هذه التقنية تدعى الاستدعاء induction و كان يقوم بها بهذا الشكل المنوم الراحل ديف إلمان. اللمس يساعد على تحرير هروموني السيروتونين و الأوكسيتونين و هما يسعادنا على تحقيق التطابق و الثقة كما يستعمل اللمس في علاج الصدمات النفسية عبر تقنية الملاذ havening.

حقيقة التنويم المغناطيسي

أنواع (التنويم الإيحائي):

1- التنويم الإيحائي التقليدي

يتم عن طريق شخص اختصاصي ومتدرب على التنويم ويدعى المنوم (المعالج) والركن الأساسي هو الشخص الذي سيخضع للتنويم يدعى الوسيط (المريض).

2-التنويم الذاتي (الايحاء الضمني)

الفرق الأساسي بينه وبين التنويم المغناطيسي التقليدي هو عدم وجود المنوم (المعالج) بحيث يقوم الشخص نفسه بعمل المنوم (المعالج) وغالباً يكون المعالج درب الشخص للقيام به وذلك ليكون بالتزامن مع الجلسات التنويمية التقليدية للوصول لنتيجة أفضل ويشبه كثيرا التأمل.

كيف تنوم شخصا مغناطيسيا ؟

لا بد من الاشارة أن لكل شخص طريقته وأيضا الطرق التي تنجح مع مريض معين قد لا تنجح مع مريض اخر, لايصال الشخص حالة التنويم ينبغي إيصال نشاطه الدماغي أو بعبارة أخرى الوصول بالموجات الدماغية لحالة ألفا ويستخدم في جميع طرق التنويم سواء التقليدي أو الضمني (الذاتي) فكيف يتم ذلك؟ .. إليك مثال بسيط عن ذلك ..

1 - الجلوس باسترخاء إما بالتمدد أو جلسة مسترخية ويساعد على الاسترخاء المكان الهادئ والمحبب والمريح سواء غرفة أو في الخارج لكن يجب أن يكون المكان منعزل ليساعد على التأمل والاسترخاء وممكن أن تكون الإضاءة خافتة اذا تم في غرفة أو مكان مغلق ويساعد على الاسترخاء أيضاً ارتداء ملابس مريحة وفك أي شيئ من المحتمل أن يؤدي لتشتيت التركيز كالساعة أو الحذاء ووجود بعض الروائح العطرية المحببة والتي تساعد على الاسترخاء,ويجب الانتباه أنه حتى الجوع والعطش سيشتت التركيز واستخدام طرق التنفس العميق المساعدة مع الايعاز ببدء الاسترخاء وازدياده تدريجياً .

2 -  شد انتباه العقل الواعي وتركيزه تحضيراً للدخول في حالة الالفا:

- اجهاد العين بالتركيز على كرة زجاجية أو نقطة محددة اذا كانت لامعة ممكن أن تجهد أكثر وتثير التركيز عليها.
- اجهاد العقل بالعد بطريقة معبنة مثلا العد حتى المئة لكن بتنقيص ثلاثة أو أربعة أرقام بكل عدة ك 94…97…100.
- التخيل مثلا تخيل مكان محبب واستحضار كافة تفاصيله والأصوات المحببة التي من الممكن سماعها فمثلا "صوت الموج إذا كام المكان شط بحر" واستحضار المشاعر التي تنتاب الشخص عندما يتواجد فيه.
- باستخدام كرسي هزاز لفقدان التوازن ولكن باهتزاز بسيط مساعد على الاسترخاء.
- التركيز الذاتي بنقطة معينة في الفراغ وهذا النوع يحتاج للكثير من التدريب للوصول إلى حصر التفكير إلى درجة عدم التفكير والتأمل في الكون فقط وهو ما يفعله مدربي اليوغا والمتأملين.

الطرق عديدة وغير محصورة ويمكن استخدام أكثر من طريقة في وقت واحد مما يزيد التركيز ويسرع الوصول لحالة الفا.

3- عند التأكد من الوصول لحالة ألفا تأتي مرحلة سرد الايحاء (الاقتراحات) أي التواصل الواعي مع العقل الباطن .. ومن شروط الايحاء:

* يجب أن يتمتع الايحاء بالشعور الايجابي والتحفيز.
* تحديد هدف الايحاء بوضوح وبشكل مبسط و سهل.
* ان يكون في الوقت الحالي مثل "أنا حالياً اشعر بالسعادةّ, أنا مرتاح".
* الالتزام والتأكيد والثقة التامة بأن هذا فعلا ما يحدث والابتعاد عن الأسلوب القهري أو الضغط لأن العقل الباطن لا يستجيب لهذا الاسلوب .
* الشكر والامتنان على النعم الموجودة وطلب المزيد .

مثال إيحاء عن السعادة للتقليل من حالات الغضب:


"الحمدالله الذي خلقني وأمدني بهذه القدرات الغير محدودة الذي يمدني كل لحظة بالقوة والتفاؤل يمدني بالسلام والسعادة الكلية, كل يوم أعيشه يمدني بالحكمة كل يوم انفتح أكثر على من حولي وأسرتي وأنقل لهم من سعادتي التي أعيشها كل يوم، حالتي المزاجية السعيدة تمد من حولي بالطاقة الايجابية السعيدة إنني راض تماماً عن نفسي".

انتبه: اسلوب وسرعة الكلام ونبرة الصوت وطريقة طرح الايحاء مهمة جداً بحيث تلائم درجة الاسترخاء التي يعيشها الوسيط فمثلا تحاكي تنفسه بحيث يبدأ الكلام مع الشهيق ويتوقف عند الزفير،,وأن يكون الايحاء محاكياً للواقع وقابل للتطبيق ومعمّم مع استخدام أدوات الربط.

بعدها يتم التحضير لخروج المريض من التنويم فاذا كان عن طريق منوم (طبيب أو معالج) يؤهب الوسيط (المريض) للاستيقاظ عن طريق عد عكسي مثلا وبنغمة متأهبة ويشير للمريض ليستيقظ عند توقف العد أو الوصول للرقم واحد أو عند سماع صفقة، أما بالتنويم الذاتي (الضمني) فيتم تلقائياً.


مصادر : 1 / 2 / 3 / 4